الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأهوى بإصبعه إلى فيه قال: فقلت: يا رسول الله .. وإنا لنؤاخذ بما نقول بألسنتنا قال:
ثكلتك أمك ابن جبل .. هل يُكبُّ الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم" (1) لقد تحولت حياة هؤلاء العرب الأجلاف بهذا النبي إلى حياة أخرى .. نظافة وعبادة نقية وعلم وثقافة .. بل أصبح العلم والثقافة في مقدمة اهتماماتهم .. وأصبح رضى الله هو هدف الحصول على هذا العلم .. وبذلك ولدت أمة جديده تجعل العلم نوعًا العبادات .. والنظافة نوعًا من العبادات .. والحركة نوعًا من العبادات حتى حركة اللسان وسكونه حوَّلَها الإسلام إلى عبادة ..
كان صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه عن اللسان وخطورته وكأنه يستشعر تلك الأفاعي التي يخفيها المنافقون داخل أفواههم والتي تتلمظ لنهش أعراض الصحابة وتشويه صورتهم .. وقد حدث ذلك في أحد المجالس التي شملت بعض المنافقين .. حيث قام هؤلاء
المنافقون يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته
فقد "قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء فقال رجل في المسجد كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) سنده قوي رواه الحاكم 2 - 447 من طريقين عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل رضي الله عن: وميمون تابعي صدوق: التقريب 2 - 291 والحكم وحبيب تابعيان ثقتان وله شاهد حسن الإسناد عند أحمد 5 - 231 ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل.
ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمرو: أن رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} " (1)
فالسخرية من الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو القرآن والسنة لا تعني سوى الازدراء والاحتقار ولا يمكن تغليفها بأي غلاف آخر يخفي حقيقة الغيض والتبرم .. وهو أسلوب منحط وسافل لا ينتهجه سوى العاجزين عن مطاولته والنيل منه .. فالسخرية ديدن الفاشلين والوضعاء من البشر .. لكن كما يقال القافلة تسير والكلاب تنبح .. لكن نباح الكلاب هنا مرير بعد أن أنزل الله آيات تفضح هؤلاء الناس الذين عادوا النجاح والحقيقة فأصبحوا أعداء لكل شيء حتى أنفسهم ..
سارت القافلة عائدة إلى المدينة حتى وصلوا إلى وادي القرى .. وهناك مروا على المرأة صاحبة النخل "فلما أتى وادي القرى قال للمرأة كم جاءت حديقتك قالت: عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني متعجل إلى المدينة فمن أراد منكم أن يتعجل معي فليتعجل"(2) لكن يبدو أن الظروف لم تكن تساعد على العجلة فطريق العودة لم يخل بعد من المنغصات التي يقذفها المنافقون الطافحون بالكراهية والحقد بعد هذه الغزوة التي تعتبر رصيدًا من النجاح للدولة المسلمة رغم عدم وجود قتال فيها .. إلا أنها كشفت عن هيبة المسلمين عند إمبراطورية الروم وعن حقد
(1) سنده صحيح رواه الطبري في 2 - 368 وابن كثير في تفسيره 2 - 368 حيث قال رحمه الله قال عبد الله بن وهب أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر فذكره إلى قوله تستهزئون وقد توبع ابن وهب تابعه الليث عن هشام بن سعد.
(2)
صحيح البخاري 2 - 539.