الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للمفجوعين رشدهم .. وهو الذي ساقته طول صحبته لنبيه عليه السلام إلى النظر للأمور بمنظار أبعد وأكثر اتساعًا .. فاستحق أن يواصل صلاته بالأمة الظهر والعصر وبقية الصلوات بعد أن استقر الوضع السياسي ليعود للنفوس كمدها وحزنها على نبيها صلى الله عليه وسلم في يوم أسود رسمه أنس بن مالك لنا فقال: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء .. فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء"(1)
ومضى ذلك اليوم لترحل شمس الإثنين بالفتنة جثة هامدة .. مضى الإثنين الحزين
وجاء يوم الثلاثاء
وقبل أن يصلي أبو بكر في الناس صلاة الصبح قام عمر فتوجه إلى المنبر مخاطبًا الصحابة ومعتذرًا عفا بدر منه بالأمس من أقوال وداعيًا بقية الصحابة لمبايعة أبي بكر رضي الله عنه: يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "إنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم .. فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم .. قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم .. فإن يك محمَّد صلى الله عليه وسلم قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورًا تهتدون به بما هدى الله محمدًا صلى الله عليه وسلم .. وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين فإنه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه .. وكانت طائفة
(1) سنده صحيح رواه الترمذيُّ 5 - 588 وغيره من طريق جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس بن مالك وجعفر صدوق زاهد من رجال مسلم: التقريب 1 - 131 وشيخه تابعي ثقة سمع من أنس.
منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر" (1)
وبعد أن انتهى عمر من خطبته نزل عن المنبر وطلب من أبي بكر الصعود كي يبايعه المؤمنون .. لكن أبا بكر رفض فلم يزل عمر يلح عليه حتى صعد .. يقول أنس رضي الله عنه: "سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ: اصعد المنبر .. فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة"(2)
"فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة [فلما قعد أبو بكر رضي الله عنه على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليًا رضي الله عنه .. فسأل عنه فقام ناس من الأنصار فأتوا به .. فقال أبو بكر رضي الله عنه: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه أردت أن تشق عصا المسلمين؟
فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لم ير الزبير بن العوام رضي الله عنه فسأل عنه حتى جاءوا به .. فقال: ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول الله .. فبايعاه] فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله .. ثم قال: أما بعد أيها الناس .. فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني
…
الصدق أمانة والكذب خيانة .. والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله .. والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله .. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل .. ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء .. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله
(1) صحيح البخاري 6 - 2639.
(2)
صحيح البخاري 6 - 2639.