الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم
" رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلًا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه فتآمروا عليه أن يطرحوه في عقبة في الطريق .. فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه .. فلما غشيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا بذلك واستعدوا وتلثموا وقد هموا بأمر عظيم .. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيًا وأمر عمار أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم .. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر حذيفة أن يردهم وأبصر حذيفة غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم فضربها ضربًا بالمحجن .. وأبصر القوم وهم متلثمون .. فرعبهم الله عز وجل حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه .. فأسرعوا حتى خالطوا الناس. وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أدركه .. قال: اضرب الراحلة يا حذيفة وامش أنت يا عمار فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة: هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أو الركب أو أحدًا منهم قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان وقال: كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون فقال صلى الله عليه وسلم: هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها.
قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدًا قد وضع يده على أصحابه فسماهم لهم وقال: اكتماهم" (1)
(1) حديثٌ حسنٌ رواه البيهقي في الدلائل 5 - 256 والفظ له عن عروة مرسلًا لكن رواه =
مرة أخرى يقدم النبي صلى الله عليه وسلم درسًا في السلوك السلطوي الإسلامي الرائع في تعامله مع الآخر .. وتتضح سعة الأفق التي كان يتميز بها النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأحداث الخطيرة التي يمكن السيطرة عليها وتحجيمها وتجاوزها بهدوء وتعقل ودون تعريض المجتمع والأمة إلى هزة مؤثرة .. رغم قول حذيفة رضي الله عنه في الموضع نفسه: "قال النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابي اثنا عشر منافقًا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة"(1) وهي عبارة عن دمل كبيرة قاتلة .. تجاوز النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأزمة بنجاح وقاد جيشه باقتدار ولما أقبل الجيش على المدينة هش لها النبي صلى الله عليه وسلم وطاب له الحديث عنها وعن أهلها .. فلهج بكلمات من القلب عندما اقترب منها فقال "رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي ومن شاء فليمكث فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة فقال: هذه طابة وهذا أحد وهو جبل يحبنا ونحبه .. ثم [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا: بلى يا رسول الله] .. قال: إن خير دور الأنصار دار بني النجار ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني عبد الحارث بن الخزرج ثم دار بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير فلحقنا سعد بن عبادة فقال أبو أسيد: ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار فجعلنا آخرًا .. فأدرك سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله .. خيرت دور الأنصار فجعلتنا أخرًا .. فقال: أوليس بحسبكم أن تكونوا من
= البيهقي أيضًا في كتاب دلائل النبوة من طريق محمد بن إسحاق عن الأعمش عن عمرو ابن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان وهو سند قوي لولا عنعنة ابن إسحاق لكنه لم ينفرد فقد تابعه عند البزار 7 - 350 أبو بكر بن عياش عن الأعمش وكذلك شاهد عند أحمد 5 - 453 من طريق يزيد أنا الوليد يعني بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل.
(1)
صحيح مسلم 4 - 2143.