الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشكوى إلى الإِمام تكون الشفاعة قد وصلت إلى طريق مسدود .. وتتحول الشفاعة في هذه الحالة إلى كبيرة قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم:
"من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد ضاد الله في أمره"(1)
كان تطبيق هذا الحد يعني أشياء كثيرة منها تسليم الجميع بوجود دولة عظيمة ذات نظام يرتب حياتها وينطلق بها ماديًا وروحيًا .. وكان من ضرورات النظام الجديد إزالة كل شوائب الجاهلية وآثارها التي قد تسبب ارتكاسة للأمة في الحاضر أو المستقبل .. ومن أجل ذلك لم يأمر صلى الله عليه وسلم بقطع يد إحدى النساء بل أمر بقتلها .. فلماذا:
النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل امرأة
هذه المرأة لم تسرق مالا ولم تقتل إنسانًا .. فقط اكتفت بجر الأمة إلى هاوية الشرك .. تلك هي العزى التي هتف أبو سفيان باسمها بعد انتهاء غزوة أحد .. فما هي العزى ومن بعث صلى الله عليه وسلم من شجعانه للقضاء عليها؟
أحد الصحابة يقول:
"لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى .. فأتاها خالد بن الوليد وكانت على تلال السمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها .. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:
(1) سند صحيح رواه الإمام أحمد 2 - 70 وغيره من طريق زهير بن معاوية ثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعمر بن راشد 11 - 425 وغيره من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عطاء الخراساني عن ابن عمر .. زهير ثقة: التقريب 1 - 265 وعمارة لا بأس به من رجال مسلم: التقريب 2 - 51 ويحيى بن راشد الدمشقي تابعي ثقة: التقريب 2 - 347.
ارجع فإنك لم تصنع شيئًا .. فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا في الجبل وهم يقولون:
يا عزى خبليه
يا عزى عوريه
وإلا فموتي برغم
فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها فعممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره قال: تلك العزى" (1)
ولا أدري هل هذه المرأة من السحرة المشعوذين أو من مدعي الألوهية لكن القضاء عليها كان من حتميات العقيدة الإِسلامية وإلا فلا معنى للرسالة والنبوة إذا تركت تنشر خزعبلاتها وضلالاتها دون عقاب .. لكن في طريق الدولة الإِسلامية ما هو أخطر من العزى فالعزى لم تحتمل أكثر من ضربة بالسيف ..
هذه الدولة تواجه الآن آخر خطر يقبع في طريقها وهو ذلك الحشد الهائل من هوازن فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بتلك التحركات فأرسل جاسوسًا من أصحابه ذكيًا يرصد تحركاتهم وأخبارهم اسمه عبد الرحمن بن أبي حدرد
(1) سنده حسن رواه أبو يعلى 2 - 196 والنسائيُّ في السنن الكبرى 6 - 474 وغيرهما من طريق محمَّد بن فضيل حدثنا الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال .. وهذا السند حسن من أجل الوليد بن عبد الله بن جميع فهو حسن الحديث من رجال مسلم: التقريب 2 - 333 والوليد عن أبي الطفيل على شرط مسلم انظر الصحيح (3 - 1414 و 42144) وقد توبع تابعه عن أبي الطفيل في الأحاديث المختارة 8 - 220 من طريق أبي يعلى الموصلي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبد الله بن المبارك أخبرني عبيد الله بن أبي زياد عن أبي الطفيل ولعل الضياء رحمه الله قد وهم في هذا السند (انظر موسوعة السيرة).
السلمي رضي الله عنه .. عن ذلك يتحدث جابر بن عبد الله الذي لم يتخلف عن أي غزوة منذ استشهاد والده العظيم فيقول إن النبي صلى الله عليه وسلم:
"لما فرغ من فتح مكة جمع مالك بن عوف النصري من بني نصر وجشم ومن سعد بن بكر وأوزاع من بني هلال .. وناسًا من بني عمرو بن عاصم بن عوف بن عامر .. وأوزعت معهم الأحلاف من ثقيف وبنو مالك .. ثم سار بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأموال والنساء والأبناء .. فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي فقال:
اذهب فادخل بالقوم حتى تعلم لنا من علمهم فدخل فمكث فيهم يومًا أو يومين .. ثم أقبل فأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟
فقال عمر كذب ابن أبي حدرد.
فقال ابن أبي حدرد: إن كذبتني فربما كذبت من هو خير مني.
فقال عمر: يا رسول الله .. ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد كنت يا عمر ضالًا فهداك الله عز وجل.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعًا مائة درع وما يصلحها من عدتها، فقال: أغصبًا يا محمَّد؟ قال: بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرًا" (1) بعد أن عين أميرًا
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه الحاكم 3 - 51: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى حنين .. وهذا السند صحيح شيخ ابن إسحاق تابعي ثقة عالم بالمغازي التقريب 1 - 385 وشيخه تابعي ثقة من رجال الشيخين التقريب 1 - 475 لكن له شاهد عند ابن أبي شيبة 7 - 348 عن عبد الله بن أبي الهذيل مرسلًا.