الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقال عليه: قسمة القضاء والقدر للابتلاء والاختبار، فكانت على ما تقتضيه الحكمة الإلهية، بخلاف القِسَم العامة في الدنيا، فإنها قسمة تكليفية، فكانت على حسب الحاجات الظاهرة. وهذا جوابٌ ثالثٌ حسنٌ.
* * *
[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]
438 -
قوله في فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات: (ورَغِب الأنبياءُ والأولياء في الاقتصار على الكفاف من الأغراض الدنيوية)(1).
مراده بـ (الأغراض الدنيوية) هنا: ما هو على صورة الأغراض الدنيوية، وإلا فالأنبياء منزّهون عن الأغراض الدنيوية، وإنما يقع صورتها منهم على سبيل التشريع.
439 -
قوله بعد ذلك: (وقد يكلّف بالطاعة ولا يثيب عليها، كما كَلَّف الملائكة المقرّبين. ولا اعتراض على رب العالمين)(2).
يقال عليه: ما ذكره من عدم إثابة الملائكة المقرّبين على الطاعة، ممنوع. والصواب أنهم مثابون. وثوابُهُم: قُربُهم من حضرته، وسماع خطابه، والاغتذاء بتسبيحه وتحميده وتهليله وتمجيده، ونحو ذلك.
440 -
قوله: (وقد شاهدنا ما يُبتلَى به مَن لا ذنبَ له، ولا تكليفَ عليه، كالبهائم والصبيان والمجانين من الآلام والأوصاب، مع أنا نعلم أن الرب لا ينتفع بذلك، ولا يتضرر بفقده. فإن قال بعض الأشقياء: إنما فَعَل ذلك
= إنما هو دفع الحاجات والضرورات، فسوَّى بينهم في ذلك).
(1)
قواعد الأحكام 2: 126.
(2)
قواعد الأحكام 2: 128.
ليُثيبهم عليه. قلنا له؛ قد ضللتَ عن سواء السبيل! أما كان في قدرة رب العالمين أن يُحسن إليهم إلا عوضًا عن تعذيبهم؟! (1).
يقال: لا توقف في إثابة الصبيان والمجانين على البلايا، والأحاديث صريحة في ذلك. ولعل الشيخ إنما أنكر الحصر في الإثابة.
وهذه الأمثلة التي أوردها الشيخ على لسان بعض الأشقياء، هنا، مما لا طائل تحته، ولا يَظُنّ أحد اعتقاده (2).
441 -
قوله: (إنما نُصبت الأسباب الشرعية لجلب المصالح ودرء المفاسد في حق بعض المكلفين دون بعض)(3).
يقال عليه: هذا ممنوع. والأرجح أن ذلك في حق كل المكلفين.
والذين عَلِم الله أنهم لا يأتمرون، لا ينعقد ذلك في حقهم. ولا بِدعَ في أن يكون الأمر على حقيقته في حقهم ولا سيما إذا جوّزنا التكليف بالمحال كما هو مذهب الأشعري.
442 -
قوله بعد ذلك: (وكالاستئجار للأذان بالحج أو بالعمرة أو بتعليم القرآن؛ وكالاستئجار بالحج أو بالعمرة على الصيام؛ وكالاستئجار على بناء المساجد، بالحج)(4).
يقال عليه: صورة الاستئجار بالحج أو بالعمرة، عن الصيام: أن يموت
(1) قواعد الأحكام 2: 128.
(2)
أطال الشيخ ابن عبد السلام الكلام في هذا الموضوع على سبيل إيراد أسئلة على لسان بعض الأشقياء، ثم في الإجابة عنها، وهو ما يشير إليه البلقيني أنه مما لا طائل تحته.
(3)
قواعد الأحكام 2: 130 وتمام الكلام بعده: (وهم الذين علم الله عز وجل أنهم يأتمرون بأمره، ويزدجرون بزواجره).
(4)
قواعد الأحكام 2: 131.
رجل عليه صيام، فلوليّه أن يصوم، وله أن يُنيب بأجرة وبغيرها، تفريعًا على القديم.
ومَنَع شيخنا جواز إنابة الولي غيرَه أن يصوم، وقال: لم يتعرض له الشافعي ولا الأكثرون؛ لأن صوم الولي عن مَوْليّه خارجٌ عن القياس، فلْيُقتصر به على مورد النص. وقد أشار إلى ذلك الإمام القُشيري شارح (العمدة)(1). انتهى.
443 -
قوله: (وأما الصلاة على الأموات ففائدتها للمصلِّي والمصلَّى عليه، آجلة)(2).
يقال عليه: وفائدة الصلاة للمصلّي والمصلَّى عليه، عاجلة أيضًا. فأما المصلّي فإنه يُسقِط الفرض عن غيره وعن نفسه. وأما المصلَّى عليه فلِما حصل له من النفع بالصلاة عليه، وهو عاجل؛ لأن هذا أول يومٍ من أيام آخرته عند من يجعل (البرزخ) من الآخرة.
444 -
قوله: (فإن كانت في الحضانة، فمصلحتها للمحضون في العاجل، وللحاضن في الآجل)(3).
يقال عليه: وللحاضن منفعته أيضًا في العاجل (4) وهو انتفاعها بكون الولد عندها، يُسكِّن ما تجده من ألم فراقه، وانتفاعها بأجرةٍ إن كانت، ونحو ذلك.
* * *
(1) يقصد بذلك: ابنَ دقيق العيد، واسمه: أبو الفتح محمد بن علي بن وهب القشيري، في كتابه المشهور (شرح عمدة الأحكام) 2:229.
(2)
قواعد الأحكام 2: 143.
(3)
قواعد الأحكام 2: 143.
(4)
في المخطوط هنا: (في الآجل). لكن السياق يقتضي لفظ (العاجل).