الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14 - 15]؛ وهل هو صادقٌ فيما بينه وبين ربّه فيما يأتيه من العمل المطالَب به وما يَذَر من ذلك.
والشيخ تارة ينبّه إلى ذلك بتنبيهات صريحة قوية، وتارة يقدِّمها بإشارات وتلميحات ذكية مؤثرة في أسلوب ناصحٍ مشوِّق؛ بحيث إن من كان حَيِّ القلب، يقِظَ الضمير، لا يملك إلا أن يستجيب للقيام والامتثال لما ينبهه الشيخ إليه.
ويمكن أن يقال بلغة اليوم عما يتعلق بهذه السِّمة في كتابات الشيخ: إن ميزة الشيخ في تآليفه وكتاباته: أنَّه يربط الجانب التعليمي بالجانب التربوي. وهي ميزة برزت بصورة جلية قوية في كتابات بعض العلماء، منهم الشيخ ابن عبد السلام.
3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:
إن مؤلفات الشيخ ابن عبد السلام عديدة معروفة، لكن أشهر كتبه التي صارت عنوانًا على الشيخ -مثل القِلادة أحاطت بالجِيد- هو كتابه (قواعد الأحكام)(1).
هذا الكتاب هو محلّ خدمة البلقيني في صورة الكتاب الذي بين أيدينا المسمى بـ (الفوائد الجسام).
ولا داعي لبسط الكلام هنا عن ميزات كتاب (قواعد الأحكام) فقد كُتب عنه شيء كثيرٌ لا بأس به. لكن قد تجدر الإشارة هنا إلى بعض اللفتات عنه، وهي:
1 -
أن هذا الكتاب بقي ممتدَّ الأثر فيما بعد، فقد كُتبت عليه ذيول منها:
- كتابٌ لمحمد بن أحمد بن عثمان التونسي المالكي، ويُعرف بالوانّوغي
(1) سبق -في افتتاحية هذه المقدمة الدراسية- التنويه بالمكانة الشامخة لهذا الكتاب، وأنه أحد الكتب التي اعتُبرت مرجعًا رئيسيًّا في مجالها، كما ألمع إليه العلامة الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله، في كتابه (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) 1 - 2:444.
(بتشديد النون المضمومة وسكون الواو وبعدها معجمة) المولود سنة 759 هـ والمتوفى سنة 819 هـ. قال السخاوي: له تأليف على قواعد ابن عبد السلام، زاد عليه فيه، وتَعَقَّب كثيرًا (1).
- معيار أغوار الأفهام، في الكشف عن مناسبات الأحكام (أو: المعيار في المناسبات بين القواعد الفقهية): لعبد الله بن محمَّد بن أبي القاسم بن علي بن ثامر اليماني الزيدي المعروف بالنجري، المولود سنة 825 هـ والمتوفى سنة 877 هـ (2). قال الشوكاني:(جعله على نمط قواعد ابن عبد السلام. قال: وهو كتاب نفيس مفيد)(3).
- ومنها كتاب البلقيني هذا الذي بين أيدينا، المسمى بـ (الفوائد الجسام)؛ فإنَّه نوعُ ذيلٍ أيضًا عليه، من جهة التعليق والتعقيب وبعض الإضافات، في المواضع التي رأى البلقيني أنها تحتاج إلى ذلك.
2 -
أنه على الرغم من الكتابات العديدة التي تناولتْ كتابَ (قواعد الأحكام) من الجانب القواعدي والمقاصدي؛ فإن الكتاب ما يزال يتسع لعناصر أخرى في هذين الجانبين نفسهما -فضلًا عن جوانب أخرى أيضًا جاءت في الكتاب- تكشف عن مزيد من إمامة شخصية الشيخ ابن عبد السلام ونبوغه في فقه الشريعة وأسرارها.
3 -
ثم بالرغم أيضًا مما أبرزه كتاب (قواعد الأحكام) من مكانة الشيخ ابن عبد السلام في فنّ القواعد والمقاصد؛ فإن شخصية الشيخ -عمومًا- ما تزال تحتاج لكشف جوانب أخرى لامعة فيه، وذلك من خلال جملة مؤلفاته.
ولقد وقفتُ على بعض الكتابات المتميزة عن الشيخ، التي قد تكشف
(1) الضوء اللامع 7: 3 - 4.
(2)
الضوء اللامع 5: 62 والبدر الطالع 1: 397 والأعلام للزركلي 4: 127.
(3)
البدر الطالع 1: 397.