المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في تنويع العبادات البدنية] - الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

يقال فيه: (ذو الحجة): عند من يجعله بكماله أشهر الحج وقتًا للإحرام بالحج (1).

إنما ينعقد الإحرام بالحج في (شوال وذي القعدة وعشرٍ أو تسعٍ من ذي الحجة) على الخلاف فيه، وإنما المراد بجعل (ذي الحجة) وقتًا للحج عند من يقول به، لزوم الدم بتأخير طواف الإفاضة عنه.

291 -

قوله بعد ذلك في النوع الثامن، في العمرة:(ولا وقتَ لها، خلافًا لبعض العلماء)(2).

يقال فيه: يستثنى العاكف بمِنَى للرمي، فإنه لا يصح إحرامه بالعمرة في أيام مِنَى لا شتغاله بالرمي، نُص عليه.

* * *

[فصل في تنويع العبادات البدنية]

292 -

قوله بعد ذلك في النوع الخامس، في فصل في تنويع العبادات البدنية:

(وإن قرأ آيات الصفات، تأمَّل تلك الصفة، فإن كانت مشعِرة بالتوكل فلْيعزم عليه)(3).

= هكذا: (النوع السابع: الحج، وهو مؤقت عند بعضهم بشوال وذي القعدة وذي الحجة. وعند آخرين بالشهرين الآخرين وعشرٍ من ذي الحجة. وعند الشافعي رحمه الله بالشهرين المذكورين وعشر ليال من ذي الحجة).

(1)

كذا جاءت العبارة في المخطوط. ومراد البلقيني بها: أن إطلاق كون (شهر ذي الحجة) من أشهر الحج -على هذا القول الذي ذكره الشيخ ابن عبد السلام-، معناه: أنه إنما يكون كذلك عند من يجعل (شهر ذي الحجة) بكماله، زمنًا للحج. وهو مذهب مالك رحمه الله، ولهذا فإن غير مالكٍ، يقيد زمن الحج من هذا الشهر، بعشرٍ منه.

(2)

قواعد الأحكام 1: 350.

(3)

قواعد الأحكام 1: 353.

ص: 310

يقال فيه: والأحسن أن يقال: (فلْيتوكل) لنظائره التي ذكرها، وإلا فما الفرق بينه وبين نظائره، حيث قال فيه:(فليعزم)، بخلاف نظائره.

293 -

قوله بعد ذلك: (النوع السادس: إسقاط الحقوق: كالإعتاق في الكفارات، والإبراءِ من الذنوب، والعفوِ عن الإساءة)(1).

يقال فيه: محل ما ذكره من الإعتاق: الصادرُ من المسلم في الكفارات (2)، فإن له جهتين:

فمن حيث كونه (إسقاطًا) لِما في الذمة، أشبهُ بأداء الديون. ومن حيث كونه (إعتاقًا) من المسلم، يراه (3) المسلم عبادة. فلا يأتي ما ذكره الشيخ في إعتاق الكافر عن الكفارات.

وكذا القول في الإبراء، والعفو.

294 -

قوله بعد ذلك: (والعفو عن حد القذف أفضل من العفو عن التعزير)(4).

يقال فيه: محل الجزم بذلك، إذا قلنا: ليس للإمام التعزير إذا عفا مستحقُّه.

أما إذا قلنا: له التعزير إذا عفا مستحق التعزير، وهو الأصح، فيحتمل ما ذكره الشيخ. ويحتمل أن العفو عن التعزير أفضل من العفو عن حد القذف، لأن الحدّ له ضابط يُرجع إليه، بخلاف التعزير فقد ينتهي إلى حبس طويل

(1) قواعد الأحكام 1: 354.

(2)

يعني: أن ما ذكره الشيخ ابن عبد السلام في اعتبار (الإعتاق) من أنواع إسقاط الحقوق، يتحقق (في الإعتاق الصادر من المسلم في الكفارات)، لأن له جهتين

الخ

(3)

لم تتضح هذه الكلمة في المخطوط، فقدّرتُها هكذا حسب ما يظهر من رسمها.

(4)

قواعد الأحكام 1: 354.

ص: 311

ونحوه، لرجوعه إلى رأي الإمام ولا سيّما إن كان مالكيًا يرى التعزير بالأشياء الشديدة ولو أتتْ على نفسه.

295 -

قوله بعد ذلك: (والإبراء من الدينار أفضل من الإبراء من الدرهم)(1).

يقال فيه: محل ذلك، ما إذا كان المُبرَى (2) عن الدينار والدرهم واحدًا، فإن الدينار أفضل في حقه. فإن اختَلَف (3)، بأن أُبرِئ ملكٌ عظيمٌ عن دينار، وفقيرٌ عن درهم، فإبراء الفقير عن الدرهم أفضل من إبراء الملك العظيم أو الغني عن الدينار. قد مرّ نظير ذلك في تفاوت إثم المسروق ونحوه.

296 -

قوله بعد ذلك: (وكذلك مسح الخِفاف والعصائب والعمائم والجبائر يُعتبر مما لا تظهر حِكمته، فإن الحَدَث لم يؤثر فيها)(4).

يقال عليه: لمّا أَنزَلها الشارع منزلة مُبدَلاتها للضرورة والحاجة، قامت مقامها، وهذا ظاهر لا خفاء به.

297 -

قوله بعد ذلك: (وكذلك الوضوء بلَمس النساء، ومسِّ الفروج)(5).

أي مما لا تظهر حكمته.

يقال عليه: لك أن تقول: إن الحكمة فيه نص (اللمس). المسُّ مظنةٌ

(1) قواعد الأحكام 1: 354.

(2)

أي: المُبرَأ.

(3)

أي: اختَلف الشخص الذي كان في ذمته دينار، عن الشخص الذي في ذمته درهم.

(4)

قواعد الأحكام 1: 355.

(5)

قواعد الأحكام 1: 355 - 356.

ص: 312

للالتذاذ، والالتذاذ مظنة لخروج ما يحصل للرجل بملاعبة أهله (1)، فوجب الوضوء لذلك.

298 -

قوله بعد ذلك: (ويجوز أن تكون هذه الأحكام كلها لا مصالحَ فيها ظاهرة ولا باطنة)(2).

يقال فيه: الظاهر أن في مثل هذه الأحكام، حِكَمًا لم يُطْلِع عليها الله عبادَه.

299 -

قوله بعد ذلك: (فأما الأداء، فما فُعل في وقته المقدّر شرعًا)(3).

يقال فيه: لا بدّ أن يقول: (ما فُعل في وقته المقدّر له شرعًا أولًا) ليُخرج (الإعادة).

ثم إنه لم يتعرض لـ (الإعادة) في تقسيمه، وكان من حقه التعرض لذلك.

300 -

قوله بعد ذلك في (الموسّع زمانه): (فكالظهر ونحوها، فإن المصلي مخير بين أن يقدّمها في أوائل أوقاتها، وبين أن يوسّطها أو يؤخّرها بحيث يقع التحلل منها قبل انقضاء وقتها)(4).

يقال عليه: يَرِد على هذا، لو شَرع في الوقت، ومَدَّ، حتى خرج الوقت،

فإنه يجوز على الصحيح، فلم يقع التحلل قبل انقضاء وقتها.

301 -

قوله بعد ذلك: (وأذانُ كل صلاة موقّت بوقتها، إلا الصبح فإنه يقدَّم على وقتها ليتأهّب الناس بالطهارات وقضاء الحاجات)(5).

(1) لم تتضح هذه الكلمة في المخطوط، فقدّرتُها أن ثكون هكذا حسب السياق.

(2)

قواعد الأحكام 1: 356.

(3)

قواعد الأحكام 1: 356.

(4)

قواعد الأحكام 1: 356.

(5)

قواعد الأحكام 1: 356.

ص: 313

يقال فيه: الأولى أن يعلّل لعدم أذان الصبح، بما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:(ليَرجِعَ قائمَكم، ويوقِظ نائمَكم)، وقد تَرجم البيهقي على ذلك:(باب ذكر المعاني التي يؤذِّن لها بلالٌ بليلٍ)، فذكره (1).

302 -

قوله بعد ذلك: (المثال الثاني: يُخيّر المتوضئ بين المرّة والمرّتين والثلاث، وكذلك التخيير في غَسل النجاسات)(2).

يقال فيه: حقيقة (التخيير): أن يُخيّر الشارعُ المكلفَ من أمور على السواء من غير أن يجب واحدٌ منها بفضيلة في نفسه أو غير ذلك، كما في كفارة اليمين وغيرها.

والشيخ أَخَذ (التخيير) في هذا الفصل بإزاء ما للمكلف أن يفعله، وما له أن ينتقل إلى غيره بمقتضى الأدلة؛ وقد يكون أحد الأمرين أو الأمور أفضل، وقد لا يكون. وأمثلته في هذا الفصل، أكثرها جارٍ على ذلك، وبعضها (تخييرٌ) حقيقة. فتأمل الأمثلة، ورُدَّ كلًّا لِما يناسبه.

(1) رواه البخاري: الأذان- باب الأذان قبل الفجر 1: 224 (596) ومسلم (واللفظ له): الصيام- باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر 2: 766 والبيهقي في سننه الكبرى 1: 381 (في الباب نفسه الذي ذكره البلقيني أعلاه).

وكلمة (قائمَكم) في قوله صلى الله عليه وسلم (لِيَرجِعَ قائمَكم) منصوبة، مفعول (يرجع) وهذا الفعل يتعدى بنفسه إلى المفعول، وعليه جاء قول الله تعالى (فإن رَجَعَكَ اللهُ إلى طائفة منهم) الآية. ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 7: 204 وعمدة القاري 5: 130 وأفاد العيني في العمدة 5: 134 نقلًا عن الكرماني أنه يجوز فيه أيضًا رفع (قائمُكم). ومعنى (ليَرجعَ قائمَكم) كما قال النووي في شرحه على مسلم: (أنه إنما يؤذِّن بليلٍ ليُعلمكم بأن الفجر ليس ببعيد، فيردّ القائمَ المتهجدَ إلى راحته لينام غفوةً ليصبح نشيطًا، أو يوتر إن لم يكن أوتر، أو يتأهب للصبح إن احتاج إلى طهارة أخرى، أو نحو ذلك من مصالحه المترتبة على علمه بقرب الصبح).

(2)

قواعد الأحكام 1: 356.

ص: 314

303 -

قوله بعد ذلك في (المثال السابع): (والقصر أفضل، أي من الإتمام. والصوم فيما دون ثلاثة أيام أفضل)(1).

يقال فيه: ما ذكره من أفضلية الصوم فيما دون ثلاثة أيام وفيما بعدها على الأصح، فحكمه فيمن لا يتضرر بالصوم، أما من يتضرر به فالفطر في حقه أفضل.

304 -

قوله بعد ذلك: (فإنّ جمع التقديم بعرفة أولى، وجَمْع التأخير بمزدلفة أفضل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك)(2).

يقال فيه: إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة تقديمًا لأنه كان نازلًا، وإنما جمع بمزدلفة تأخيرًا لأنه كان سائرًا وقت الأُولى. فهو غير (مسألة الجمع في السفر)، ولا اختصاص لذلك بعرفة ولا بمزدلفة حتى يُستثنى.

305 -

قوله بعد ذلك: (المثال الثامن والعشرون: يُخيّر من ثبت له فسخُ عقدٍ، بين الفسخ والإمضاء. وفعلُه ما هو الأغبط للمفسوخ عليه، أفضل)(3).

يقال عليه: ما ادّعاه الشيخ من أن فعل ما هو الأغبط للمفسوخ عليه، أفضل، لا يحتاج إلى دليل.

(1) قواعد الأحكام 1: 357.

(2)

قواعد الأحكام 1: 357. وحديث الجمع بعرفة ومزدلفة: رواه مسلم 2: 886 (باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وروى أيضًا حديث الجمع بمزدلفة من رواية أسامة بن زيد، وأبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم أجمعين.

صحيح مسلم 2: 934 (باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعا بالمزدلفة في هذه الليلة).

وروى البخاري حديث الجمع بعرفة من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهم. وروى حديث الجمع بمزدلفة من رواية أسامة بن زيد رضي الله عنهما. ينظر: صحيح البخاري 2: 598 (باب الجمع بين الصلاتين بعرفة). و 2: 601 (باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة).

(3)

قواعد الأحكام 1: 360.

ص: 315

وكذا ما ذكره في المثال الذي بعده من (أنّ عفو الشفيع أفضل من الأخذ)، المختارُ تفصيلٌ: وهو أنه إن خاف ضرر المشاركة، فالأخذ أفضل، وإلا فالعفو.

306 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: لِمَ اعتُبرت المساكن بحال النساء، والنفقاتُ والكسوة (1) بحال الرجال؟ قلنا: المرأة تتعيّر بالمسكن الخسيس الذي لا يناسب حالَها لأنه مشاهَدٌ، بخلاف الكسوة والطعام فإنهما لا يشاهَدان في أغلب الأحوال، فكان ضررها بالمسكن الخسيس أعظم) (2).

يقال فيه: ما ذكره الشيخ من اعتبار الكسوة بحال النساء (3)، هو

الأصح.

ولنا طريقة، أنه تُعتبر حالُ الزوجين.

وما ذكره من اعتبار المسكن بحالها، فيه طريقة أيضًا، أنه تُعتبر بحال الزوجين.

(1) في قواعد الأحكام 1: 362 (والنفقات والسكنى)؟

(2)

قواعد الأحكام 1: 362.

(3)

كذا في المخطوط، وهو غريب! وذلك لأن الشيخ ابن عبد السلام لم يذكر في نصه المنقول أعلاه أن الكسوة معتبرة بحال النساء، بل ذَكَر أنها معثبرة بحال الرجال. فالظاهر أنه سَبْقُ لسان من البلقيني، وكأنه أراد أن يقول:(ما ذكره الشيخ من اعتبار الكسوة بحال الرجال) -وهذا هو الذي يقصده البلقيني كما هو ظاهر من سياق الكلام- فسَبَق لسانه أثناء الإملاء فقال: (بحال النساء). والمسالة هي على ما ذكرها الشيخ ابن عبد السلام، من أن الكسوة معتبرة بحال الرجال، والسكنى معتبرة بحال النساء، ففي أسنى المطالب في شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3: 430 في الواجبات المتعلقة بنفقة الزوجة: (الإسكان لها

، فيلزمه لها مسكن لائق بها عادةً للضرورة إليه؛ وفارق النفقةَ والكسوةَ حيث اعتبر بحال الزوج

).

ص: 316

وقول الشيخ في الكسوة والطعام، أنهما لا يشاهَدان في أغلب الأحوال، إلى آخره، مُسلَّمٌ في الطعام. وأما الكسوة فمشاهَدٌ (1) كثيرًا كالمسكن أو أكثر. ولك أن تُؤوِّل كلام الشيخ.

307 -

قوله بعد ذلك في الذي يجب على الفور: (كزكاة المعشرات عند التنقية والجفاف)(2).

يقال فيه: زكاة المعشّرات تجب عند بدوّ صلاح الثمر واشتداد الحَبّ، وإنما الذي يتوقف على التنقية والجفاف، وجوبُ الإخراج. وفرقٌ بين (الوجوب) و (وجوب الإخراج).

308 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: هلّا وجب الحج على الفور؟ قلنا: لكن المقصود منه: ثواب الآخرة، وهو متراخٍ)(3).

يقال فيه: ما ذكره من الحكمة من وجوب الحج على التراخي، يَنتقض بالصوم، فإن المقصود الأعظم منه ثواب الآخرة، وهو على الفور. ويَنتقض أيضًا بالصلاة التي ليس لها إلا وقتٌ واحدٌ كالمغرب.

309 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: لِمَ كرّرتم الحدّ إذا تخلل بين السرقتين؟ (4) قلنا: لمّا علمنا أن الحد الأول لم يزجره حين أَقدَم على الجريمة ثانيا، جدَّدنا عليه الحدّ إصلاحًا له بالزجر) (5).

ما ذكره الشيخ من تكرير الحدّ، فيه نظر؛ لأن الحدود يُتبقى عليها ولو

(1) كلمة (مشاهَدٌ) هكذا جاءت بالتذكير في المخطوط.

(2)

قواعد الأحكام 1: 364.

(3)

قواعد الأحكام 1: 366 وفيه: (قلنا: لا، لأن المقصود منه

).

(4)

في قواعد الأحكام 1: 366 (فإن قيل: لِم كرّرتم الحدّ إذا تخلل بين الزَّنْيَتَيْن، والقطعَ إذا تخلل بين السرقتين

).

(5)

قواعد الأحكام 1: 368.

ص: 317

لم ينزجر من أُقيمت عليه. والأَولى أن يقال: لأن الجريمة الأُولى قد أُخذ موجَبُها، فلو لم يكن في الثانية شيء لكانت لا تُقابَل بها.

310 -

قوله بعد ذلك: (وكذلك تدخل (ديات الأطراف) في (دية النفس) إذا فاتت قبل الاندمال؛ لأن الجراحات قد صارت قتلًا. ولو قتله أجنبي لزمه ديةُ نفسه، ووجب ديةُ الأطراف على قاطعها. ولو قتله قاطع الأطراف فقد نصّ الشافعي على التداخل. وفيه إشكال من جهة أن السِّراية قد انقطعت بالقتل، فأَشبَه ما لو انقطعت بالاندمال. وقد خالف ابنُ سُريج الشافعيَّ، في ذلك، وهو متجه) (1).

يقال عليه: بل المتجه ما نَصّ عليه الشافعي رضي الله عنه؛ لأن الحال فيهما واحد، لم ينقطع حكم الجراحات الأولى لقيام سببها، بخلاف الاندمال، ولأن الحق المجروح مضمون بالدية على الجارح المذكور فلا يتجدد لجِراحِه ضمانٌ. والصورة: إذا اتحد وَصْفا: الجرح والقتل في العمد والخطأ؛ فإن أخطأ فالأصح لا تدخل.

ويشهد للنص، أن لو تبرع في المرض المخُوف تبرعًا (2) منجَزًا، ثم سقط من سطح، فإنه يعتبر تبرعه من الثلُث نظرًا إلى السبب الظاهر الذي كان يستمر لولا حصول الحادث. ولو سقط من سطح هناك، حسبت (3) الديات كلها على الخاطئ، لأنه لم يتَّحد الحال في جاني النفس وجاني الجراحات.

311 -

قوله بعد ذلك: (وقد أَطلق بعض (4) أصحاب الشافعي رضي الله عنه (5)،

(1) قواعد الأحكام 1: 369.

(2)

في المخطوط: (وتبرعا)؟

(3)

لم تتضح الكلمة بالمخطوط. والفقرة الأخيرة هذه غير واضحة.

(4)

في قواعد الأحكام 1: 369 (بعض أكابر أصحاب الشافعي)، وأفاد المحققان أن كلمة (أكابر) ساقطة من بعض النسخ.

(5)

وضح الناسخ هنا في هامش المخطوط، المراد بهذا البعض، فقال: (هو ابن =

ص: 318

أنه يُستحب الخروج من الخلاف حيث وقع، أفضل من التورط فيه (1). وليس الأمر كما أطلقه، بل الخلاف على أقسام:

الأول: أن يكون الخلاف في التحريم والجواز، فالخروج من الخلاف بالاجتناب أفضل.

الثاني: أن يكون الخلاف في الاستحباب والإيجاب، فالفعل أفضل.

الثالث: أن يكون الخلاف في الشرعية، فالفعل أفضل، كقراءة البسملة في الفاتحة) (2).

اختار شيخنا رضي الله عنه، أنه لا يُستحب الخروج من الخلاف إلا إذا قَوِي مُدرَكَه، سواء كان في التحريم والجواز، أو في الاستحباب والإيجاب، أو في غير ذلك. وأما إذا ضعُف المُدرَك فلا يُستحب الخروج من الخلاف مطلقًا.

312 -

قوله بعد ذلك: (وأما ما يدخله الشرط من العبادات، فالنذر قابل للتعليق على الشرائط مع اختلاف أنواع المنذورات)(3).

= أبي هريرة، أطلقه في تعليقه). انتهى.

وابن أبي هريرة: هو الحسن بن الحسين القاضي أَبو علي بن أبي هريرة البغدادي، أحد أئمة الشافعية. تفقه على ابن سُريج وأبي إسحاق المروزي، وروى عنه الداقطني وغيره. وكان معظمًا عند السلاطين فمن دونهم. مات ببغداد سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. وصنف (التعليق الكبير على مختصر المزني). قال الإسنوي: وله تعليق آخر في مجلد ضخم، وهما قليلا الوجود. طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1:127.

(1)

كذا في المخطوط: (أنه يُستحب الخروج من الخلاف حيث وقع، أفضل من التورط فيه)، وفي قواعد الأحكام 1: 369 (أن الخروج من الخلاف حيث وقع، أفضل من التورط فيه).

(2)

قواعد الأحكام 1: 369.

(3)

قواعد الأحكام 1: 372.

ص: 319

يقال فيه: مراده بالشرط هنا: (التعليق) على حدّ قول الشيخ في الفدية (1): (باب الشرط في الطلاق). ففيه تجوّز.

وقد فرَّق الأصحاب بين (التعليق) و (الشرط)، ومن ثَمّ قال في (الوسيط): إن الطلاق لا يقبل الشرط. ومراده أن يقول: طلَّقتُ بشرط كذا.

وحينئذ فالفرق بين (التعليق) و (الشرط): أن التعليق: ترتيب أمر لم يوجد بـ (إنْ) أو إحدى أخواتها، كـ (إن دخلتِ الدار فأنتِ طالق).

والشرط: التزام أمر لم يوجد في أمرٍ وُجد، على وجه مخصوص، كـ (طلّقتُ بشرط كذا).

وأبواب الشريعة أربعة أقسام:

ما يقبل الشرط والتعليق. وما لا يقبلها.

وما يقبل الشرط دون التعليق. وعكسه.

وليس هذا موضع بيانها.

وقوله: (فالنذر قابل للتعليق على الشرط): أراد بالشرط: (الصفات).

313 -

قوله بعد ذلك: (ولو شَرَط المُحرم، التحللَ، ففي صحة الشرط خلاف)(2).

يقال فيه: لا يناظر ما ذكره. والذي يناظره: (إن كان زيدٌ مُحرمًا، فقد أحرمتُ).

314 -

قوله بعد ذلك: (وأما ما لا يقبل التعليق على الشرط، فكالصوم والصلاة الواجبَين بأصل الشرع)(3).

(1) لم تتضح الكلمة في المخطوط.

(2)

قواعد الأحكام 1: 372.

(3)

قواعد الأحكام 1: 372.

ص: 320