الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة البلقيني]
[3 / أ] بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر وأعِن
قال شيخنا (1) الشيخ الإمام العلامة الحبر الخير الفهّامة، خاتم المجتهدين، مفسّر كلام رب العالمين، مبيّن أسرار حديث سيد الأولين والآخِرين، أبو محمد، شيخ الإسلام، مرشد الأنام، بركة الأيام، سراج الملّة والحق والدين، عمر البلقيني، أمتع الله الإسلام وأهله بوجوده:
الحمد لله الذي ثَبَّت قواعد الشريعة، وشيَّد فوائدها الرفيعة، وسدَّد حصون فرائدها المنيعة، وأنار شُرُفات أسرارها بلمحات البروق السريعة، وجَعَل في ساقَة حفاظها من ينظر نظر رجال الطليعة (2)، وأبان بها جَلْب
(1) هذا القائل هو ناسخ المخطوط، وهو تلميذ البلقيني وكاتبُ هذه الأمالي عنه، وهو العالم تقي الدين يحيى الكرماني ابن المحدث المشهور شمس الدين الكرماني شارح صحيح البخاري.
(2)
(ساقة) جمع سائق، ومنه:(فلان في ساقة الجيش) أي: في مؤخَّره، ومنه الحديث في صحيح البخاري 3: 1057 (طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعثَ رأسُه مُغْبَرّةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة). ينظر لسان العرب 10: 167 ومختار الصحاح ص 135 وتاج العروس 25: 474.
ومراد البلقيني بهذه العبارة: أن الله تعالى يجعل في متأخري الأمة من يوازي المتقدمين. وإلى نحو هذا أشار الإمام ابن مالك صاحب (الألفية) رحمه الله بقوله: (وإذا كانت العلوم مِنَحًا إلهية، ومواهب اختصاصية، فغير مستبعَدٍ أن يُدّخر لبعض المتأخرين =
المصالح المطلوبة ودَرْء المفاسد الشنيعة، وفَتَح طرق الخيور النجيعة، وسَدَّ أبواب الشرور بسدّ الذريعة، وأقام في كل عصرٍ لهذه الأمة من يجدّد لها أمر الدين جميعَه، كما جاء في الخبر الحسن (1) عن الذي فَتَح الله به في كل مَضيقٍ وَسِيعَه، وأقامه في كل كربٍ شفيعَه، سيدَنا محمدًا الذي خصّه بالشرع العام ومَنَحه خِصْبَ المقام وربيعَه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومَنْ غَدَا إلى آخر الزمان تَبِيعَه.
أما بعد، فهذه (فوائد جسام)، أمليتُها على (قواعد الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد السلام)، لمّا قُرئت عليّ من أوّلها إلى آخرها، وأَبَنْتُ فيها التحقيق في مواردها ومصادرها.
وسمّيتُها: (الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام).
= ما عسُر على كثير من المتقدمين). أفاده الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله في تعليقاته على الرفع والتكميل لعبد الحي اللكنوي ص 51 وينظر مقدمة تاج العروس 1: 93.
(1)
إشارة إلى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: فيما أعلم عن رسول الله رضي الله عنه قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنةٍ من يجدِّد لها دينها). سنن أبي داود 4: 109 كتاب الملاحم، باب ما يُذكر في قرن المئة.