الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: لا يجوز تفويت مصالح العبادات مع عظمها وشرفها بمثل هذه المشاق مع خفّتها) (1).
يقال عليه: الأولى أن يقال في الجواب: التكاليف في أنفسها شاقّة، لاشتقاقها من الكلفة، فلو اعتُبرتْ أدنى المشاق، تعطّلت التكاليف. . . (2) يعكر على الأصل بالبطلان.
* * *
[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]
337 -
قوله في فصل في الاحتياط لجلب المصالح:
(وإن شَكَّ، أَطَلَّق واحدةً أو اثنتين، فإن أراد إبقاء النكاح مع الورع، فيُطلِّق طلقةً على نفي الطلقة الثانية (3)، بأن يقول: إن لم [أكن] طلّقتها (4) فهي طالق، حتى لا تقع عليه طلقتان) (5).
ما ذكره الشيخ لا يتعيّن طريقًا في بقاء النكاح مع الورع، لأن له طريقًا آخر، وهو أن يُراجع.
فإن قيل: فائدة ما ذكره الشيخ، في المحلِّل. قلنا: ولا يتعين ذلك، لأن له حينئذ أن يطلِّق بكلمة الثلاث.
338 -
قوله بعد ذلك: (وللاحتياط لتحصيل مصلحة الواجب أمثلة:
(1) قواعد الأحكام 2: 21 والنص المنقول هنا مختصر.
(2)
هنا كلمات لم تتضح في المخطوط، ويظهر من صورتها أنها:(قيد المقاصد سؤال)؟
(3)
في قواعد الأحكام 2: 24 (فلْيطلِّق طلقة معلّقة على نفي الطلقة الثانية).
(4)
سقط لفظ (أكن) من كلام الشيخ ابن عبد السلام في المخطوط، فتمت زيادته من أصل كلامه في قواعد الأحكام 2:24.
(5)
قواعد الأحكام 2: 24.
أحدها: أن من نسي صلاةً من خمسٍ لا يَعرف عينَها، فإنه يلزمه البناء على اليقين احتياطًا لتحصيل مصلحة الواجب) (1)، إلى غير ذلك من الأمثلة.
يقال عليه: ما ذكره من الأمثلة، فيه نظر؛ لأنه ليس له إلا جهة واحدة وهو الإيجاب.
وما دارت فيه المصلحة بين الإيجاب والندب، وليس له جهة إلا الإيجاب، إلا ما سننبّه عليه (2).
339 -
قوله بعد ذلك: (وكذلك لو تعارضت شهادتان في كفر الميت وإسلامه، فإنا نغسله ونكفّنه)(3).
(1) نص هذا المثال لم يأت هكذا في قواعد الأحكام 2: 25 بل فيه: (أن من نسي صلاةً من خمسٍ لا يَعرف عينَها، فإنه يلزمه الخمس، ليَتوسَّل بالأربع إلى تحصيل الواجبة).
أما جملة (فإنه يلزمه البناء على اليقين احتياطًا لتحصيل مصلحة الواجب) فقد جاءت في كلام الشيخ ابن عبد السلام في (المثال الثاني) بعد المثال المذكور أعلاه، وهو: (أن من نسي ركوعًا أو سجودًا أو ركنًا من أركان الصلاة، ولم يَعرف محلَّه، فإنه يلزمه البناء على اليقين احتياطًا لتحصيل مصلحة الواجب
…
).
(2)
توضيح مراد البلقيني من هذا التعليق، أن الشيخ ابن عبد السلام، إنما ذكر هذه الأمثلة (التي يعقّب عليها البلقيني) لبيان أنه إذا دارت المصلحة بين الإيجاب والندب، فالاحتياط حملها على الإيجاب. فمَثَّل الشيخ لذلك بمثال من نسي صلاةً من خمس
…
، وغيرها من الأمثلة. ينظر قواعد الأحكام 2:25.
لكن البلقيني يرى أن هذه الأمثلة لم تجتمع فيها جهتا الإيجاب والندب، حتى يقال بالاحتياط بحملها على الإيجاب، بل ليس فيها إلا جهة واحدة وهي الإيجاب فقط، فلا يصح التمثيل بها لما دارت فيه المصلحة بين الإيجاب والندب.
وقول البلقيني: (وما دارت فيه المصلحة بين الإيجاب والندب، وليس له جهة إلا الإيجاب
…
) هو لمزيد التأكيد على عدم وجود جهتي الإيجاب والندب في هذه الأمثلة، وأنه لا توجد فيها إلا جهة الإيجاب. فكلمة (ما) في هذه الجملة هي حرف نفي وليست موصولة.
(3)
قواعد الأحكام 2: 26.
يقال عليه: هذا مطابق للقاعدة التي ذكرها، فإن المصلحة فيه دائرةٌ بين الإيجاب والندب.
340 -
قوله بعد ذلك في المثال الخامس: (أن من لزمتْه زكاةٌ من زكاتَيْن لا يَعرف عينَها، مثل أن لزمتْه زكاةٌ لا يدري، أبقرةٌ هي، أمْ بعيرٌ، أمْ دينارٌ، أمْ درهمٌ، أمْ حنطةٌ، أمْ شعيرٌ؛ فإنه يأتي بالزكاتين ليَخرج عما وجب عليه. وفي هذا نظر، فإن الأصل عدم كل واحدة منهما، بخلاف نسيان صلاةٍ من خمسٍ، فإن الأصل في كل واحدة منهن الوجوب)(1).
يقال عليه: ما استشكله الشيخ من وجوب الزكاتين، إن كانت صورة المسألة: أن يكون عنده نصابان من الصنفين، أَخرَج عن أحدهما ثم نسي عينَه، فهي مسألة (صلاةٍ من خمسٍ)، لأن الأصل في كل واحدةٍ من الزكاتين، الوجوبُ.
وإن كانت الصورة: أن عنده نصاب (2) من صنفٍ وجبت فيه الزكاة، ثم تلف بعد التمكن، ولم يَعلم أكان حنطةً أم شعيرًا مثلًا، فإنه يلزمه الزكاتان، لأنه لا طريق إلى براءة ذمته إلا بذلك. وهذا كمن نسي صلاةً من خمسٍ جُنّ في ثلاثٍ منها، أو حاضت فيها (3)، ولم يعلم عين الصلوات التي وقع فيها الجنون أو الحيض، من غيرها؛ فإنه يلزمه الخمسُ وإن كان الأصل عدمَ الوجوب في صلوات منها، لأنه لا طريق إلى براءة الذمة إلا بذلك.
341 -
قوله في المثال السابع: (إذا شَكَّت المرأة، هل الواجب عليها
(1) قواعد الأحكام 2: 26.
(2)
هكذا في المخطوط: (نصاب) بالرفع. والظاهر أن يكون (نصابًا) بالنصب لأنه اسم (أن) مؤخر.
(3)
في المخطوط: (حاضت منها)، لكن مقتضى السياق ما تم إثباته.
عدّةُ وفاةٍ أو عدّةُ طلاق، فإنه يلزمها الإتيان بالعدّتين لتخرُج عما عليها بيقين) (1).
يقال عليه: صوابه: يلزمها الإتيان بأطول العدّتين، يعني: إنْ كانت عدّةُ الوفاة أطولَ من عدّة الطلاق فهي الواجبة، هالا فالأقراء هي الواجبة. والصورة أنه ليس هناك حملٌ.
342 -
قوله في المثال الثامن: (إذا مات زوج الأَمة وسيدها، وشَكَّتْ في السابق منهما، فإنه يلزمها الاستبراء وعدّة الوفاة، لتبرأ بيقين (2).
يقال عليه: مسألة (ما إذا مات زوج الأمة وسيدها)، طويلة الذيل. وصورتها: أن يكون بين المدّتين أكثر من شهرين وخمس ليالٍ، أو حصل التحلل.
والشيخ أحال الكلام على موضعها، فليُنظر منه.
343 -
(. . . (3)).
ما ذكره من قضاء يومين بستة أيام: كذا ذكره الأصحاب أو أكثرهم.
(1) قواعد الأحكام 2: 26.
(2)
قواعد الأحكام 2: 27.
(3)
بياض في المخطوط قدر نصف سطر. وكأنه انطمس منه نص كلام الشيخ ابن عبد السلام الذي يريد البلقيني التعليق عليه، وهو هكذا:
(المثال الحادي عشر: يجب على المستحاضة صومُ شهر رمضان مع صومِ شهرٍ آخر، وقضاءُ يومين بستة أيام من ثمانية عشر يومًا، لتبرأ عما عليها بيقين. وهذا مشكل من جهة أن الشافعي رحمه الله قَدَّر لها أكثرَ الحيض وأقل الطُّهر، وذلك في غاية الندور، وردَّ المعتادة إلى العادة من غير زيادة، مع جواز أن يكون حيضها قد صار إلى خمسة عشر. فأيُّ فرقٍ بين ردّ المعتادة إلى العادة من غير زيادة بناءً على أن الأصل عدم تغير العادة، وبين ردّ هذه إلى غالب العادات لندرة دوران العادة على أكثر الحيض وأقل الطهر). قواعد الأحكام 2: 27.
واستدرك عليهم الدارمي (1)، بما أشار إليه صاحب (الروضة) وبيّنه في (شرح المهذب)(2)، بأنه يمكن قضاء يومين فصاعدًا، إلى آخر السابع بزيادة يوم واحد على الضِّعف.
وضابطه أن تَعرف ما عليها من صومٍ، فتصوم يومًا وتفطر يومًا إلى أن تستوفيه، ثم تترك الصوم ثمانية عشر يومًا من أول صيامها، فتصوم يومًا وتفطر يومًا قدر ما صامت وأفطرت من أول المدّة، وتصوم يومًا آخر فيما بين آخِر فطرها بعد صيامها الأول والسادس عشر منه، وإذا كان عليها يومًا (3) فتأتي بخمسة. وأقل مدة يحصل فيها هذه الخمسةُ، تسعة عشر يومًا، وليس هذا موضع بسطه. وقد ذَكَر هذا صاحب (الحاوي الصغير)(4) أيضًا.
وجواب ما ذكره الشيخ من الإشكال (5)، أن العادة إنما لم يُنظر لغالبها
(1) هو محمد بن عبد الواحد بن محمد، أَبو الفرج، الدارمي البغدادي، نزيل دمشق. كان إمامًا بارعًا مدققًا حادّ الذهن. قال الخطيب: هو أحد الفقهاء موصوف بالذكاء وحسن الفقه والحساب والكلام في دقائق المسائل، وله شعر حسن. له كتاب (الاستذكار) وقف عليه ابن الصلاح وأثنى عليه ثناء بليغًا لما فيه من الفرائد والفوائد والغرائب والعجائب مع الإيجاز والاختصار. مولده سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله بدمشق سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وقيل: سنة تسع وأربعين وأربعمائة. طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1: 234.
(2)
ينظر المجموع 2: 435 وما بعده، وروضة الطالبين 1:159.
(3)
كذا في المخطوط. ومقتضى قواعد العربية أن يقال: (وإذا كان عليها يوم).
(4)
هو عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني، نجم الدين، صاحب (الحاوي الصغير) وغيره. قال ابن السبكي: كان أحد الأئمة الأعلام له اليد الطولى في الفقه والحساب وحسن الاختصار. توفي رحمه الله، سنة خمس وستين وستمائة. طبقات الشافعية لابن السبكي 8: 277 وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2: 137.
(5)
وهو ما تقدم نقله في الهامش السابق.
في حق المتحيرة، لجواز أن يكون حيضُها جاوز بخلاف العادات لها، لتبرَأ ذمتُها بيقين، والحمل على غالب العادات لا يُحتمل به ذلك. (. . .)(1).
344 -
قوله: (درءًا لمفسدة أخذ الزائد بالأصلي)(2).
ولك أن تُؤوِّل كلام الشيخ على التقابل، أي: دفعًا لتقابل الزائد بالأصلي.
345 -
(. . . (3)).
(1) بياض في المخطوط قدر سطر تقريبًا.
(2)
هكذا في المطبوع من قواعد الأحكام 2: 28 وقد وقع في المخطوط اضطراب في هذه الكلمة، فقد جاءت في صلب الكلام هكذا:
(قوله: درءًا لمفسدة أخذ الأصلي بالزائد. قوله: درأ الأصلي بالزائد) هكذا في صلب الكلام في المتن. ثم كتب الناسخ في الهامش ما صورته: (أخذ بالزائد الأصلي)؟ وبسبب هذا الاضطراب وعدم وضوح المراد، اختير إثبات ما في المطبوع من (قواعد الأحكام) كما هو أعلاه.
وهذه الكلمة جاءت أصلًا ضمن قول الشيخ ابن عبد السلام: (إذا قَطَع رجلٌ أو امرأةٌ ذَكَرَ خنثى مشكلٍ وشَفْرَيه وأُنثيَيْه، فإنا لا نوجب القصاص على واحد منهما درءًا لمفسدة أخذ الزائد بالأصلي).
(3)
بياض في المخطوط قدر نصف سطر. وكأنه انطمس منه كلام الشيخ ابن عبد السلام الذي يريد البلقيني التعليق عليه، وهو حسب ما يظهر من السياق، يتعلق بقول الشيح: (فإن قيل: الصلاة مع الحيض حرام، ومع الطُّهر واجبة، فلِم قدّمتم الاحتياط لتحصيل مصالح الصلاة على الاحتياط لدرء مفسدة الصلاة في الحيض؟ قلنا: لأن الطهارة شرط من شروط الصلاة، فلا تُهمل المصالح الحاصلة من أركان الصلاة وسائر شرائطها بفوات شرط واحد، فإن مصالح الصلاة خطيرة عظيمة لا تُدانيها مصلحة الطهر من الحيض، لأن الطُّهر منه كالتتمة والتكملة لمقاصد الصلاة، ولا تُقدّم التتمات والتكملات على مقاصد الصلوات
…
، كيف وكلُّ ركن من أركان الصلاة وشرطٌ من شروطها، مقصودٌ مهم، لا يسقط ميسورُه بمعسوره، ولذلك يصلي من لا يجد ماء ولا ترابًا ولا سُترة، ولا يتمكن من القبلة ولا من الركوع ولا من السجود على حسب حاله). قواعد الأحكام 2:29.
إنما يحسن هذا الجواب: أن لو كانت الأركان وسائر الشرائط معتبرةً مع فقدان ذلك الشرط، كما في فاقد الماء والتراب وفاقد السترة، ومن لا يتمكن من القبلة ولا من الركوع ولا من السجود. أما إذا كانت الأركان وسائر الشرائط لا يُعتبر شيء منها مع فقدان ذلك الشرط، كما في الطُّهر من الحيضة، فلا يحسن ذلك.
والأحسن في الجواب أن يقال: إنما قدّمنا الاحتياط، لتحصيل مصلحة العبادة، والشكُّ في الشرط لا ينافي ما ذكرناه من الاحتياط. وأما درء مفسدة الحيض فلا يمكن إعمالها بالنسبة إلى العبادات، وإنما يُعمل بها في الوَطْي ونحوه، إذ لا يتعلق بالذمة، بخلاف العبادة.
فإن قيل: العبادة لَمْ يتحقق وجوبها؟ قلنا: ولَمْ يتحقق سقوطها، فاحتطنا لذلك.
346 -
(. . . (1)).
ما ذكره في غير الأزواج مسلَّم. وما ذكره في الأزواج
(1) بياض أيضًا في المخطوط قدر سطر. والساقط منه نص كلام الشيخ ابن عبد السلام الذي يريد البلقيني التعليق عليه، وهو قوله:
(المثال الحادي عشر: الشهادة بحصر الورثة، ولها حالان:
إحداهما: أن تكون احتياطًا لِما تحقق وجوده كالآباء والأمهات والأجداد والجدّات.
فإذا أقام الوارث بينةً بأن الميت أخوه من أبويه، لم ندفع إليه شيئًا، لأن الأصل بقاء أبويهما، وكذلك أجدادُهما وجدّاتهما.
الحال الثانية: الشهادة بنفي الزوجين والإخوة والأخوات وأمثال ذلك، فإنا لا ندفع شيئًا من الميراث إلا بالحصر في الوارث المذكور، وإن كان الأصلُ عدمَ الأزواج والزوجات والإخوة والأخوات. فهذا احتياط لمن لم يُتحقق وجودُه، ولكن وجودَه كثيرٌ غالبٌ
…
). قواعد الأحكام 2: 30.