الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تقدم الكلام في المسح على العمائم ونحوها، من أنها نُزّلت منزلة مُبدلاتها.
وفي اختصاص مسح الوجه واليدين بالتراب مناسبة، من جهة أن الرِّجلين ملازمان للتراب غالبا -والرأس مستور عنه- فلا يناسب مسحهما بالتراب إذا كان يتراكم عليهما فتجتمع الأوساخ، بخلاف الوجه واليدين.
* * *
[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]
320 -
قوله بعد ذلك في فصل ما يُتدارك إذا فات:
(الضابط أن اختلال الشرائط والأركان إذا وقع لضرورة أو حاجة، فإن لم يختص وجوبه بالصلاة، كـ (السَّتر)، فإنْ كان في قوم يعمّهم العُري، فلا قضاء عليه لِما فيه من المشقة) (1).
يقال فيه: إنما ذَكر (الأركان) توطئة لقوله بعدُ: (فإنْ أمرناه باتمام الركوع والسجود ولم يَقضِ على الأصح) إلى آخره (2). وإلا فاختلال الركن مُبطل موجب للقضاء.
وما ذكره في (الستر) من أنه إن كان في قوم يعمّهم العري، فلا قضاء، طريقةٌ.
321 -
قوله في الفصل المذكور: (وقال أهل الظاهر وبعض العلماء: مَن تعمَّد ترك الصلاة أو الصيام، لم يلزمه القضاء، لأن القضاء وَرَدَ في
(1) قواعد الأحكام 2: 9.
(2)
قواعد الأحكام 2: 9.
الناسي والنائم، وهما معذوران، وليس المتعمد في معنى المعذور. ولِما قالوه، وجهٌ حسن)، إلى آخره (1).
يقال عليه: ما ذكره عن أهل الظاهر وغيرهم وقوله (2)، يلزم عليه: أنه إذا أَفسَد الحج عمدًا بالجماع، لا يقضيه؛ هو خلاف الإجماع (3).
ويَرِد عليه أيضًا، ما رواه أَبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:(من ذَرَعه القيءُ فلا قضاء عليه، ومن استقاء عامدًا فلْيَقضِ). رواه أَبو داود وغيره بإسناد صحيح (4).
(1) قواعد الأحكام 2: 10.
(2)
لفظ (وقولِه) يبدو أنه إشارة إلى قول الشيخ ابن عبد السلام -بعد إيراد قول أهل الظاهر وغيرهم-: (ولما قالوه وجه حسن)، فكأن المعنى: أن ما ذكره الشيخ من قول أهل الظاهر وغيرهم، ثم ما ذكره في توجيهه بقولِه (ولما قالوه وجه حسن): كل ذلك يلزم عليه
…
إلخ.
(3)
كذا في المخطوط. ومقتضى السياق أن يقال: (وهو خلاف الإجماع).
(4)
رواه أَبو داود: الصوم -باب الصائم يستقيء عامدًا 2: 310 (2380) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ (من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقض). ورواه آخرون بألفاظ قريبة، فرواه الترمذي: الصوم- باب ما جاء فيمن استقاء عمدًا 3: 98 (720) بلفظ (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض)، وابن ماجه: الصيام- باب ما جاء في الصائم يقيء 1: 535 (1676) بلفظ: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء). والدارقطني 2: 184 بلفظ: (من استقاء عامدا فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه). وبنحو ذلك أخرجه ابن خزيمة 3: 226 وابن حبان 8: 285 والحاكم 1: 589.
أما ما قاله البلقينىِ فيما يتعلق بصحة إسناده، فهو كذلك عند بعض العلماء، فقد قال الحاكم بعد تخريجه:(صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، كما سبق أن ابن خزيمة وابن حبان أخرجاه في صحيحيهما. وقال الدارقطني:(رواته ثقاث كلهم).
ولكن بعض الحفاظ الآخرين ضعَّفوا هذا الحديث، كما قاله البيهقي في سننه الكبرى 4: 219 ونَقَل قول أبي داود: سمعت أحمد بن حنبل: يقول ليس من ذا شيء. (قال =
وقول الشيخ في تقرير القول المذكور (1): (أن الصلاة ليست عقوبة من العقوبات حتى يقال: إذا وجبت على المعذور، فوجوبها على هذا (2) أولى، لأن الصلاة إكرام من الله تعالى للعبيد)، إلى قوله:(فلا يستقيم مع هذا أن يقال: إذا أُكرم المعذور بالمجالسة والتقريب، كان العاصي الذي لا عذر له أولى بالإكرام والتقريب!)(3).
يقال عليه: ليس هذا من باب الإكرام للمتعمِّد التركَ (4)، بل هذا من باب استيفاء ما في ذمته من العبادة، وهو مَلُومٌ بالترك. ونظيره: إيجاب جزاء الصيد على المتعمِّد مع قوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]، وقد تقدم نظير هذا في الكفارات.
* * *
= الخطابي: يريد أن الحديث غير محفوظ) كما في نصب الراية 2: 448. وقال الترمذي: (حديث أبي هريرة حديث حسن غريب
…
وقال محمد (يعني البخاري): لا أراه محفوظًا). ثم قال الترمذي: (وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح إسناده). ونقل العيني في عمدة القاري 11: 35 عن ابن بطال: (تفرد به عيسى (أي عيسى بن يونس أحد رواته)، وهو ثقة إلا أن أهل الحديث أنكروه عليه، ووهم عندهم فيه). وينظر نصب الراية 2: 448 وفتح الباري 4: 175 وعمدة القاري 11: 35.
ومع ضعف الحديث عند هؤلاء، فقد اتفق أهل العلم على العمل به كما قاله الترمذي. وقال العيني في عمدة القاري 11: 36 (وقد قام الإجماع على أن من ذرعه القيء لا قضاء عليه، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن الاستقاء مفطر).
(1)
وهو عدم وجوب قضاء الصلاة على من يتعمَّد تركها.
(2)
أي: على هذا المتعمّد. والذي في قواعد الأحكام 2: 10: (فوجوبها على غيره أولى).
(3)
قواعد الأحكام 2: 10 - 11.
(4)
في المخطوط: (الإكرام المتعمد الترك). والصواب ما تم إثباته أعلاه.