الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُوجِّه وجهي نحوهم مستشفعًا
…
إليهم بهم منهم، إذا الخطبُ أعياني
فهُمُ كاشفو ضُرِّي وكربي وشدتي
…
وهُمُ فارِجُو همّي وغمي وأحزاني
وهُمُ واهِبُو الأبصار والسمع والنُّهَى
…
وهُمُ عالِمُو سِرِّي وجهري وإعلاني
وإنْ مُذنبٌ يومًا أَتَى متنصلًا
…
ومعتذرًا، حَنَوْا عليه بغفران
وإنْ سائلٌ يومًا أتاهم بفاقةٍ
…
ومسكنةٍ، جادُوا عليه بإحسان
فأصبحتُ ما إنْ لي إليك وسيلةٌ
…
سوى فاقتي والذلِّ منّي وإذعاني
وكان يكتب خطًّا حسنًا قويًّا. وكانت له يد طولى في تعبير الرؤيا.
توفي الشيخ ابن عبد السلام بمصر سنة 660 بعد أن عاش ثلاثًا وثمانين سنةً، وحضر جنازتَه الخاصُّ والعامُّ، السلطانُ فمن دونه.
2 - براعته في التصنيف والتأليف:
سبقت الإشارة إلى براعة الشيخ ابن عبد السلام في هذا الجانب.
وفي الواقع فإن هذه البراعة حقيقةٌ ملموسةٌ في تصانيف الشيخ، وكتاباته:
* فقد اختار الشيخ لكتاباته بعض الموضوعات العميقة الدقيقة وأعلاها مقاصد الشريعة وقواعدها التي لا تسهُل الكتابة فيها بجودة إلا لمن كان ذا ملَكة مقتدرة فيها محيطًا إحاطة جيدة بجوانبها، مثل (مجاز القرآن)، و (مشكل القرآن)، و (الإمام في بيان أدلة الأحكام)(في موضوع أصول الفقه)، و (مقاصد الصلاة)(1)، بالإضافة إلى كتابه الذي سارت بذكره الرُّكبان:(قواعد الأحكام).
(1) يقول الدكتور محمَّد الصلابي في التعريف بهذه الرسالة: (وموضوعها: فضل الصلاة وبيان شرفها، وأنها أفضل العبادات بعد الإيمان بالله، لأنها قد اشتملت من أفعال القلوب واللسان والجوارح، ندبًا وفرضًا، ما لم تشتمل عليه عبادة أخرى. وفيها من الأعمال ما هو خاص لله تعالى، وخاص بالعبد، وخاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبالمؤمنين). =
* ثمَّ إن الشيخ في كتاباته: صاحبُ ابتكار وإبداع، وصاحبُ ذوق وفقه ودراية، (هو فقيهُ النظر، له دُربة بأقوال الناس ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات)(1). وبالجملة فالشيخ صاحبُ فكرٍ أصيل ناضجٍ، وصاحبُ فكر استقلاليٍّ بلغ الذروة في ذلك؛ حتى وُصف بصاحب (الفكر الاجتهادي).
* ثمَّ إن من أخص وأبرز ميزات كتابات الشيخ ابن عبد السلام: أنه يمزج الفقه بالتربية والسلوك. فهو إلى جانب ضلاعته في فقه الأحكام: صاحبُ شفافية، وحِسّ باطني مُرهَف فيما يتعلق بتطبيق العلم في واقع حياة الشخص، والتفطن لدقائق الآداب الشرعية التي هي ثمرة العلم.
إن من يقرأ للشيخ ابن عبد السلام يجد أن الشيخ يوقظ فيه ضميرَه الداخلي، وحِسَّه الإيماني (أو ما يسمى بلغة الفقهاء: الجانب الدِّياني) بحيث يحمل القارئَ على محاسبة النفس محاسبةً ذاتيةً تنطلق من الرقابة الداخلية تجاه أعماله وخطواته، وهي المعبَّر عنها في قول الله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى
= قال: (ثم فصّل (أي الشيخ ابن عبد السلام) ذلك في سورة الفاتحة التي تُقرأ في الصلاة، وتكَلَّم عن أفعال الصلاة حتى ختمها).
قال: (وقد حظيت هذه الرسالة النفيسة بعناية السلطان الملك الأشرف فكان يأمر بتلاوتها كلما دخل عليه أحد من خواصّه. . . قال ابن السبكي: قُرئت عليه -أي السلطان الملك الأشرف- (مقاصد الصلاة) في يوم ثلاث مرات،. . . وكُلّما دخل عليه أحد من خواصَّه يقول للقارئ:(اقرأ (مقاصد الصلاة) لابن عبد السلام، حتى يسمعها فلان، ينفعه بسماعها). الشيخ عز الدين بن عبد السلام للدكتور الصلّابي ص 39.
(1)
هذه كلمة للصفدي في الوافي بالوفيات 2: 115 قالها في حقه شيخه الحافظ الذهبي رحمه الله.