الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]
71 -
قوله في الفصل المعقود لتصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة:
(وإن وَجَد (1) أموالًا مغصوبة، فإن عَرَف مالكيها فلْيَرُدّها). إلى أن قال:(فإن يَئس من معرفتهم، صرفها في المصالح العامة، أَولاها فأَولاها. وإنما قلنا ذلك، لأن الله تعالى قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، وهذا برٌّ وتقوى. وقال صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)(2). وقال عليه السلام: (كل معروف صدقة)(3). وإذا جَوَّز صلى الله عليه وسلم لهندٍ أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان، صخر بن حرب، رضي الله عنهما يكفيها وولدها بالمعروف (4)، مع كون المصلحة خاصة؛ فلأن يجوز ذلك في المصالح العامة أولى) إلى آخره (5).
يقال فيه: كان الأولى أن يَستدل الشيخ على مدّعاه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعَل للملتقط: التملكَ، بعد مدة التعريف، لغلبة الظن بعدم ظهور
(1) أي: شخص من آحاد الناس.
(2)
جزء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من نَفَّس عن مؤمن كربة من كُرب الدنيا، نَفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة). صحيح مسلم 4: 2074 (2699).
(3)
متفق عليه. صحيح البخاري 5: 2241 (5675) كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. صحيح مسلم 2: 697 (1005) كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يفع على كل نوع من المعروف، من حديث حذيفة رضي الله عنه.
(4)
متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. صحيح البخاري 5: 2052 (5049) وصحيح مسلم 3: 1338 (1714). وينظر الجمع بين الصحيحين 4: 47 - 48 (3165).
(5)
قواعد الأحكام 1: 114.
المالك (1)؛ إلا أنه قد يُفرَّق بين اللقطة وبين هذا، بأنه يجوز، بخلاف اللقطة.
(1) يدل لذلك ما جاء في بعض ألفاظ حديث اللقطة المشهور المروي عن زيد بن خالد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن اللّقَطة:(اعرف عِفاصها ووكاءها، ثم عرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنُك بها. صحيح البخاري 2: 856 (2297) وصحيح مسلم 3: 1346 (1722). وفي لفظ للبخاري 2: 855 (2295)(عرِّفها سنة، ثم احفظ عِفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها). ونحوه في صحيح مسلم 3: 1348 (1722) وسنن الترمذي 3: 655 (1372) وفي لفظ لابن ماجه 2: 836 (2504) والنسائي في السنن الكبرى 3: 419 (5813)(اعرف عِفاصها ووكاءها وعرِّفها سنة، فإن اعتُرفت وإلا فاخلطها بمالك).
قال ابن حجر في فتح الباري 5: 84 في شرح هذا الحديث: (واستُدل به على أن اللاقط يملكها بعد انقضاء مدة التعريف. وهو ظاهر نص الشافعي. فإن قوله: (شأنك بها) تفويض إلى اختياره، وقوله:(فاستنفقها): الأمر فيه للإباحة
…
وقد روى الحديث سعيد بن منصور عن الدراوردي عن ربيعة بلفظ: (وإلا فتصنع بها ما تصنع بمالك).
وفي شرح النووي لصحيح مسلم 12: 22 (قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها): معناه: إن جاءها صاحبها فادفعها إليه، وإلا فيجوز لك أن تتملكها. قال أصحابنا: إذا عَرَّفها فجاء صاحبها في أثناء مدة التعريف، أو بعد انقضائها، وقبل أن يتملكها الملتقط، فأَثبَت أنه صاحبها، أَخَذها
…
، فأما إذا عَرَّفها سنة، ولم يجد صاحبَها، فله أن يديم حفظها لصاحبها، وله أن يتملكها سواء كان غنيًّا أو فقيرًا).
ومن الروايات أيضًا الدالة على إباحة التملك للملتقط بعد التعريف بها، ما رواه ابن ماجه 2: 837 (2506) من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه، وفيه:(اعرف وعاءها ووكاءها وعددها، ثم عرِّفها سنة، فإن جاء من يعرفها وإلا فهي كسبيل مالك).
وروى النسائي في السنن الكبرى 2: 23 (2273) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال: ما كان في طريق مَأْتيّ أو قرية عامرة فعرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فلك). وفي سنن أبي داود 2: 136 (1710) في هذا الحديث: (فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك).