الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في بيان تخفيفات الشرع]
322 -
قوله أول الفصل المعقود لبيان تخفيفات الشرع:
(وهي أنواع، منها: (تخفيف الإسقاط) كإسقاط الجُمعات والصوم والحج والعمرة بأعذار معروفات) (1).
يقال فيه: إسقاط الجُمعات والصوم ممكن.
وأما إسقاط الحج والعمرة بالعذر فلا يتصور. فإن أريد بالعذر: (عدم الاستطاعة ونحوها) فلا وجوب، حتى يقال بالسقوط. فليتأمل!
* * *
[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]
323 -
قوله في الفصل المعقود للمشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية:
(المشاقّ ضربان: أحدهما: مشقة لا تنفك العبادة عنها، كمشقة الوضوء والغسل في شدة السَّبَرات)(2).
يُنبّه فيه على أن (السَّبَرات) بفتح السين المهملة والباء الموحّدة، هي جمع (سَبْرة) بفتحٍ وسكون الباء، مثل (تَمْرة، وتَمَرات). والسَّبْرة: شدة البرد (3).
(1) قواعد الأحكام 2: 12.
(2)
قواعد الأحكام 2: 13. وجاءت كلمة (السَّبَرات) مضبوطة في المخطوط بفتح السين والباء.
(3)
ينظر فيض القدير 3: 307 وفُسِّرت بشدة البرد في الصباح، ففي المصباح المنير 1: 263 (السبْرة: الضحوة الباردة). وفي تاج العروس 11: 489 (والسَّبرة
…
: الغداة الباردة. وقيل: هي ما بين السحر إلى الصباح. وقيل ما بين غدوة إلى طلوع الشمس. ج: سَبَرات
…
).
ومقصود الشيخ اتباع لفظ الحديث، فإنه ورد في الحديث ذكرُ (إسباغ الوضوء في السَّبَرات)(1).
324 -
قوله فيه أيضًا في أثناء النوع الثالث: مشاقّ واقعة بين هاتين المشقتين، أعني: المشقة العظيمة التي مثَّلَها بالخوف على النفوس والأطراف؛ والمشقة الخفيفة التي مَثَّلها بأدنى وجع في أصبع:
(وقد تتوسّط مشاقُّ بين الرتبتين بحيث لا تدنُو من إحداهما، فقد يُتوقف فيها، وقد يُرجح بعضها بأمر خارج عنها، وذلك كابتلاع الريق في الصوم، وابتلاع غبار الطريق)، إلى آخره (2).
يقال فيه: الذي يظهر أن ابتلاع الريق من المشاق التي لا تنفك العبادة عنها.
325 -
قوله بعد ذلك: (ولا تختص المشاق بالعبادات، بل تجري في المعاملات، مثاله: الغرر في البيوع، وهو أيضًا ثلاثة أقسام:
أحدها: يعسُر اجتنابه، كبيع الفستق والبُندق والرمان والبطيخ في قشوره، فيُعفى عنه.
القسم الثاني: ما لا يعسر اجتنابه، فلا يُعفى عنه.
القسم الثالث: ما يقع بين الرتبتين، وفيه اختلاف)، إلى آخره (3).
يقال فيه: أَهمَل قسمًا رابعًا، وهو ما يتعذر اجتنابه، كرؤية أُسّ الجدار
(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير 2: 135 من حديث جُبير بن مطعم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المشي على الأقدام إلى الجمعات كفاراتٌ للذنوب، وإسباغ الوضوء في السَّبَرات، وانتظارُ الصلاة بعد الصلوات" ورواه أيضًا من أحاديث صحابة آخرين، وفي أسانيده كلها كلامٌ. ينظر مجمع الزوائد 1: 91 و 237 و 2: 36 و 7: 178.
(2)
قواعد الأحكام 2: 14.
(3)
قواعد الأحكام 2: 15 - 16.
وأصل الشجرة وما جرى مجراهما، فيُعفى عنه قطعًا، ولكنه يوجد العفو عنه -من العفو عما يعسر اجتنابه- من باب أولى.
326 -
قوله: (فأما الصلاة، فيَنتَقل فيها القائم إلى القعود، بالمرض الذي يشوِّش عليه)، إلى قوله:(واشتُرط في الانتقال من القعود إلى الاضطجاع، عذرٌ أشقُّ من عذر الانتقال من القيام إلى القعود، لأن الاضطجاع منافٍ لتعظيم العبادات ولاسيما والمصلّي مناجٍ لربه، وقد قال سبحانه وتعالى: "أنا جليس من ذكرني" (1).
يقال عليه: ما ذكره من أنه يشترط في الانتقال من القعود إلى الاضطجاع، عذرٌ أشقُّ من عذر الانتقال من القيام إلى القعود، ممنوع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرِّق بين الاستطاعتين في قوله صلى الله عليه وسلم:(صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ)(2).
فمن عجَز عن القعود لصداعٍ برأسه، لا يشترط أن يكون ذلك في حقه أشقَّ من كَسْر الرِّجل المانعِ من القيام، بل لو كان الصداع المانعُ من القعود أخفَّ من كَسْر الرِّجل المانعِ من القيام، جاز له أن يَنتقل إلى الاضطجاع.
(1) قواعد الأحكام 2: 16. وحديث (أنا جليس من ذكرني) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (واللفظ له) 1: 108 و 7: 73 وأحمد بن حنبل في الزهد ص 68 والبيهقي في شعب الإيمان 1: 451 عن كعب الأحبار قال: قال موسى عليه السلام: أي ربّ أقريبٌ أنت فأناجيك أم بعيدٌ فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني
…
الحديث. وطرقه ضعيفة كما في أسنى المطالب لمحمد بن درويش البيروتي ص 92. ويشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحرّكت بي شفتاه. أورده البخاري معلّقًا 6: 2736 ورواه أحمد 2: 251 و 2: 540 وابن ماجه 2: 1246 (3792) وينظر تغليق التعليق 5: 362.
(2)
صحيح البخاري: أبواب تقصير الصلاة -باب إذا لم يُطق قاعدًا صلى على جنب 1: 376 (1066) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
وقوله: (لأن الاضطجاع منافٍ لتعظيم العبادات).
قلت: لكنه بإذن الشرع ليس بمنافٍ.
قوله: (وقد قال الله سبحانه وتعالى: (أنا جليس من ذكرني).
قلنا: وقد قال الله سبحانه وتعالى يمدح عباده: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]. ولولا الإذنُ لَمَا كان لنا أن نفعل ذلك.
وكذلك نداءُ الملك العظيم من الآدميّين باسمه، منافٍ للتعظيم عادةً. ولمّا أَذن الله سبحانه وتعالى لعباده أن ينادُوه ويدعُوه باسمه في قوله:(يا الله)، كان لهم ذلك، ولو لم يَأذن فيه سبحان وتعالى اجتَرَأ أحدٌ على ذلك.
327 -
قوله بعد ذلك: (وأما الصوم فالأعذار فيه خفيفة، كالسفر، والمرض الذي يشُقّ الصوم معه كمشقة الصوم على المسافر)(1).
يقال عليه: مفسدة (2) المرض بأن يشُقّ الصوم معه كمشقة الصوم على المسافر: ما بَيَّن (3)؛ لكن على ما سيذكره في ضوابط مشاقّ العبادات، من أنّ مشقة كل عبادة تُضبط بأدنى المشاق المعتبرة في تلك العبادة. وسيأتي ما فيه.
(1) قواعد الأحكام 2: 16.
(2)
كلمة (مفسدة) هكذا جاءت في المخطوط. والذي يظهر أنها سهو قلم، والصواب أن تكون هي كلمة (مشقة) بدلًا من (مفسدة)، إذ كلامُ الشيخ ابن عبد السلام هنا: عن المشاقّ، لا عن المفاسد. والذي يؤكِّد هذا ما قاله الشيخ ابن عبد السلام في قواعد الأحكام 2: 20: (وأما المرض المبيح للفطر، فينبغي أن تُعتبر مشقته بمشقة الصيام في السفر).
(3)
أي: أن مشقة المرض هذه في حق الصائم، لم يبيّن الشيخ ابن عبد السلام معيارها الذي يُعرف به أنها متى تكون مثل مشقة السفر حتى يُباح بها الفطر للمريض. لكنها يمكن أن تُقدر بناء على ما يذكره عمومًا في ضوابط مشاق العبادات من أن مشقة كل عبادة تُضبط بأدنى المشاق المعتبرة في تلك العبادة.
ثم إنه لا يعتبر في الفطر بالسفر وجودُ المشقة، حتى يعتبر المرض (1) بها، ولكن السفر لمّا كان مظِنةً لمشقةٍ، طُرد الباب فيه طردًا واحدًا.
والأصح في المرض المبيح للفطر ما ذكره الأصحاب في المرض المبيح للتيمم.
328 -
قوله بعد ذلك: (ويدل على إباحة التيمم): يريد: التيمم في صورٍ ذكرها، وهي أن يقال:
(الشَّين إذا كان في عضوٍ باطنٍ لم يكن عذرًا، وإن كان في ظاهرٍ ففيه خلاف. والمختار الإباحة بهذه الأعذار، فنقول: جَوّز الشافعي رضي الله عنه فيها التيمم بمشاق خفيفة دون هذه المشاق، أحدها (2): إذا بيع الماء منه بأكثر من ثمن المثل، بشيء حقيرٍ يسيرٍ، فإنه لا يلزمه شراؤه. ولا شك أن ضرر الغَبْن بدانقٍ دون ضرر المشقة بظهور الشَّين وإبطاء البُرء وشدة الضَّنَى) (3).
يقال عليه: لما كان ضرر الغَبْن بدانقٍ يعم المكلفين، اعتُبر كون غيره: من المشاق الخاصة، كظهور الشَّين؛ لأن الشارع إنما يخاطب العموم بالأمر الذي لا يشُقّ أصلًا، لعموم ضرره لو وقع. وكذا القول في باقي الصور.
(1) يظهر من رسم هذه الكلمة في المخطوط أنها: (الغرض)؟. لكن الذي يبدو من السياق أن تكون هي كلمة (مرض)، لأن التقابل هنا بين (المرض) و (السفر)، وهذا ما تُقوِّيه عبارة الشيخ ابن عبد السلام التي نُقلت في الهامش قبل قليل، في مشقة المرض المبيحة للفطر.
(2)
كلمة (أحدها) مصوّبة من قواعد الأحكام 2: 17 وقد جاءت في المخطوط على صورة: (لا حد لها).
(3)
قواعد الأحكام 2: 17. هذا النص بكامله غرِ واضح، وعبارة الشيخ ابن عبد السلام التي جاءت في قواعد الأحكام، هي أنه ذكر أن التيمم جوّزه الشافعي رحمه الله تارةً بأعذار خفيفة، ومنعه تارة بأعذار أثقل منها. ثم ذكر الشيخ أربع رُتب من الأعذار عند الشافعي المبيحة للتيمم، فقال في (الرتبة الرابعة): (خوف الشَّين، إن كان باطنًا لم =
329 -
قوله بعد ذلك: (ونظير هذا التشديد (1) ما ذكره الشافعي ومالك في أن التحلل من الحج مختص بحصر العدوّ، وقد خُولفا في ذلك، لأن الآية دالة على جواز الخروج من الحج بالأعذار) (2).
يقال فيه: لقائلٍ أن يقول محتجًا لمالك والشافعي رحمهما الله تعالى: أن الآية نزلت في حصر الأعداء، والأصل بقاء العبادة: على (3) أنه لا يجوز الخروج منها. وجوازُ التحلل بحصر الأعذار (4) يحتاج إلى دليل. وليس هذا من باب قصر العامّ على سببه، بل من باب الاحتياط للعبادات.
330 -
قوله بعد ذلك: (فإن قيل: إن قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 96] الآية، نزلت في الحديبية، ولم يكن إحصارَ عذرٍ، وإنما كان إحصارَ عدوٍّ. قلنا: إذا دلّت على إحصار العذر كانت دلالتها على إحصار الأعداء أولى،
= يكن عذرًا، وإن كان ظاهرًا ففيه خلاف. والمختار الإباحة بهذه الأعذار كلها (أي المذكورة في الرتب الأربع) كما ذكرناه في إباحة الفطر في الصوم
…
، ويدل على ذلك صورٌ جَوّز الشافعي فيها التيمم بمشاقّ خفيفة دون هذه المشاقّ: أحدها: إذا بيع الماء منه بأكثر من ثمن المثل، بشيء حقيرٍ يسيرٍ، فإنه لا يلزمه شراؤه. ولا شك أن ضرر الغَبْن بدانقٍ دون ضرر المشقة بظهور الشَّين وإبطاء البُرء وشدة الضَّنَى). انتهى النص من قواعد الأحكام 2:17.
(1)
أي: (في باب التيمم) كما قواعد الأحكام 2: 18.
(2)
قواعد الأحكام 2: 18.
(3)
أي: يُحتج لمالك والشافعي على أنه لا يجوز الخروج من النّسك إلا بعذر الإحصار بالعدو، لأن الأصل بقاء العبادة، والآية نزلت في سبب خاص وهو الإحصار بالعدو، فلا يصح تعميمها على باقي الأعذار الأخرى.
(4)
كلمة (الأعذار) جاءت في المخطوط بلفظ: (الأعداء)، والظاهر أنها خطأ، والصواب كلمة (الأعذار). والمعنى: أن الآية نزلت في التحلل بحصر الأعداء، وهو عذر خاص، فتعميم الآية على جواز التحلل بجميع الأعذار الأخرى سوى حصر الأعداء -كما يريده الشيخ ابن عبد السلام- يحتاج إلى دليل
…
فنزلت لتدلّ على إحصار العذر بمنطوقها، وعلى إحصار العدو بمفهومها، فتناولت الأمرين جميعًا) (1).
يقال عليه: محل ما ذكره، إذا قلنا: إن الإحصار موضوع لحصر الأعذار. أما إذا قلنا: إنه موضوع لحصر الأعذار وحصر الأعداء، فالآية دالة على إحصار العدوّ بمنطوقها، وهذا أرجح، لأن الحصر بالأعداء محلّ السبب، فلا بدّ أن تتناوله الآية بمنطوقها، إذ محلُّ السبب داخلٌ اتفاقًا.
331 -
قوله بعد ذلك: (والذي ذَكَر مالك والشافعي، لا نظير له في الشريعة السمحة، الذي (2) قال الله تعالى فيها: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (3)[الحج: 78]).
يقال عليه: لو كان الحصر بالأعذار معتبرًا، لَما قال صلى الله عليه وسلم لضُباعة:(واشترطي أن مَحِلّي حيث حبَستَني)(4)، إذ لو كان معتبرًا ما احتيج إلى اشتراطه.
(1) قواعد الأحكام 2: 18. وقوله: (قلنا: إذا دلّت على إحصار العذر
…
) إلى قوله: (وعلى إحصار العدو بمفهومها) هذه العبارة هكذا جاءت في المخطوط، ولكن نصها في قواعد الأحكام 2: 18 بعكسها تمامًا وهي: (قلنا: إذا دلّت على إحصار العدوّ، كانت دلالتها على إحصار العذر أولى، فنزلت لتدلّ على إحصار العدوّ بمنطوقها، وعلى إحصار العذر بمفهومها) ويظهر من تعليق البلقيني أن صواب العبارة هي كما جاءت في قواعد الأحكام. والله أعلم.
(2)
هكذا في المخطوط: (الذي). وفي قواعد الأحكام 2: 19: (التي).
(3)
قواعد الأحكام 2: 19.
(4)
صحيح البخاري: النكاح -باب الأكفاء في الدين 5: 1975 (4801) وصحيح مسلم: الحج- باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه 2: 867 كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها، واللفظ لمسلم.
فإن قيل: فائدة اشتراطه عدم وجوب الهدي. قلنا: لو كان كذلك، لبَيَّنه صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: الآية دلّت على وجوب الهدي على المُحصَر، فلم يُحتج إلى بيان. قلنا: ليس في الآية ولا في الحديث ما يدل على سقوط الهدي بالشرط.
332 -
قوله بعد ذلك في ضبط الطلب في التيمم: (قالوا: بل يطلبه من مكانٍ لو استغاث منه برفقته، لَأَغاثُوه، مع ما هم عليه من أشغالهم)(1).
يقال فيه: هذا طريق الإمام، والغزالي، وهي خلاف نصه في البويطي.
333 -
قوله بعد ذلك: (والأولى في ضوابط مشاقّ العبادات، أن تُضبط مشقة كل عبادة بأدنى المشاق المعتبرة في تلك العبادة، فإن كانت مثلَها أو أزيدَ، ثبتت الرخصة بينهما، ولن يُعلم التماثل إلا بالزيادة، إذ ليس في قدرة البشر، الوقوفُ على تساوي المشاق)، إلى أن قال:(مثال ذلك: أن التأذي بالقمل مبيحٌ للحلق في حق الناسك، فينبغي أن يُعتبر تأذّيه بالأمراض بمثل مشقة القمل)(2).
يقال فيه: حاصل ما ذكره، أنه إذا كان هناك مشقةٌ معتبرة بنصٍّ من الشارع، فيُعتبر غيرها من المشاقّ بها؛ فإن ساواها أو زاد عليها، اعتُبر، وإن كان دونها فلا.
وردّه شيخنا رضي الله عنه بأن ظاهر الآية يقتضي اعتبار مطلق الأذى لا بقيد كونه مثل أذى القَمْل؛ فلو كان دونه اعتُبر، لظاهر الآية.
(1) قواعد الأحكام 2: 19.
(2)
قواعد الأحكام 2: 20.
334 -
قوله بعد ذلك: (ومنها التأذي بالرياح الباردة في الليلة المُظلمة)(1).
يقال فيه: قيد (المُظلمة) غير معتبر، ولا فرق بين الظُّلمة وغيرها فيما ذكره.
335 -
قوله بعد ذلك: (ولا يُنهَى الحاكمُ الغضبانُ عن الحكم بما هو معلوم له، إذ لا حاجة به إلى النظر فيه.
مثاله: أن يدّعي إنسان على إنسان بدرهم معلوم، فينكره، فلا يُكره للحاكم الحكمُ بينهما مع غضبه، إذ لا يحتاج الحاكم في هذه المسألة إلى نظر واعتبار) (2).
قال شيخنا (3): فيما ذكره الشيخ نظر، والأقرب كراهة الحكم في حال الغضب مطلقًا، لأنه قد يؤدّيه الغضب فيما هو معلوم له، أن يَحكم على غير المحكوم عليه. والشيخ أَخَذ في ذلك النظر الاجتهادي فقال ما قال. ونحن نقول: المعتبر كون الغضب مظِنة لعدم الضبط مطلقًا.
336 -
قوله بعد ذلك: (لو أَسلَم في شيء وَصَفه بصفات، لكل واحدٍ منها (4) رُتبٌ عالية ورُتبٌ دانية ومتوسطة، فإنه يُحمل على أدناهن.
فهلّا قلتم بالحمل ها هنا على أدنى رُتب المشاقّ لعُسر ضبط رُتب المشاق الزائدة على أدناهنّ.
(1) قواعد الأحكام 2: 21.
(2)
قواعد الأحكام 2: 21.
(3)
أي: البلقيني. وكلمة (الشيخ) في الجملة التالية: يراد به: الشيخ ابن عبد السلام.
(4)
أشار الناسخ إلى اختلاف نسخ الكتاب في كلمة (منها)، فوضع عليها علامة (2) ثم كتب أمامها في هامش المخطوط:(منهن) مع وضع العلامة نفسها (2).