الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
514 -
قوله بعد ذلك: (وإقرارِ المشتري في الخصام بأن المبيع مِلكُ البائع)(1).
يقال فيه: صورة إقرار المشتري في الخصام، أن يشتري شيئًا، ثم يدّعيه إنسان، فيقول المشتري: إنه ملكُه وملكُ بائعه، فيقيم المدّعي بينةً بأنه ملكُه، فيأخذه، فإن المشتري يرجع بالثمن على بائعه، على ما هو مقرر في موضعه.
وليس رجوعه على بائعه بالثمن، لِما ذكره الشيخ من المدرك، بل (2)، لأن الفائدة في الخصومة ذلك. ولو كان مستند ذلك ظنّه من غير معارضٍ، لم يرجع بالثمن على بائعه لاعترافه بأنه مظلوم في الباطن.
515 -
قوله: (مثل أن ينوي بالطلاق والعتاق: الأمرَ بالأكل والشرب، فلا يُقبل منه ظاهرًا ولا باطنًا)(3).
اختار شيخنا سلمه الله تعالى، أنه يُقبل باطنا فيما إذا نَوَى بالطلاق والعتاق: الأكلَ والشربَ ونحوهما.
* * *
[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]
516 -
قوله في فصل فيما أُثبت على خلاف الظاهر:
(المثال السادس: لو وَطِيَ أمتَه ثم استبرأَها بقُرء، ثم أتت بولدٍ لتسعة أشهر من حين الوطي، فإنه لا يُلحق به عند الشافعي. وهذا مشكل من جهة أن الأمة فراشٌ حقيقي)(4).
(1) قواعد الأحكام 2: 215.
(2)
في المخطوط ما صورته: (بلي)؟ وكأنه سهو قلم. والمثبت هو مقتضى السياق.
(3)
قواعد الأحكام 2: 216.
(4)
قواعد الأحكام 2: 222.
يقال عليه: جواب هذا الإشكال، أن الفراش زال بالاستبراء.
لا يقال: فلو استبرَأَ زوجته بعد وَطْيها، فإنه لا يزول فراشها بالاستبراء؟ لأن الولد يُلحق في الزوجة بالإمكان، ولا يشترط الوطي.
517 -
قوله: (فائدة: قد يظن بعض الأغبياء أن الولد لا يُلحق إلا لستة أشهر. وهو خطأ، لأن الولد يُلحق بدون ذلك فيما لو جُني على الحامل، فأجهَضَتْ (1)، فإن الولد يُلحق بأبويه، وكذلك يَلزَم أباه مؤنةُ تكفينه وتجهيزه) (2).
يقال عليه: لا يُظن بأحدٍ ذلك، فمرادهم بـ (الولد):(الكامل) كما ذكره آخِرًا (3). وكلامهم صالح لذلك في أبواب الفقه من الرجعة والعدة وغيرهما.
518 -
قوله: (المثال السابع: إذا قال: له عليّ مالٌ عظيم، فإن الشافعي يَقبل تفسيره بأقل متمول. وهذا خلاف ظاهر اللفظ. وعَلَّل الشافعي مذهبه بأن (العظيم) لا ضابط له) (4).
يقال عليه: إنما قَبِل الشافعي، التفسيرَ بأقل متموّل، لِما ذكره من قاعدته في (المختصر)(5) وغيره، من قوله رضي الله عنه: (أصل ما أبني عليه
(1) أي: (لدون ستة أشهر) كما ورد في النص نفسه من قواعد الأحكام 2: 222.
(2)
قواعد الأحكام 2: 222.
(3)
أي: كما ذكره الشيخ ابن عبد السلام في آخر كلامه من العبارة المسوقة أعلاه المتعلقة بالرد على من يظن أن الولد لا يُلحق إلا لستة أشهر، وأصل كلام الشيخ هكذا: (فلو جُنِي على الحامل، فأَجهَضَت جنينًا ميتًا لدون ستة أشهر، فإن الولد يُلحق بأبويه
…
، وكذلك لو أَجهَضَت بغير جناية لكانت مؤنة تكفينه وتجهيزه على أبيه. وإنما يتقيد بالأشهر الستة: الولدُ الكامل، دون الناقص). قواعد الأحكام 2:222.
(4)
قواعد الأحكام 2: 222.
(5)
يبدو أن المراد به: مختصر البويطي، وليس مختصر المزني، لأن النص المذكور لا يوجد في مختصر المزني.
الإقرار، أني لا أُلزِم الناس إلا باليقين، وأطرح الشك، ولا أستعمل الأغلب) (1).
519 -
قوله: (المثال الثامن: إذا قال لرجل: أنت أزنى الناس، أو قال له: أنت أزنى من زيد، فظاهر هذا اللفظ أن زناه أكثر من زنى زيد، وأكثر من زنى سائر الناس. وقال الشافعي: لا حدّ عليه حتى يقول: أنت أزنى زناة الناس، أو: فلان زانٍ وأنت أزنى منه. وفي هذا بعدٌ)(2).
يقال عليه: إنما فرَّق الشافعي بين: (أنت أزنى الناس، وأنت أزنى من زيد)، وبين:(أنت أزنى زناة الناس، أو فلان زانٍ وأنت أزنى منه) من جهة أنه، في الثاني: أَثبَت الزنى للمفضَّل عليه، فكان إثباته للمفضَّل صريحا لصراحته في المفضَّل عليه. [و] في المثال الأول (3): لم يصرِّح في المفضَّل عليه بشيء، لأن صيغة (أفعل) لا تقتضي التشريك، فلا يلزم أن يكون المفضَّل عليه زانيًا. وإذا لم يثبت صريحًا في المفضَّل عليه، لم يثبت في المفضَّل.
(1) جاء في الأم 6: 220 (الإقرار والمواهب) قول الشافعي رحمه الله: (وأصل ما أقول من هذا، أني أُلزم الناس أبدًا اليقين وأطرح عنهم الشك، ولا أستعمل عليهم الأغلب).
(2)
قواعد الأحكام 2: 223.
(3)
جاءت جملة (وفي المثال الأول) في المخطوط بدون واوٍ، متصلة بما قبلها هكذا:(فكان إثباته للمفضَّل صريحًا لصراحته في المفضل عليه في المثال الأول لم يصرِّح في المفضل عليه بشيء). وهو كلام مضطرب غير واضح.
والظاهر من سياق الكلام أن تكون جملة (وفي المثال الأول) استئنافية، لأن المقصود بيان الفرق بين حكم المثال الثاني وهو (أنت أزنى زناة الناس، أو فلان زانٍ وأنت أزنى منه)، وبين حكم المثال الأول وهو (أنت أزنى الناس، وأنت أزنى من زيد)، ولا يتم ذلك إلا بإثبات (الواو) مع كلمة (في المثال الأول) كما تم إثباته في المتن أعلاه، وبذلك يتضح مراد البلقيني من التعقيب.