الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأصحابه والشفقةِ عليهم والتنويهِ بذكرهم، مع مهابته. وكان وقورًا حليمًا، ذا همة عالية في مساعدة أصحابه.
وكان في صفاء الخاطر، وسلامة الصدر بمكانٍ، بحيث يُحكى عنه ما يفوق الوصف.
5 - مؤلفاته:
من كتبه (محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح)، و (التدريب) في فقه الشافعية (1)، و (تصحيح المنهاج)، وغير ذلك. ولم يكمُل من مصنفاته إلا القليل، لأنه كان يَشرَع في الشيء، فلسعة علمه يطول عليه الأمر، فيصنِّف منه قطعةً ثمَّ يتركه، حتى إنه كَتَب من شرح البخاري، على نحو عشرين حديثًا، مجلدين! ولو قُدر إكماله لبلغ مائتي مجلد!
6 - وفاته:
تُوفي رحمه الله يوم الجمعة قبل صلاة العصر، العاشر من ذي القعدة سنة 805 هـ، ولم يخلف بعده مثله.
* * *
ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:
أ - ترجمة الناسخ
(2):
هو القاضي تقي الدين يحيى بن شمس الدين محمَّد بن يوسف السعيدي
(1) ورد ذكره في كتابنا هذا (الفوائد الجسام).
(2)
ينظر: السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي 7: 219 و 5: 173 والضوء اللامع 10: 259 - 261 وشذرات الذهب 7: 206 و 6: 294 والأعلام للزركلي 8: 166 - 167 وإنباء الغمر 5: 19 و 5: 213 و 6: 180 و 8: 225 والدرر الكامنة 6: 66 وطبقات الشافعية لابن شهبة 3: 180 وبغية الوعاة للسيوطي 1: 279.
-نسبة إلى الصحابي الجليل سعيد بن زيد أحد العشرة المبشَّرين- الكرماني القاهري الشافعي.
ووالده: شمس الدين محمَّد بن يوسف، هو العلامة المحدِّث الكرماني، العَلَم الشهير، صاحب الشرح المشهور على صحيح البخاري، المسمى بـ (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري)، (وهو المتداول باسم: شرح الكرماني)، المولود سنة 719 هـ والمتوفى راجعًا من مكة بعد الحج سنة 786 هـ رحمه الله تعالى.
وُلد المترجَم (المتقي يحيى) ببغداد -موطن آبائه- سنة 762 هـ بـ (دَرب شُهْدة الكاتبة)، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وتلقّى العلم عن عددٍ من المشايخ، ولازم غيرَ واحد من أصحاب الفنون سيّما من كان يجتمع على أبيه، واستفاد منهم كثيرًا، ولكن جُلّ انتفاعه إنما كان بوالده، فإنَّه لازمه سفرًا وحضرًا وتنقّل معه في نحو خمسين مدينةً، حتى كان معه حين مجاورته بمكة سنَتَيْ خمس وست وسبعين وسبعمئة.
ومما أخذه عن والده: الكتب الستة، سماعًا غير مرة، وكتبًا أخرى في التفسير والنحو والصرف والمنطق والفقه والأصول، وسمع عليه (الوجيز) للغزالي وشرحه (العزيز) للرافعي في نحو اثنتي عشرة سنة حين إلقاء أبيه الدروس ببعض مدارس بغداد.
كما سمع المترجم على أبيه: بعضَ كُتُبِ أبيه، ومن أجلّها شرحه للبخاري (الكواكب الدراري)، سمعه منه مرارًا، بل قرأ عليه بعضَه (1).
(1) قال ابن حجر في إنباء الغمر 2: 183 عن هذا الشرح: (ورأيت في الدعوات أو بعدها من شرحه (أي: شرح الكرماني) للبخاري، أنه انتهى في شرحه وهو بالطائف، البلد المشهور بالحجاز؛ كأنه لما كان مجاورًا بمكة كان يُبيّض فيه، وما أكمله إلا ببغداد. وذكر لي ولدُه الشيخ تقي الدين يحيى أنَّه سمع عليه جميع شرحه).
قَدِم المترجَم من بغداد إلى القاهرة على رأس سنة ثمانمئة، فنزل تحت نظر السراج البلقيني في جامع الحاكم، ولازمه في قراءة (الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام)(1) وغيرها. وكَتَب من فتاويه جملةً. وأذن له البلقيني في الإفتاء والتدريس وأَخَذ عن العراقي ألفيّته، وكذا أخذ عن ابن الملقن.
ولما قدم المترجَم إلى القاهرة، أَحضَرَ معه شرح أبيه على البخاري، فابتهج الناس به، وأُعجِب به الفقهاء، وكُتبتْ منه نسخ عديدة، فاشتهر من حينئذ.
ووُلِّي المترجَم نظر وقف الأسرى، ووكالة بيت المال، وقضاء العسكر بدمشق، وإفتاء دار العدل بها. وكان إمامًا لنائب الشام، الأمير المؤيد شيخ المحمودي.
وعُرف تقي الدين هذا بالفضيلة. قال المقريزي: كان فاضلًا في عدة فنون. وذكر السخاوي: أنَّه جلس للإفادة من صِغَره في حياة أبيه. وقال ابن حجر -كما نقل السخاوي-: (وهو سريع الخط جيّده. لديه مسائل وفوائد وفضائل). واستجاز ابن حجر منه، لابنه محمَّد.
وله شرح صحيح البخاري أيضًا (سوى شرح أبيه) سماه (مجمع البحرين وجواهر الحبرين)(2)، قال السخاوي:(انتزعه من شرح أبيه). وله شرح صحيح مسلم. واختصر (الروض الأنف)، وكذا (تحفة المودود) لابن القيم، سماه:(المقصود من تحفة المودود). وله مصنف في الطب، وغير ذلك نظمًا ونثرًا.
(1) وهو كتابنا هذا الذي يتم إخراجه، والذي هو مكتوبٌ بيد المترجَم نفسه. وتسميته هذه، نص عليها السخاوي في ترجمة المترجَم من (الضوء اللامع) 10:260.
(2)
ذكر الزركلي في الأعلام 8: 166 - 167 أنه في (ثمانية أجزاء كبار، رآه حاجي خليفة، بخطه).