المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد] - الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

واجبًا وهو من المفاسد المحرّمة في نفس الأمر، كالحاكم إذا حَكَم بالحق بقاء على الحجة الشرعية، وكالمصلي يصلّي على ظن أنه متطهر، وكالشاهد يشهد بحقٍّ عَرَفه بناء على استصحاب بقائه، وظهر كذبُ الظن في ذلك كله؟ قلنا: فهذا خطأ معفو عنه، كالذي قبله، ولكن يثاب فاعلُه على قصده دون فعله، إلا من صلى محدِثًا فإنه يثاب على قصده وعلى كل فعلٍ أَتى به في صلاته مما لا يُشترط الطهارة فيه. انتهى) (1).

ظاهر الأدلة يقتضي أنه يثاب على قصده وعلى جميع الأفعال في الصلاة وغيرها، حتى لو قَتَل مسلمًا في صف الكفار على زيّهم فإنه يثاب على قتله، لأنه قاتَلَ لتكون كلمةُ الله هي العليا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله)(2).

* * *

[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

19 -

قوله في فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد:

(فإنه قد يؤجَر على أحد العملين المتماثلين، ما لا يؤجَر على نظيره، ولذلك أمثلة:

أحدها: حج الفرض وعمرتُه، مساويان لحج النفل وعمرتِه من كل وجه) إلى آخر الأمثلة (3).

يقال عليه: ليس ذلك مما يخفى حتى يضرب له الأمثال، وذلك كثير.

(1) قواعد الأحكام 1: 35.

(2)

صحيح البخاري 3: 1034 (2655) كتاب الجهاد، باب من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا. صحيح مسلم 3: 1513 (1904) كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله.

(3)

قواعد الأحكام 1: 41 - 42.

ص: 154

ولعله إنما ذَكَر ذلك توطئة لِما سيَذكُره فيما إذا تفاوت العملان بالقلة والكثرة، مثل أن يزكّي بخمسة دراهم، ويتصدق بعشرة آلاف درهم، كما سيأتي (1).

وقوله: (العملان المتماثلان)(2)، وكذا قوله في (صوم رمضان):(أنه مساوٍ لـ (صوم شعبان)(3): مراده: التماثل الصوري، والتساوي الصوري.

20 -

قوله فيه أيضًا: (وكذلك قراءة حمدلة الفاتحة في الصلاة، مساويةٌ لقراءتها في غير الصلاة، مع أنها أفضل منها إذا قُرئت خارج الصلاة)(4).

يقال عليه: الفاتحة كلها كذلك، فلا وجه لتخصيص ذلك بحمدلتها.

21 -

قوله فيه أيضًا: (وكذلك الأذكار التي في القرآن، إذا قُصد بها القراءةُ: شُرطت فيها الطهارة من الجنابة، ولو قُصد بها الذكر كالبسملة على الطعام والشراب، والحمدلة عند الفراغ منهما، والتسبيحات المذكورة في القرآن، لم تُشترط فيها الطهارة من الجنابة مع تساوي هذه الأذكار من كل وجه). انتهى (5).

يقال عليه: هذا ليس من الأمثلة السابقة في شيء، فإن كلامه في العملين المتماثلين، يُؤْجِر الله على أحدهما ما لا يُؤجِر على نظيره. واشتراط الطهارة من الجنابة في أحدهما دون الآخر، ليس من هذا القبيل.

(1) انظر قواعد الأحكام 1: 44.

(2)

في قوله قبل قليل: (قد يؤجَر على أحد العملين المتماثلين).

(3)

هذا في المثال الثاني في الفصل نفسه المتعلق بتفاوت الثواب بين عملين متماثلين.

ونص الكلام هكذا: (المثال الثاني: أن صوم رمضان مساوٍ لصوم شعبان من كل وجه، مع أن صوم رمضان أفضل من صوم شعبان. بل لو وقع صوم رمضان في أقصر الأيام، وصوم شعبان في أطولها، لكان صوم رمضان أفضلَ مع خفّته وقِصَره من صوم سائر الأيام مع ثقلها وطولها). قواعد الأحكام 1: 42.

(4)

قواعد الأحكام 1: 42.

(5)

قواعد الأحكام 1: 42 - 43.

ص: 155

22 -

قوله فيه أيضًا: (وكذلك ما فرضه الله تعالى من الزكوات، قد تساوي مصلحتُه مصلحةَ نظيره من الصدقات في سدّ الخلّات ودفع الحاجات، وله أمثلة: أحدها: إخراج درهمين متساويين، واحدُهما زكاةٌ، والآخر صدقة). انتهى (1).

يقال عليه: قد تقدم ذلك في أول الفصل فلا وجه لإعادته. ولعله ذكره توطئة للأمثلة التي ذكرها بعد ذلك من مئال الشاتَيْن، والعُشرَيْن (2)، ونحوهما.

23 -

قوله فيه أيضًا: (وإذا كانت الحسنة في ليلة القدر أفضل من ثلاثين ألف حسنة في غيرها مع أن تسبيحها كتسبيح غيرها، وصلاتَها كصلاة غيرها، وقراءتَها كقراءة غيرها، عُلم أن الله يتفضل على عباده في بعض الزمان بما لا يتفضل به في غيره) إلى آخره (3).

يقال عليه: ما ذكره من أن الحسنة في ليلة القدر أفضل من ثلاثين ألف حسنة في غيرها، قد يوجَّه بأن ليلة القدر تعدل جميع رمضان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدّم من ذنبه)(4)، مع قوله

(1) قواعد الأحكام 1: 43.

(2)

المراد بمثال الشاتَيْن والعُشرَين، قول الشيخ في الموضوع المذكور نفسه: أن (ما فرضه الله تعالى من الزكوات، قد تساوي مصلحتُه مصلحةَ نظيره من الصدقات في سدّ الخلّات ودفع الحاجات) فذكر من أمثلته: مثال الدرهمين المذكور أعلاه. ثم ذكر مثال الشاتَيْن بقوله: (المثال الثاني: شاتان متساويتان، تَصدَّق بإحداهما، وزَكَّى بالأخرى). ثم ذكر مثال العُشرَين بقوله: (المثال الثالث: إخراج العُشر في الزكوات مع عُشر آخر من ذلك الجنس). ثم قال: فالزكاة من ذلك كله، أفضل من الصدقة، مع القطع بالاستواء في دفع الحاجات، وسد الخلّات). قواعد الأحكام 1:43.

(3)

قواعد الأحكام 1: 45.

(4)

متفق عليه. صحيح البخاري 2: 672 (1802) كتاب الصيام، باب من صام رمضان =

ص: 156

- صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدّم من ذنبه)(1)، وحسناتُ رمضان جميعه: بثلاثين ألفًا، لأن كل يوم بعشرة، وعشرة في عشرة بمئة، ومئة في ثلاثين بثلاثة آلاف ومن ثَمّ ذهب الأوزاعي إلى أنه يجب في قضاء رمضان: ثلاثة آلاف يوم، وثلاثةُ آلاف في عشرة بثلاثين ألفًا، ومن ثَمّ كان صوم رمضان مع ست من شوال، يعدل صيام الدهر.

24 -

قوله فيه أيضًا: (ومما يدل على أن الثواب ليس على قدر النَّصَب مطلقًا، قولُه صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله؛ وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)(2)، وهو من المصالح العامة لكل مجتاز بالطريق بإزالة الشوك والأحجار والأقذار مع مشقة ذلك، وخفة النطق بكلمة الإيمان. انتهى (3).

يقال عليه: لقائل أن يقول: بل (كلمة الإيمان) أثقل، لأن المراد: كلمة الإيمان بحقوقها ومقتضياتها.

25 -

قوله: فإن قيل: بل تتفاوت (4) رُتب المعارف والأيمان كما تفاوتت

= إيمانًا واحتسابًا ونية. صحيح مسلم 1: 523 (760) كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح.

(1)

متفق عليه. صحيح البخاري 1: 22 (37) كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان. صحيح مسلم 1: 523 (759) كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح.

(2)

رواه مسلم بلفظ: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله؛ وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان). صحيح مسلم 1: 63 (35) كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها

(3)

قواعد الأحكام 1: 45 - 46.

(4)

في المطبوع من قواعد الأحكام 1: 46 (هل تتفاوت).

ص: 157

رُتب العبادات بالفرض والنفل. قلنا: نعم، فإن الإيمان والتعرف الأول مفروض بالإجماع، واستحضارهما بعد ذلك نفلٌ لا يلزم تعاطيه) الى آخره (1).

يقال عليه: لك أن تقول بأن الإيمان الثاني والتعرف الثاني يقعان واجبًا أيضًا، وذلك أن العبادات قسمان: أحدهما: ما نَدَب الشارع إلى إعادته، والثاني: ما لم يطلب إعادته. والثاني إذا وقع ثانيًا، فهو نفل.

والأول إما أن يَطلب الشارع دوامه حكمًا أو لا. فإنْ طلب دوامه حكمًا؛ فكلما وقع، وقع واجبًا. وإن لم يطلب الشارع دوامه حكمًا كالصلاة، ففي وقوعه ثانيًا، الخلاف في الصلاة.

26 -

قوله فيه أيضًا: (وكذلك رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الإنعام والإفضال، منحطةٌ عن رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الأغيار وصدورِ محبة الإجلال عن ملاحظة الكمال والجمال) إلى آخره (2).

(3)

(والتعظيم والمهابة أفضل من المحبة الصادرة عن معرفة الكمال

(1) تتمة الكلام بعده هكذا: (فيكون تفاوتهما بسبب الفرضية والنفلية لا بتفاوت شرفهما في أنفسهما، فإنهما متساويان في الشرف والكمال

). قواعد الأحكام 1: 46.

(2)

أصل الكلام في هذه الفقرة كما في قواعد الأحكام 1: 46 هكذا: وكذلك رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الإنعام والإفضال منحطةٌ عن رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الكمال والجمال، لصدور تلك المحبة عن ملاحظة الأغيار، وصدورِ محبة الإجلال عن ملاحظة أوصاف الجمال والكمال).

(3)

هنا في المخطوط، توجد كلمة (يقال)، لكن لا يظهر لها وجهٌ، لأن هذه الفقرة ليست من كلام البلقيني حتى يصح إثبات كلمة (يقال) قبلها، بل هي من تتمة ما قبلها من كلام الشيخ ابن عبد السلام نفسه، فمقتضى السياق أن يكون هكذا:(ثم قال: والتعظيم والمهابة. . .). أما محل كلمة (يقال) هذه، ففي بداية كلام البلقيني الآتي في التعليق على هذا النص، ولهذا نقلتُها من هنا إلى هناك.

ص: 158

والجمال، لِما في المحبة من اللذة بجمال المحبوب، بخلاف المعظِّم الهائب، فإن الهيبة والتعظيم يقتضيان التصاغر والإيحاش والانقباض، ولا حظَّ للنفس في ذلك) (1).

يقال (2): لا ينبغي أن يُقصد بالمهابة والتعظيم، مطلقًا، بل يكون ذلك باعتبار المقامات، ففي مقام:(هل رضيتم)(3) ونحوه، تكون المحبة أفضل، وفي نحو مقام (إن ربي قد غضب اليوم غضبًا) الحديث (4)، تكون الهيبة والإجلال أفضل.

27 -

قوله فيه أيضًا: (فإن قيل: هل يستوي الحاج عن نفسه، والمحجوجُ عنه، في مقاصد الحج؟ قلنا: يستويان في براءة الذمة، ولا يستويان في الأجر) إلى آخره (5).

(1) قواعد الأحكام 1: 47.

(2)

كلمة (يقال) هذه كانت جاءت في المخطوط، في بداية الفقرة السابقة التي هي من كلام الشيخ ابن عبد السلام في قوله (والتعظيم والمهابة

)، ولكن إثباتها هناك لم يظهر له وجه، بل إن محلها الصحيح هنا، كما تقدم إيضاحه في الهامش السابق.

(3)

هو في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبّيك ربَّنا وسعدَيْك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتَنا ما لم تُعط أحدًا من خلقك! فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. قالوا: يا ربّ وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحِلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا). صحيح البخاري 5: 2398 (6183) كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار. صحيح مسلم 4: 2176 (2829) كتاب الجنة

، باب إحلال الرضوان على أهل الجنة.

(4)

هو في حديث الشفاعة الطويل المروي في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه. صحيح البخاري 4: 1746 (4435) كتاب التفسير، باب ذرّية مَن حَمَلْنا مع نوح. وصحيح مسلم 1: 185 (194) كثاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

(5)

قواعد الأحكام 1: 47.

ص: 159

يقال عليه: ما ذكره في الحاج عن نفسه، والمحجوجِ عنه، من أنهما لا يستويان في الأجر، قد ينازَع فيه من حيث إن (المستطيع) في الآية، يتناول: المستطيع بنفسه، والمستطيع بغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم:(حُجِّي عن أبيكِ)(1)، وظاهرُ ذلك تساويهما من كل وجه. وإخراجُ أحدهما من بعض الوجوه، يحتاج إلى دليل.

28 -

قوله فيه أيضًا: (وهكذا الأبدال كلُّها، لا تساوي مبدلاتِها، فليس التيمم كالوضوء والغسلِ) إلى آخره (2).

يقال عليه: لا يصدُق على الشيء كونُه (بدلًا)، إلا بعد العجز عن (المبدَل)، وحينئذ فهو يساويه في الأجر، لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا مرض العبد أو سافر، كَتَب الله له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا)(3).

29 -

قوله فيه أيضًا: (فإن قيل: ما تقولون في من سَدَّ جَوْعَةَ مسكينٍ في عشرة أيام، هل يساوي أجرُه أجرَ من سَدَّ جَوْعَةَ عشرة مساكين، مع أن الغرض: سدُّ عشر جَوْعات، والكلُّ عباد الله، والغرضُ الإحسان إليهم. فأيُّ فرق بين تحصيل هذه المصالح في محل واحد أو في محالّ متعددة؟ قلنا: لا يستويان، لأن الجماعة يمكن أن يكون فيهم وليُّ الله أو أولياءُ له، فيكون إطعامهم أفضلَ من تكرير إطعامِ واحدٍ) إلى آخره (4).

(1) في حديث المرأة التي جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها الذي مات ولم يحجّ، فقالت:(أفيُجزِئ أن أحجّ عنه)؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (حُجِّي عن أبيكِ). سنن الترمذي 3: 233 (885) كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(2)

قواعد الأحكام 1: 47.

(3)

صحيح البخاري 3: 1092 (2834) كتاب الجهاد والسير، باب يُكتب للمسافر مثلُ ما كان يعمل في الإقامة، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه بلفظ:(إذا مرض العبد أو سافر، كُتِب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا). ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 2: 441 (10805) بلفظ: (من مرض أو سافر، كَتَب الله له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا).

(4)

قواعد الأحكام 1: 48 وزاد الشيخ ابن عبد السلام بعد ذلك في إيضاح الفرق بين إيفاء =

ص: 160