الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني
أولًا: التعريف بابن عبد السلام
(1):
1 - موجز عن سيرته:
هو سلطان العلماء، العالم المجدِّد، شيخ الإسلام والمسلمين: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السُّلمي، المغربي أصلًا، الدمشقي مولدًا، ثمَّ المصري سكنًا ووفاةً، الشافعي مذهبًا، المشهور بعز الدين بن عبد السلام، الملقّب بسلطان العلماء. (والذي لقّبه به: تلميذه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد).
ولد سنة 577 بدمشق وتلقى العلم بها، فسمع الحديث من الحافظ أبي محمَّد القاسم بن الحافظ الكبير ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق)؛ وتفقه على الفقيه الشافعي فخر الدين بن عساكر (ابن أخي الحافظ ابن عساكر)
(1) ينظر: طبقات الشافعية للسبكي 8: 209 - 225 و 8: 306 ومرآة الجنان 4: 153 - 158 وشذرات الذهب 5: 301 ووفيات الأعيان 3: 135 و 3: 311 وتذكرة الحفاظ 4: 1460 وسير أعلام النبلاء 22: 80 - 83 والنجوم الزاهرة 8: 206 وحسن المحاضرة للسيوطي (ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين) والوافي بالوفيات 8: 85. والشيخ عز الدين بن عبد السلام للدكتور علي الصلّابي. ومقدمة (الفروق) للقرافي 1: 24 بقلم الأستاذ عمر حسن القِيّام. ومقدمة الذخيرة للقرافي 1: 13 بقلم المحقق محمَّد حجي. ومقدمة الدكتور سيد رضوان الندوي لكتاب (فوائد في مشكل القرآن) للعز بن عبد السلام.
وقاضي القضاة المعمّر جمال الدين الحرستاني (1)، وأخذ الأصول عن الإمام الأصولي سيف الدين الآمدي، أحد أذكياء العالم (2).
وبرع الشيخ في الفقه والتفسير والعربية، وفاق الأقران في سائر العلوم المتداولة، فكان إمام عصره بلا مدافعة لا سيما في اطلاعه على حقائق الشريعة وأسرارها ومقاصدها، عديمَ النظير ورعًا وقيامًا في الحق وقمع الضلالات والبدع، وشجاعةً، وقوةَ جَنان، وطلاقةَ لسان، (مع البراعة في التصنيف واقتناص أبكار الأفكار)(3). وانتهت إليه رئاسة المذهب الشافعي. وشهرتُه تغني عن الإطناب في وصفه.
وقد تخرّج به تلامذةٌ، منهم ثلاثةٌ وُصفوا بأنهم بلغوا رتبة الاجتهاد. وهم:
1 -
شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: محمَّد بن علي القشيري المنفلوطي، المولود سنة 625 والمتوفى سنة 702. ويكفيه فخرًا وشرفًا قول شيخه ابن عبد السلام عنه: ديارُ مصر تفتخر برجلين: ابن المُنيّر، وابن دقيق العيد.
2 -
الإمام العلامة القرافي: أحمد بن إدريس الصنهاجي، صاحب
(1) جاء في ترجمته من سير أعلام النبلاء 22: 82 قول الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن شيخه هذا: إنه لم يَرَ أفقه منه. وجاء أيضًا في الترجمة نفسها قولُ سبط ابن الجوزي عنه: اتفق أهل دمشق على أنه ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضًا.
(2)
جاء في ترجمته من طبقات الشافعية لابن السبكي 8: 307: ويُحكى أن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام قال: ما سمعتُ أحدًا يُلقي الدرس أحسن منه، كأنه يخاطب
…
؛ وقال الشيخ ابن عبد السلام أيضًا: ما علمنا قواعد البحث إلا من سيف الدين الآمدي. وقال: لو وَرَدَ على الإسلام متزندقٌ يُشكِّك؛ ما تَعين لمناظرته غيرُ الآمدي لاجتماع أهلية ذلك فيه.
(3)
مقدمة الأستاذ عمر حسن القِيّام لكتاب (الفروق) للقرافي 1: 24.
(الفروق) المولود سنة 626 والمتوفى سنة 684 (1). انتهت إليه رياسة المالكية في عصره. كان الشيخ ابن عبد السلام أعظمَ شيوخ القرافي بالمشرق، وقد لازمه القرافي طويلًا (أكثر من عشرين عامًا). وكان القرافي عظيمَ الاعتداد به، يُفخِّم قدرَه جدًّا، ويذكره كثيرًا في كتبه.
3 -
العلامة المفنّن أبو شامة: عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي. المولود سنة 599 والمتوفى سنة 665. له (كتاب الروضتين في أخبار الدولتين) (الصلاحية والنورية). و (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز). وإبراز المعاني من حرز الأماني (في شرح الشاطبية).
و (الباعث على إنكار البدع والحوادث). وغير ذلك.
ومن كبار تلامذة الشيخ ابن عبد السلام: حافظ الوقت الحجة شيخ المحدثين شرف الدين الدمياطي: عبد المؤمن بن خلف، المولود سنة 613 والمتوفى سنة 705 عن نحو اثنتين وتسعين سنةً، ولم يخلّف في معناه مثله. قال المزي -وهو تلميذه-: ما رأيت أحفظ منه. وله مصنفات نفيسة، منها كتابه المشهور (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح). وقد خَرَّج الدمياطي لشيخه ابن عبد السلام أربعين حديثًا.
وكان الشيخ ابن عبد السلام مع هذه الجلالة التي حازها والعلوم التي حواها، يَنْظِم الأشعار السهلة، فمن ذلك ما أَنشده لنفسه في استغاثة دعائية:
(1) تاريخ ولادة القرافي، خَفِي على جميع من تَرجَم له، حتى كان القرافي هو نفسه صاحبَ الفضل والقول الفصل في إبرازه، كما أفاد ذلك الأستاذ الفاضل عمر حسن القِيّام في مقدمته الجيدة التي حرّرها لتحقيق كتاب (الفروق) للقرافي، طبع مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1424 هـ. وأفاد الأستاذ القِيّام أيضًا أن من أوائل مَن كان تفطّن لمعرفة تاريخ ولادة القرافي: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله في مقدمة تحقيقه لكتاب (الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام) للقرافي.