الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]
183 -
قوله في الفصل المعقود لانقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي:
(الفصل الأول: في تقديم حقوق الله تعالى بعضها على بعض عند تعذر جمعها، وعند تيسّره لتفاوت مصالحها. وله أمثلة، منها: تقديم الصلوات المفروضات على الصلوات المنذورات)(1).
يقال عليه: قوله: (في تقديم حقوق الله): مراده به: الأعم من التقديم الفَضلي والتقديم الفِعلي.
ولو أراد التقديم الفَضلي فقط، لم يكن لقوله:(عند تعذر جمعها) معنى.
ولو أراد التقديم الفِعلي فقط، لم يناسب تمثيلُه بعد ذلك بتقديم النوافل المؤقتة التي شُرعت فيها الجماعة، على الرواتب، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى من الأمثلة التي ذكرها، كتقديم الوتر وركعتي الفجر على غيرهما، وتقديمِ الوتر على ركعتي الفجر، والإفرادِ على القِرَان، ونحو ذلك.
فأما المثال الذي بَدَأ به من تقديم الصلوات المفروضات على المندوبات، فهو من التقديم الفضلي، وإلا ففائتة الظهر التي قبلها مثلًا: مقدّمةٌ عليها في الفعل.
184 -
قوله: (ومنها: تأخير الظهر للإبراد)(2).
(1) قواعد الأحكام 1: 240 وكلمة (المنذورات) كذا في المخطوط. وفي المطبوع من قواعد الأحكام: (المندوبات)، وهو الأظهر حيث سيأتي هذا اللفظ (المندوبات) في كلام البلقيني أيضًا على هذا المثال.
(2)
قواعد الأحكام 1: 240.
يقال عليه: في التمثيل بتأخير الظهر للإبراد، غموض. ومراده أن تأخير الظهر للإبراد مقدّمٌ في الفضل على تقديم الصلاة أول الوقت.
ويحتمل أن يكون مراده أن مصلحة المتعبِّد في التأخير للإبراد، قُدِّمت على مصلحة العبادة في التقديم أول الوقت.
وأما تمثيله بعد ذلك بـ (تقديم الزكوات على صدقة النافلة، والصوم الواجب على المندوب، وفرض الحج والعمرة على مندوبَيْهما)(1) فكلها من التقديم الفضلي.
185 -
قوله: (ومنها: رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس)(2):
فمعناه أن تأخيره إلى هذا الوقت أفضل وإن كان يدخل وقته بانتصاف ليلة النحر.
186 -
قوله: (ومنها: تأخير العشاء، على قول)(3).
يعني: أنه مقدم على التقديم أول الوقت.
187 -
وقوله: (وفي تقديم ترتيب أركان الصلاة على الاقتداء في حق المزحوم، قولان)(4).
يعني: بشرطه المعروف في باب المزحوم (5). والمراد بـ (الاقتداء): متابعة الإمام.
188 -
ومنها قوله بعد ذلك: (ومنها: أن من أراد التبرع بماء الطهارة
(1) قواعد الأحكام 1: 241.
(2)
قواعد الأحكام 1: 241.
(3)
قواعد الأحكام 1: 241.
(4)
قواعد الأحكام 1: 241.
(5)
ينظر تفاصيل هذه المسألة في باب صلاة الجمعة من روضة الطالبين 2: 18 - 23 ومغني المحتاج 1: 298 - 300.
على أفضل القُرُبات) إلى أن قال: (وفي تقديم غَسل الميت على غَسل النجاسة (1).
فإن أصح الوجهين اللذين ذَكَرهما: تقديم غَسل الميت.
189 -
قوله: (وفي غُسل الحيض والجنابة أوجه (2)، ثالثها: التسوية بينهما. فإن طَلَب أحدهما القسمة، والآخرُ القرعة، ففي مَنْ يُجاب: وجهان) (3).
يقال فيه: الأصح من الأوجه الثلاثة: تقديم غُسل الحيض. ومعنى التسوية بين الحيض والجنابة: أن يُقسم الماء بينهما، إذا أوجبنا استعمال الناقص، وهو المذهب. ويحتمل أن يكون معنى التسوية: أن يُقرَع بينهما.
والأصح فيما إذا طَلَب أحدهما: القسمة، والآخرُ: الإقراع، أنه يُقرَع إن لم نوجب استعمال الناقص. فإن فرَّعْنا على المذهب، أجيب طالب القسمة.
190 -
قوله في الفصل المذكور أيضًا:
(الفصل الثاني: فيما يتساوى من حقوق الرب فيتخير فيه العبد، وله أمثلة، منها: أنه إذا كان عليه صوم أيام من رمضانين فأكثر، فإنه يتخير بينهما)(4).
(1) يعني: فيه وجهان: أحدهما: يقدّم غَسل الميت لأنه آخِر عهده. والثاني: يقدّم غَسل النجاسة إذ لا بدلَ له، ويُيَمَّم الميت. كما في قواعد الأحكام 1:242.
(2)
وهي: تقديم غُسل الحيض على غُسل الجنابة، أو تقديم غُسل الجنابة على غُسل الحيض، أو التسوية بينهما. وسيأتي بيان المراد من التسوية في كلام البلقيني بعد قليل.
(3)
قواعد الأحكام 1: 242.
(4)
قواعد الأحكام 1: 249. وفيه: (الفصل الثاني: فيما يتساوى من حقوق الرب فيتخير =
يقال فيه: الظاهر في هذه الصورة أنه يقدّم الأسبق فالأسبق. ويشهد له ما صححوه فيما إذا أخّر قضاء رمضان حتى دخل رمضانُ آخَرُ، من تكرر المُدّ بتكرير السنين (1).
والظاهر أيضًا فيما إذا كان عليه صلاتان منذورتان أو صومان منذوران وترتّبا في النذر، أنه يقدّم الأول بسبقه واشتغال الذمة به أولًا (2).
وما ذكره من التخيير فيما لو اجتمع عليه زكاةُ إبلٍ وبقر وغنم وذهب وفضة (3)، محلّه ما لم يدْعُ ضرورة الفقر إلى النقد حالًا، فإن دعت إلى النقد حالًا فهو المقدّم.
وما ذكره فيما إذا لزمه (4) حِججٌ أو عُمَر بنذرٍ واحدٍ، لا يظهر تصويره (5).
= فيه العبد، وله أمثلة: منها: أنه إذا كان عليه صوم أيام من رمضانين، فإنه يتخير بينهما
…
ومنها: أنه إذا كان عليه صلاتان منذورتان أو صومان منذوران، فإنه يتخير بينهما
…
وكذلك: لو اجتمع عليه زكاة إبلٍ وبقرٍ وغنمٍ وذهبٍ وفضةٍ، فإنه يتخير في تقديم أيتهما شاء. ومنها: أنه إذا لزمه حِججٌ أو عُمَرٌ بنذر واحد أو بنذور مختلفة، فإنه يبدأ بأيها شاء متخيرًا بين العُمَر والحِجج، وتُرتّب العُمَر على الحِجج). انتهى نص قواعد الأحكام.
(1)
المراد بـ (المُدّ): فدية الصوم. والمعنى أن من أخَّر قضاء رمضان مع إمكانه حتى دخل رمضانُ آخر، وجب عليه -مع القضاء- لكل يوم مُدٌّ من طعام. ويتكرر المُدُّ إذا لم يُخرجه، بتكرر السنين، فيجب لكل سنةٍ مُدٌّ. ينظر الإقناع للشربيني 1: 244 والمهذب 1: 187.
(2)
هذا تعليق من البلقيني على قول الشيخ ابن عبد السلام أنه إذا كان عليه صلاتان منذورتان، أو صومان منذوران، فإنه يتخير. قواعد الأحكام 1:249.
(3)
قواعد الأحكام 1: 249.
(4)
في المخطوط: (إذا الزِمه). والمثبت من قواعد الأحكام 1: 249.
(5)
وهو قوله في قواعد الأحكام 1: 249 (إذا لزمه حججٌ أو عُمَرٌ بنذر واحد، أو بنذور مختلفة؛ فإنه يبدأ بأيها شاء، متخيرًا بين العُمَر والحجج، وتُرتّب العُمَر على الحجج).
فإن كانت الصورة أن يقول: (لله عليّ أحجُّ ثلاث حِجج، أو أعتمرُ ثلاث عُمَرٍ)، فما وجه التخيير؟ لأن كل سنة لا تسع إلا حجة. وفي (العُمَر)(1) لا يظهر وجه التخيير أيضًا.
وأما إذا كانت بنذور مختلفة كأن يقول: (إن قدم زيد فلله علي أن أحج حجة، وإن قدم عمرو فالله عليّ أن أحج حجة، وإن شفى الله مريضي فلله عليّ أن أحج حجة)، فالظاهر عدم التخيير، وإنه يقدّم الحج أو العمرة على النذر الأول لسبقه، واشتغال الذمة به أولًا.
191 -
قوله في الفصل المذكور أيضًا:
(الفصل الثالث: فيما اختُلف في تفاوته وتساويه من حقوق الإله، للاختلاف في تساوي مصلحته وتفاوتها. وله أمثلة، منها: أن العاري هل يصلي قاعدا موميًا بالركوع والسجود محافظةً على ستر العورة، أو يصلي قائما مُتِمًّا لركوعه وسجوده) إلى قوله: (أو يتخير بينهما لاستوائهما. فيه خلاف، والمختار إتمام الركوع والسجود والقيام)(2).
يقال فيه: ما ذكر من أنه المختار، هو الأصح.
192 -
وقوله بعد ذلك: (ومنها إذا كان معه ثوبٌ طاهرٌ وهو في مكان نجس، فهل يبسط ثوبه ويصلي عليه توقيًا للنجاسة، أو يصلي بثوبه على النجاسة توقيا للعُري، أو يتخير. فيه الأوجه الثلاثة)(3).
يقال فيه: الأصح: الأول، وهو أن يبسط ثوبه ويصلي عليه توقيًا للنجاسة.
(1) في المخطوط: (وفي لا العمر لا يظهر وجه التخيير أيضًا)؟ ويبدو أن (لا) الأولى كُتبت خطأً.
(2)
قواعد الأحكام 1: 250.
(3)
قواعد الأحكام 1: 250.
193 -
قوله في الفصل المذكور:
(الفصل الخامس: فيما يتساوى من حقوق العباد، فيتخير المكلف فيه جمعًا بين المصلحتين ودفعًا للضرورتين. وله أمثلة)، إلى قوله:(ومنها التسوية بين الزوجات في القَسْم والنفقات)(1).
يقال فيه: ما ذكره من التسوية بين الزوجات في النفقات، مرادُه أنه لا يَنقُص واحدةً (2) عن النفقة اللائقة بحاله وبحال كل واحدة منهن، وإلا يُمنع من أن يخُصّ واحدةً بأكثر من النفقة اللائقة، ويقتصرَ في واحدة على النفقة اللائقة.
194 -
وقوله بعد ذلك: (وكذلك التسوية بين البائع والمشتري في الإجبار على قبض العوضين)(3).
محلُّه أن يكون الثمن معيّنًا.
195 -
قوله في الفصل المذكور أيضًا:
(الفصل السابع: فيما يُقدّم من حقوق العباد على حق الرب رفقًا بهم في دنياهم. وله أمثلة)، إلى قوله:(ومنها: ترك الصلاة والصيام وكلِّ حق يجب لله على الفور، بالإلجاء والإكراه)(4).
(1) قواعد الأحكام 1: 252.
(2)
الفعل (نقص) الثلاثي، يكون لازمًا ومتعدّيًا بنفسه على الفصيح، يقال: نقص الشيءُ، ونقصه حقَّه. قال الفيومي في المصباح المنير 2: 621 عن كون هذا الفعل يتعدّى بنفسه: (هذه اللغة الفصيحة، وبها جاء القرآن في قوله {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] وقوله: {غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود: 109]. وفي لغة ضعيفة يتعدى بالهمزة والتضعيف، ولم يأت في كلام فصيح). وانظر مختار الصحاح ص 281.
(3)
قواعد الأحكام 1: 252.
(4)
قواعد الأحكام 1: 255. وفي المخطوط: (بالإلجاء والإكرام)؟
يقال عليه: ما ذكره من ترك الصلاة بالإكراه، مرادُه ترك الأفعال الظاهرة، وإلا فالإكراه على إجراء الأركان على قلبه غير ممكن.
وما ذكره من ترك الصوم بالإكراه، جارٍ على أحد القولين الصائر إلى أنه لا يُفطر بالإكراه، وهو الذي صححه النواوي (1) وهو المذهب.
196 -
قوله في الفصل المذكور:
(الفصل الثامن: فيما اختُلف فيه من تقديم حقوق الله على حقوق عباده. وله أمثلة، أحدها: إذا مات وعليه ديون وزكوات، فإن كانت نُصُب الزكوات باقية قُدّمت الزكوات؛ لأن تعلقها بالنُصُب يُشبه تعلق الديون بالرهون)(2).
يقال عليه: هذا أحد الأقوال. والأصح أنها تتعلق بالمال تعلق الشركة.
197 -
وقوله: (وإن كانت تالفة (3)، فمن العلماء من قَدَّم الديون)، إلى قوله:(ومنهم من قَدَّم الزكوات نظرًا إلى رجحان المصلحة في حقوق الله، وهذا هو المختار لوجهين: أحدهما: قوله عليه الصلاة والسلام: (فدَيْن الله أحق بالقضاء)(4).
يقال عليه: ما استدل به لِما اختاره من الحديث المذكور، ذكره
(1)(النواوي) هكذا في المخطوط بإثبات الألف بين الواوين.، وهو وجه سائغ في كتابة هذا الاسم، فيقال: النووي والنواوي. وكان الإمام النووي يكتبه لنفسه بالوجهين، كما أفاده السخاوي في بداية كتابه (المنهل العذب الرويّ في ترجمة النووي). وينظر الأعلام للزركلي 8:150.
(2)
قواعد الأحكام 1: 256.
(3)
أي: الزكوات.
(4)
قواعد الأحكام 1: 256. وحديث (فدين الله أحق بالقضاء): أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، واللفظ لمسلم. صحيح البخاري 2: 690 (1852) كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم. صحيح مسلم 2: 804 (1148) كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت.
للاستدلال جمعٌ من الأصحاب وغيرهم. ومن نَصَر غير ما اختاره، أجاب بأن معنى الحديث. . . (1).
198 -
قوله في الفصل الثامن أيضًا: (المثال الثاني: اجتماع الحج والديون على الميت، فمنهم من يقدِّم الحج)، إلى أن قال:(ومنهم من يقدِّم الدَّين، ومنهم من يسوِّي بينهما إن وجد من يحج بالحِصّة)(2).
يقال فيه: الأصح: الأول، تقديم الحج.
199 -
وقوله: (المثال الثالث: إذا اجتمع عليه سراية العتق مع الديون، ففيه الأقوال (3). والمختار تقديم سراية العتق لِما ذكرناه في اجتماع الديون والزكوات) (4).
يقال عليه: ما ذكره من جريان الأقوال في الصورة المذكورة، لا يصح، بناءً على أن السراية تحصل بنفس الإعتاق؛ لأن محل الأقوال: أن يجتمع ذلك في الشركة. وإذا كانت السراية بنفس الإعتاق، صار الكلُّ دَينَ آدمي، فلا معنى لجريان الأقوال.
نعم إذا قلنا: إن السراية لا تحصل إلا بأداء القيمة، فإذا أَعتَق أحد الشريكين نصيبه ثم مات، واجتمع ذلك مع الديون، فلا يبعد جريان الأقوال.
* * *
(1) انقطع الكلام هنا في المخطوط بعد كلمة (معنى الحديث)، فبقي المضمون مبتورًا.
(2)
قواعد الأحكام 1: 257.
(3)
في المخطوط: (ففيه الأول)، والمثبَت أعلاه من قواعد الأحكام 1: 256 لأنه هو الذي يتمشى مع قول الشيخ ابن عبد السلام بعده: (والمختار تقديم سراية العتق) كما أنه هو الذي ينسجم مع تعقيب البلقيني عليه في الفقرة الآتية بقوله: (ما ذكره من جريان الأقوال في الصورة المذكورة).
(4)
قواعد الأحكام 1: 257. والوجه الذي ذكره لأحقية تقديم العتق على الديون هناك: هو اهتمام الشرع به وكثرة تشوّفه إليه، ولهذا يكمّل العتق المبعَّض فيمن أعتق بعض عبده، فيسري إلى أنصباء باقي شركائه؛ ليكتمل العتق. قواعد الأحكام 1: 256.