الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة-. ومن أبطل الصلاة به فقد أَبعد غاية الإبعاد. وليت شعري! ماذا يقول في الانتظار المشروع في صلاة الخوف بالنص من الشارع؟) (1).
والشيخ أعلى قدرًا وأدقّ فكرًا من كلامه الذي أورده في هذا الفصل.
167 -
قوله: (فإن قيل: في الانتظار في الركوع تفويتٌ لقراءة الفاتحة وتطويلِ القيام، فكيف يكون إعانة على الطاعة وهو مسقطٌ لطاعتين: قراءةِ الفاتحة، وطولِ القيام؛ فالجواب من وجهين: أحدهما: أن ترك بعض العبادة لا ينافي إخلاص باقيها، فإنّ (قاصِرَ الصلاة) مطيع لله مخلص مع تفويته شطر الصلاة) (2).
يقال فيه: كان ينبغي أن يتمِّم كلامه قبل ذكر (قصر المسافر) بأن يقول: (وقد يترتب على بعضها من الثواب ما يترتب على كلها) حتى ينطبق عليه ذكرُ (قصر الصلاة في السفر).
* * *
[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]
168 -
قوله في الفصل المعقود لتفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات:
(1) قواعد الأحكام 1: 213. وأصل الكلام في هذه الفقرة يبتدئ هكذا: (فإذا أحس الإمام بداخلٍ، وهو راكعٌ، فالمستحب أن ينتظره ليُنيله فضيلة إدراك الركوع، ولا يكون ذلك شركًا ولا رياءً، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعَل مثلَه صدقةً واتجارًا، وأَمر به في جميع الصلاة، فكيف يكون رياءً وشركًا، وهذا شأنه في الشريعة؟! ولا وجه لكراهة ذلك. ومن أبطل الصلاة به فقد أَبعد غاية الإبعاد. وليت شعري! ماذا يقول في الانتظار المشروع في صلاة الخوف بالمص من الشارع، هل كان شركًا ورياءً، أو عملًا صالحًا لله عز وجل؟).
(2)
قواعد الأحكام 1: 213 - 214.
(الضرب الثاني: ما يكون إسراره خيرًا من إعلانه، كإسرار القراءة في الصلاة)(1).
يقال فيه: كان ينبغي أن يذكر (الإسرار بالصوم)، فإنه من قبيل ما شُرع إسراره.
169 -
قوله فيه أيضًا: (الضرب الثالث: ما يُخفَى تارةً ويُظهَر أخرى، كالصدقات) إلى أن قال: (وإن كان ممن يُقتدَى به كان الإبداء أولى لِما فيه من سدّ خلّة الفقراء مع مصلحة الاقتداء)(2).
يقال فيه: ويكون الإبداء أولى إذا حثّ الإمام على الصدقة، لِما فيه من إظهار الامتثال. وقد أَقبَل النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيدٍ على النساء، فقال:(يا معشر النساء، تَصَدَّقْن ولو من حليّكنّ)، فجعلن يُلقِين في ثوب بلالٍ من أقرطتهن وخواتيمهن (3).
(1) قواعد الأحكام 1: 215.
(2)
قواعد الأحكام 1: 215.
(3)
هذا السياق يبدو مركبًا من مجموع أحاديث:
فقد أخرج الترمذي 3: 28 (635) من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر النساء، تصدَّقن ولو من حليّكن فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة). هكذا رواه الترمذي بهذا اللفظ مختصرًا. وهو بنحوه في الصحيحين وغيرهما من حديث زينب هذه نفسها مع سؤالها للنبي صلى الله عليه وسلم عن إنفاقها على زوجها (عبد الله بن مسعود) وعلى أيتامٍ لها كانت تعُولُهم، فهل لها أجرُ الصدقة في ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (نعم لها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة). ينظر صحيح البخاري 2: 533 (1397) وصحيح مسلم 2: 694 (1000) وسنن النسائي 5: 92 (2583) وصحيح ابن خزيمة 4: 107 (2463) وصحيح ابن حبان 10: 58 (4248) والمستدرك 4: 646.
وأخرج البخاري 2: 531 (1393) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلّى، ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة، =
ومن ذلك حثه على الصدقة في غير ما موطنٍ، كما في قصة سُلَيك، ونحو ذلك، تم تمثيل الأمر بإظهارها (1).
= فقال: (أيها الناس تصدقوا). فمرّ على النساء فقال: (يا معشر النساء تصدّقن فإني رأيتُكن أكثر أهل النار) وفيه أيضًا قصة سؤال زينب المشار إليها في الفقرة السابقة. وروى البخاري ومسلم كلاهما من حديث جابر رضي الله عنه -واللفظ لمسلم- قال: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة نجير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئًا على بلال، فأَمَر بتقوى الله وحثّ على طاعته، ووَعَظ الناس وذكَّرهم. ثم مضى حتى أتى النساءَ فوَعَظهنّ وذكّرهنّ فقال:(تصدَّقْنَ فإن أكثركُنّ حطب جهنم) الحديث، وفيه: قال: فجعلن يتصدّقن من حُليّهنّ، يُلقِين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتِمِهنّ). صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب موعظة الإمام النساء يوم العيد 1: 332 (935)، وصحيح مسلم، كتاب العيدين 2: 603 (885) والجمع بين الصحيحين للحميدي 2: 329 وفيه: (وخواتيمهن).
(1)
حديث سُليك في صحيح مسلم 2: 597 (875) عن جابر رضي الله عنه أنه قال: جاء سُليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، ففعد سُليك قبل أن يصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(أركعتَ ركعتين)؛ قال: لا. قال: (قم فاركعهما). وروى هذه القصة آخرون بتسمية (سُليك) رضي الله عنه، لكن ليس فيها الأمرُ بالتصدق عليه، في الروايات التي وقع فيها ذكرُ اسمه.
نعم جاء الأمرُ بالتصدق في روايةٍ أُبهم فيها اسمُ الرجل الداخل، وهو ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه جاء رجل يوم الجمعة بهيئة بذة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أصلّيتَ)؟ قال: لا. قال: (صلّ ركعتين). وحثَّ الناسَ على الصدقة، فألقَوْا ثيابًا، فأعطاه منها ثوبين، الحديث. سنن النسائي 3: 106 (1408).
ورواه آخرون بنحوه مطولًا ومختصرًا، كما في سنن الترمذي 2: 385 (511) والمسند 3: 25 (11213) وصحيح ابن خزيمة 3: 150 (1799) وصحيح ابن حبان 6: 250 (2505) والمستدرك 1: 422 وشرح معاني الآثار 1: 366 وسنن البيهقي 3: 217 و 4: 181 وغيرها، كلهم بإبهام اسم هذا الرجل الداخل.
ويُفهم من كلام بعض العلماء أنهم يرون أنها قصة سُليك نفسها. ينظر طرح التثريب 3: 167 والتقييد والإيضاح ص 37 - 38.