الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط
بعد ختم الكتاب مباشرةً، جاءت كتابةٌ طويلة للبلقيني بخطه، تنص على قراءة الناسخ يحيى الكرماني (وهو تلميذه) هذا الكتاب عليه، مع تعريف البلقيني بهذا التلميذ، وثنائه عليه، وإجازته له بمرويّاته. وهي كما يلي (1):
(حسبنا الله ونعم الوكيل.
أما بعد حمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد والتابعين.
فقد قرأ عليّ الشيخ الفاضل جمال الفضلاء والمدرسين مفيد الفاضلين تقي الدين أبو السعادات يحيى، ابن الشيخ الإمام العالم أحد الأعيان، ومَنْ يُشار إليه في ذلك الزمان: شمس الدين أبي عبد الله محمد، ابن الشيخ المرحوم جمال الدين يوسف الكرماني، منحنا الله تعالى وإياه في الدارين الأماني، قطعة كبيرة من (الفوائد الجسام على قواعد شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام)، فبحث في ذلك وحَقَّق، وغاص على المعاني ودَقَّق.
وسمع عليّ (صحيح البخاري) ثلاث مرات بفواتات مذكورة في الطبقات، و (صحيح مسلم) بفوات أيضًا، و (سنن أبي داود) كاملًا، وكتاب
(1) صورة كتابة البلقيني هذه، موجودة في بداية الكتاب.
(دلائل النبوة) للبيهقي بفوات مجلس واحد، وغير ذلك من الأربعين المخرّجة لي.
وسمع من التفسير من (النهر) تصنيف شيخنا أثير الدين أبي حيان بقراءة الشيخ المرحوم نجم الدين الباهي الحنبلي (1). وحضر مجالس الإفتاء كثيرًا، وكم كَتَب في ذلك صغيرًا وكبيرًا، وأورد الأسئلة (2) الحسان، فبان بذلك أنه من الأعيان.
وقد أجزتُ له أن يروي عني جميع مصنفاتي وما في من إملاء، وتأليف، ومنظوم ومنثور، وأن يفيد الطالبين، ويجيب السائلين بما ظهر من الأمر المستبين، ويراعي في ذلك كله الأمر المبين.
ووصَّيتُه بتقوى الله وطاعته ومراقبته في سرّه وعلانيته، فإن من سَلَك السراط (3) المستقيم، نجا، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].
(1) هو محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم نجم الدين أبو عبد الله القرشي المصري الباهي -نسبة إلى (باهة) بالموحّدة التحتية، قرية من قرى مصر- ثم القاهري الحنبلي. قال ابن حجر: سمع من شيوخنا ونحوهم، وعُني بالتحصيل، ودرّس وأفتى. وقال أيضًا: وسمعتُ بقراءته ومن فوائده. وكان حسنَ السمت، جميل العِشرة. قال السخاوي: وقد قرأ على البلقيني، ووصفه البلقيني بالشيخ العالم المحقق مفتي المسلمين جمال المدرسين. وأثنى عليه المقريزي بقوله: هو ممن عُرف بالخير ولين الجانب، رحمه الله توفي سنة اثنتين وثمانمائة. ينظر الضوء اللامع 224:9 وشذرات الذهب 7: 20.
(2)
كلمة (الأسئلة) جاءت بخط البلقيني مرسومة هكذا: (الأَسْالَة) فالألِفُ التي بعد السين: هي همزة مكسورة، إلا أنهم لا يرسمونها همزةً، بل يرسمونها ألِفًا وتُقرأ همزةً.
(3)
هكذا بخط البلقيني (السراط) بالسين لا (الصراط) بالصاد. وهما لغتان في هذه الكلمة، وبهما معًا قرئت هذه الكلمة في القرآن الكريم ضمن القراءات السبعية المتواترة.
وقد كَتَب من أجوبتي على الفتاوى جملةً صالحة. جعلنا الله وإياه ممن تكون بضاعته في الدارين رابحة.
وحَضَر مجالس الوعظ، وكَتَب معها مجالس كثيرة، وقد قرأ منها ومن غيرها فوائد غزيرة.
والله تعالى يحقق رجانا، ويجيب دُعانا، ويدفع عنا الأعدا، في جميع الأَبَدَا (1)، ويجمع شملنا في الدارين بالمقصود، وأن يجعلنا من أهل الشهود، وأن يسلّمنا في الدنيا والآخرة، ويُسبغ علينا من نعمه الفاخرة. آمين. والحمد لله رب العالمين.
اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد والتابعين، واجعلْنا -اللهُ تعالى- ممن صحِبتْهم في الأحوال السلامة، واكفنا شر الندامة، واجعلنا من الناجين في يوم القيامة. آمين. والحمد لله رب العالمين.
قال ذلك، وكتبه الفقير إلى عفو ربه، عمر البلقيني، حامدًا ومصلّيًا ومسلِّمًا. ومولدي ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان المكرّم، سنة أربع وعشرين وسبع مئة (2).
* * *
(1) كذا بخط البلقيني. والمقصود: كلمة (أبدًا) معرّفة، وهي تفسير بحذف التنوين عند الوقف عليها:(الأَبَدَا).
(2)
ثم كتب الناسخ يحيى الكرماني -في هامش المخطوط أمام كلام البلقيني هذا- ما يتعلق بوفاة شيخه البلقيني فقال: (وتوفي رحمه الله، بين الصلاتين، نهار الجمعة، عاشر ذي القعدة الحرام سنة خمس وثمانمئة، بعد ضعف ثلاثة أيام. وكان له أُدرةٌ تُشوِّش عليه كل وقت، فاشتد عليه في هذه الأيام الثلاثة البولُ. رحمه الله ورضي عنه. ودُفن بمدرسته بحارة بهاء الدين بالقاهرة، عند ولده بدر الدين محمد، رحمهما الله تعالى). انتهى ما كتبه الناسخ. =