الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في أثناء الأذان، وفي أثناء قراءة القرآن) إلى آخره (1).
يقال عليه: تمثيله المفضول الذي يخاف فوته، بحمدلة العاطس وتسميته، فيه نظر. والظاهر أنه إنما يُشرع تسميت العاطس ونحوه في أثناء الأذان والقراءة، لأنه كلام يسير فلا يضرّ تخلّله.
75 -
قوله فيه أيضًا: (وإن وقع الأذان في الصلاة، فإن كان المصلي في الفاتحة، لم يُجبه؛ لئلا ينقطع ولاء الفاتحة؛ وإن كان في غير الفاتحة ففي إجابته قولان) إلى آخره (2).
يقال عليه: محلّهما (3) في غير الحيعلتين. أما إذا تلفظ بالحيعلتين فتبطل قطعًا؛ لأنه نداء.
* * *
[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]
76 -
قوله في الفصل المعقود لتساوي المصالح مع تعذر جمعها:
(وقد نُقرع بين المتساويين، ولذلك أمثلة: أحدها: إذا رأينا صائلًا يصول على نَفْسَيْ مسلمين متساويين، وعجزنا عن دفعه عنهما، فإنا نتخير)(4).
يقال عليه: مراده بقوله: (صائلًا): الجنس، إذ لا يُتصور ما ذكره إلا في
= وأفاد ابن حجر أنه جاء هذا اللفظ في رواية في مسند أحمد 3: 117 بالجمع بين الشين والسين معًا -على الشك من الراوي- هكذا: (عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فشمَّت أو سَمَّت أحدَهما) الحديث.
(1)
قواعد الأحكام 1: 124.
(2)
قواعد الأحكام 1: 124.
(3)
أي: محلّ القولين المشار إليهما في قول الشيخ ابن عبد السلام: (ففي إجابته قولان).
(4)
قواعد الأحكام 1: 124.
صائلين؛ لأنه إذا كان الصائل واحدًا وأمكن دفعه، اندفع عنهما معًا. وإمكانُ دفعه عن أحدهما دون الآخر مُحالٌ. وفي المثال الثاني ما يوضح ما قلناه (1)، لأنه قال:(ولو وجدنا من يَقصد غلامًا باللواط، وامرأةً بالزنى، ففي هذا نظر وتأمل؛ فيجوز أن يُبدأ بدفع الزاني) إلى أن قال: (ويجوز أن يُبدأ بدفع اللائط). فظهر من ذلك أن مراده: تعدد الصائل.
والأرجح تقديم دفع قاصد الزنى لِما يترتب على الزنى من اختلاط الأنساب، بخلاف اللواط، وستأتي الإشارة إلى ذلك.
77 -
وقوله في المثال الثاني (2): (فيجوز أن يُبدأ بدفع الزاني لأن مفسدة الزنى لا يتحقق مثلُها في اللواط، ولأن العلماء اتفقوا على حد الزنى واختلفوا في حد اللائط. ويجوز أن يُبدأ بدفع اللواط (3) لأن جنسه لم يُحلّل قط، ولما فيه من إذلال الذكور) إلى آخره (4).
يقال فيه: الأرجح: الأول، لأن مفسدة الزنى أعظم من مفسدة اللواط (5).
فإن قيل: بل مفسدة اللواط أعظم، ومن ثَمّ ذهب جمعٌ من العلماء إلى
(1) وهو أن المراد بـ (الصائل): الجنس، فيُحمل على تعدّده، لا أنه صائلٌ واحدٌ بعينه. والمثال الثاني هو الآتي في النص رقم 77.
(2)
هو المشار إليه قبل قليل فيمن يقصد غلامًا باللواط، وآخر يقصد امرأةً بالزنى.
(3)
هكذا في المخطوط هنا: (بدفع اللواط)، وكذا هو في المطبوع من قواعد الأحكام 1:125. وسبق قبل قليل هذا النص نفسه من المخطوط هكذا: (ويجوز أن يُبدأ بدفع اللائط).
(4)
قواعد الأحكام 1: 125.
(5)
سبق قبل قليل إشارةُ البلقيني إلى ذلك: من أنه يترتب على الزنى مفسدة اختلاط الأنساب، بخلاف اللواط.
أنه يُرجم الفاعل والمفعول به، أُحصِنا أو لم يُحصَنا. قلنا: معارَضٌ بما ذهب إليه جمعٌ من أنه لا حدَّ فيه، وأنه يُعزّر فاعلُه.
78 -
قوله فيه أيضًا (1): (المثال الثالث: إذا رأينا من يصول على مالَيْن متساويين لمسلمَيْن معصومين متساويين، تخيّرنا)(2).
يقال عليه: ما ذكره مقيد بما إذا كان المسلمان متساويين في الغِنى والفقر؛ فإن كان أحدهما فقيرًا، والآخر غنيًّا، قُدم دفع من يصول على مال الفقير. وقد مرّ ما يوضحه. وهو أيضًا داخل في قول الشيخ:(متساويين)، يعني من جميع الوجوه، لكن لا بأس بالتنبيه عليه.
79 -
قوله فيه أيضًا: (المثال الرابع: إذا حجر الحاكمٍ على المفلس، وجبت التسوية بين الديون بالمحاصّة؛ فإن كان الدين مئةً، ومالُه عشرةً، سُوِّي بين الغرماء بإيصال كل منهم إلى عُشر دينه)(3).
يقال عليه: ما ذكره، إن كان المراد به: التساوي الصوري، فمسلّم؛ وإن كان مراده: التساوي الشرعي، فلا حاجة لقوله:(سُوِّي بين الغرماء بإيصال كل واحدٍ إلى عُشر دينه)، بل لو تفاوتت الديون، وُزِّع عليهم بحسب ذلك، فكان الأولى أن يقول (4):(سُوِّي بين الغرماء بإيصال كل منهم إلى ما يخصه بحسب دَيْنه).
(1) أي: في فصل تساوي المصالح مع تعذر جمعها.
(2)
قواعد الأحكام 1: 125.
(3)
قواعد الأحكام 1: 125.
(4)
يوجد هنا في نهاية الورقة [12 / أ] من المخطوط، قول البلقيني بخطه:(بلغ قراءة وتحقيقًا، وهذا الأصل بيد صاحبه، صاحبُنا الشيخ تقي الدين الكرماني، نفع الله تعالى به. وكتبه مؤلفه لطف الله تعالى به) انتهى نص كلام البلقيني.
80 -
قوله فيه أيضًا: (المثال السادس: إذا حضر فقيران متساويان، تخيّر في الدفع إلى أيهما شاء وفي الفضّ عليهما)(1).
يقال عليه: صورة ذلك أن يكون في صدقة التطوع أو في الزكاة، والفقراء غير محصورين.
81 -
قوله فيه أيضًا: (المثال السابع: ووقع في الفتاوى: فيمن كانت عنده مَهْريّة (2) تساوي ألفًا، وعشرةُ أينُق تساوي ألفًا، فالتضحية بأيهما أفضل؟ فكان الجواب: أن التضحية بالأينق أولى لِما فيها من تعميم الإقاتة (3) والنفع. وفضيلةُ المَهْريّة تفوت بذبحها) (4).
يقال عليه: غُلُوّ (5) المَهْريّة، إن كان لطِيب لحمها، فهي أولى قطعًا،
(1) قواعد الأحكام 1: 125.
(2)
جاءت الكلمة مشكولة هكذا في المخطوط بفتح الميم وسكون الهاء وتشديد الياء.
وهي وصفٌ لنوع من الإبل، يقال: إبلٌ مَهْريّة: نجائب تسبق الخيل، منسوبة لقبيلة مَهرة (على وزن: تَمرة) بن حيدان، أو لبلدة في عُمان، اسمها: مَهرة. انظر: المصباح المنير 2: 583 والمعجم الوسيط 2: 890
(3)
هكذا جاءت كلمة (الإقاتة) في صلب الكلام في المخطوط، وهكذا هي في المطبوع من قواعد الأحكام 1:1216. وقد كتب ناسخ المخطوط أمامها في الهامش كلمة (الإفادة) ووضع عليها حرف (خ) مشيرًا بذلك إلى أنها وقعت هكذا في نسخة أخرى من الكتاب. وكلمة (الإقاتة) بالقاف، هي من: أقاته يُقيته إقاتة إذا أعطاه قُوتَه، وأقاته أيضًا إذا حفظه. وأقات عليه إقاتة فهو مُقيت: إذا حافظ عليه وهيمن. ومنه في أسماء الله تعالى: (المُقيت) وهو الحفيظ، وقيل: هو الذي يُعطي أقوات الخلائق. وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] قال الفراء: المقيت: المقتدر والمقدِّر كالذي يعطي كل شيء قُوتَه. انظر الفائق للزمخشري 3: 236 ولسان العرب 2: 75 وتاج العروس 5: 50 وتفسير الطبري 5: 188 وفتح القدير للشوكاني 1: 493.
(4)
قواعد الأحكام 126:1.
(5)
أي: غلاء، وتُستعمل كلمة (غُلوّ) بهذا المعنى، ففي تاج العروس 39: 178 (قال الراغب: أصل الغُلُوّ: تجاوز الحد، يقال ذلك إذا كان في السعر غلاء، وإذا كان في =
نص عليه الشافعي رضي الله عنه، وفرّق بينه وبين العتق (1) بأن النظر هنا إلى طيب اللحم، وهناك إلى التعدد.
وإن كان غُلُوّها لصفة أخرى، كشدة الجري وما أشبهها، وهو المراد كما يشير إليه قوله:(وفضيلةُ المَهريّة تفوت بذبحها)، فالأينق أفضل.
82 -
قوله في المثال المذكور: (وكذلك لو أراد أن يشتري حصانًا يساوي ألفًا، بألفٍ، ويذبحه ويتصدق بلحمه؛ وأن يشتري بألفٍ: ألفَ شاة، ويتصدق بلحمها؛ فلا شك أن التصدق بلحوم الشياه أفضل لكثرة ما يحصّله من المقاصد) إلى آخره (2).
يقال عليه: قد ينازَع في هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: (دمُ عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين)(3)، فلم ينظر إلى التعدد (4).
= القَدْر والمنزلة غُلُوّ، وفي السهم غُلُوّ. وأفعالها جميعًا: غلا يغلو). انتهى.
(1)
هذا إشارة إلى قول الشيخ ابن عبد السلام في المثال السابق نفسه: (أن التضحية بالأينق أولى لما فيها من تعميم الإقاتة والنفع. وفضيلةُ المَهريّة تفوت بذبحها، بخلاف عتق أنفَس الرقبتين وأغلاها ثمنًا عند أهلها
…
).
(2)
قواعد الأحكام 1: 126.
(3)
مسند أحمد 2: 417 والمستدرك 4: 252 وسنن البيهقي 9: 273 من حديث أبي ثِفال المرّي عن رَباح بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4: 18 (وفيه أبو ثِفال، قال البخاري: فيه نظر). والعفراء: هي البيضاء التي بياضها ليس بناصع. ينظر تفسير ابن كثير 3: 220 وفيض القدير 3: 534.
(4)
قال ابن القيم في المنار المنيف ص 29: (لا يلزم من كثرة الثواب أن يكون العملُ الأكثرُ ثوابًا أحبَّ إلى الله تعالى من العمل الذي هو أقل منه، بل قد يكون العملُ الأقلّ أحبَّ إلى الله تعالى وإن كان الكثير أكثر ثوابا، وهذا كما في (المسند) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين) يعني في الأضحية؛ وكذلك ذبح الشاة الواحدة يوم النحر أحب إلى الله من الصدقة بأضعاف أضعاف ثمنها وإن كثُر ثواب الصدقة؛ وكذلك قراءة سورة بتدبر ومعرفة وتفهم وجَمْع القلب عليها أحب إلى الله =