المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قاعدة في الجوابر والزواجر] - الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

200 -

قوله في الفصل المعقود لِما يثاب عليه من الطاعات:

(الواجبات أقسام، أحدها: ما تميّز لله بصورته، فهذا يثاب عليه مهما قَصَد إليه وإن لم يَنْوِ به القربة)(1).

يقال فيه: قصدُ الفعل فيما تميَّز إلى الله بصورته دون قصد القربة، تغيير الصور (2). والظاهر أنه يلزم من قصد فعله نيةُ القربة، ومن ثَمَّ كان الأصح أنه لا يُشترط الإضافة إلى الله تعالى؛ لأن العبادات لا تكون إلا لله تعالى، فليُتأمل.

201 -

قوله في القسم الثالث من الفصل المذكور: (وكذلك لا يثاب على ترك العصيان إلا إذا قَصَد بذلك طاعة الدّيّان، فحينئذ يثاب عليه. بل لو قَصَد الإنسانُ القربةَ بوسيلة ليست بقربة، لا يثاب على قصده دون فعله (3)، كمن قَصَد نوم بعض الليل ليتقوّى به على قيام بقيته) (4).

يقال عليه: ظاهر هذا أنه لا يثاب على النوم المذكور، وهذا قد يُنارع فيه قولُ معاذ رضي الله عنه:(إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي (5).

* * *

[قاعدة في الجوابر والزواجر]

202 -

قوله في القاعدة التي في الجوابر والزواجر:

(وقد اختُلف في بعض الكفارات: هل هي جوابر أو زواجر، فمنهم من

(1) قواعد الأحكام 1: 257.

(2)

كذا في المخطوط، ولم يتضح المعنى.

(3)

في قواعد الأحكام 1: 258 (لأُثيب على قصده دون فعله).

(4)

قواعد الأحكام 1: 258.

(5)

أخرجه البخاري 4: 1578 ومسلم 3: 1456 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

ص: 265

جعلها زواجرَ عن العصيان؛ لأن تفويت الأموال وتحميل المشاق رادعٌ زاجرٌ عن الإثم والعدوان. والظاهر أنها جوابر؛ لأنها عبادات وقُرُبات لا تصح إلا بالنيات، وليس التقرب إلى الله تعالى زاجرًا) (1).

وما ذكره من أن الكفارات جوابر لا زواجر، معلّلًا له بأنها عبادات، قد يردّه ظاهرُ قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]، وهذا زجرٌ.

ومن جملة ما تقدّم: الصيام.

فإن قيل: إنما حكى الشيخ الخلاف في بعض الكفارات، وهذا يقتضي أن بعضها زواجر، ومنه ما ذُكر في الآية.

قلنا: لكنه أَخَذ الدليل عامًّا، فاقتضى أن [هذه] الكفارة عنده من قبيل الجوابر لا من قبيل الزواجر.

203 -

قوله فيها أيضًا: (فأما الجوابر المتعلقة بالعبادات، فمنها جبير الطهارة بالماء، بالطهارة بالتراب)(2).

يقال عليه في تسمية هذا (جابر) تطويل! هذا بدل.

وقد تكرر من الشيخ في هذه القاعدة أمثلة من الأبدال يسميها (جوابر)، فلعل هذا اصطلاح له. ولك أن تحمل كلامه هنا على ما إذا كان التراب معملًا (3) كما في الجبيرة ونحوها.

204 -

قوله: (ومنها جبر ما فات بالسهو من ترتيب الصلاة)(4).

قال شيخنا: هذا غير صحيح، فالترتيب الفائت لا يُجبر بسجود السهو

(1) قواعد الأحكام 1: 263.

(2)

قواعد الأحكام 1: 264.

(3)

كذا في المخطوط.

(4)

قواعد الأحكام 1: 264.

ص: 266

لأنه ركن، والأركان لا تُجبر وإنما يجب تداركها. وإنما الذي يُجبر، الزيادة الحاصلة بتدارك ركن، كما في ترك سجدة واثنتين وثلاث إلى سبع، على ما هو مقرر في موضعه.

وكان الأولى أن يقول: (ومنها جبر ما فات من الأبعاض، بالسهو).

205 -

قوله: (ومنها جبر القبلة بصوب السفر)(1).

هذا أيضًا بدل.

206 -

قوله: (ومنها جبر الصوم في حق الشيخ الكبير، بمُدّ من الطعام)(2).

هذا بدل.

207 -

قوله: (وكذلك جبر الحامل والمُرضع، بالفدية لِما فاتهما من أداء الصيام)(3).

ما ذكره في المُرضع والحامل، و (4) محله إذا أوجبنا الفدية مع القضاء.

208 -

قوله فيه أيضًا: (كما يُجبر ربُّ الدَّين على أخذ مالِ اعترف (5) بأنه حرام، وفي هذا أيضًا بُعد وإشكال) (6).

(1) قواعد الأحكام 1: 264.

(2)

قواعد الأحكام 1: 264.

(3)

قواعد الأحكام 1: 264.

(4)

كذا في المخطوط، وفيه غموض بسبب هذه الواو. والأنسب بمقتضى السياق أن يكون الكلام هكذا:(ما ذكره في المُرضع والحامل: محله إذا أوجبنا الفدية مع القضاء)، فتكون كلمة (محله) خبرًا عن الجملة المبتدأة.

(5)

يبدو أنه بمعنى: عُرف وتبيّن أنه مالٌ حرام.

(6)

قواعد الأحكام 1: 266 - 267 وأصل الكلام هكذا: (فإن قيل: لو جُبر المال المقطوع بحلّه، بمثله من مالٍ أكثرُه حرام، فقد فات وصف مقصود في الشرع وعند أولى الألباب. فهل يُجبر المستحق على أخذه مع التفاوت الظاهر بين الحلال المحض =

ص: 267

صورته: أن لا يوافقه المديون على أنه حرام.

ومعنى (الجبر) أن يقال لربّ الدَّين: إما أن تأخذ وإما أن تُبرئ.

ولا بُعد ولا إشكال، لأنه لا يسري قولُ ربّ الدَّين: إنه حرام، في حق المديون.

209 -

قوله فيه أيضًا: (الحالة الثانية من (تعذُّر ردّ الأعيان): أن تكون العين من ذوات القِيم كالشاة والبعير) (1).

وهذا بعيد.

[وقوله]: (يُجبر (2) كل واحد بما يماثله في القيمة (3).

قال الشيح: فالأصح ردّ المثل من حيث الصورة.

210 -

قوله: (وقال بعض العلماء: يُجبر كل شيء بمثله من حيث الخِلقة وإن تفاوتت أوصافه. وهذا إن شَرَط التساوي في المالية فقريب. كان

= وبين ما تمكنت منه شبهة الحرام؟ قلت: في هذا نظر واحتمال. وظاهر كلامهم أنه يُجبر على أخذه كما يُجبر ربُّ الدين

).

(1)

قواعد الأحكام 1: 267.

(2)

كلمة (تُجبر) كتبها الناسخ في المخطوط هكذا مع إشارة -فيما يبدو- إلى إبدال التاء بالياء، ولهذا أثبتُّها بالياء، وهكذا هي في المطبوع من قواعد الأحكام 1:267.

(3)

هذه العبارة تتمة لما تقدم قبل قليل من قول الشيخ ابن عبد السلام: (الحالة الثانية من تعذر رد الأعيان

). وأصل كلام الشيخ ابن عبد السلام بتمامه هكذا: (الحالة الثانية من تعذُّر ردّ الأعيان: أن تكون العين من ذوات القِيم كالشاة والبعير

، فيُجبر كل واحد بما يماثله في القيمة والمالية لتعذر جبره بما يماثله في سائر الصفات).

وعقّب عليه البلقيني بأن الأصح في هذه الصورة هو رد المثل من حيث الصورة.

وعلى هذا فجملة (قال الشيح: فالأصح رد المثل

) هي من لفظ الناسخ، يريد بها شيخه البلقيني. وليس المراد بالشيخ هنا: ابن عبد السلام.

ص: 268

لم يَشترط ذلك فقد أَبعد عن الحق، فإنّ جَبْره بأكثر من قيمته ظلمٌ لغاصبه؛ وجَبْره بدون قيمته ظلمٌ لمالكه بما نقص من ماليّته) (1).

فيَقبل (2) هذا القائل بما ذكره الشيخ، أن نقول: يُضمن كل بمثله من حيث الصورة بشرط التساوي في المالية، أو الزيادة على قيمة المُتلَف بدليل الغرض (3).

211 -

قوله فيه أيضًا: (وقد ذَكَر بعض الأصحاب أن الشريك إذا هَدم الجدار، أُجبر على إعادته)(4).

إذ [يتحقق] المثلُ من حيث الصورة. وشاهدُهُ الغرض (5).

212 -

قوله فيه أيضًا في المنافع المحرمة: (كمنافع الملاهي والفروج المحرَّمة واللمس والمسّ والقُبَل والضمّ المحرَّم، فلا جبير لهذه المنافع احتقارًا لها)، إلى أن قال:(فإن استوفاها بغير حق ولا مطاوعة من ذي المنفعة فلا يُجبر شيء منها، إلا مهر المَزْنيّ بها كُرهًا أو بشبهة. ولا يُجبر مثل ذلك في اللواط لأنه لم يَتقوَّم قطّ، فأشبه القُبَل)(6).

(1) قواعد الأحكام 1: 267.

(2)

لم تتضح هذه الكلمة في المخطوط، وجرى إثباتها حسب ما ظهر من رسمها.

(3)

لعل المراد أن هذا القائل الذي يقول بالتضمين بالخِلقة، سيقبل -بعد الإشكال الذي أورده عليه الشيخ ابن عبد السلام أعلاه- الجواب الذي ذكره البلقيني والذي يُخرجه من الإشكال، وهو: أن يُضمن كلٌّ بمثله من حيث الخِلقة والصورة بالنظر إلى التساوي في المالية مع المُتلَف، أو يُضمن بالزيادة على قيمة المُتلَف بالنظر إلى الغرض الذي كان مقصودًا منه. والله أعلم.

(4)

قواعد الأحكام 1: 268 وفيه: (إذا هَدَم الجدار المشترك).

(5)

يبدو أن المراد: أن إعادة الجدار يحقق المثلية من حيث الصورة. وقوله: (وشاهدُه الغرض) أي: الدليل على أنه يحقق المثلية، أنه يؤدي الغرض المقصود منه.

(6)

قواعد الأحكام 1: 269.

ص: 269

ما ذكره: في لواط الغلام (1).

أما لو وَطِئ جارية في دُبُرها، فإن ذلك يُجبر بمثلٍ لمثلٍ.

ولك أن تقول: وفي الأنثى في دُبُرها، لا يسمى لواطًا. فلا حاجة لذلك، ولكن لا بأس بالتنبيه عليه.

213 -

قوله في الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة: (وأما الأبضاع، فإنها تُجبر في العقود الفاسدة والصحيحة وفي وَطْيِ الشبهة ووَطْيِ (2) الإكراه، بمهور الأمثال) (3).

محله في الصحيحة: أن يكون المسمى فاسدًا، أما إذا كان صحيحًا فإنه يُضمن بالمسمّى.

214 -

قوله فيه أيضًا: (ولا يُضمن الأبضاع إلا بعقد صحيح أو فاسد)(4).

محله أن يكون عقد النكاح صحيحًا، وعقدُ الصداق فاسدًا. فإن كان عقد النكاح هو الفاسدَ فإنه لا ضمان قطعًا إلا أن يستوفي المنفعة فيَضمن.

215 -

قوله فيه أيضًا: (والفرق بين منافع الأبضاع وسائر المنافع الفائتة تحت الأيدي العادِيَة (5): أن القليل من المنافع تُضمن (6) بقليل الأجر

(1) يعني: ما ذكره الشيخ في اللواط أنه لا يتقوم، هو في لواط الغلام. أما لو قام بهذا الفعل مع المرأة، فحكمه أنه يُجبر كما يأتي في قوله الآتي: (أما لو وطئ جارية في دُبُرها

).

(2)

كلمة (وطي) هكذا يرسمها الناسخ بالياء، وهو وجه فيها لغةً.

(3)

قواعد الأحكام 1: 270.

(4)

قواعد الأحكام 1: 270.

(5)

كلمة (العادِيَة) هنا وفيما يلي بعد قليل: هي بمعنى المعتدية، يقال: سَبُعٌ عادٍ، وسِباعٌ عادِيَة. ويقال: دفعتُ عنك عادِيَة فلان، أي: ظلمه وشرّه. ينظر المصباح المنير ص 397 ومختار الصحاح ص 176.

(6)

أشار الناسخ في المخطوط إلى اختلاف النسخ في كلمة (تُضمن) حيث وَضَع عليها =

ص: 270

وحقيرها، وضمانُ الأبضاع (1) بمهور الأمثال) (2).

فائدة: يفرّق بين منافع الأبضاع وسائر المنافع الفائتة تحت الأيدي العادِيَة بفرقٍ آخر حسن، وهو أن الأنفس لا تَتَشوّف إلى جبير منافع الأبضاع الفائتة إلا بالعقد عليها، ولم تَجْرِ عادةٌ بخلاف ذلك، بخلاف سائر المنافع فإن العادة جارية بتشوّف ملّاكها إلى ما يحصل منها، فجُبِرت.

216 -

قوله فيه أيضًا: (. . . (3)(دية المسلم والمجوسية لنصفه)(4).

217 -

قوله في النوع الثاني: (ما يقع زاجرًا من الفصل المذكور كالكفارات الزاجرة عن إفساد الصوم وإفساد الحج وإفساد الاعتكاف؛ والظِّهار)(5).

= علامة (2) ثم كَتَب أمامها في الهامش: كلمة (تُجبر) ووضع عليها أيضًا علامة (2)، وهي الواردة في المطبوع من قواعد الأحكام 1:270.

(1)

يعني: ضمانُ الأبضاع يكون بمهور الأمثال.

(2)

قواعد الأحكام 1: 270.

(3)

بياض في المخطوط بقدر ربع سطر.

(4)

هذه العبارة هي من كلام الشيخ ابن عبد السلام إلا أنها لم يتضح المراد منها، وقد جاءت هكذا بدون تعليق للبلقيني عليها.

ثم إنها لا توجد بهذا النص في المطبوع من قواعد الأحكام 1: 270 وإنما الذي ورد فيه فيما يتعلق بموضوع الديات، هكذا:(وأما نفوس الأحرار، فإنها خارجة عن قياس جَبْر الأموال والمنافع والأوصاف، إذ لا تُجبر بأمثالها، ولا تختلف جوابرها باختلاف الأوصاف في الحسن والقبح والفضائل والرذائل، وإنما تختلف باختلاف الأديان، والذكورةِ والأنوثةِ. فيُجبَر المسلم بمئة من الابل، والمسلمة بخمسين من الإبل. ويُجبَر اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم، وتُجبَر اليهودية والنصرانية بسدس دية المسلم. ويُجبَر المجوسي بثمانمئة درهم، والمجوسية بأربع مئة درهم. ولا عبرة في جبير الأموال بالأديان، فيُجبَر العبد المجوسي الذي يساوي ألفًا: بألف. ويُجبَر العبد المسلم الذي يساوي مئةً: بمئة؛ لأن المجبور هو المالية دون الأديان).

(5)

قواعد الأحكام 1: 281.

ص: 271

ما ذكره الشيخ من أن إفساد الاعتكاف يُزجَر عنه بالكفارة، سَبَق قلمُه (1)، وليس في إفساد الاعتكاف كفارة.

وقوله: (والظهار): عطفٌ على (إفساد). التقدير (2): (وكالكفارات الزاجرة عن الظهار).

218 -

وقوله فيه أيضًا: (الضرب الثاني: ما لا يجب (3) زاجرها على فاعلها).

يوضح الشيخ مراده بقوله: يجب الحد على القاذف والقطع على السارق، وأنه مجاز (4).

والتحقيق أنه حقيقة، والواجب على الأئمة إنما هو الاستيفاء، وسيأتي لذلك مزيد بيان (5).

219 -

قوله فيه أيضًا: (فإن كانت الجنايات على حقوق الناس، لم يجُز للأئمة إسقاطها إذا طلبها مستحقُّها)(6).

(1) هكذا جاءت هذه الكلمة (سَبَق قلمه) في المخطوط، أي: جاءت على هيئة الجملة الفعلية.

(2)

أي: تقدير الكلام: (وكالكفارات الزاجرة عن الظِّهار).

(3)

وقع في المخطوط: (ما يجب). والمثبت من قواعد الأحكام 1: 281.

(4)

لم يتضح معنى هذا التعليق ولا ارتباطه بالنص المنقول أعلاه من كلام الشيخ ابن عبد السلام. ويبدو أن البلقيني يشير بهذا التعليق إلى قول الشيخ ابن عبد السلام في قواعد الأحكام 1: 285 (فإن قيل: ما معنى قول الفقهاء: وجب عليه التعزير والحدّ والقصاص؟ قلنا. هو مجاز عن وجوب تمكينه من استيفاء العقوبات، لإجماع العلماء على أنه لا يجب على الجاني أن يَقتُل نفسَه، ولا على الجارح أن يَجرَح نفسَه، ولا على السارق أن يَقطع يَدَ نفسه، ولا على الزاني أن يَجلِد نفسه ولا أن يَرجُمها. وكذلك المُعزَّر).

(5)

ينظر النص رقم 227 لكن لا يوجد هناك مزيد بيان، بل الموجود هناك إحالة على هذا الموضع! فالله أعلم.

(6)

قواعد الأحكام 1: 282 وهذا الكلام يتعلق بالجرائم التي لا يجب زاجرُها على =

ص: 272

ما ذكره فيما إذا كانت (. . . (1) لجناياتٍ على حقوق الناس من أنه لا يجوز للأئمة إسقاطها، فيه وجه مرجّح (2).

220 -

قوله فيه أيضًا في المثال الثاني من الضرب الثالث: (فإن رجعوا، أي: البغاة، إلى الطاعة كَفَفْنا عن قتلهم وقتالهم، وهذا زجر عن مفسدة لا إثم فيها)(3).

ما ذكره من أنه لا إثم في مفسدة البغي، محله إذا قَوِيتْ شبهتهم، فإن ضعُفت وهم معترفون بضعفها، فهم آثمون.

221 -

قوله في المثال التاسع منه: (قتال أهل الكتاب إلى أن يُسلموا أو يؤدّوا الجزية)(4).

مراده بذلك أن يعتقدوا عقد الجزية. وكأنه فَعَل ذلك وفاقًا لقوله تعالى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29].

222 -

قوله في المثال الرابع عشر منه أيضًا (5): (وأما الزواجر عما

= فاعلها، فذكر الشيخ ابن عبد السلام أنها ثلاثة أضرب، ثم ذكر في الضرب الثالث ما هو منقول أعلاه وهو:(التعزيرات المفوَّضات إلى الأئمة والحكام، فإن كانت للجنايات على حقوق الناس لم يجز للأئمة والحكام إسقاطها إذا طلبها مستحقها. وإن كانت لله فاستيفاؤها مبنيٌّ على الأصلح؛ فإن كان الأصلحَ استيفاؤها وجب استيفاؤها، وإن كان الأصلحَ درؤها وجب درؤها).

(1)

بياض في المخطوط. وينظر الهامش التالي.

(2)

لعل أصل سياق هذا التعليق هكذا: (ما ذكره فيما إذا كانت التعزيرات المفوَّضات إلى الأئمة والحكام، لجناياتٍ على حقوق الناس، من أنه لا يجوز للأئمة إسقاطها: فيه وجهٌ مرجح).

(3)

قواعد الأحكام 1: 282.

(4)

قواعد الأحكام 1: 283.

(5)

كذا في المخطوط: (في المثال الرابع عشر منه أيضًا)، وكأنه سهو قلم، لأن النص الآتي أعلاه من قول الشيخ ابن عبد السلام (وأما الزواجر عما تصرّم من الجرائم

) =

ص: 273

تصرّم من الجرائم التي لا تسقط عقوبتها إلا باستيفائها أو بعفو مستحقها، ويجب إعلام مستحقها بأسبابها (1)، فلها أمثلة) إلى أن قال:(المثال الثاني: القصاص في النفوس والأطراف، ويجب على الجاني إعلام مستحقه به ليستوفيه أو يعفو عنه، وإن وقع ذلك عند الحاكم فينبغي أن يخرّج على الخلاف في وجوب الإعلام)(2).

يقال فيه: قد ذكروا من الأعذار المرخّصة في ترك الجماعة: عقوبةٌ (3) يُرجى تركها إن تغيَّب زمانًا (4)، وهذا قد ينافي وجوب الإعلام. ويُجمع بينهما وجوب أن يُعلمه لوكيله مع التغيب رجاء العفو. هذا ما يتعلق بالجاني. وأما الحاكم إذا وقع عنده ذلك؛ فالمختار أنه لا يجب الإعلام على الحاكم جزمًا، ولا يخرج عن الخلاف.

= كلام جديد مستقل لا تعلق له بالمثال الرابع عشر الذي يريد البلقيني الإشارة إليه. يراجع قواعد الأحكام 1: 283 فالصواب أن تُحذف جملة (في المثال الرابع عشر منه أيضًا) من هنا.

(1)

كلمة (بأسبابها) وضع الناسخ عليها علامة (2) ثم كَتَب أمامها في الهامش: (بإيجابها) ووضع عليها نفس العلامة (2) أيضًا، إشارة إلى اختلاف نسخ الكتاب في هذه اللفظة.

(2)

قواعد الأحكام 1: 283 - 284.

(3)

لم تتضح هذه الكلمة في المخطوط، بل جاءت على صورة (كونه) أو (توبة)؟ وإنما جرى إثبات كلمة (عقوبة) لأنها هي التي يتردد ذكرها في كتب الشافعية في هذا السياق. وينظر الهامش التالي.

(4)

المراد: أن من الأعذار المرخصة في ترك صلاة الجماعة: خوف الجاني من عقوبة وجبت عليه كقودٍ وحدِّ قذفٍ وتعزيرٍ لله تعالى أو لآدمي، فيرجو الجاني أنه إن اختفى مدةً من الزمن عن أنظار الناس، فسوف يسكن بذلك غيظُ طالب العقوبة ويهدأ باله لأنه لا يراه خلال تلك المدة كلها، وحينئذ فربما يعفو عن تنفيذ العقوبة عليه. فمثل هذا الجاني يُرخص له بالتغيب عن صلاة الجماعة تلك المدة التي يظن فيها أن طالب العقوبة سيعفو عنه بعدها. ينظر مغني المحتاج 1: 236 وفتح الوهاب 1: 109.

ص: 274

والفرق بينه وبين القذف، أن القذف انتُهك فيه عِرض المقذوف عند الحاكم، بخلاف الاعتراف بقبَل ونحوه.

223 -

قوله فيه أيضًا: (المثال الثالث: إذا سرَق مال إنسان سرقة موجبة للقطع، لم يجب عليه الإعلام بالسرقة) إلى قوله: (وإن كان المسروق باقيًا يردّه، أو وَكَّل من يردّه من غير اعتراف بسرقته، ولا يوكِّل مع القدرة على الردّ بنفسه، إذ ليس له دفع المغصوب إلى غير مالكه إلا إلى الحاكم وأمثاله)(1).

يقال عليه: له دفع المغصوب إلى عبده مع القدرة على الردّ ليسلّمه لمالكه؛ لأن يَدَ عبده كيده. وفي منع التوكيل مع القدرة نظر. انتهى.

224 -

قوله فيه أيضًا: (المثال الرابع: حد قطع الطريق، إن محّضناه حقًّا لله تعالى فهو كحد السرقة) إلى قوله: (وإن جعلنا فيه مع تحتمه حقًّا للآدمي، وجب إعلامه به)(2).

يقال عليه: ما ذكره في حد قطع الطريق، محله أن يكون قتلًا.

وقوله: (وإن محّضناه حقا لله تعالى) هو طريقة. والطريقة المعتمدة في التغلب، ما هو قبل القصاص وقبل الحد (3).

ولك أن تقول: يجب إعلامه وإن محّضناه حقًّا لله تعالى، لأن للآدمي

(1) قواعد الأحكام 1: 284.

(2)

قواعد الأحكام 1: 284.

(3)

لم تتضح العبارة. وكأن المراد هو ما جاء أن المغلّب في قتل القاطع: حق الآدمي لأنه الأصل فيما اجتمع فيه حق الله تعالى وحق الآدمي. وقيل: المغلّب فيه الحد لأنه لا يصح العفو عنه ويستوفيه الإمام بدون طلب الولي. أسنى المطالب في شرح روض الطالب 4: 156 وجاء في الإقناع للشربيني 2: 542 (وقتلُ القاطع يُغلّب فيه معنى القصاص لا الحد؛ لأن الأصل فيما اجتمع فيه حق الله تعالى وحق الآدمي: يُغلّب فيه حق الآدمي لبنائه على التضييق

).

ص: 275

فيه حقًّا منتظَرًا من جهة أنه لو تاب قبل القدرة سقط ما يتعلق بحق الله تعالى، وبقي ما يتعلق بحق الآدمي.

225 -

قوله بعد ذلك: وأما الشهود على هذه الجرائم، فإنْ تعلق بها حقوق العباد لزمهم أن يشهدوا بها وأن يُعرِّفوا بها أربابها) (1).

يقال عليه: المختار أنه لا يجب على الشهود أن يُعرِّفوا بها أربابها.

226 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: إذا علم الشهود أن الزاني قد تاب من الزنى وصلَحت حالُه بحيث يجوز تزكيته، فهل لهم أن يشهدوا عليه بالزنى بعد ذلك؟ قلنا: إن أسقطنا الحد بالتوبة لم تجُز الشهادة؛ وأن بَقَّينا الحد مع التوبة جازت الشهادة)(2).

يقال عليه: ما أجاب به من أنا إذا أسقطنا الحد بالتوبة لم تجُز الشهادة، يُستثنى منه فرع حسن، وهو:

ما إذا قذفه قاذفٌ، وآل الأمر إلى أن يستوفى منه حد القذف، فإنه تجوز الشهادة بزناه وإن أسقطنا الحد بالتوبة؛ لأنه يُشترط في المقذوف أن يكون عفيفا عن وطء يُحدّ به، فلو لم يجُز للشهود ذلك والحالةُ هذه، أدّى ذلك إلى استيفاء حدٍّ لا يُستوفَى لفقد شرطه.

227 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: ما معنى قول الفقهاء: وجب عليه التعزير والحد والقصاص؟ قلنا: هو مجاز عن وجوب تمكينه من استيفاء العقوبات)(3).

يقال عليه: بل هو حقيقة، وفُرِّق بين الحد وبين استيفائه بما تقدم.

(1) قواعد الأحكام 1: 285.

(2)

قواعد الأحكام 1: 285.

(3)

قواعد الأحكام 1: 285.

ص: 276

228 -

قوله بعد ذلك: (فأما أمانات الرب فكاستئمانه أمانات الآباء والأوصياء على أموال اليتامى)(1).

يقال عليه: أمانات الأوصياء، باستئمان الموصِي لا باستئمان الرب. انتهى.

229 -

قوله في الضرب الثاني من الحقوق بعد ضروب تقدمت في الفصل: (وقد يعذر الربُّ من اشتدّت شهوته وغلبتْه نفسُه على المعصية، ما لا يعذر من خفيت شهوته)(2).

يقال عليه: لا يقال مثله إلا بتوقيف، ولكن شدة الشهوة تفيد تخفيفا. ولو عُدَّت، ما أقيم على موجب المعصية، فتأمله؛ ولكنْ مُرادُه (3) أنه معذور من حيث الداعي لا من حيث المعصية، كما سنبينه بعد.

230 -

قوله بعد ذلك: (وفي الحديث الصحيح: (إن آخِر من يخرج من النار، يعاهد ربَّه إذا أعطاه سؤله، لا يسألُه) إلى أن قال: (وربُّه يعذِرُه)(4).

يقال عليه: ما استدل به من قوله صلى الله عليه وسلم (وربُّه يَعْذِرُه): لا يتوجّه، من حيث إنه لا يصح الاستدلال بأمور الآخرة على أمور الدنيا.

231 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: كيف زُجر الحنفي بالحد عن شرب النبيذ مع إباحته؟ قلنا: ليس بمباح له وإنما هو مخطئ بشربه)(5).

(1) قواعد الأحكام 1: 286.

(2)

قواعد الأحكام 1: 289.

(3)

جاءت كلمة (مُرادُه) مضبوطة هكذا في المخطوط بالرفع.

(4)

قواعد الأحكام 1: 289. والحديث المذكور، رواه مسلم 1: 174 (187) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. وفيه: (وربّه يعذِرُه لأنه يرى ما لا صبرَ له عليه).

ورواه أيضًا البخاري ومسلم، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به. وليس في لفظ هذه الرواية:(وربّه يعذِرُه). صحيح البخاري 1: 278 (773)، 5: 2403 (6204)، 6: 2704 (7000) وصحيح مسلم 1: 163 - 166.

(5)

قواعد الأحكام 1: 290.

ص: 277

يقال عليه: ما أجاب به من كون النبيذ ليس بمباح للحنفي، فيه نظر؛ لأن الحكم في حق كل مجتهد ما غَلَب على ظنه وإن كان خطأً في نفس الأمر. وإنما الجواب الصحيح: أنا زَجَرْنا بالحد لدفعه إلى حاكم يعتقد التحريم ويقيم الحد. أو: لمّا رُفع إليه صار بينه وبينه عُلقة توجب أن يحكم عليه بمقتضى اعتقاده. انتهى.

232 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: كيف تُقطع يدٌ ديتُها خمسون من الإبل أو خمس مئة دينار، برُبع دينار أو بعشرة دراهم؟ قلنا: ليس الزجر عما أخذه، وإنما الزجر عن تكرير ما لا يتناهى من [السرقة] (1) المفوّتة للأموال الكثيرة التي لا ضابط لها. ولو شَرَط الشرع في نصاب السرقة مالًا خطيرًا، لضاعت أموال الفقراء) (2).

يقال عليه: مما شرطه الشارع في نصاب السرقة، ربع دينار مفوِّتٍ لما دونه من أموال الفقراء كثمن دينار ونحوه.

وقد أجاب القاضي عبد الوهاب عن هذا السؤال بأن اليد لمّا كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت (3). وللناس أجوبة عن هذا السؤال غير ما ذكره الشيخ، ليس هذا موضع بسطها. انتهى.

233 -

قوله بعد ذلك: (ولم أقف على المفسدة المقتضية لرجم الثيب الزاني، وقد قيل فيها ما لا أرتضيه)(4).

(1) ما بين الحاصرتين زيادة من المطبوع يستلزمها السياق، وإلا لا يتضح لكلام.

(2)

قواعد الأحكام 1: 291.

(3)

هذه إشارة إلى حكاية مشهورة جرت للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي المتوفى سنة 422 رحمه الله، مع أبي العلاء المعرّي، وهي أنه لمّا نَظَم المعرّي قوله:

يدٌ بخمس مئين عسجدٍ وُدِيَتْ

ما بالُها قُطِعتْ في ربع دينار!

أجابه القاضي عبد الوهاب بما ذكره البلقيني أعلاه. ينظر: تفسير ابن كثير 2: 57.

(4)

قواعد الأحكام 1: 291 - 292.

ص: 278

يقال عليه: المفسدة المقتضية لرجم الثيب الزاني: مفسدة اختلاط الأنساب التي لو تُركت، أدّت إلى انتشار عظيم، فناسب إعدامَ نفسه، وجُعل بالرجم لأنه لما كان ضرر هذه المفسدة لا يختص بواحد بل تعمّ، ناسب أن يُقتل، أن يستفيد كل أحد (1)، وهو الرجم. ولم يُقتل البكر تخفيفا عليه لأنه لم يُجعل له رتبة الكمال. انتهى.

234 -

قوله بعد ذلك: (وكذلك المفسدة المقتضية لجعل الربا من الكبائر، لم أقف فيها على ما يُعتمد على مثله، فإن كونه مطعومًا أو قيمةً للأشياء أو مقدّرًا، لا يقتضي مفسدة عظيمة يكون من الكبائر لأجلها)(2).

يقال عليه: بل المفسدة في الربا تعاطيه لمعصية تسري في أموال الناس غالبًا ويشق الاحتراز منها لو وقعت. فعلّيّةُ انتشارها وعمومها [جُعلت](3) سببًا لجعلها من الكبائر. وقد (لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الربا ومُوكِلَه)، الحديث (4).

واختار شيخنا أن الذي يكون من الربا كبيرةً، إنما هو (ربا الفضل) لقوله في الحديث:(فمن زاد أو استزاد فقد أَربَى)(5)، إذ في الحديث أنواعٌ من

(1) لم يتضح المعنى. ولعل (أن) في (أن يستفيد) للتعليل بمعنى: (لكي) أو (لأجل)، وكأن المراد: لما كانت مفسدة الزاني الثيب عامة، ناسب أن يكون جزاؤه عامًّا أيضًا، وهو أن يُقتل الزاني الثيب بالرجم لكي يستفيد كل أحد

؟

(2)

قواعد الأحكام 1: 292.

(3)

زيادة يقتضيها السياق.

(4)

صحيح البخاري: اللباس -باب من لَعَن المصوّر 5: 2223 (5617) ضمن حديث لأبي جُحيفة رضي الله عنه. وصحيح مسلم (واللفظ له): المساقاة- باب باب لعن آكل الربا ومؤكله 3: 1218 (1597 - 1598) من حديث ابن مسعود وجابر رضي الله عنهما.

(5)

صحيح مسلم: المساقاة -باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا 3: 1209 (1584 و 1588) وهو جزء من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 279