المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ج - وصف المخطوط مضمونا: - الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ج - وصف المخطوط مضمونا:

والمسألة الثانية: دَوْرُ المستحاضة: (عددي)، على ما فُصّل في كتاب الحيض). انتهت الفائدة بطولها.

5 -

ومن أهم ما جاء في آخر المخطوط: كتابة طويلة بقلم البلقيني، نص فيها على:

1 -

قراءة الناسخ -وهو تلميذه- لقطعة كبيرة من هذا الكتاب عليه، مع الثناء عليه بجودة التلقي في طلب العلم والتحقيق فيه.

2 -

ما قرأه هذا التلميذ الناسخ، عليه من كتب الحديث الشريف.

3 -

ثم إجازة البلقيني لتلميذه هذا، بجميع مصنفاته ومرويّاته.

6 -

ثم بعد ذلك أورد الناسخ -في آخر المخطوط- قصيدة طويلة لشيخه البلقيني، نَظَمها في مدح كتاب (قواعد الأحكام) ومحتواه، وهي في أكثر من خمسين بيتًا.

‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

1 -

من أهم ما يقال في بداية هذا العنصر: أن هذه النسخة لكتاب (الفوائد الجسام) التي نسخها تلميذ البلقيني تقي الدين يحيى الكرماني، يمكن أن تُعتبر هي نسخةً وحيدةً بحسب ما وصل إلينا من نسخ هذا الكتاب، وإلا فيبدو أنها ليست وحيدة في حقيقة الأمر، بل توجد إشارات من الناسخ في داخل نسخته هذه إلى ما يُلوِّح بأنه كانت توجد بيده نسخة أخرى من هذا الكتاب غير نسخته هذه الخاصة به (1).

والدليل على هذا أنني وجدتُ الناسخَ وَضَع حرف (خ) -التي هي علامةٌ للإشارة إلى نسخٍ أخرى- على بعض كلمات الكتاب:

(1) وهذا الكلامُ غيرُ ما تقدم من القول بأن الناسخ كان يرجع إلى نسخة من الكتاب الأصل (قواعد الأحكام) للشيخ ابن عبد السلام. فالكلام هنا خاص بنسخة أخرى من (الفوائد الجسام)، لا (قواعد الأحكام).

ص: 102

فمن ذلك أن البلقيني يُورِد نص كلام الشيخ ابن عبد السلام، بلفظ:(قوله)، ثم يسوق العبارة، ثم يعلّق عليها. هكذا يفعل البلقيني في جميع ما يسوقه من نصوص الشيخ ابن عبد السلام، فيسوقها مبتدئًا بكلمة (قوله).

وقد وَضَع الناسخ علامة (خ) على كلمة (قوله)، في بداية النصين رقم 530 ورقم 601، وكأنها إشارة منه إلى أن إثبات كلمة (قوله) هنا، مستدرَكٌ من نسخة أخرى من كتاب (الفوائد الجسام)، وأنه ينبغي إثبات هذه اللفظة في هذين الموضعين كما هي عادة البلقيني في سائر الكتاب.

وعلى هذا، فإن صح هذا التخمين والتقدير، فإن نسخة الناسخ هذه التي يتم إخراج هذا العمل وفقًا لها، يمكن أن تُعتبر نسخةً وحيدةً بحسب ما وصل إلينا من نسخ هذا الكتاب، وإلا فلا تكون وحيدةً بحسب الحقيقة والواقع، بل ربما كانت هناك نسخ أخرى لهذا الكتاب لم تصل إلينا.

2 -

إن هذه النسخة للكتاب -مع كونها نسخة وحيدة- هي مُتقَنة النسخ، أبان فيها الناسخ عن مظاهر الدقة والاعتناء التي تتميز بها الكتابة العلمية عن الكتابة غير العلمية.

أ- فمن أجود وأعلى ميزات الناسخ: عنايته بضبط الكلمات، سواء بالتشكيل بالحركات وهو الأغلب، أو بالضبط بالحروف وهو نادر.

وكان الناسخ متيقظًا دقيقًا في الحرص على ضبط بعض الكلمات، بحيث إنه إن لم يضبطها لأدّى ذلك إلى اشتباهها على القارئ ووقوعِه -لا محالة- في خطأ قراءتها، فيتغير المعنى المقصود.

- مثل: ضبط كلمة (قَتَل) في جملة (كما إذا قَتَل في قطعٍ لطريقٍ

) في النص رقم 127، فقد حَرَص الناسخ على ضبطها بالبناء للمعلوم؛ لئلا تُقرأ بالمجهول (قُتل) فتكون خطأً.

- ومثل ضبطه لجملة (الحر يَملِك) في النص رقم 130، فقد حَرَص

ص: 103

الناسخ فيها على ضبط كلمة (يَملِك) بفتح الياء وكسر اللام، لئلا تُقرأ -عن غير قصد- عند إهمال ضبطها:(يُملَك) بالبناء للمجهول، فتكون خطأً فادحًا.

ومن أمثلة هذا التيقظ لدى الناسخ ودقته العلمية في ضبط الكلمات المشتبهة التي ربما يخطئ القارئ في قراءتها لو لم تُضبط، أو يُظن بأن الناسخ نفسه ربما يكون أخطأ في ضبط تلك الكلمة، وأن الصواب فيها خلاف ما ضبطها الناسخ:

ما نراه في ضبط كلمة (المخبَرون)(النص رقم 399)، فقد دقَّق الناسخ في ضبط (الباء) هنا، فضبطها أولًا بوضع الفتحة عليها، ثم لم يكتف بذلك بل نص على ضبطها صريحا بالكلمات، فقال عقبها (بفتح الباء)، وما ذلك إلا لأن الكلمة محل اشتباه كبير في السياق؛ لأن تُقرأ بكسر الباء حسب المتبادر الذي تسبق إليه الألسنة لدى قراءتها من أول وهلة، فكان من دقة الناسخ وتيقظه: أن اعتنى بالضبط الحرفي الصريح؛ لئلا يظن القارئ عند الاكتفاء بوضع الفتحة على الباء فقط، أنه ربما كان ذلك سهوَ قلم من الناسخ، وأنه أخطأ في ذلك، وأن الصواب فيها كسر الباء! فلإزالة هذا الاشتباه والالتباس لدى القارئ، احتاط الناسخ فنصّ على الضبط صريحًا مع الضبط بالتشكيل؛ ليطمئن القارئ أن وضع الفتحة على الباء ليس خطًا وسهوًا من الناسخ، بل هو الصواب المتعين هنا.

ب- ومن مظاهر الدقة لدى الناسخ فيما يتعلق بالضبط: عنايته باستعمال بعض علامات الضبط والتقييد التي تُتبع في الكتابة العلمية:

- فمن ذلك: وضع علامة اللَّحق للكلمات التي تسقط من صلب المتن، فتحتاج إلى أن تُكتب في الهامش أمام اللحق. ومن التدقيق العلمي في كتابة هذه الكلمات في الهامش -وهو ما يفعله الناسخ- أن لا يُكتَفَى بمجرد كتابتها وإلحاقها في الهامش فقط، بل ينبغي أن توضع عليها علامة (صح) لإشعار القارئ بأن هذه الكلمة هي في موضعها الصحيح هنا، وليست مقحمة خطأً.

ص: 104

وقد بدا من خلال تصفح المخطوط، أن الناسخ التزم بوضع هذه العلامة (صح) على جميع الكلمات الساقطة التي كان يضع لها لَحَقًا، ثم يكتبها أمام اللحق في الهامش، إلا في ثلاثة مواضع:

فأول تلك المواضع: في النص رقم 142 (اللوحة 18 / ب) جاءت هنا آية {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].

فهذه الآية سقط منها من بدايتها كلمة {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} ، ثم سقط من أثنائها كلمة {أَحْيَا} الثانية. فوضع الناسخ لكلتا الكلمتين، علامة لَحَق في داخل المتن، ثم كتبهما في الهامش، ولكن لم يضع عليهما علامة (صح). ولعل سبب ذلك واضح، وهو أنهما كلمتان من آية قرآنية، وهي لا يمكن أن تكون إلا هكذا، فلا داعي لعلامة (صح) هنا.

وثاني تلك المواضع: في النص رقم 276 (اللوحة 31 / أ) جاء فيه قول البلقيني: (وحينئذ فمجموع نية المؤمن خيرٌ من مجموع فعل الكافر) وقد سقطت كلمة (فعل) من المتن، فوضع لها الناسخ لَحَقًا وكتبها في الهامش بدون علامة (صح).

وثالث المواضع: في النص رقم 282 (اللوحة 31 / ب) جاء فيه قول البلقيني: (قد يجب النظر في المصحف للمصلي الذي لا يحفظ الفاتحة إذا أمكنه ذلك) وسقطت كلمة (الذي) منه من المتن، فوضع الناسخ عندها علامة اللحق، ثم كتبها في الهامش بدون علامة (صح).

- وفي بعض المواضع لم يضع الناسخ علامة اللحق للكلمات الساقطة من المتن، بل أَكمل ذلك المقدار الساقط من النص، بكتابته مباشرةً ملاصقًا للكلمة التي سقط من عندها الكلام، ثم وضع في النهاية علامة (صح)(1).

(1) ينظر لذلك مثلًا: النص رقم 50 (نهاية اللوحة 9 / أمن المخطوط، وبداية 9 / ب)، =

ص: 105

- ومن مظاهر استعمال الناسخ لعلامات الضبط: وضع حرف حاء مهملة صغيرة تحت بعض الكلمات التي تشتمل على هذا الحرف، وفيها احتمال الاشتباه أو الغلط في القراءة.

ينظر مثلًا: اللوحة 50 / ب من المخطوط: عبارة (ويقترن الانعقاد والصحة بآخر حروفه)، فقد وضع الناسخ (ح) صغيرة تحت حاء (حروفه) لأنه بيَّن هناك في الهامش أن كلمة (حروفه) هذه نفسها، فيها وجه آخر وهي أنها تحتمل أن تكون (جزء منه)، فللتمييز بين الجيم من (جزء) وبين الحاء من (حروفه) وضع تلك الحاء الصغيرة تحت (حروفه) للتأكيد على أنها حاءٌ وليست جيمًا (1).

ج- من مظاهر دقة الناسخ واتباعه للمنهج العلمي في النسخ: إثباته لـ (التعقيبة).

والتعقيبة هي أن يكتب الناسخ في نهاية كل لوحة، الكلمةَ التي تبتدئ بها اللوحة التالية؛ لتنبيه القارئ إلى ربط الكلام في بداية اللوحة التالية بما سبق في اللوحة التي قبلها. وفائدة هذا تظهر فيما لو فُرض مثلًا أنه وُجد سقط أو طمس في نهايات لوحات المخطوط أو في بداياتها، أو حصل خلط في ترتيب أوراق المخطوط، فإن إثبات هذه التعقيبة ستدل القارئ على الكلمة الصحيحة التي يبتدئ بها كل لوحة من المخطوط، وبذلك يصل إلى بُغيته

= والنص رقم 54 (نهاية اللوحة 9 / ب)، والنص رقم 74 (اللوحة 12 / أ).

(1)

وينظر أيضًا اللوحة 32 / أمن المخطوط في عبارة (وكذلك يجب على الحاكم الذوق) فقد وضع الناسخ (ح) صغيرة تحت حاء (الحاكم) لأن هذه الكلمة لم تأت مُتقنة ومجوّدةً عند كتابة الناسخ لها، فتدارك ذلك بوضع حاء تحتها للتأكيد على أنها هي.

وكذلك فعل هذا مع كلمة (الإحسان) في آية (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) في آخر اللوحة 9 / ب من المخطوط، حيث وضع الناسخ (ح) صغيرة تحت حاء (الإحسان).

وكأن ذلك أيضًا بسبب أنها لم تأت متقنة في الكتابة.

ص: 106

بدقة. وهذا ما يجعل أهميةً لـ (التعقيبة) بحيث يُستدل بوجودها لدى أي ناسخ من نساخ المخطوطات، على دقة المنهج العلمي لديه في فن النسخ.

وقد اتّبع ناسخ (الفوائد الجسام) هذه الطريقة، فأَثبت التعقيبة في أسفل لوحات المخطوط، في نهاية الوجه (أ) من كل لوحة، فكان يُثبت هناك الكلمة التي يبتدئ بها الوجه (ب) من نفس اللوحة. وهكذا مَشَى في جميع لوحات المخطوط.

د- ومن مظاهر دقة الناسخ: ما يتعلق بتصحيح الكلمات التي كُتبت خطأً، وتحتاج إلى تصحيح.

فمن ذلك ما هو معروف من طريقة الضرب على الكلمة التي كُتبت خطأً في المتن، ثم كتابتها مرة أخرى صحيحة في الهامش. وهذا ما فعله الناسخ في بعض الكلمات كما في النص رقم 20 الذي جاء فيه قول الشيخ ابن عبد السلام:(وكذلك قراءة حمدلة الفاتحة في الصلاة، مساوية لقراءتها في غير الصلاة، مع أنها أفضل منها إذا قُرئت خارج الصلاة). فكلمة (مساوية) كانت كُتبت في داخل المتن: (مستوية) فضَرَب عليها الناسخ، ووَضَع عندها علامة لحق إلى جهة الهامش، ثم كتب الكلمة في الهامش صحيحة (مساوية) مع التصحيح عليها.

وقد يكتفي بالضرب فقط على موضع الخطأ في الكتابة -دون إعادة كتابة الصواب في الهامش- إن كان ذلك كافيًا في إشعار القارئ، وتنبيهه لموضع الخطأ.

ومن براعة الناسخ في هذا الصدد: ما فعله في قول البلقيني في النص رقم 119: (نعم يُعطَى اليقينَ فيما إذا خلّف زوجة حاملًا وأبوين، فإن للزوجة ثُمُنًا عائلًا، وللأبوين سُدسين عائلين، لأن لكلٍّ منهما ها هنا مقدارًا يرجع به على التركة، فأُعطِيَه عائلًا، لأنه لا يمكن أن يأخذ أقل منه على كل تقدير).

ص: 107

ففي هذه العبارة كان وقع خطأ في الكتابة في موضعين:

- الخطأ الأول في كتابة كلمة (وأبوين)، حيث كُتبت بحرف (أو) هكذا:(أو أبوين). والصواب أنها بـ (الواو).

فصحح الناسخ هذا الخطأ بتصرف قليل، بأنْ اكتفى بشطب همزة (أو) فقط، وتَرَك حرف (و) كما هو، بل زاد دقةً في التصحيح فوَضَع على هذه الواو - بعد أن شَطَب همزتها- فتحةً هكذا (وَ)؛ ليؤكد للقارئ بأن (الواو) هي الصواب، إذ إنها لو كانت (أوْ) لكانت (الواو) فيها ساكنة لا مفتوحة. فكون الناسخ يضع فتحةً هنا على الواو، هو تلميح ذكيٌّ منه للقارئ بأن الناسخ متنبه لما يفعله، وأن الهمزة في هذه الكلمة مشطوبة فعلًا، ولهذا صارت الواوُ بعدها مفتوحةً.

وهكذا صارت كلمة (حاملًا أو أبوين) بعد هذا الشطب الدقيق، صحيحة هكذا:(حاملًا وأبوين). هذا ما يتعلق بالخطأ الأول في الكتابة في العبارة المذكورة.

- أما الخطأ الثاني فيها في الكتابة، ففي كلمة (لأن لكلٍّ منهما)، حيث وقع خطأ في كتابتها هكذا (لأن لكلًا منهما) أي بنصب (كلًّا)، والصواب أنها مجرورة بحرف اللام الجارّة. فكان من فطنة الناسخ في تصحيح هذه الكلمة أنه لم يشطب عليها كلها، ولم يُعِدْ كتابتَها مرة أخرى في الهامش، بل شطب على الألِف (1) فقط من كلمة (كلا) ثم وضع كسرتين تحت اللام، فصارت هكذا (لكلٍا) (في الرسم) ولكنها تُقرأ:(لكلٍّ)(لأن الألف قد شُطبت).

هـ - ومما يتعلق بتصحيح الكلمات، أنه قد يَزِلّ قلم الناسخ بكتابة كلمةٍ واحدةٍ مرتين، فيضرب على واحدة منها ويُبقي الثانية.

مثال ذلك: حديث (إذا مرض العبد أو سافر، كَتَب الله له ما كان يعمل

ص: 108

صحيحًا مقيمًا) (في النص رقم 28)، فقد جاء نصه في داخل المتن مكتوبًا هكذا: (إذا مرض سافر العبد أو سافر، كَتَب الله له

" فكُتبت كلمة (سافر) خطأً قبل كلمة (العبد)، والحال أنها موجودة في موضعها الصحيح بعد ذلك في السياق، فاكتفى الناسخ هنا بالضرب على الموضع الأول، وبذلك صار سياق الحديث صحيحًا.

ويبدو من ملاحظة موضع هذه الكتابة في المخطوط: أن الناسخ كان سَبَق قلمه عند كتابة بداية الحديث، حيث كَتَبه خطأً هكذا:(إذا مرض سافر)، ثم تذكرّ مباشرةً أن كلمة (سافر) هنا خطأٌ، فضَرَب عليها فورًا، واستمرّ في إكمال كتابة باقي الحديث صحيحًا تامًّا.

و- ومما لفت نظري من صنيع الناسخ في هذا الجانب المتعلق بتصحيح الكلمات: أنه في النص رقم 488 (اللوحة 51 / أ) جاءت كلمة: (والبرّ والفجور أوصاف) فجاءت كلمة (الفجور) مكتوبة في داخل المتن بالضمة على الجيم هكذا (الفجُور)، وكأنه لذلك تنبه الناسخ فأعاد كتابتها في الهامش بوضع الضمة على الراء هكذا:(الفجورُ). ولم يتبين لي سبب هذه الإعادة، إلا أن يكون الناسخ أراد تصحيح الخطأ الذي وقع في تشكيل حرف الجيم، وأن الصواب فيه وضع ذلك التشكيل على الراء. والله أعلم.

3 -

ومن مظاهر دقة الناسخ في فن النسخ ومعرفته بقواعده العلمية: أنه في موضع من المخطوط، انتهى من كتابة فقرة، ثم بدأ بكتابة فقرة أخرى في السطر نفسه مع ترك فراغٍ بين الفقرتين. ولئلا يَظُن القارئ أن هذا الفراغ سَقَط فيه شيء من الكلام، جَعَل الناسخ فيه خطوطًا مائلة هكذا / / / / لسدّ ذلك الفراغ، وليُطَمْئِن القارئ أنه لا يوجد هنا سَقَطٌ، هانما الكلامُ متصلٌ بعضه ببعض. (ينظر لذلك في المخطوط: اللوحة 4 / ب في بدايتها).

ص: 109

وفَعَل هذا الشيء نفسه في اللوحة 12 / ب (عند عبارة: (كما يشير إليه قوله وفضيلةُ المهريّة تفوتُ بذبحها

".

فقد جاءت صورة العبارة كما هي أمامك، أي: بوجود فراغ بين كلمة (قوله) وبين كلمة (وفضيلة)، مع أن الكلام في الواقع متصلٌ بعضه ببعض، أي: أن كلمة (وفضيلة) هي مقول كلمة (قوله)، فهنا أيضًا وضع الناسخ خطوطًا مائلة / / / / في موضع الفراغ، للإشارة إلى أن الكلام متصلٌ، ولا يوجد شيء ساقط منه.

4 -

جرى الناسخ على عدم الاهتمام بتنقيط الكلمات الواضحة التي لا تُسبب صعوبة في القراءة.

5 -

توجد مواضع قليلة في المخطوط، فيها طمس أو بياض، وبسبب ذلك جاء كلام البلقيني في هذه المواضع مبتورًا وناقصًا، ولم يمكن تدارك ذلك بسبب كون هذه النسخة هي الوحيدة التي كان عليها المعوّل في إخراج الكتاب، فلا توجد نسخة أخرى -أو مصدر آخر- يمكن أن يُسعِف في مثل هذه المواضع لإكمال الطمس.

6 -

توجد للناسخ تعليقات علمية على هوامش المخطوط في بعض المواضع، وهي تشتمل على تعقيب من الناسخ مثلًا على كلام شيخه البلقيني، أو إبداء وجهة نظر تجاه ما قاله شيخه (1).

7 -

يضع الناسخ حرف (ظ) على بعض الكلمات في هامش المخطوط، ويبدو أنه اختصار لكلمة (انظر)، إشارة من الناسخ للقارئ بأن يتثب من تلك الكلمة.

(1) ينظر مثلًا النص رقم 246.

ص: 110