المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب: - الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

‌المبحث الثالث وصف المخطوط

‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

النسخة التي اعتُمد عليها في هذا العمل، هي نسخة وحيدة، لكنها نفيسة قيّمة، ذلك أنها:

أولًا: مكتوبة بيد رجل عالمٍ ابنِ عالمٍ، ومع كونه كذلك فهو في الوقت نفسه تلميذٌ للبلقيني.

ثانيًا: أنها نسخة مقروءة -في الجملة (1) - على البلقيني، بقراءة هذا التلميذ الناسخ نفسه، وهو ما صرّح به البلقيني، بل كتبه بخط يده في آخر النسخة، كما يلي:

(أما بعد حمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد وآل سيدنا محمَّد والتابعين. فقد قرأ عليّ الشيخ الفاضل. . . تقي الدين أبو السعادات يحيى، ابن الشيخ الإمام العالم. . . شمس الدين أبي عبد الله محمَّد، ابن الشيخ المرحوم جمال الدين يوسف الكرماني

، قطعة كبيرة من (الفوائد الجسام على قواعد شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام)، فبحث في ذلك وحَقَّق، وغاص على المعاني ودَقَّق. . . قال ذلك، وكتبه الفقير إلى عفو ربه، عمر البلقيني

).

(1) وجه هذا القيد، ما سيأتي بعد قليل في كلام البلقيني أن المقروء عليه من هذا الكتاب:(قطعة كبيرة) منه.

ص: 89

وجاء التصريح بهذا أيضًا في موضعين من هوامش النسخة:

-فأحد الموضعين يقول فيه الناسخ: (بلغ كاتبه قراءة على مؤلفه شيخ الإسلام). (بداية الورقة 5 / ب من المخطوط).

- أما الموضع الآخر فهو مكتوب بخط البلقيني نفسه، ونصه:(بلغ قراءة وتحقيقًا، وهذا الأصل بيد صاحبِه صاحبِنا الشيخ تقي الدين الكرماني، نفع الله تعالى به. وكتبه مؤلفه، لَطَف الله تعالى به). (نهاية الورقة [12 / أ] من المخطوط).

وبالإضافة لما تقدم، يوجد أربعة عشر موضعًا في المخطوط، ثبتت فيها الإشارة لمجالس هذه القراءة، بكلمة (بلغ)(1).

ثالثًا: أن الناسخ حين قرأ هذه النسخة على شيخه البلقيني، لم يكن مجرد قارئ لها، بل كان يباحث شيخه، ويشاركه الرأي في التحقيق والغوص

(1) لكن جاءت في بعض هذه المواضع بخط ضئيل جدًّا، أو شبه مطموس. ثم إن هذه المواضع الأربعة عشر للبلاغات، متسلسلة من اللوحة 11 / أإلى 24 / أ.

ومن الغريب في أمر هذه البلاغات:

- أنها في هذه المواضع الأربعة عشر موضعًا ففط، فلا يوجد لها أثر من بعد اللوحة 24 / أإلى نهاية الكتاب.

- ثم هي متعاقبة من 11 / أإلى 24 / أكما سبق بدون انقطاع في أي لوحة بينها.

-ثم إن هذه البلاغات الأربعة عشر جاءت كلها في الوجه (أ) من كل لوحة.

- بل جاءت كلها في نفس المكان من كل لوحة من هذه اللوحات! أي: في حدود السطور 5 - 7 من كل لوحة.

فإذًا هي بلاغات جاءت في الوجه الأيمن (أ) من كل لوحة، وفي مكان واحد في كل لوحة، أي في السطور 5 - 7 تقريبًا من تلك اللوحات، ثم جاءت في أربع عشرة لوحةً فقط في وسط الكتاب، متسلسلةً من لوحة 11 / أإلى 24 / أ، وانقطعت بعدها إلى آخر الكتاب! ولم يتضح تفسير مجيئها بمجمل ما ذُكر من هذه الكيفية؟

ص: 90

على المضامين والمعاني. فإذًا لم تكن قراءته مجرد قراءة سَرد وعرضٍ، بل كانت قراءة تحقيق وتدقيق وتمحيص لما كان يمليه شيخه البلقيني.

رابعًا: أن البلقيني أثبت خطَّه عليها في موضعٍ في أثناء النسخة، وكذلك في آخر النسخة.

خامسًا: أن الناسخ أشار إلى وجود فروقٍ واختلافٍ في بعض الكلمات بين نسخته هذه وبين نسخة أخرى؛ مما يدلّ أنه اعتنى بتوثيق نسخته هذه ومقابلتها بتلك النسخة الأخرى.

فمن ذلك: ما جاء في النص رقم 81 (اللوحة 12 / أمن المخطوط)، قول الشيخ ابن عبد السلام:(التضحية بالأينق أولى لِما فيها من تعميم الإقاتة والنفع).

فكلمة (الإقاتة) جاءت هكذا في النص (مشتقة من مادة الاقتيات). لكن الناسخ وضع أمامها في الهامش كلمة (الإفادة) ووضع عليها حرف (خ)، يشير بذلك إلى أن كلمة (الإقاتة) وقعت في تلك النسخة الأخرى بلفظ (الإفادة).

ومثال آخر: جاء في النص رقم 97 (اللوحة 14 / أمن المخطوط) قول الشيخ ابن عبد السلام: (فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة، درأنا المفسدة وإن فوّتْنا المصلحة)(1).

فكلمة (وإن فوّتْنا المصلحة) كتب الناسخ أمامها في الهامش: (ولا نبالي بفوات المصلحة) ووضع عليها حرف (خ)، أي: فيكون سياق الكلام في

(1) كتب ناسخ المخطوط في الهامش أمام كلمة (وإن فوّتْنا المصلحة): (ولا نبالي بفوات المصلحة) ووضع عليها حرف (خ)، أي فيكون سياق الكلام في هذه النسخة الأخرى التي أشار لها الناسخ بـ (خ) هكذا:(فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة، درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة).

ص: 91

النسخة الأخرى هذه التي أشار لها الناسخ بـ (خ) هكذا: (فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة، درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة)(1).

ومثال ثالث: ما جاء في النص رقم 486 (اللوحة 51 / أمن المخطوط) من قول الشيخ ابن عبد السلام: (وأما التعبير بـ (لفظ الشرط) عن (أسباب الأسباب المحذوفة)، فله أمثلة

).

ففي أصل المخطوط وقع الكلام هكذا: (وأما التعبير بلفظ الشرط عن الأسباب المحذوفة) بدون كلمة (أسباب) المنكّرة.

ولكن الناسخ وضع بعد كلمة (الشرط) وقبل كلمة (الأسباب)، علامةَ

(1) ويشير الناسخ في مواضع لهذا الاختلاف بين النسختين، بعلامة الرقم (2)، وذلك أنَّه يضع هذه العلامة (2) داخل صلب المتن على الكلمة محلّ الاختلاف، ثمَّ يكتب أمامها في الهامش الكلمة البديلة لها حسب ما وجدها في النسخة الأخرى، ويضع عليها أيضًا العلامة نفسها (2) ليشير للقارئ بأن يربط بواسطة هذه العلامة على الكلمة التي في المتن والتي في الهامش. ينظر لذلك:

- النص رقم 215 (اللوحة 25 / ب): كلمة (تُضمن). فقد كتب الناسخ أمامها من النسخة الأخرى، كلمة (تُجبر) مع علامة الرقم (2) في المكانين.

- النص رقم 222 (اللوحة 26 / أ) كلمة: (بأسبابها). وضع الناسخ عليها علامة (2) ثمَّ كتب بالهامش من النسخة الأخرى: (بإيجابها) ووضع أيضًا علامة (2).

- النص رقم 242 (اللوحة 27 / ب): (والنية بالتقرب إلى الله تعالى) وضع الناسخ على لفظ الجلالة علامة (2) وكتب أمامه في الهامش: (رب السماوات) مع وضع نفس العلامة.

- النص رقم 336 (اللوحة 36 / ب): (لكل واحد منها رُتب). وضع الناسخ على كلمة (منها) علامة (2) ثمَّ كتب في الهامش كلمة (منهن) ووضع عليها أيضًا نفس العلامة.

- النص رقم 423 (اللوحة 46 / ب): كلمة (العرب). كتب الناسخ أمامها من النسخة الأخرى: (العلماء) مع علامة الرقم (2) في الموضعين.

- النص رقم 474 (اللوحة 50 / ب): كلمة (بآخر حروفه). كتب الناسخ أمامها من النسخة الأخرى، كلمة (بآخر جزو منه)، واضعًا علامة (2) في الموضعين.

ص: 92

لَحَقٍ إلى جهة الهامش، ثمَّ كتب في الهامش كلمة (أسباب) المنكّرة، ووضع عليها حرف (خ)، إشارة إلى أن هذه الكلمة المنكّرة ثابتة هنا في هذا المكان في نسخة أخرى، فتصير العبارة على الصواب بتمامها هكذا:(وأما التعبير بـ (لفظ الشرط) عن (أسباب الأسباب المحذوفة)(1).

ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أنني كنتُ أحسب بادئ ذي بدء، أن هذه النسخة الأخرى التي يرجع إليها الناسخ ويقابِل بها؛ هي نسخة أخرى من نفس كتاب (الفوائد الجسام).

هكذا حسبتُ وقدّرتُ، وعلى ذلك مشيتُ طوال العمل في الكتاب، إلى أن كنتُ قرب الانتهاء من العمل -وخصوصًا أثناء كتابة هذه المقدمة- إذ خطرت ببالي خاطرة أخرى صارت هي المعوَّل عليها، والفيصلَ في أمر هذه النسخة الأخرى.

وهي أن هذه النسخة الأخرى ليست نسخةً ثانية من كتاب (الفوائد الجسام)؛ بل يظهر أنها نسخة من كتاب الشيخ ابن عبد السلام (قواعد الأحكام)، وأن الناسخ رجع إليها لمقابلة وتوثيق نصوص الشيخ ابن عبد السلام التي نقلها البلقيني، وعلّق عليها.

والذي قوَّى هذا الاحتمال عندي، أنني رجعتُ إلى جميع تلك الكلمات التي أشار الناسخ فيها إلى وقوع الاختلاف فيها بين نسخته الحالية وبين النسخة الأخرى، فوجدتها كلها واقعة ومحصورة في نفس نصوص الشيخ ابن عبد السلام، وليس شيء منها من كلام البلقيني (سوى النص رقم 474، وهو أيضًا يرجع في الحقيقة إلى أصل نص كلام الشيخ).

فكون الناسخ لم يشر إلى الخلاف في تلك الكلمات، إلا في عبارات

(1) وهكذا جاءت العبارة أيضًا في المطبوع من قواعد الأحكام 2: 183.

ص: 93

الشيخ ابن عبد السلام فقط، ربما يرجّح القول بأن النسخة الأخرى، هي نسخة من كتاب (قواعد الأحكام) وليست من (الفوائد الجسام).

ثمَّ مما جعلني أجزم بهذا الاحتمال ويستقر عليه رأيي، أنني وجدتُ دليلًا واضحًا عليه من كلام الناسخ نفسه، وذلك فيما جاء في النص رقم 430.

ففي هذا النص نقل البلقيني قول الشيخ ابن عبد السلام: (فإن كانوا شرذمةً قليلةً، وجب القضاء. وإن كان جَمْع الحاجّ، لم يجب القضاء). انتهى.

هكذا نقل البلقيني كلام الشيخ ابن عبد السلام، ثمَّ علّق عليه بتصحيح كلمة (جَمْع)، فقال:(صوابه: جميع، أو أكثرهم). ويقصد البلقيني أن كلمة (جَمْع الحاج) الواقعة في كلام الشيخ ابن عبد السلام، صوابها أن تكون:(جميع الحاج. . .).

هذا ما قاله البلقيني، لكن عَلَّق عليه تلميذه الناسخ في هامش المخطوط بقوله:

(أقول: كأن نسخة شيخنا كانت: (جَمْع). وأما النسخة التي رأيتُها، فهي (جميع)، فحينئذ السؤالُ ساقط). انتهى كلام الناسخ.

فينظر، كيف أن الناسخ يقارن هنا بين نسختين في تصويب كلمة جاءت في لفظ كلام الشيخ ابن عبد السلام، وكيف استدرك على شيخه البلقيني بأن تلك الكلمة جاءت -في نسخة أخرى- على الصواب تمامًا حسب ما كان يريده شيخه فيها.

ومن الواضح أن استدراك الناسخ هذا -على شيخه البلقيني- لا يصح، ولا يُثمر نتيجةً، إلا إذا كانت تلك النسخة الأخرى التي يقول عنها: إنه رأى فيها هذه الكلمة على الصواب، هي من نفس كتاب (قواعد الأحكام).

ص: 94

وبهذا يقال: إن النسخة الأخرى التي أشار إليها الناسخ: هي نسخة أخرى من كتاب (قواعد الأحكام) للشيخ ابن عبد السلام، وأن الناسخ قابل بها، ووثَّق بها نصوص كلام الشيخ ابن عبد السلام التي كان ينقلها البلقيني.

ويُخلص مما تقدم إلى القول بأن هناك نسختين مبطّنتين من كتاب (قواعد الأحكام) ضمن كتابنا هذا (الفوائد الجسام):

إحداهما: نسخة البلقيني من (قواعد الأحكام) التي كان ينقل منها نصوص الشيخ ابن عبد السلام، ثمَّ يعلّق عليها.

والأخرى: نسخة الناسخ من نفس (قواعد الأحكام) أيضًا، التي كان يرجع إليها، ويقارن بها ما ثقله شيخه البلقيني من تلك النصوص، ويُثبت الاختلافات بينها وبين نسخة شيخه.

وينبني على ما سبق نتيجة مهمة:

وهي أن طبعة دار القلم المحققة من كتاب (قواعد الأحكام)، الصادرة بتحقيق الأستاذين الدكتور نزيه حماد والدكتور عثمان ضميرية، اعتمد فيها المحققان على سبع نسخ خطية للكتاب.

ولكن ظهر لي أن نسختَيْ (قواعد الأحكام) هاتين (أي نسخة البلقيني، ونسخة الناسخ) المضمّنتين هنا في (الفوائد الجسام)، هما غير تلك النسخ السبع التي تم اعتمادها في تحقيق هذه الطبعة من (قواعد الأحكام).

وللتدليل على هذا، أكتفي بذكر مثالين -يقاس عليهما غيرهما- يتضح بهما ما أريد أن أصل إليه من هذه النتيجة.

فالمثال الأول: من النص رقم 81: وقع في هذا النص اختلاف في لفظ (الإقاتة) بين ما أثبته البلقيني من نص كلام الشيخ ابن عبد السلام من نسخة (قواعد الأحكام) التي عنده، وبين ما نبه إليه الناسخ من النسخة الأخرى

ص: 95

للكتاب نفسه. فاللفظ جاء هكذا (الإقاتة) عند البلقيني؛ أما في نسخة الناسخ، فهو:(الإفادة).

وقد جاء هذا اللفظ في طبعة دار القلم من (قواعد الأحكام) حسب ما أثبته البلقيني، أي: بلفظ (الإقاتة)، ولم يُشر المحققان إلى ورود هذا اللفظ عندهم في أي نسخة من النسخ السبع التي بين أيديهم، بلفظ (الإفادة)(الذي جاء في نسخة الناسخ من (قواعد الأحكام)، مما يدل أن تلك النسخ السبع، كلها متفقة في هذا اللفظ حسب ما أثبته البلقيني؛ وأنه لا يوجد هذا اللفظ في أي منها، بلفظ (الإفادة) حسب ما جاء في نسخة الناسخ، وإلا لكان المحققان أشارا إلى ذلك حسب ما يحرصان عليه من التنبيه الدقيق على فروق النسخ.

فيثبت بهذا المثال أن (نسخة الناسخ) من (قواعد الأحكام) هي غير النسخ السبع التي صدرت عليها طبعة دار القلم.

أما المثال الثاني: فهو من النص رقم 430 الذي وقع فيه اختلاف بين نسخة البلقيني من (قواعد الأحكام) وبين نسخة الناسخ، في لفظ (جَمْع الحاج) و (جميع الحاج). فقد جاء في نسخة البلقيني على الصورة الأولى، بينما صرح تلميذه الناسخ في الاستدراك على شيخه أنه وجده في نسخة أخرى على الصورة الثانية.

والأمر هنا فيما يتعلق بطبعة دار القلم من (قواعد الأحكام): على العكس من المثال الأول السابق؛ يعني أن هذا اللفظ وقع في هذه الطبعة، طبقًا لما أشار إليه الناسخ، أي: بلفظ (جميع الحاج)، وليس كما أثبته البلقيني بلفظ (جَمْع الحاج)؛ ولكن هنا أيضًا سكت المحققان عن الإشارة إلى أي اختلاف في هذا اللفظ فيما بين أيديهم من النسخ السبع للكتاب، مما يدلّ أن تلك النسخ السبع كلها متفقة في إيراد هذا اللفظ حسب ما أثبته

ص: 96

الناسخ، وأنه لم يأت في شيء منها حسب ما أثبته البلقيني، وإلا فلو كان ورد في شيء منها كما أورده البلقيني، لكان المحققان أشارا إلى ذلك في التنبيه على فروق النسخ.

وثبت بهذا المثال الثاني: أن نسخة البلقيني من (قواعد الأحكام) هي أيضًا غير النسخ السبع التي رجع إليها محقِّقا هذا الكتاب.

هذان مثالان للتدليل على ما أريد أن أصل إليه من هذه النتيجة، وهي أن نسختَيْ (قواعد الأحكام) هاتين (أي نسخة البلقيني ونسخة الناسخ) هما نسختان أخريان غير النسخ السبع الخطية المعتمدة في طبعة دار القلم.

وهكذا وجدتُ الأمر فيما يتعلق بباقي النصوص أيضًا التي نبه الناسخ فيها إلى اختلافٍ بين ما يُثبته البلقيني من كلام الشيخ ابن عبد السلام، وبين ما يجده الناسخ في النسخة الأخرى. فلم أجد في تلك النصوص أيضًا -في طبعة دار القلم المحققة المشار إليها من (قواعد الأحكام) -، أيَّ تنبيه من طرف المحققين إلى فروق النسخ فيها، مما يدلّ أنه لا توجد عندهم في تلك النسخ السبع أيُّ اختلافات في تلك النصوص.

وإلا فلو كانت تلك الاختلافات موجودة أمامهما، في أي نسخة من تلك النسخ السبع، لَمَا أغفلا الإشارة إليها، خصوصًا مع حرصهما على إثبات فروق النسخ بمنهجية دقيقة، ولو كان الفرق يتعلق باختلاف حرفٍ واحدٍ فقط.

فيدل كل ذلك أن ما بين أيديهم من النسخ السبع لكتاب (قواعد الأحكام)، هي غير هاتين النسختين اللتين كَشَف عنهما كتابنا هذا (الفوائد الجسام)(1).

(1) هذا بالإضافة إلى ما تقدم ضمن عرض (طريقة البلقيني في تعليقاته) من الإشارة إلى أن البلقيني، هو نفسه أيضًا كان مطّلعًا على نسخ من كتاب (قواعد الأحكام)، ولهذا كان يقارن في بعض المواضع بين نصوص تلك النسخ. وتقدم هناك البيان بأن هذه النسخ -التي يشير إليها البلقيني-، هي أيضًا لا تتفق مع ما عند الأستاذين محقِّقَي طبعة دار القلم من الكتاب، من النسخ السبع الخطية له، بدليل أن بعض المغايرات التي أشار =

ص: 97

ولا أريد بهذا، الاستدراك على هذين الأستاذين فيما يتعلق بأمر هاتين النسختين، خصوصًا مع ما بذلاه من جهد طيب مشكور في إخراج هذا الكتاب النفيس (قواعد الأحكام) وتحقيقه -لأول مرة- على تلك النسخ السبع الخطية بعناية فائقة، وإنما أردتُ مجرد توجيه النظر إلى قيمة كل من هاتين النسختين الإضافيتين.

ولا يخفى أنهما نسختان عاليتان:

فقد اعتَمَد على إحداهما العلامة البلقيني في نقل نصوص الشيخ ابن عبد السلام، ثم التعليقِ عليها في كتابه هذا (الفوائد الجسام).

أما النسخة الثانية فقيمتها تظهر من جهة أن ناسخ (الفوائد الجسام) -وهو تلميذ البلقيني والمتلقي لهذا الكتاب عنه-، اعتمد عليها في توثيقِ تلك النصوص من كلام الشيخ ابن عبد السلام التي نقلها شيخه البلقيني، ومقابلتِها بما جاء فيها والإشارةِ لما وقع من اختلاف بينها وبين نسخة شيخه البلقيني.

= إليها البلقيني من تلك النسخ التي اطلع عليها، لا توجد في أي نسخة من النسخ السبع المعتمدة في طبعة دار القلم المشار إليها. فيثبت هنا بالجملة أن هناك ثلاثة أنواع من النسخ من كتاب (قواعد الأحكام) يتبطّنها ويحتويها كتابنا هذا (الفوائد الجسام) وهي جميعها تُعتبر نسخًا إضافية على النسخ السبع المعتمدة في الطبعة المحققة من (قواعد الأحكام)، وهي:

- نسخة (قواعد الأحكام) التي كان البلقيني ينقل منها نصوص الشيخ ابن عبد السلام في كتابه هذا (الفوائد الجسام).

- نسخ أخرى من (قواعد الأحكام)، أشار إليها البلقيني نفسه في أثناء تعليقاته، وأَثبت منها فروقًا ومغايرات بين النسخة التي كان ينقل منها النصوص، وبين ما وجده في هذه النسخ الأخرى.

- نسخة (قواعد الأحكام) التي كانت بيد تلميذ البلقيني وناسخ كتابه هذا (الفوائد الجسام) والتي وجد فيها أيضًا فروقًا ومغايرات بين ما أثبته شيخه البلقيني من كلام الشيخ ابن عبد السلام، وبين ما وجده الناسخ في هذه النسخة.

ص: 98

ومن الواضح أنه لم يمكن معرفةُ هاتين النسختين والوقوفُ عليهما إلا من خلال هذا الكتاب (الفوائد الجسام)، فلعل ذلك يكون داعيةً للبحث عنهما -أو ما يوافقهما من النسخ- لتُضافا إلى النسخ السبع السابقة، حين إخراج الطبعة القادمة من كتاب (قواعد الأحكام).

سادسًا: أن الناسخ اعتنى بنَسْخ الكتاب وكتابته وفق منهج علمي دقيق (1).

وفذلكة الكلام في مميزات هذه النسخة المخطوطة لكتاب (الفوائد الجسام):

- أنها نسخة مكتوبة بيد رجلٍ عالمٍ -وليس هو مجرد ناسخ-، ثمَّ هو في الوقت نفسه تلميذ للبلقيني.

- وهي نسخة مقروءة -في الجملة- بقراءة الناسخ نفسه على شيخه البلقيني. ولم تكن قراءته قراءة سَردٍ فقط، بل قراءة معايشة لمضامين الكتاب والمباحثة فيها مع شيخه.

- وعلى النسخة خط البلقيني.

- ثمَّ إن نصوص الشيخ ابن عبد السلام التي كانت محلَّ تعليق البلقيني، وكان البلقيني نقلها من نسخة عنده من (قواعد الأحكام)؛ وثَّقها الناسخ من نسخة أخرى من نفس كتاب (قواعد الأحكام).

- وأخيرًا، هي نسخة مُتقنة دقيقة من حيث القواعد العلمية المطلوبة للنسخ والكتابة.

فجملة تلك المميزات، تُضفي على هذه النسخة قيمة علمية رفيعة.

(1) سيأتي عرض مظاهر هذا الإتقان والدقة في عنصر (وصف النسخة مضمونًا).

ص: 99