المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌تقديم بقلم الأستاذ الجليل الدكتور علي أحمد الندوي

- ‌المبحث الأول التعريف بكتاب (الفوائد الجسام)

- ‌أولًا: تسمية الكتاب:

- ‌ثانيًا: توثيق نسبة الكتاب للبلقيني:

- ‌ثالثًا: توثيق مضمون الكتاب للبلقيني:

- ‌رابعًا: طبيعة الكتاب:

- ‌خامسًا: أسلوب الكتاب:

- ‌سادسًا: منهح الكتاب:

- ‌سابعًا: مزايا الكتاب:

- ‌ثامنًا: مصادر البلقيني في الكتاب، وطريقته في العزو:

- ‌المبحث الثاني التعريف بابن عبد السلام، والبلقيني، والناسخ يحيى الكرماني

- ‌أولًا: التعريف بابن عبد السلام

- ‌1 - موجز عن سيرته:

- ‌2 - براعته في التصنيف والتأليف:

- ‌3 - مكانة كتاب (قواعد الأحكام) للعز بن عبد السلام:

- ‌4 - نموذج من علومه ومعارفه:

- ‌5 - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:

- ‌ثانيًا: التعريف بالبلقيني

- ‌1 - اسمه، ولادته، دراسته وتفوقه العلمي:

- ‌2 - مكانته العلمية، وثناء الأعلام عليه:

- ‌3 - أعلام من تلامذته:

- ‌4 - من سيرته في الحياة:

- ‌5 - مؤلفاته:

- ‌6 - وفاته:

- ‌ثالثًا: التعريف بناسخ المخطوط:

- ‌أ - ترجمة الناسخ

- ‌ب- مشاركات الناسخ العلمية في هذا الكتاب:

- ‌المبحث الثالث وصف المخطوط

- ‌أ- قيمة النسخة المخطوطة المعتمدة في إخراج الكتاب:

- ‌ب- وصف المخطوط شكلًا:

- ‌ج - وصف المخطوط مضمونًا:

- ‌[المبحث الرابع عملي في خدمة الكتاب]

- ‌أولًا: ما يتعلق بخدمة النص في صلب المتن:

- ‌ثانيًا: ما يتعلق بخدمة النص في الهوامش:

- ‌نماذج من النسخة الوحيدة التي حُقِّق عليها الكتاب

- ‌الاصطلاحات المعتمدة في النص المحقق

- ‌[مقدمة البلقيني]

- ‌[مقدمة الشيخ ابن عبد السلام لكتابه (قواعد الأحكام) وتعليق البلقيني عليها]

- ‌[فصل في بناء جلب مصالح الدارين ودرء مفاسدهما على الظنون]

- ‌[فصل فيما تُعرف به المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في تقسيم أكساب العباد]

- ‌[فصل في بيان حقيقة المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل في بيان ما رُتِّب على الطاعات والمخالفات]

- ‌[فصل فيما عُرفت حِكَمُه من المشروعات وما لم تُعرف حكمته]

- ‌[فصل في تفاوت الأعمال بتفاوت المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما تميَّز به الصغائر من الكبائر]

- ‌[فصل في إتيان المفاسد ظنًّا أنها من المصالح]

- ‌[فصل في بيان تفاوت رتب المصالح والمفاسد]

- ‌[فصل فيما يتفاوت أجزه بتفاوت تحمل مشقته]

- ‌[فصل في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد]

- ‌[فصل في تفاوت أجور الأعمال مع تساويها، باختلاف الأماكن والأزمان]

- ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

- ‌[فصل في بيان رُتب المفاسد]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح المجرّدة عن المفاسد]

- ‌[فصل في بيان تنفيذ تصرف البغاة وأئمة الجور لِما وافق الحقَّ، للضرورة العامة]

- ‌[فصل في تقيّد العزل بالأصلح للمسلمين فالأصلح]

- ‌[فصل في تصرف الآحاد في الأموال العامة عند جور الأئمة]

- ‌[قاعدة في تعذر العدالة في الولاية العامة والخاصة]

- ‌[فصل في تقديم المفضول، على الفاضل بالزمان، عند اتساع وقت الفاضل]

- ‌[فصل في تساوي المصالح مع تعذر جمعها]

- ‌[فصل في الإقراع عند تساوي الحقوق]

- ‌[فصل فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه]

- ‌[فصل في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح]

- ‌[فصل في اجتماع المصالح مع المفاسد]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المصالح]

- ‌[فصل في الوسائل إلى المفاسد]

- ‌[فصل في اختلاف الآثام باختلاف المفاسد]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه العالم والحاكم وما لا يثابان عليه]

- ‌[فصل في تفضيل الحكام على المفتين]

- ‌[فصل فيما يُثاب عليه الشهود وما لا يثابون عليه]

- ‌[فصل في بيان الإخلاص والرياء والتسميع]

- ‌[فصل في بيان الإعانة علي الأديان]

- ‌[فصل في تفاوت فضائل الإسرار والإعلان بالطاعات]

- ‌[قاعدة في بيان الحقوق الخالصة والمركبة]

- ‌[فصل في انقسام الحقوق إلى المتفاوت والمتساوي]

- ‌[فصل فيما يثاب عليه من الطاعات]

- ‌[قاعدة في الجوابر والزواجر]

- ‌[فصل فيما تُشترط فيه المماثلة من الزواجر وما لا تُشترط]

- ‌[فصل في بيان متعلقات حقوق الله تعالى]

- ‌[فصل في وقت النية المشروطة في العبادات]

- ‌[فصل في قطع النية في أثناء العبادة]

- ‌[فصل تردّد النية مع ترجّح أحد الطرفين]

- ‌[فصل في تفريق النيات على الطاعات]

- ‌[فصل ما يتعلق به الأحكام من الجوارح]

- ‌[فصل فيما يتعلق به الأحكام من الحَواسِّ]

- ‌[فصل فيما يتعلق بالأزمان من الطاعات]

- ‌[فصل في تنويع العبادات البدنية]

- ‌[فصل فيما يفوت من المصالح]

- ‌[فصل في مناسبة العلل لأحكامها]

- ‌[فصل فيما يُتدارك إذا فات بعذر]

- ‌[فصل في بيان تخفيفات الشرع]

- ‌[فصل في المشاقّ الموجبة للتخفيفات الشرعية]

- ‌[فصل في الاحتياط لجلب المصالح]

- ‌[فصل فيما يقتضيه النهي من الفساد]

- ‌[فصل في بناء جلب المصالح ودرء المفاسد على الظنون]

- ‌[فصل فيما يجب على الغريم إذا دُعِي إلي الحاكم]

- ‌[فصل فيما يَقدح في الظنون من التّهم وما لا يقدح فيها]

- ‌[فصل في تعارض أصلين]

- ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

- ‌[فصل في حكم كذب الظنون]

- ‌[فصل في بيان مصالح المعاملات والتصرفات]

- ‌[فصل في بيان أقسام العبادات والمعاملات]

- ‌[قاعدة في بيان حقائق التصرفات]

- ‌[الباب الأول في نقل الحق من مستحقّ إلى مستحق]

- ‌[الباب الثاني في إسقاط الحقوق من غير نقل]

- ‌[الباب الثالث في القبض]

- ‌[الباب الرابع في الإقباض]

- ‌[الباب الخامس في التزام الحقوق بغير قبول]

- ‌[فصل في تصرف الولاة]

- ‌[فصل فيما يسري من التصرفات]

- ‌[قاعدة في ألفاظ التصرف]

- ‌[قاعدة لبيان الوقت الذي تثبت فيه أحكام الأسباب]

- ‌[قاعدة في بيان الشبهات المأمور باجتنابها]

- ‌[فصل في التقدير على خلاف التحقيق]

- ‌[قاعدة فيما يقبل من التأويل وما لا يقبل]

- ‌[فصل فيما أثبت على خلاف الظاهر]

- ‌[فصل في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح المقال]

- ‌[فصل في حمل الأحكام على ظنون مستفادة من العادات]

- ‌[فصل في الحمل على الغالب والأغلب في العادات]

- ‌[قاعدة كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل]

- ‌[قاعدة فيما يوجب الضمان والقصاص]

- ‌[قاعدة فيمن تجب طاعته، ومن تجوز، ومن لا تجوز]

- ‌[قاعدة في الشبهات الدارئة للحدود]

- ‌[قاعدة في المستثنيات من القواعد الشرعية]

- ‌[خاتمه الكتاب]

- ‌ملحق 1: كتابة للبلقيني بخط يده، في آخر المخطوط

- ‌ملحق 2: قصيدة للبلقيني تتعلق بهذا الكتاب

- ‌ فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌[فصل في تعارض ظاهرين]

[فصل في تعارض ظاهرين]

416 -

قوله في فصل تعارض ظاهرين (1): (إذا تأمل الناسُ الهلال، فشهد برؤيته عدلان منهم، ولم يتفوّه غيرهما برؤيته، فقد اختلف العلماء فيه)(2).

يقال عليه: دليل مذهب الشافعي، حديث ابن عباس أن أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيت الهلال، فقال:(أتشهد أن لا إله إلا الله)؟ قال: نعم. قال: (أتشهد أن محمدًا رسول الله)؛ قال: نعم. قال: (فأذِّن في الناس يا بلال أن يصوموا غدًا)(3).

فلو كان ما ذكره المخالف قادحًا، لَبَيَّنه، ولَما أَمَر بالصيام.

(1) هذا الفصل يبدأ في المخطوط من هذا النص. أما في المطبوع من قواعد الأحكام 2: 104 فيبدأ من النص السابق المتعلق باختلاف الزوجين في متاع البيت.

(2)

قواعد الأحكام 2: 105 وتتمة كلام الشيخ بعده -وبه سيتضح تعليق البلقيني الآتي فيما بعدُ على هذا النص-كما يلي: (فقد اختلف العلماء فيه، فسمع الشافعي رحمه الله شهادتهما لظهور صدقهما بما ثبت من عدالتهما الوازعة عن الكذب. ورأى بعض العلماء ردّ شهادتهما لأن العادة تكذِّبهما، فإن العادة أن الجمع الكثير إذا رأوا الهلال: شَهَّرُوه وتفوّهوا برؤيته. فإذا لم يتفوّه برؤيته إلا الشاهدان، دل الظاهر المستفاد من العادة على كذبهما، أو على ضعف الظن المستفاد من قولهما).

(3)

رواه أَبو داود: الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان 2: 302 (2340) والترمذي: الصوم، باب ما جاء في الصوم بالشهادة 3: 74 (691) والنسائي: الصيام، باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان 4: 131 (2112) وابن ماجه: الصيام، باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال 1: 529 (1652) وابن خزيمة 3: 208 (923) وابن حبان 8: 229 (3446) والحاكم وصححه 1: 437 و 586 وألفاظهم مختلفة عن اللفظ الذي أورده البلقيني أعلاه. أما هذا اللفظ فقد أورده ابن الملقن في البدر المنير 5: 645 وابن حجر في التلخيص الحبير 2: 187 (878) وكذلك في متن بلوغ المرام بشرحه سبل السلام 2: 153.

ص: 390

417 -

قوله في (المثال الرابع: من اشتبه عليه إناء طاهر بإناء نجس، أو ثوبٌ طاهر بنجس، فأراد استعمال أحدهما بناءً على الاستصحاب، لم يجز، فإنا لا نحكم بالظن المستفاد من الاستصحاب حتى نضمّ إليه الظن المستفاد من الاجتهاد)(1).

يقال عليه: شرط العمل بالاستصحاب: في معيَّن. وليس ذلك بموجود في الإناءين، فليس ذلك من القاعدة التي قررها.

418 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: هل يُبنى إنكار المنكر على الظنون كغيره؟ فإنا لو رأينا إنسانا يسلُب ثياب إنسان، لوجب علينا الانكار عليه بناء على الظن)(2).

يقال عليه: إنما يجب الإنكار في هذا المثال بقرينةٍ تُغلّب على الظن كون السالب متعديا، كاستغاثة المسلوب ونحو ذلك، وإلا فلا إنكار، كما يرشد إليه المثال الثاني (3).

والأحسن أن يقال في المثال الثالث: (لو رأيناه يقتل إنسانًا يزعم أنه كافر حربي) إلى آخره (4): لأن الدار دالةٌ على عدم الحرابة، ليدخل الذمي ونحوه.

(1) قواعد الأحكام 2: 106 - 107.

(2)

قواعد الأحكام 2: 107.

(3)

والمثال الثاني هو: (وكذلك لو رأيناه يجرّ امرأةً إلى منزله يزعُم أنها زوجته أو أَمَتُه، وهي تُنكر ذلك، لوجب علينا الإنكار عليه، لأن الأصل عدم ما ادّعاه). قواعد الأحكام 2: 107.

(4)

هذا مثال ثالث ذكره الشيخ ابن عبد السلام ضمن إنكار المنكر بناء على الظنون (بعد مثال الشخص الذي يسلب ثياب إنسان، ومثال الشخص الذي يجرّ امرأةً إلى منزله)، ونص هذا المثال بتمامه هكذا: (وكذلك لو رأيناه يقتل إنسانًا يزعُم أنه كافر حربي دخل إلى دار الإسلام بغير أمان، وهو يكذِّبه في ذلك، لوجب علينا الإنكار عليه؛ لأن =

ص: 391

419 -

قوله بعد ذلك: (كما عُذِر موسى عليه السلام في إنكاره على الخضر، خَرْقَ السفينة وقَتْلَ الغلام)(1).

يقال عليه: بل لموسى، الإنكارُ بمقتضى الظاهر وإن عَلِم المصالح المذكورة؛ لأنه الذي كُلِّف به، ولم يكلَّف بعمل بما عليه في الباطن، والظاهرُ على خلافه. وقد قال صلى الله عليه وسلم:(لولا اللعان، لكان لي ولها شأن)(2).

420 -

قوله بعد ذلك: (ومنها: لو هرب مِن الإمام مَنْ تَحتَّم قتلُه، فأَمَر الإمامُ مَنْ يلحقه ليقتله، فاستغاث بنا لِنَمْنَعَه من قتله، فإن إغاثته واجبة علينا)(3).

= الله تعالى خَلَق عباده حنفاء، والدار دالّةٌ على إسلام أهلها لغلبة المسلمين عليها). قواعد الأحكام 2:107.

ويقصد البلقيني بالتعليق على هذا المثال: أن قول الشيخ في تعليل الإنكار هنا: (أن الدار دالّةٌ على إسلام أهلها لغلبة المسلمين عليها)، كان الأحسن منه أن يقال ما قاله البلقيني وهو:(أن الدار دالةٌ على عدم الحرابة ليدخل الذمي ونحوه).

(1)

قواعد الأحكام 2: 108 وكلام الشيخ ابن عبد السلام هذا، متعلق بأمثلته المذكورة عن (إنكار المنكر بناء على الظنون) فقد قال بعد ذكر تلك الأمثلة: (فإن أصابت ظنوننا في ذلك، فقد قمنا بالمصالح التي أوجب الله علينا القيام بها وأُجِرنا إذا قصدنا بذلك وجه الله سبحانه وتعالى. وإن أَخْلفَتْ ظنوننا، أُثِبنا على قصودنا وكنا معذورين في ذلك كما عُذِر موسى عليه السلام في إنكاره على الخضر، خَرْقَ السفينة وقَتْلَ الغلام

).

(2)

كذا ورد لفظ هذا الحديث في المخطوط. والمرويُّ هو لفظ: (ولا الأيمان، لكان لي ولها شأن). والمراد بـ (الأيمان): أيمان اللعان. رواه أَبو داود: الطلاق -باب في اللعان 2: 277 (2256) وأحمد 1: 238 وغيرهما، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة هلال بن أُمية رضي الله عنه في لعانه مع امرأته.

والحديث نفسه مخرّج عند البخاري بلفظ: (لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن). صحيح البخاري: التفسير -سورة النور، باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} 4: 1772 (4470).

(3)

قواعد الأحكام 2: 108 هذا كلام رَتَّبه الشيخ ابن عبد السلام على ما تقدم من كلامه =

ص: 392

يقال عليه: هذا المثال لا يطابق قتل الغلام في قصة الخضر؛ لأن هنا ظاهرًا تَرتَّب عليه الحكم، ولكنه خفي على المنكِر. ومثله: من رأيناه يقتل شخصًا يزعم أنه قاتلُ أبيه.

والذي يطابق قَتْلَ الغلام: ما لو اطلع وليٌّ، على كفر شخصٍ ظاهرِ الإسلام، فإنا لا نبيح له قَتْله؛ ولو قَتَلَه، قتَلْناه به.

421 -

قوله بعد ذلك: (فإن قيل: كيف جوّز الشارع اللعان من الجانبين، مع العلم بأن أحدهما كاذب؟ قلنا: إنما جوَّز ذلك، لأن مع كل واحد منهما ظاهرًا يقتضي تصديقَه)(1).

يقال عليه: لم يجوّز الشارع اللعان ابتداءً من الجانبين، وإنما شَرَع أولًا لعان الزوج لدرء حدّ القذف عنه، أو لنفي الولد؛ وبلعانه وجب عليها حد القذف، فشَرَع لها اللعان لدرء الحد. وهذا ظاهر من قوله تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8].

422 -

قوله (فيما لو قال رجل: إن كان هذا الطائر غرابًا، فامرأتي طالق أو عبدي حر، ولم يُعلم حال الطائر؛ فإنا نقرّ كل واحد منهما على ما كان عليه قبل التعليق)(2).

= في عُذر موسى عليه السلام في إنكاره على الخضر، فقد قال الشيخ بعد ذلك:(ولو اطّلع موسى على ما في خرق السفينة من المصلحة، وعلى ما في قتل الغلام من المصلحة، وعلى ما في ترك السفينة من مفسدة غصبها، وعلى ما في إبقاء الغلام من كفر أبويه وطغيانهما؛ لَما أَنكَر عليه، ولَساعَدَه في ذلك، وصَوَّب رأيه، لِما في ذلك من القربة إلى الله عز وجل. ولو وقع مثل ذلك في زماننا هذا لكان حكمُه كذلك، وله أمئلة كثيرة) ثم بدأ بذكر تلك الأمثلة، ومنها هذا المثال المذكور أعلاه: (لو هرب من الإمام من تَحتَّم قتلُه

)، ولهذا عَلَّق عليه البلقيني بأن هذا المثال لا يطابق قتل الغلام في قصة الخضر

(1)

قواعد الأحكام 2: 108 - 109.

(2)

كذا جاء هذا النص في المخطوط، وفيه نقص لعبارة مهمة يترتب عليها فهم ضمير =

ص: 393

يُستثنى منه، ما إذا قال أحد الشريكين في عبدٍ:(إن كان غرابًا، فنصيبي حر)، وقال الآخر:(إن لم يكن غرابًا، فنصيبي)، وهما موسِران، فإنا نحكم بعتق العبد، ويُوقف العزم إلى البيان تفريعًا على السراية بنص (1) اللعان.

423 -

قوله بعد ذلك: (وقد كثر في كلام العلماء (2) أن يقولوا: وجب بيقين فلا يبرأ منه إلا بيقين) (3).

يقال عليه: قولهم: (وجب بيقين): اليقين حقيقة كون الصلاة والصوم ونحوهما في الذمة بيقين. و (اليقين) الثاني يُؤوّل على معنى: تيقن ما وجب على المكلف الإتيانُ به، والطريق إليه لا يشترط فيها اليقين.

424 -

قوله بعد ذلك: (في العمل بعموم هذا الحديث: أي (دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك)(4) إشكال، لأنك إنْ حملتَه على (الواجبات) لصيغة

= التثنية في قوله: (فإنا نقرّ كل واحد منهما على ما كان عليه). وفيما يلي النص بتمامه كما في المطبوع من قواعد الأحكام 2: 109: (لو قال رجل: إن كان هذا الطائر غرابًا فامرأتي طالق أو عبدي حر أو أَمَتي حرة؛ وقال آخر: إن لم يكن غرابًا فزوجتي طالق أو عبدي حر أو أمتي حرة، ولم يُعلم حال الطائر؛ فإنا نقرّ كل واحد منهما على ما كان عليه قبل التعليق).

(1)

لم تتضح لكلمة بالمخطوط.

(2)

أصل العبارة في المخطوط كانت هكذا: (وقد كثر في كلام العرب) ولكن أشار الناسخ لاختلاف نسخ الكتاب في كلمة (العرب) فوضع عليها علامة (2) ثم كَتَب أمامها في الهامش كلمة (العرب) مع نفس العلامة (2) ومع التصحيح عليها، فتم إثبات العبارة بلفظ (العلماء) في النص أعلاه، لتصحيح الناسخ عليه في الهامش. وهكذا جاءت العبارة بلفظ (العلماء) في المطبوع من قواعد الأحكام 2:110.

(3)

كذا في المخطوط: (أن يقولوا: وجب بيقين فلا يبرأ منه إلا بيقين)، بدون كلمة (ما) في بدايته. والمشهور في هذه العبارة، لفظ:(ما وجب بيقين فلا يبرأ منه إلا بيقين) وهكذا جاءت أيضًا بإثبات لفظ (ما) في هذا الموضع من قواعد الأحكام 2: 110.

(4)

رواه الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع -بابٌ 4: 668 (2518) والنسائي: =

ص: 394

الأمر، خرجتْ منه المندوبات. وإن حملتَه على (المندوبات)، كان تحكّمًا.

وإن حملتَه عليهما، جمعتَ بين المجاز والحقيقة، أو بين المشتركات.

فالحمل على (الواجبات) أولى) (1).

يقال عليه: ما ذَكَر من الإشكال إذا حُمل على (الواجبات)، لا يلزم منه إلا خروج (المندوبات)، ولا محذور فيه.

وإذا حُمل على (الندب) لا يكون تحكمًا، لأن ذلك تفريع على أن صيغة الفعل للندب؛ لأن القدر الزائد على (مطلق الطلب) -وهو الوجوب- مشكوكٌ فيه، فعَمِلْنا (2) بالتيقن، وهو (مجرد الطلب).

425 -

قوله بعد ذلك: (ولو شك الإمام في أعداد الركعات، فسبَّح به الجماعة تنبيهًا له، فإن كانوا عددًا تحيل العادة وقوع النسيان من جميعهم، بَنى الإمام على قولهم)(3).

ما ذكره خلاف ما رجّحوه. والأصح من الأوجه: أنه لا يَبني على قولهم، وإنما يرجع إلى يقين نفسه.

= الأشربة -الحث على ترك الشبهات 8: 327 (5711) وابن خزيمة 4: 59 (2348) وابن حبان 2: 498 (722) والحاكم 2: 15 كلهم من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد.

(1)

قواعد الأحكام 2: 111.

(2)

في المخطوط (فعلمنا)(من العلم). ويظهر أن الصواب ما تم إثباته: (فعملنا)(من العمل)، وهو الذي ينسجم مع سياق كلام الشيخ ابن عبد السلام في بداية النص المذكور حيث يقول (في العمل بعموم هذا الحديث إشكالٌ. . .).

(3)

قواعد الأحكام 2: 112.

ص: 395