الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر منصوب لا التي لنفي الجنس
(1)
وهو سادس المنصوبات المشبّهات بالمفعول، ومنصوب لا التي لنفي الجنس، هو المسند إليه بعد دخولها، يليها نكرة، مضافا أو مشبّها به، وإنّما اشترط أن يليها، لأنّه إذا فصل بين الاسم وبين لا، لم ينصبه كما يجيء، واشترط أن يكون نكرة، لأنّه إذا كان معرفة لم ينصب كما سيجيء، واشترط أن يكون مضافا أو مشبّها به لأنه لو كان نكرة مفردة، كان مبنيّا كما يجيء، ومثال المضاف: لا غلام رجل في الدّار، ومثال المشبّه بالمضاف: لا عشرين درهما لك، ومشابهته للمضاف من حيث إنّ ما بعدهما/ متمّم ومخصص لهما، وتحقيق المشبّه بالمضاف أن تكون لا داخلة على اسم عامل فيما بعده نصبا أو رفعا، مثال الناصب نحو: لا ضاربا زيدا عندك، ومثال الرافع نحو: لا حسنا وجهه عندك (2) لأنّ الاسم إن عمل فيما بعده جرّا فهو مضاف، وإن عمل غير الجرّ فهو مشابه للمضاف.
وإن كان الاسم الذي يليها مفردا بني على ما ينصب به، والمراد بالمفرد ما لا يكون مضافا ولا مشبها به (3) فإن كان نصبه بالفتح بني على الفتح، نحو: لا غلام في الدّار، وإن كان نصبه بالياء بني على الياء نحو؛ لا غلامين لك، ولا مسلمين لك (4) وإن كان نصبه بالكسر بني على الكسر نحو: لا مسلمات في الدّار، وإنّما بني الاسم المذكور لتضمّنه معنى حرف الجرّ لأنّ قولك: لا رجل في الدّار، جواب سؤال مقدّر، كأنّه قال: هل من رجل في الدّار (5) فكان من الواجب أن يقال: لا من رجل في الدّار، ليطابق الجواب السؤال فحذف «من» ، وقيل: لا رجل في الدّار، فبني لتضمّنه معنى «من» وأفاد تضمّن الاسم معنى من بعد النفي، الاستغراق والعموم (6)، وإذا كان الاسم معرفة، أو فصل بينه وبين لا، وجب رفعه على الابتداء وتكريره (7) تقول: لا زيد في الدار ولا عمرو، ولا في الدار رجل ولا امرأة، وإنّما وجب رفع المعرفة، لأنّ لا
(1) الكافية، 397.
(2)
شرح المفصل، 2/ 100.
(3)
شرح الكافية، 1/ 255.
(4)
المقتضب، 4/ 366 وشرح المفصل، 2/ 106 وشرح ابن عقيل، 2/ 8.
(5)
شرح الوافية، 241 وانظر المقتضب، 4/ 357 وشرح الكافية، 1/ 256 وشرح التصريح، 1/ 236.
(6)
شرح الكافية، 1/ 256.
(7)
تسهيل الفوائد، 68.
لا تعمل إلا في النكرات لكونها لنفي الجنس (1) وأما وجوب رفع المفصول فلبطلان عملها بالفصل، ووجب التكرير لأنّه جواب أزيد في الدّار أم عمرو، وأفي الدّار رجل أم امرأة، فوجب التكرير في الجواب ليكون مطابقا للسؤال، فإن قيل: فقد ورد قولهم: (2) قضيّة ولا أبا حسن لها، فأبا حسن معرفة من غير رفع ولا تكرير، فالجواب: أنه متأوّل والتقدير: قضيّة ولا مثل أبي حسن لها، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (3) ولا شكّ أنّ مثل أبي حسن نكرة لأنّ «مثل» ، لا تكتسب من المضاف إليه التعريف كما يجيء (4).
وإذا كرّرت «لا» من غير فصل (5) نحو: لا حول ولا قوّة، جاز في الاسم خمسة أوجه:(6)
أحدها: بناء الاسمين معا على الفتح نحو: لا حول ولا قوّة فكلّ واحد منهما جملة مستقلّة، وخبرها محذوف أي لا حول إلّا بالله ولا قوّة إلّا بالله.
وثانيها: بناء الأول على الفتح ونصب الثاني عطفا على لفظ الأوّل ولا زائدة (7) قال: (8)
(1) شرح المفصل 2/ 103 وشرح التصريح 1/ 237.
(2)
المفصل، 76 وشرح المفصل، 2/ 104 ورسالة الملائكة للمعري 47 وشرح الكافية، 1/ 255 وأبو حسن هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(3)
شرح الوافية، 242 وشرح الكافية، 1/ 260.
(4)
1/ 213.
(5)
الكافية، 397.
(6)
الكتاب، 2/ 285 وشرح الوافية، 242 وشرح المفصل، 2/ 112 وتسهيل الفوائد 68 وشرح الكافية، 1/ 260.
(7)
شرح التصريح، 1/ 242.
(8)
البيت اختلف حول قائله، قيل: هو لأنس بن العباس بن مرداس، وقيل: هو لأبي عامر جد العباس بن مرداس، ورد البيت منسوبا لأنس في الكتاب، 2/ 285 وشرح شواهد المغني، 2/ 601 - 924 وشرح شواهد ابن عقيل، للجرجاوي، 82. وورد البيت من غير نسبة في الكتاب، 2/ 309 وشرح المفصل، 2/ 101 - 113 - 9/ 138، وشرح شذور الذهب، لابن هشام 87 ومغني اللبيب، 1/ 226 - 2/ 600 وشرح ابن عقيل، 2/ 12 وهمع الهوامع، 2/ 144 - 211 وشرح الأشموني، 2/ 9 وسجل الخلاف العيني في شرح الشواهد، 2/ 9 والأزهري في شرح التصريح، 1/ 241 ويروى:
اتّسع الفتق على الرّاقع.
الخلّة: بضم الخاء وتشديد اللام، الصّداقة، الراقع والراتق: هو الذي يصلح موضع الفساد من الثوب.
لا نسب اليوم ولا خلّة
…
اتّسع الخرق على الرّاقع
وثالثها: بناء الأول على الفتح ورفع الثاني؛ إمّا بالعطف على موضع لا مع اسمها، لأنّهما في محلّ الابتداء، أو إنها بمعنى ليس (1) أي لا حول لنا وليس قوّة إلّا بالله، قال:(2)
…
... لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب
ورابعها: رفعهما معا كقولك: لا حول ولا قوّة، وذلك إمّا ليكون الجواب مطابقا للسؤال وهو: أحول لك أم قوّة، أو على أنّها بمعنى ليس فيهما (3).
وخامسها: رفع الأول على أنّها بمعنى ليس وهو/ ضعيف (4) وفتح الثاني على انّه بني على الفتح، إمّا لأنّ شرط رفع ما يليها التكرير، ولا تكرير هنا، أو لأنّ استعمال لا بمعنى ليس ضعيف.
وإذا دخلت الهمزة على لا التي لنفي الجنس لم يبطل عملها (5) لأنّ همزة الاستفهام لا تغيّر عمل العامل كما في لم كقولك: ألم يقم زيد، قال الشّاعر:(6)
(1) همع الهوامع، 2/ 144.
(2)
وصدره:
هذا لعمركم الصّغار بعينه
والبيت اختلف حول قائله؛ فقيل: هو لرجل من مذحج، وقيل: هو لهمّام بن مرّة، وقيل: هو لرجل من عبد مناة، وقيل: لهنيّ بن أحمر، وقيل: لأضمرة بن ضمره، وقيل: لعمرو بن الغوث وقيل لزرافة الباهلي، فقد نسبه سيبويه في الكتاب، 2/ 291 - 292 لرجل من مذحج، وسجل الخلاف حوله ابن منظور في لسان العرب، مادة حبس والعيني في شرح الشواهد، 2/ 9، والأزهري في شرح التصريح، 1/ 241 والسيوطي في
شرح شواهد المغني، 2/ 921 والعدوي في فتح الجليل، 82. وروي البيت من غير نسبة في المقتضب، 4/ 371، وشرح المفصل، 2/ 110 وشرح شذور الذهب، 86 ومغني اللبيب، 2/ 593 وشرح ابن عقيل، 2/ 13، وهمع الهوامع، 2/ 144، وشرح الأشموني، 2/ 9.
(3)
شرح الأشموني، 2/ 11.
(4)
شرح الوافية، 242 وفي شرح الكافية، 1/ 261 «لا نضعف هذا الوجه بل هو مثل الوجه الثالث والرابع سواء في حصول التكرير» .
(5)
الكافية، 397.
(6)
هذا صدر بيت لحسان بن ثابت، وعجزه:
عنّي وأنتم من الجوف الجماخير
ديوانه، 178 وورد منسوبا له في الكتاب، 2/ 73 وكتاب الحلل، 328 وأمالي ابن الشجري، 2/ 80، وورد من غير نسبة في المقتضب، 4/ 233، وشرح المفصل، 2/ 15 - 102. حار: أصله يا حارث -
حار بن كعب ألا أحلام تزجركم
…
...
ببناء أحلام على الفتح، ويكون معناها مع الهمزة حينئذ الاستفهام نحو: ألا رجل في الدّار، والعرض: ألا نزول عندنا، والتمنّي نحو: ألا ماء أشربه (1)، فيبنى رجل ونزول وماء في هذه المواضع مع لا على الفتح، كما كان قبل دخول الهمزة، وأمّا قول الشاعر:(2)
ألا رجلا جزاه الله خيرا
…
يدلّ على محصّلة تبيت
فرجل منصوب بفعل مضمر، أي ألا ترونني رجلا، وألا في هذا الموضع للتحضيض بمنزلة هلّا، أي هلّا ترونني رجلا (3).
ونعت المبني (4) إذا كان نعتا أوّلا مفردا يلي المنعوت يجوز فيه (5) بناؤه على الفتح، نحو: لا رجل ظريف، لأنّ الموصوف والصفة كالشيء الواحد، ويجوز إعرابه بالرّفع حملا على محلّ المبني، نحو: لا رجل ظريف لأنّ لا مع المبني في محلّ الرفع بالابتداء، ويجوز إعرابه بالنصب حملا على لفظ المبني، نحو: لا رجل ظريفا (6) واحترز بقوله: نعت المبني، عن نعت المعرب؛ فإنّه لا يكون إلّا معربا منصوبا. نحو:
لا غلام رجل ظريفا في الدار، وبقوله: أوّلا، عن النّعت الثاني وما بعده (7) لأنّه لا يكون إلّا معربا نحو: لا رجل ظريف عاقلا وعاقل في الدار، وبقوله: مفردا، عن
- فرخمه، الجوف: جمع أجوف وهو الواسع، أو الذي لا رأي له ولا حزم، الجماخير: جمع جمخور كعصفور وهو الضعيف العقل.
(1)
الكتاب 2/ 207 - 309 وشرح التصريح 1/ 245.
(2)
البيت لعمرو بن قنعاس المرادي المذحجي وقد رواه السيوطي في شرح شواهد المغني منسوبا له، 1/ 214 - 2/ 641، وورد البيت من غير نسبة في الكتاب، 2/ 308 والنوادر، 56 وشرح المفصل، 2/ 110 وشرح الكافية، 1/ 262 ولسان العرب، حصل، ومغني اللبيب، 1/ 69 - 225 - 2/ 60 وشرح الشواهد، 2/ 16 وشرح الأشموني، 2/ 160. المحصّلة: المرأة التي تحصّل تراب المعدن.
(3)
هذا مذهب الخليل وسيبويه، قال في الكتاب، 2/ 308 «وسألت الخليل رحمه الله عن قوله:
ألا رجلا
…
فزعم أنه ليس على التمني ولكنه بمنزلة قول الرجل فهلّا خيرا من ذلك كأنه قال ألا تروني رجلا جزاه الله خيرا، وأما يونس فزعم أنه نون مضطرا».
(4)
الكافية، 397.
(5)
غير واضحة في الأصل.
(6)
الكتاب 2/ 288 - 290.
(7)
في الأصل وما بعد.
النّعت المضاف نحو: لا رجل ذو مال وذا مال، لأنّ اسم لا إذا كان مضافا تعيّن إعرابه فنعته إذا كان مضافا كان أولى بالإعراب، وبقوله: يلي المنعوت، عن النعت الذي يفصل بينه وبين المنعوت فاصل، نحو: لا رجل في الدار ظريف وظريفا، فإنّه لا يكون فيه إلّا الإعراب، ويجوز أن يعطف على لفظ المبنيّ وعلى محلّه نحو:
لا غلام وجارية، برفع جارية على محلّ لا غلام، وبنصبها على لفظه، ومما حمل على اللّفظ قول الشّاعر:(1)
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه
…
...
مع جواز رفعه عطفا على المحلّ، ولا فرق في ذلك بين أن تكرّر لا أو لا تكرّرها (2) كلا أب وابنا ولا أب ولا ابنا، فإنّ الحكم واحد في جواز رفعه ونصبه، وكان القياس يقتضي وجوب البناء في المعطوف على اسم لا، مثل: يا زيد ويا عمرو، فإنّ المعطوف الذي هو عمرو مبنيّ على الضمّ ليس إلّا، لكونه معطوفا على المنادى المضموم، فالمعطوف على اسم لا مع تكريرها، كان ينبغي أن يكون كذلك (3) والنّكرة المفردة إذا ذكر بعدها ما يصحّ إضافتها إليه وفصل بينهما باللام المضيفة نحو: لا أب لزيد، ولا غلامين لك ففيه لغتان:
فالأولى: وهي الفصيحة أن تبقى النكرة على بنائها، فتقول: لا أب لك ولا غلامين لك، بثبوت نحو: نون التثنية،
وحذف الألف من أب.
واللّغة الثانية: أن تعطى حكم المضاف لمشاركتها للمضاف في أصل المعنى فيقال: لا غلامي له، بسقوط النون وما أشبهها، تشبيها لهذه النكرة بالمضاف لمشاركتها له في أصل معناه، لأنّ معنى قولك: غلام زيد، غلام لزيد، فلمّا شبّهت/
(1) وعجزه:
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا
وهو لرجل من عبد مناة بن كنانة، ورد منسوبا له في شرح الشواهد، 2/ 13 وشرح التصريح، 1/ 243 ومن غير نسبة في الكتاب، 2/ 284 والمقتضب، 4/ 372 وشرح المفصل، 2/ 101 وشرح الكافية، 1/ 260 وهمع الهوامع، 2/ 143، وشرح الأشموني، 2/ 13.
(2)
في الأصل يكرر - يكررها، وفي شرح الوافية 244 بالتاء.
(3)
شرح الكافية، 1/ 262 - 264.
به أجّريت مجراه في الأحكام المذكورة.
واعلم أنّ نحو: لا أبا له ولا غلامي له، ليس بمضاف إلى الضمير كما ذهب إليه سيبويه (1) من أنّه مضاف إلى الهاء واللّام زائدة لتأكيد الإضافة، لفساد المعنى، إذ يبقى معناه لا أباه، فتبقى لا، بلا خبر، وتعمل في المعارف وهو غير جائز (2) وعلى هذه اللغة الثانية يأتي لفظ هذه النكرة مثل لفظ المضاف في أي موضع وجد، لكن يظهر أثر هذه اللغة الثانية في الأسماء الخمسة وهي: أبوه وأخوه وحموه وهنوه وفوه، وأمّا ذو فلا تجري هذا المجرى، ويظهر أيضا في التثنية، والجمع الصحيح لأنّ إعراب الأسماء الخمسة مضافة في النصب بالألف وفي الإفراد بالفتح وإعراب التثنية والجمع الصحيح المذكّر في الإضافة بسقوط نونه، وفي الإفراد بثبوتها، قال ابن الحاجب (3): والظاهر أنّ جمع المؤنّث الصحيح كذلك؛ فإنّ تنوينه يحذف في الإضافة كقولك: ضارباتك، ويثبت في الإفراد نحو: لا ضاربات في الدار فتقول على هذه اللغة الثانية: لا أبا لزيد، وكذلك لا أخا، ولا هنا، ولا حما، ولا فا، لزيد، ولا ناصحي لخالد، ولا ضاربات لزيد، فتثبت الألف في الأسماء الخمسة كما تقول:
رأيت أبا زيد وأخاه إلى آخرها وتسقط نون التثنية في قولك: لا ناصحي لخالد، كما تقول: رأيت ناصحي خالد وكذلك تسقط نون الجمع، في قولك: لا ناصحي لخالد، كما تقول: رأيت ناصحي خالد، وكذلك يسقط تنوين جمع المؤنّث في قولك:
لا ضاربات لزيد، كما تقول: رأيت ضارباتك، وغير الأسماء الخمسة والتثنية والجمع السّالم، لا يختلف لفظه في اللغتين؛ ألا ترى أنّك إذا قلت: لا غلام لزيد، وقدّرته مفردا، وجبت له الفتحة لوجوب بنائه على ما ينصب به، وإذا شبّهته بالمضاف أعربته بالنصب وهو مضاف فلم يكن له غير الفتحة، ولكن تقدّر في لغة الإفراد الفتحة للبناء، وفي لغة التشبيه بالمضاف فتحة إعراب بالنّصب، وإن ذكر بعد النكرة ما لم يصحّ إضافتها إليه نحو: لا أب فيها، ولا رقيبين عليها، لم يكن فيه إلّا البناء وسقطت
(1) الكتاب، 2/ 276 - 290 والمقتضب، 4/ 366 وشرح المفصل، 2/ 104 - 107 وشرح الكافية، 1/ 265.
(2)
شرح الوافية، 244، والنقل منه بتصرف يسير.
(3)
شرح الوافية، 244 - 245.