الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيد الراكب، لأنّ الراكب مبيّن لهيئة زيد لا بالنظر إلى كونه فاعلا أو مفعولا، وكذلك خرج القهقرى في قولك: رجع القهقرى، فإنها مبيّنة لهيئة الفعل الذي هو الرجوع لا لهيئة الفاعل أو المفعول، وإنّما قال: ما يبيّن ولم يقل: اسم يبيّن لأنّ الحال قد يكون جملة وقوله: لفظا أو معنى، أي: الفاعل الذي هو صاحب الحال يكون فاعلا لفظا وفاعلا معنى، وكذا المفعول الذي هو صاحب الحال يكون مفعولا لفظا ومفعولا معنى، فمثال الفاعل لفظا أو المفعول لفظا، قولك: ضربت زيدا قائما، فإن جعلت قائما حالا من التاء في ضربت فهو حال من الفاعل لفظا، وإن جعلته حالا من زيد فهو حال من المفعول لفظا، ومثال الفاعل معنى: زيد في الدار قائما، لأنّ التقدير استقرّ في الدار (1) وكذلك: ما لك واقفا، فواقفا حال من الضمير المجرور وهو الكاف، وهو فاعل لأنّه بمعنى ما تصنع، ومثال المفعول معنى وَهذا بَعْلِي شَيْخاً (2) وهذا زيد قائما أي: نبّهت عليه وأشرت إليه شيخا أو قائما، وقد يكون الحال من الفاعل والمفعول بلفظ واحد إذا اتّفقا فيها نحو: لقيته راكبين، ولقيته مسلّمين، وأمّا إذا اختلفا فيها نحو: لقيته مصعدا منحدرا ففيه مذهبان: أحدهما:
جواز تقديم أيّهما شئت، والثاني: تقديم حال المفعول (3).
وشرط الحال
(4)
أن يكون نكرة، وصاحبها معرفة (5) غالبا لأنّه محكوم عليه، وحقّ المحكوم عليه أن يكون معرفة (6) وقال: غالبا لأنّه قد يكون نكرة كما سيأتي، وإنّما كانت الحال نكرة لعدم الاحتياج إلى تعريفها، ولأنّها لو كانت معرفة لالتبست/ بالصفة في
(1) شرح الكافية، 1/ 201.
(2)
من الآية، 72 من سورة هود.
(3)
والمسألة حولها تفصيل انظره في شرح الوافية، 219 وشرح المفصل، 2/ 56 وشرح الكافية، 1/ 200 وشرح الأشموني، 1/ 200.
(4)
الكافية، 393 - 394.
(5)
شرح ابن عقيل، 2/ 250 وقد قال السيوطي في همع الهوامع 1/ 229، جوّز يونس والبغداديون تعريفها مطلقا، وقال الكوفيون إذا كان في الحال معنى الشّرط جاز أن يأتي على صورة المعرفة وهي مع ذلك نكرة نحو: عبد الله المحسن أفضل منه المسيء.
(6)
شرح المفصل، 2/ 62، وشرح الكافية، 1/ 201.
بعض الصور (1) وأمّا ما ورد منها غير منكّر فمؤوّل، ومنه قول لبيد (2):
فأرسلها العراك ولم يذدها
…
ولم يشفق على نغص الدّخال
يصف حمار الوحش أنّه أرسل الأتن إلى الماء مزدحمة، فالعراك وإن كان لفظه معرفة فمعناه التنكير، أي معتركة، وقال أبو علي الفارسي:(3) تأويله تعترك العراك، فتعترك المقدّر هو الحال، والعراك منصوب على المصدر، والعراك الزحام، وكذلك قولهم: مررت به وحده، حال مع كونه معرفة، وقد أوّلوه أنّه بمعنى منفرد، كأنّه قال:
مررت به منفردا، ويجوز نصبه على المصدر كما مرّ في العراك، وتقديره يتوحّد توحّدا، ثم حذف الفعل فبقي توحّدا ثم حذفت زوائد المصدر بقي وحده (4) وكذلك القول في: فعله جهده أي مجتهدا أو يجتهد جهده (5) فإن كان صاحب الحال نكرة وجب تقديمها عليه في المفرد (6) نحو: جاءني راكبا رجل، وأنشدوا (7) عليه:
(1) في مثل قولك: ضربت زيدا الراكب، شرح الوافية، 219 وقال الشيخ ياسين في حاشيته على شرح التصريح، 1/ 373 وإنما التزم تنكير الحال لئلا يتوهم الصفة التابعة إن كان لمنصوب كضربت اللصّ المكتوف، والمقطوعة إن كان لمرفوع أو مخفوض كجاء زيد الراكب ومررت بزيد الراكب.
(2)
لبيد بن ربيعة العامري كان فارسا شاعرا شجاعا مسلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني كلاب فأسلموا جميعا ثم قدم الكوفة ومات بها في أول خلافة معاوية. انظر ترجمته في طبقات فحول الشعراء، 1/ 135، والشعر والشعراء، 1/ 194 والبيت ورد في ديوانه، 108 برواية فأوردها في مكان فأرسلها، وروي منسوبا له في الكتاب، 1/ 372، وأمالي ابن الشجري 2/ 284، وشرح المفصل، 2/ 62 وشرح الكافية، 1/ 202 وشرح التصريح، 1/ 373 وروي البيت من غير نسبة في المقتضب، 3/ 237، والإنصاف، 2/ 822. وشرح ابن عقيل، 2/ 248
وهمع الهوامع، 1/ 239.
(3)
شرح الوافية، 219 وشرح التصريح، 1/ 374.
(4)
الكتاب، 1/ 173 وفي 1/ 377 «وزعم يونس أن وحده بمنزلة عنده» أي منتصب على الظرفية المكانية، وانظر شرح الأشموني 2/ 172 والهمع 1/ 240.
(5)
شرح الوافية، 219 وشرح المفصل، 2/ 63.
(6)
الكافية، 394.
(7)
هذا صدر بيت لكثير عزة، وعجزه:
عفاه كلّ أسحم مستديم
ورد في ديوانه 536، ونسب له في شرح المفصل، 2/ 62، وشرح التصريح 1/ 375 ومن غير نسبة في شرح الكافية، 1/ 204 والبيت المشهور المستشهد به في هذا الموضع:
لمية موحشا طلل
…
يلوح كأنّه خلل
وهو لكثير أيضا ورد في ديوانه، 506 وروي منسوبا له في الكتاب 2/ 123، وشرح التصريح، 1/ 375 -