الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - السماع والقياس
وكلاهما حرص على بيانه أبو الفداء في كناشه، وفق الأساس العام الذي وضعته مدرسة البصرة النحوية، وقد ظهر حرصه وتشدّده فيهما في عدة صور:
أ - في ذكره ومتابعته للمصطلحات التي جرى عليها البصريون فالمراد «بالمطرد جري الباب قياسا من غير حاجة إلى سماع في كلّ فرد منه» ، والمراد «بالواجب ما لا يجوز غيره» ، والمراد «بغير المطرد ما يتوقف كلّ فرد منه على السماع» والمراد «بالجائز ما يجوز فيه الإبدال مثلا - وتركه» (1) والمراد «بالقياسي ما يعرف بقاعدة معلومة من استقراء كلامهم يرجع إليها فيه، والسماعي ما ليس كذلك بل يفتقر كلّ اسم منه على سماع» (2) والشاذ - عند أبي الفداء - لا يعتدّ به (3) أمّا النادر فهو كالمعدوم (4).
ب - في ردّه على الفراء القائل بأن وزن أشياء (أفعاء) لأن أصله أشيئاء على وزن أفعلاء جمع لشيّء على وزن (فيعل) ذلك أن شيئا أصله شيّيء ثم خفّف كما خفّف ميت وجمع بحسب الأصل على أشيئاء ثم حذفت الهمزة التي بين الياء والألف وهي لام الكلمة فصار وزنه أفعاء» وقد رده أبو الفداء بقوله: «وهو مردود بأنه لم يسمع شيّئ، فلو كان هو الأصل لكان شائعا كميّت وبأنه حذف لام الفعل على غير قياس، لأن الهمزتين إذا توسطهما الألف لا تحذف إحداهما ولا هما» (5).
ح - في تأكيده أنه لا يجوز القياس على القليل والنادر فهو لا يجوّز القياس على نحو: عبشمي وعبدري وعبقسي لأنه «نادر في كلامهم لا يقاس عليه» (6).
3 - العلة
اهتم بها اهتماما كبيرا، فأكثر من إيراد العلل لتفسير الأحكام النحوية،
(1) الكناش، 2/ 218.
(2)
المرجع السابق 1/ 375.
(3)
المرجع السابق 1/ 166.
(4)
المرجع السابق 1/ 381.
(5)
المرجع السابق، 1/ 384 وانظر أيضا 2/ 33.
(6)
المرجع السابق 1/ 374.
وللوقوف على الحكم الدقيقة من ورائها، تلك التي أرادتها العرب من طرائق أساليبها وهذه العلل - عموما - هي علل البصريين ومن أيدهم من النحويين المتأخرين، من ذلك تعليله لمنع ترخيم الاسم الثلاثي كزيد، قال:«لئلا يحصل الإجحاف بالحذف فيخرج عن أبنية الاسم» (1).
ومثله تعليله لبناء المنادى المفرد المعرفة - على ما يرفع به نحو: يا زيد، قال «وإنما بني لشبهه بالمضمر، لأنه لا ينفك في المعنى عن كونه مخاطبا معينا، وحكم المخاطب أن يكون مضمرا» (2).
ومن آرائه الدالة على نزعته البصرية ما يأتي:
1 -
نصّه على أن الجزم بكيفما شاذ، وذلك بقوله:«والجزم بكيفما شاذ خلافا للكوفيين فإنهم يجزمون بكيف مع ما» (3).
2 -
عدم تجويزه دخول ياء النداء على ما فيه أل، واعتبار ما ورد من ذلك شاذا لا يعتدّ به، قال «وأدخلوا حرف النداء على اللّام في اسم الله خاصة، نحو: يا ألله إما لكثرته وإمّا لأنّ اللّام ليست للتعريف وقد ورد في الشعر:
من أجلك يا التي تيّمت قلبي
…
...
وهو شاذ لا يعتدّ به ولا بما يأتي من ذلك» (4) وقد ذهب الكوفيون إلى جواز نداء ما فيه الألف واللام نحو: يا الرجل ويا الغلام ومنعه البصريون (5).
3 -
تضعيفه مذهب الكوفيين المجيزي العطف بلكن بعد الإيجاب في المفردات قال: «وأما لكن فإن وقع بعدها مفرد كانت للاستدراك، ولزم تقدّم النفي عليها نحو ما جاءني زيد لكن بكر وأجاز الكوفيون العطف بعد الإيجاب في المفردات وهو
(1) الكناش، 1/ 169، وانظر الإنصاف 1/ 356.
(2)
الكناش، 1/ 161 وانظر الإنصاف 1/ 323 - 324 وهمع الهوامع 1/ 127 وانظر مزيدا من العلل النحوية في 1/ 169 - 195 - 196 - 281 - 2/ 7 - 8 - 77.
(3)
الكناش، 2/ 24 والكتاب، لسيبويه، 3/ 60 والإنصاف، 2/ 643.
(4)
الكناش، 1/ 166.
(5)
الإنصاف، 1/ 335 وشرح المفصل، لابن يعيش، 2/ 09.
ضعيف» (1).
4 -
تأييده مذهب البصريين في كون من الزائدة لا تزاد إلّا بعد غير الموجب حيث يقول: «وتقع من زائدة وتعرف بأنك لو حذفتها لكان المعنى الأصلي على حاله، ولا يفوت بحذفها سوى التأكيد كقولك: ما جاءني من أحد، وهي مختصة عند البصريين بغير الموجب، وجوّز الكوفيون والأخفش زيادتها في الواجب أيضا واستشهدوا بقولهم: قد كان من مطر، وتأويله قد كان شيء من مطر فتكون للتبعيض، واستدلوا أيضا بقوله تعالى: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ (2) وقد قال: يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً (3) والجواب أن من هاهنا أيضا للتبعيض أي يغفر لكم بعض ذنوبكم وهو خطاب لقوم نوح» (4).
5 -
تقريره أنّ خبر كان نصب تشبيها له بالمفعول، وأنّ اسمها رفع تشبيها له بالفاعل في حين ذهب الكوفيون إلى أن نصب خبرها جاء تشبيها له بالحال، قال أبو الفداء: «وإنما رفعت - كان - الأول لأنها تفتقر إلى اسم تسند إليه
كسائر الأفعال فارتفع ما أسندت إليه تشبيها له بالفاعل فلما رفعت الأول وجب نصب الثاني على التشبيه بالمفعول» (5).
6 -
منعه تقديم خبر ما أوّله ما من أخوات كان، قال:«ويجوز في الباب كله تقديم الخبر عليها أنفسها نحو: قائما كان زيد، إلّا ما أوّله ما، فإنه لا يقدم عليها الخبر فلا يقال: قائما ما فتئ زيد، لأن ما إما نافية أو مصدرية ويمتنع تقديم ما في حيّز النفي عليه، وتقديم معمول المصدر على المصدر» (6) وقد ذهب الكوفيون إلى جواز تقديم خبر ما زال عليها وما كان بمعناها ومنع ذلك البصريون (7).
(1) الكناش، 2/ 106، والإنصاف، 2/ 484.
(2)
من الآية 31 من سورة الأحقاف.
(3)
من الآية 53 من سورة الزمر.
(4)
الكناش، 2/ 76 ورصف المباني 325 والمغني، 1/ 325.
(5)
الكناش، 2/ 38 والإنصاف 2/ 821 وهمع الهوامع، 1/ 111.
(6)
الكناش، 2/ 43.
(7)
الإنصاف، 1/ 155 وشرح المفصل، 7/ 112 وشرح الكافية، 2/ 297، وشرح التصريح، 1/ 189.
7 -
ذهابه إلى أن وزن سيّد وميّت فيعل بكسر العين لا فعيل كما ذهب إليه الكوفيون ولا فيعل بفتح العين كما ذهب إلى ذلك البغداديون قال: «والصحيح أنّ وزن سيّد وميّت فيعل بكسر العين وهو بناء مختص بالمعتل لأنّ المعتلّ ضرب بذاته ولا حاجة إلى أن يقال إنه فيعل بفتح العين ثم نقل إلى كسرها لعدم فيعل بكسر العين لأنه إنما هو معدوم في الصحيح خاصة لا في المعتل» (1).
8 -
عدم تجويزه جمع نحو: طلحة وحمزة وعلّامة ونسّابة مما فيه تاء التأنيث بالواو والنون في حين أجازه الكوفيون مطلقا (2).
9 -
عدم تجويزه ضم ما قبل الواو في حالة الرفع وكسر ما قبل الياء في حالتي النصب والجر في نحو: مصطفون ومصطفين، قال:«وإن كان آخره ألفا حذفت لالتقاء الساكنين وترك ما قبل الياء مفتوحا لتدل الفتحة على الألف المحذوفة فيقال في الرفع: مصطفون بفتح الفاء وفي النصب والجر: مصطفين بفتحهما أيضا، وأجاز الكوفيون ضمّ ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء قياسا على المنقوص وهو ضعيف، لأنّ النصّ في قوله تعالى وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ (3) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ (4) على خلافه، وأيضا فإن فتحة ما قبل الألف في نحو: مصطفى لم يتعذر بقاؤها، فلم يجب التغيير فبقيت الفتحة على حالها» (5).
10 -
نصّه على أن تعريف العدد المركب يكون بتعريف جزئه الأول فيقال: جاء الأحد عشر رجلا في حين ذهب الكوفيون إلى جواز تعريف الجزأين فيقولون: الأحد العشر رجلا (6).
وبصريّة أبي الفداء هذه لم تمنع عقله المتحرر من أن يؤيد الكوفيين في بعض
(1) الكناش، 2/ 261 - 283 وانظر الإنصاف، 2/ 795 وشرح المفصل، 10/ 94.
(2)
الكناش، 1/ 316 - 317 والإنصاف، 1/ 40 وشرح الكافية، 2/ 182 وهمع الهوامع، 1/ 45 وشرح الأشموني، 1/ 81.
(3)
من الآية 139 من سورة آل عمران.
(4)
من الآية 47 من سورة ص.
(5)
الكناش، 1/ 317 والكتاب، 3/ 194 والهمع، 1/ 46.
(6)
الكناش، 1/ 307 والإنصاف، 1/ 312 وانظر الكناش، 1/ 243 - 2/ 11 - 96.
آرائهم من ذلك:
1 -
تجويزه النصب في نحو: زيدا دراكه لأنه على تقدير الرفع يلزم وقوع الطلب خبرا عن المبتدأ وهو بعيد - كما يقول أبو الفداء - وأجاز الرفع على تقدير زيد مقول فيه، وعلى تقدير النصب لا يلزم إلا حذف الفعل وهو كثير غير بعيد (1). وقد ذهب الكوفيون إلى جواز النصب ومنعه البصريون (2).
2 -
تأييده مذهب الكوفيين تبعا لابن الحاجب في كون كي هي الناصبة للفعل المضارع وليست أن المضمرة كما ذهب إلى ذلك البصريون قال: «وكي تنصب أبدا ومعناها أن ما قبلها سبب لما بعدها
…
وهي ناصبة للفعل عند الكوفيين وهو اختيار ابن الحاجب، وذهب بعضهم إلى أنّ كي حرف جرّ فلا تدخل على الفعل إلّا بتقدير أن بعدها، وردّ بأنّها لو كانت حرف جر لما جاز الجمع بينهما وبين اللام في نحو قولك:
قمت لكي تقوم» (3).
واتجاه أبي الفداء العام نحو المذهب البصري رافقه اتجاه خاص نحو أعلام كثير من النحويين فقد توقف أبو الفداء أمام آرائهم عالما ملك أصول وأطراف هذه الصناعة فبرزت مواقفه من هذه الآراء على النحو الآتي:
1 -
الخليل المتوفى 75 هـ وسيبويه المتوفى 180 هـ.
أ - عرض أبو الفداء - أحيانا - الخلاف بين الخليل وسيبويه من غير أن يرجّح رأيا على آخر من ذلك قوله: «وأمّا قولهم ها أنذا ونحوه، فحرف التنبيه داخل على الاسم المضمر عند سيبويه لأنّ أنا في ها أنذا هو الذي يلي حرف التنبيه، وأمّا عند الخليل فداخل على المبهم أعني ذا والتقدير أنا هذا، ففصل بالمضمر بين حرف التنبيه وبين المبهم» (4).
ب - رجح أبو الفداء رأي سيبويه على رأي الخليل في كون - لن - حرفا برأسه
(1) الكناش، 1/ 173.
(2)
الإنصاف، 1/ 228 وشرح الأشموني، 2/ 84 وشرح التصريح، 1/ 305 وشرح ابن عقيل، 2/ 142.
(3)
الكناش، 2/ 13 وشرح المفصل، 7/ 17 وشرح الكافية، 2/ 238.
(4)
الكناش، 2/ 107 وانظر الكتاب، 2/ 354 وشرح المفصل، 8/ 116.
وليس مركّبا من - لا أن - كما قال بذلك الخليل قال أبو الفداء: «ولن لتأكيد ما تعطيه - لا - من نفي المستقبل تقول: لا أبرح اليوم مكاني، فإذا أكدت قلت: لن أبرح، والصحيح أنها حرف برأسها لا أنها من لا أن» (1).
2 -
سيبويه ويونس المتوفى 183 هـ
أ - نقل أبو الفداء كثيرا من آراء يونس من غير أن يبدي رأيه فيها من ذلك قوله «وحكى يونس إيمن بكسر الهمزة» (2).
ب - عرض أبو الفداء - أحيانا - الخلاف بين سيبويه ويونس من غير أن يرجّح رأيا على آخر من ذلك قوله في النسب: «وإذا نسبت إلى بنت وأخت قلت: بنويّ وأخويّ عند سيبويه
…
ويونس ينسب إليهما بغير تغيير فيقول: بنتيّ وأختيّ (3).
3 -
سيبويه والأخفش المتوفى 186 هـ
أ - أيد أبو الفداء سيبويه في ذهابه إلى أن كلّ ياء هي عين ساكنة مضموم ما قبلها، حكمها أن تقلب الضمّة كسرة لتسلم الياء نحو: بيض جمع بيضاء، والأصل بيض بضمّ الفاء مثل: حمر جمع حمراء، انقلبت الضمّة كسرة لتصحّ الياء، وذهب الأخفش إلى قلب الياء واوا فيقال على مذهبه بوض» وعلّق أبو الفداء بعد عرضه الخلاف بقوله:«ومذهب سيبويه هو القياس لأنّ الضرورة ملجئة في اجتماع الياء والضمّة إلى تغيير إحداهما وتغيير الحركة أولى من تغيير الحرف، لأنّ المحافظة على الحرف أولى من المحافظة على الحركة» (4).
ب - رجّح أبو الفداء مذهب الخليل وسيبويه على مذهب الأخفش في كون واو المفعول هي المحذوفة في نحو: مقول وليس عينه كما ذهب إلى ذلك الأخفش قال
(1) الكناش، 2/ 148 والكتاب، 3/ 5 - 4/ 220 وشرح المفصل، 8/ 111.
(2)
الكناش، 2/ 197 والكتاب، 4/ 149.
(3)
الكناش، 1/ 373، وقد التزمنا بما ذكره أبو الفداء والحق أن رأي سيبويه هو رأي الخليل، ومعلوم أن كثيرا من آراء سيبويه هي آراء الخليل، وانظر الكناش، 1/ 171، والكتاب، 2/ 226، 3/ 359 والمقتضب، 3/ 154 والمفصل، 209 - 210.
(4)
الكناش، 2/ 270 والكتاب، 4/ 359 - 360 والمقتضب، للمبرد، 1/ 100 - 101 - 112 والمنصف، لابن جني، 1/ 297 - 339.
غير أن هذا التأييد لسيبويه لا يعني أنّ أبا الفداء لم يرجح رأيا للأخفش اقتنع به وارتضاه، من ذلك أنّ سيبويه والمتقدّمين أجازوا اشتقاق اسم الفاعل من اسم العدد للدلالة على التصيير مما زاد على العشرة، فأجازوا القول خامس أربعة عشر وردّ ذلك أبو الفداء مؤيدا رأي الأخفش المانع لذلك بقوله: «ويشتقّ من اسم العدد اسم فاعل كقولك ثالث ورابع وخامس ونحوه وله معنيان فالأول: أن يشتقّ اسم الفاعل باعتبار التصيير بمعنى أن يكون زائدا على المذكور معه بواحد كقولك: ثاني واحد وثالث اثنين إلى عاشر تسعة في المذكر وثانية واحدة وثالثة اثنين إلى عاشرة تسع في المؤنث أي هذا الذي صيّر الواحد بانضمام نفسه إلى اثنين وصيّر التسعة عشرة بنفسه بمعنى أنه ثنّى الواحد وعشّر التسعة
…
ولا يتجاوز فيه عن العاشر والعاشرة فلا يقال: خامس عشر أربعة عشرة، وسيبويه والمتقدمون يجيزون خامس أربعة عشر، والصحيح عدم جواز ذلك وهو مذهب الأخفش والمبرد والمتأخرين، لأنه مأخوذ من الفعل والتقدير كان واحدا فثنيّته أو اثنين فثلّثتهما أو تسعة فعشّرتهم وليس لما بعد العشرة ما يمكن منه ذلك» (2).
4 -
المازني المتوفى 247 هـ
أ - عرض أبو الفداء آراء المازني - أحيانا - من غير تعليق، من ذلك قوله:
«واعلم أنّ الألف الثالثة التي تكتب بالياء إن كانت تلك الألف في اسم منوّن نحو:
(1) الكناش، 2/ 269 والكتاب، 4/ 348 والمقتضب، 1/ 100 والمنصف، 1/ 287.
(2)
الكناش، 1/ 305 - 306.
رحى، فالمختار عند ابن الحاجب أن يكتب بالياء في الأحوال كلها، وهو قياس المبرد، وأمّا قياس المازني فيكتب بالألف في الأحوال كلها أي في النصب والجر والرفع، وقياس سيبويه أن يكتب المنصوب بالألف والمرفوع والمجرور بالياء» (1).
ب - خالف أبو الفداء المازنيّ حين ذهب إلى أنّ إبدال الهمزة من الواو المكسورة أولا هو إبدال مطرد في حين نصّ أبو الفداء على كونه غير مطرد بقوله:
5 -
سيبويه والمبرّد المتوفى 285 هـ
أبرز أبو الفداء مواقف المبرد من آراء سيبويه في الصور الآتية:
أولا: كان - أحيانا - يعرض خلافه مع سيبويه من غير أن يبدي رأيه، من ذلك:
أ - أن الكوفيين والمبرّد قد ذهبوا إلى أن الجرّ بالواو لا بربّ في حين ذهب سيبويه وغالب البصريين إلى أنّ واو ربّ تجر بربّ المضمرة بعدها، قال أبو الفداء:
ب - عرضه لخلافهما حول حاشا، قال أبو الفداء:«وحاشا حرف جرّ وفيه معنى الاستثناء - وهذا مذهب سيبويه - وهي فعل عند المبرد» (4).
ج - ذكره لرأيهما حول عمل إن المكسورة الهمزة المخفّفة عمل ليس قال:
(1) الكناش، 2/ 361.
(2)
الكناش، 2/ 223، والمنصف، 1/ 228 - 229.
(3)
الكناش، 2/ 78 - 79 والكتاب، 2/ 162 - 164 والمقتضب، 2/ 318 - 346 والإنصاف، 1/ 376.
(4)
الكناش، 2/ 149 والكتاب، 2/ 349 والمقتضب، 4/ 391.
«ولا يجوز إعمالها عمل ليس عند سيبويه وأجازه المبرد» (1).
ثانيا: وكان - أحيانا - يخالف رأي المبرد ويؤيد رأي سيبويه من ذلك:
أ - أن سيبويه أجاز قولهم: «الله لأفعلنّ» بالجرّ على إرادة الحرف المحذوف وردّ ذلك المبرد لأنّ حرف الجر لا يعمل مضمرا، وعلّق أبو الفداء قائلا:«وإنما يجوز الجرّ في اسم الله تعالى خاصة لكثرة القسم به والنصب فيه وفي غيره» (2).
ب - أن المبرد أجاز دخول حتّى على المضمر فيقال على مذهبه: حتّاه، ومنع ذلك سيبويه وأيده أبو الفداء بقوله: «وحتّى لا تدخل إلا على اسم ظاهر فلا يقال:
حتّاه كما يقال: إليه خلافا للمبرد» (3).
ج - ذهب المبرد إلى أن: الدّار في قولنا: دخلت الدار نصب لأنّ دخل فعل متعدّ بنفسه والمنصوب بعده مفعول به وليس ظرفا، في حين نصبها سيبويه على الظرفية لكونها في تقدير في وأضاف أبو الفداء قائلا:«والصحيح أنّ دخل لازم لأنّ مصدره فعول وهو من المصادر اللازمة غالبا» (4).
د - أيد أبو الفداء سيبويه في ذهابه إلى أن النسب إلى نحو: قريش قريشي - بإثبات الياء - في حين نصّ المبرد على أنّ النسب إليها يجوز أن يكون قرشيّ - بحذف الياء - وأن ذلك مطرد ينقاس عليه، وقد عدّ أبو الفداء ذلك شاذا على خلاف القياس» (5).
ثالثا: وكان - على قلة - يوافق المبرد على رأيه، من ذلك:
أ - موافقته له في جواز الجمع بين الفاعل الظاهر وبين النكرة المميزة لهذا الفاعل في نحو: نعم الرجل رجلا زيد، في حين أن سيبويه لا يجيز ذلك، قال أبو الفداء: «واعلم أنه يجوز الجمع بين الفاعل الظاهر وبين النكرة المميزة تأكيدا للفاعل
(1) الكناش، 2/ 149 والكتاب، 2/ 139 والمقتضب، 1/ 50.
(2)
الكناش، 2/ 82 والكتاب، 3/ 498، والمقتضب، 2/ 335.
(3)
الكناش، 2/ 76 والكتاب، 2/ 383 وشرح المفصل، 8/ 16.
(4)
الكناش، 1/ 178 والكتاب، 1/ 35، 4/ 9 - 10 والمقتضب، 4/ 60، 337 - 339 وشرح المفصل، 2/ 44.
(5)
الكناش، 1/ 366 - 367 والكتاب، 3/ 335 والمقتضب، 3/ 133 - 134 والخصائص، لابن جني، 1/ 116 وشرح المفصل، 5/ 146.
الظاهر فتقول: نعم الرجل رجلا زيد، وهو جمع بين المفسّر والمفسّر، لكن جوّز لتأكيد الظاهر وللتنبيه على أنّ هذا هو الأصل» (1).
6 -
ابن كيسان المتوفى 299 هـ
أ - قرر أبو الفداء أن ألفاظ التوكيد المعنوي تأتي تالية لأجمع، وقد ذهب ابن كيسان إلى جواز الابتداء بكل واحد منها، قال أبو الفداء عارضا رأي ابن كيسان في ذلك:«وللمعنوي ألفاظ معدودة وهي نفسه وعينه وكلاهما وكلتاهما وكلّ وأجمع وأكتع وأبتع وأبصع وهي تالية لأجمع لأنها لا تتقدّم عليه لكونها توابع لها خلافا لابن كيسان، فإنه جوّز الابتداء بكلّ واحد منها» (2).
7 -
الزجاج المتوفى 311 هـ
أ - خالف أبو الفداء الزجاج في رأيه القائل بأن زيدا منصوب على البدل من لفظ أحد في مثل قولنا: لا أحد في الدار إلا زيدا، والجمهور على رفع زيد على البدل من المحلّ، قال أبو الفداء:«لا أحد في الدار إلا زيد ولا إله إلّا الله بالرفع على البدل من المحلّ ولا يجوز النصب على البدل من لفظ أحد وإله، خلافا للزجاج، وإنما تعيّن البدل من المحلّ دون اللفظ لأنّ العامل لفظا لما كان (لا) وهي إنما تعمل للنفي وما بعد «إلّا» إذا وقع في سياق النفي كان مثبتا، والبدل في حكم تكرير العامل، فلو قدّرت بعد «إلّا» لزم الجمع بين المتناقضين لأنّ (لا) تقتضي نفي ما بعدها، «إلّا» تقتضي إثباته» (3).
ب - غلب على أبي الفداء عرض آراء الزجاج، من ذلك نقله لرأيه المانع فيه تقديم حقا في نحو قولنا: حقّا زيد قائم، قال أبو الفداء: «قال الزجاج ولا يجوز تقديم حقا كقولك: حقا زيد قائم قال: فإن وسطته فقلت: زيد حقا قائم جاز ذلك
…
ولم يذكر سيبويه امتناع تقديمه» (4).
(1) الكناش، 2/ 54 والكتاب 2/ 175 - 179 والمقتضب، 2/ 148 وشرح المفصل، 7/ 132.
(2)
الكناش، 1/ 232، وشرح الكافية، 1/ 336 وهمع الهوامع، 2/ 123.
(3)
الكناش، 1/ 199 والمغني، 2/ 563 وشرح التصريح، 1/ 351 والهمع، 1/ 224.
(4)
الكناش، 1/ 158 والكتاب، 1/ 379 وشرح المفصل، 1/ 116 وشرح الكافية، 1/ 125.
8 -
ابن السراج المتوفى 316 هـ
ذكره في موضع واحد بقوله: «قال ابن السراج: إنه لا زائد في كلام العرب لأن كلّ ما يحكم بزيادته فإنه يفيد التوكيد فهو داخل في قسم المؤكد (1)» غير أن بعض الآراء التي ذكرها أبو الفداء في بعض المسائل هي في كتب النحو منسوبة إلى ابن السراج، فبدت في الكناش على النحو الآتي:
أ - وافق أبو الفداء ابن السراج في إيجابه مجيء ربّ مختصة بنكرة موصوفة قال: «واختصّت بالنكرة لعدم الاحتياج إلى المعرفة ووجب أن تكون النكرة موصوفة على الأصح ليتحقق التقليل الذي هو مدلول ربّ، لأنه إذا وصف الشيء صار أخص مما لم يوصف» (2).
ب - وخالفه في ذهابه إلى حرفية ليس قال: «ومذهب بعض النحاة أنها حرف
…
والصحيح أنها فعل لاتصال الضمائر بها نحو: لست ولست وما أشبه ذلك، وذلك من خواصّ الأفعال» (3).
9 -
الزجاجي المتوفى 340 هـ
1 -
نقل أبو الفداء موافقة الزجاجي للكوفيين في تجويزهم الجزم بكيفما، وحكم بشذوذ ذلك قال:«وقد جازى بها الكوفيون واختاره الزجاجي في الجمل فتقول كيفما تكن أكن» (4) وردّ أبو الفداء ذلك بقوله: «والجزم بكيفما شاذ خلافا للكوفيين» (5).
10 -
أبو سعيد السيرافي المتوفى 368 هـ
لم يذكره صراحة ولعله أراده حين تحدث عن سبب إمالة خاف فقد ذهب السيرافي إلى أن السبب هو الكسرة العارضة في فاء الكلمة في حين نصّ أبو الفداء أن
(1) الكناش، 2/ 109 - 110.
(2)
الكناش، 2/ 77 - 78 والأصول لابن السراج، 1/ 417 - 418 وشرح الكافية، 2/ 331 والهمع، 2/ 26.
(3)
الكناش، 2/ 44 وشرح الكافية، 2/ 296 ورصف المباني للمالقي، 300 وشرح التصريح، 1/ 186.
(4)
الكناش، 1/ 289.
(5)
الكناش، 2/ 24.
من «الأولى أن يقال للكسرة التي كانت في عين الفعل إذ أصل خاف خوف» (1).
11 -
أبو علي الفارسي المتوفى 377 هـ
وافق أبو الفداء الفارسيّ في كون ألف «واو» منقلبة عن ياء وليست عن واو كما قال الأخفش قال أبو الفداء: «ومنه أنّ الياء وقعت فاء ولاما معا نحو قولهم: يديت إليه يدا ومنه أنّ الياء وقعت فاء وعينا ولاما إلا في الواو على قول الأخفش إنّ ألفها منقلبة عن واو فهي على قوله موافقة للياء في ييت وقال الفارسيّ: إن ألف واو منقلبة عن ياء فهي على قوله موافقة لها في يديت وهو أولى من قول الأخفش فإنه لم يسمع كلمة كلها من حرف واحد إلّا ييت وهو شاذ، ولكون العربية ليس فيها كلمة فاؤها ولامها واو، جعلوا كون الفاء واوا دليلا على أنّ اللام ياء واتفقوا على أنّ كلّ كلمة فاؤها واو إنما تكتب لامها ياء فلذلك كتبوا الوغى بالياء (2).
12 -
ابن جني المتوفى 392 هـ
أجاز ابن جني تقديم المفعول معه على الفاعل وقد منع ذلك أبو الفداء بقوله:
13 -
الزمخشري المتوفى 538 هـ
ذكرنا من قبل أبا الفداء قد جعل مفصل الزمخشري مادته الأولى في كناشه إذ شرح منه أجزاء كثيرة، واعتمد عليه اعتمادا كبيرا في القسم الرابع «المشترك» كما أشار إلى ذلك، وهذا الاعتماد جعل أبو الفداء ينقل كثيرا من المفصل، وتكفي نظرة سريعة في إحالاتنا إلى المفصل (4)، لتتضح هذه النقول وتظهر مواضع الشبه اللفظي بينهما، وتبع ذلك أن أبا الفداء قد أيد الزمخشري في كثير من آرائه من ذلك موافقته له في مجيء بات بمعنى صار، ولم يرتض الخالفون ذلك وقالوا لا حجة له على ذلك
(1) الكناش، 2/ 152 وشرح الأشموني، 4/ 222. قال وهو ظاهر كلام الفارسي بعد تقريره أنه للسيرافي.
(2)
الكناش، 2/ 253 والمزهر، للسيوطي، 2/ 78.
(3)
الكناش، 1/ 181 والخصائص، 2/ 383.
(4)
خاصة في قسم المشترك، وانظر فهرس الموضوعات.
ولا لمن وافقه (1).
ولكن ذاك النقل للنصوص، وهذا التأييد في الآراء لم يجعلا أبا الفداء أسير المفصل وصاحبه، فخالفه في عدد من آرائه غير أن هذه المخالفات هي في حقيقتها مآخذ ابن الحاجب على الزمخشري، فكان أبو الفداء بنقلها وتقريرها، موافقا فيها ابن الحاجب من جهة، ومخالفا الزمخشري من جهة ثانية، من ذلك ردّه على قول الزمخشري في المفصل «وفي اقرأ آية ثلاثة أوجه أن تقلب الأولى ألفا، وأن تحذف الثانية وتلقى حركتها على الأولى، وأن تجعل معا بين بين وهي حجازية» (2) فعلق أبو الفداء على الوجه الثالث ناقلا رأي ابن الحاجب بقوله: «وسها في المفصل حيث قال وأن تجعلا معا بين بين، لأن الأولى ساكنة، والساكنة لا تجعل بين بين أصلا لأن الغرض من بين بين تقريبها من السكون فتقرب إلى الخفة وإذا كانت ساكنة فقد بلغت الغاية في الخفة فلا يصح أن تخفف حينئذ بالتقريب من السكون» (3).
وفضّل أحيانا حدّ ابن الحاجب على حد الزمخشري، فقد عرّف الزمخشري اسم الآلة بقوله: والمراد بها ما يعالج به وينقل» (4) وأضاف أبو الفداء بعد ذكره ذلك ما يدل على ترجيح حد ابن الحاجب لها فقال «والأولى أن يقال: هي اسم مشتق من فعل لما يستعان به في ذلك الفعل» (5).
14 -
السّخاوي المتوفى 643 هـ
اقتصر أبو الفداء في موقفه من السخاوي على نقل أقواله وآرائه مما يدلّ على موافقته له، من ذلك ما نقله أبو الفداء تعليقا على قول الزمخشري في مفصله: وإدغام الراء في اللّام لحن فقال: «كذا قال في المفصل، وهو مذهب سيبويه والخليل قال السخاوي: وقد أدغم أبو عمرو الراء في اللام فيما يزيد عن ثمانين موضعا في القرآن
(1) الكناش، 2/ 42 وشرح التسهيل لابن المالك، 1/ 346 وشرح الأشموني، 1/ 230.
(2)
المفصل، 352.
(3)
الكناش، 2/ 179 وإيضاح المفصل، 2/ 351، وانظر الكناش، 2/ 177 - 178.
(4)
المفصل، 239.
(5)
الكناش، 1/ 354 وإيضاح المفصل، 1/ 668.
الكريم وأبو عمرو حجة فيما ينقل وفيما يقرأ فيجب الرجوع إليه في ذلك» (1).
15 -
ابن يعيش المتوفى 643 هـ
اعتمد أبو الفداء على شرح المفصل لابن يعيش اعتمادا كبيرا، بدا ذلك من:
أ - إشارته إليه لتوثيق بعض الآراء وتقريرها من ذلك قوله «وأجاز الأخفش إعماله - أي إعمال اسم الفاعل - من غير اعتماد على شيء نصّ عليه السخاوي وابن يعيش» (2).
ب - ونقله نصوصا منه، من ذلك قوله:«قال ابن يعيش في شرحه: «وكثرت هذه الكلمة - أي - امرؤ - في كلامهم حتى صارت عبارة عن كل ذكر وأنثى من الناس» (3).
16 -
ابن الحاجب المتوفى 646 هـ
تعدّ كتب ابن الحاجب من أهم المصادر التي اعتمد عليها أبو الفداء لتأليف كناشه، فقد علّق أكثره منها، وفق المنهج الذي رسمه لنفسه وهو - كما بدا لنا - على النحو الآتي:
أ - جاءت الحدود والتعريفات من الكافية والشافية.
ب - أنه نقل كثيرا من بقية كتب ابن الحاجب (شرح الكافية وشرح الوافية وإيضاح المفصل)(4) وجاءت نقوله أحيانا نقلا حرفيا، وأحيانا متصرّفا فيها (5).
ج - أنه أيد ابن الحاجب في كثير من آرائه من ذلك نقله وتأييده تخريج ابن الحاجب لقراءة عاصم لقوله تعالى: ويخشى الله ويتقه (6) بإسكان القاف وكسر
(1) الكناش، 2/ 330 وانظر الكناش 1/ 282 - 366 - 2/ 135.
(2)
الكناش، 1/ 329 وشرح المفصل، 6/ 79.
(3)
الكناش، 2/ 196 وشرح المفصل، 9/ 134 وانظر 2/ 293 - 320 فثمة نقول من شرح المفصل تصرف فيها أبو الفداء.
(4)
وهي الكتب التي وقفنا على نصوص منها في الكناش.
(5)
انظر أمثلة لذلك في الكناش، 1/ 115 - 116 - 118 - 120 - 123 - 124 - 132 - 236 - 2/ 31 - 73 - 94 - 95.
(6)
من الآية 52 من سورة النور.
الهاء فقال: «وأصله يتّقي فحذفت الياء للجزم ثم ألحقت هاء السكت صار يتّقه ثم سكنت القاف تشبيها لتقه بكتف، ثم حركت هاء السكت وهي الساكن الثاني لالتقاء الساكنين قال ابن الحاجب وفيه تعسف مع الاستغناء عنه والأولى أن يقال: إن الهاء ضمير عائد على اسم الله وسكنت القاف على ما ذكر بقي ويتّقه من غير اجتماع ساكنين
ومن غير تحريك هاء السكت وإثباتها في الوصل» (1).
د - أنه أخذ عليه - أحيانا - في تعريفاته عدم الدقة، مثال ذلك تعليقه على قول ابن الحاجب في الكافية بأنه يجب تقديم المبتدأ إذا كان الخبر فعلا للمبتدأ نحو: زيد قام» (2) قال أبو الفداء: «واعلم أنه لو قال: فعلا له مفردا لكان أولى لئلا يرد عليه الزيدان قاما، والزيدون قاموا، فإنّ الفعل هنا للمبتدأ ولا يجب تقديم المبتدأ عليه بل يجوز: قاما الزيدان وقاموا الزيدون على أن قاما وقاموا، خبران مقدّمان» (3).
17 -
ابن مالك المتوفى 673 هـ
نقل أبو الفداء رأي ابن مالك عقيب إيراده رأي ابن الحاجب القائل إن المفضل عليه في نحو قولنا: زيد أفضل رجل محذوف وهو الجنس العام أي زيد أفضل رجل من جميع الرجال فأتبعه بالقول «واختيار ابن مالك أن المفضل عليه مذكور وهو النكرة المضاف أفعل إليها والتقدير: زيد أفضل من كل رجل قيس فضله بفضله فحذفت من وكلّ، وأضيف أفعل إلى ما كان مضافا إليه كل» (4).
18 -
تقي الدين النيلي من أهل القرن السابع
أ - أورد أبو الفداء رأي النيلي حول موضع أسماء الأفعال من الإعراب، فقال:
ولا بدّ لها من موضع من الإعراب لوجود التركيب، واختيار ابن الحاجب أنّ موضعها رفع بالابتداء وفاعلها المستتر أغنى عن الخبر كما أغنى في: أقائم الزيدان عن الخبر،
(1) الكناش، 2/ 189 وإيضاح المفصل، 2/ 357 وثمة نصوص كثيرة من إيضاح المفصل، انظرها في الكناش، 2/ 62 - 291 - 293 - 294 - 323.
(2)
الكافية لابن الحاجب، 378.
(3)
الكناش، 1/ 143 - 144.
(4)
الكناش، 1/ 346 وشرح التسهيل، 3/ 62 وانظر الكناش، 2/ 144.
واختيار تقي الدين النيلي أن موضعها نصب على المصدر كأنه قيل في رويد زيدا:
أرود إروادا زيدا» (1).
ب - استغرب أبو الفداء ما ذكره النيلي عن كاف الخطاب وأحوالها مع المخاطبين قال أبو الفداء: «وقد نقل النيلي جواز فتح كاف الخطاب في ذلك كلّه وهو غريب، قال: إن ذلك نقله الثقات من غير إلحاق علامة تثنية ولا جمع ولا غير ذلك بل تفرد وتذكر على كلّ حال» (2).
19 -
محمد بن الحسن بن محمد الاستراباذي المتوفى 715 هـ
أ - اكتفى أبو الفداء بنقل آراء السيد الاستراباذي من ذلك ما نقله عنه في المنادى المبني «والمراد بالمفرد ما لم يكن مضافا ولا مشابها له وقال السيّد: ولا جملة أيضا نحو: يا زيد ويا زيدان ويا زيدون» (3). ومن ذلك أيضا ما نقله عنه بأنهم «نقصوا الألف من الحارث علما ومن السلم عليكم وعبد السلم ومن ملائكة وسماوات وصالحين ونحوها مما لم يخش فيه لبس» (4).
وبعد: فلا يخفى أن كل موافقة ومخالفة ينطوي تحتها حديث طويل للنحاة آثرنا عدم بسطه والخوض فيه، لأن غايتنا بيان الاتجاه النحوي العام لأبي الفداء، فرأيناه ناظرا في آراء النحويين نظرة العالم المتمكّن من هذه الصنعة المالك لأصولها الملمّ بطرقها، يوجز أحيانا ويسهب أخرى، ويحاور النحاة في أحايين أخر، فيضعف، ويقوي، ويرفض، ويؤيد، ويختار ما يعتقد أنه الأولى بالأخذ، والأجدى بالتمسّك به، وكل ذلك وفق أصول هذه الصناعة، وبما يتفق مع منهجه العام الذي اختطّه لكناشه وهو الجمع القائم على الاصطفاء والاختيار للاستذكار والتعليم ليغنيه عن كثير من كتب النحو والصرف المطولة.
(1) الكناش، 1/ 274 وشرح الكافية، للنيلي، الورقة 167 ظ. وشرح الأشموني، 3/ 196.
(2)
الكناش، 1/ 262 وشرح الكافية، للنيلي، الورقة، 152 و، شرح التصريح، 1/ 128 وحاشية الصبان، 1/ 142.
(3)
الكناش، 1/ 161 - 162 والوافية في شرح الكافية، للاستراباذي، الورقة 78 و.
(4)
الكناش، 2/ 358 وشرح الشافية، للاستراباذي، الورقة، 104 ظ.