المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الكنايات المبنيات - الكناش في فني النحو والصرف - جـ ١

[أبو الفداء]

فهرس الكتاب

- ‌ الدراسة

- ‌القسم الأول

- ‌الفصل الأول اسمه وأسرته وإمارته على مدينة حماة

- ‌الفصل الثاني حياته العلمية وتكوينه الثقافي

- ‌الفصل الثالث مصنفاته وشعره

- ‌1 - في التاريخ:

- ‌2 - في الجغرافيا:

- ‌3 - في الفقه:

- ‌4 - في الطب:

- ‌5 - في العروض:

- ‌6 - في النحو والصرف:

- ‌7 - وله من الكتب:

- ‌تصويب:

- ‌شعره:

- ‌الفصل الرابع منهج أبي الفداء في كتاب «الكناش»

- ‌الفصل الخامس شواهده ومصادره

- ‌أولا - شواهده:

- ‌1 - الآيات القرآنية

- ‌2 - الأحاديث النبوية الشريفة

- ‌3 - الأشعار

- ‌4 - الأقوال والأمثال

- ‌ثانيا - مصادره:

- ‌الفصل السادس مذهب أبي الفداء النحوي وموقفه من النحاة

- ‌1 - العامل

- ‌2 - السماع والقياس

- ‌3 - العلة

- ‌القسم الثاني

- ‌الفصل الأول التعريف بعنوان الكتاب «الكنّاش»

- ‌الفصل الثاني توثيق نسبة الكتاب إلى أبي الفداء

- ‌الفصل الثالث وصف النسخة

- ‌الفصل الرابع منهج التحقيق

- ‌الفصل الخامس طبعة قطر والنخبة المتميّزة من السّرّاق

- ‌القسم الأول في الاسم

- ‌[ذكر تقسيم للاسم]

- ‌ذكر تقسيم آخر للاسم

- ‌[تقسيمه الى المعرب والمبنى]

- ‌ المعرب:

- ‌[تعريف المعرب]

- ‌[بيان الإعراب]

- ‌[ذكر تقسيم للمعرب]

- ‌ذكر إعراب الاسم المفرد، والجمع المكسّر المنصرفين

- ‌ذكر إعراب جمع المؤنّث الصحيح

- ‌ذكر إعراب الأسماء الستة

- ‌ذكر إعراب المثنّى

- ‌ذكر إعراب الجمع السّالم

- ‌ذكر الإعراب التقديري

- ‌ذكر ما لا ينصرف

- ‌ذكر العدل

- ‌ذكر التأنيث

- ‌ذكر الجمع

- ‌ذكر المعرفة

- ‌ذكر العجمة

- ‌ذكر وزن الفعل

- ‌ذكر الوصف

- ‌ذكر الألف والنون

- ‌ذكر التركيب

- ‌ذكر بقيّة الكلام على ما لا ينصرف

- ‌ذكر المرفوعات

- ‌ذكر الفاعل

- ‌ذكر وجوب تقديم الفاعل

- ‌ذكر وجوب تقديم المفعول

- ‌ذكر حذف الفعل جوازا ووجوبا

- ‌ذكر تنازع الفعلين

- ‌ذكر مفعول ما لم يسمّ فاعله

- ‌ذكر المبتدأ

- ‌ذكر الخبر

- ‌ذكر أنّ أصل المبتدإ التقديم

- ‌ذكر وجوب تقديم المبتدأ

- ‌ذكر وجوب/ تقديم الخبر

- ‌ذكر الابتداء بالنّكرة

- ‌ذكر الجملة الخبرية

- ‌ذكر أمور مشتركة بين المبتدأ والخبر

- ‌ذكر جواز حذف المبتدإ والخبر

- ‌ذكر وجوب حذف الخبر

- ‌ذكر وجوب حذف المبتدأ

- ‌ذكر تعدّد الخبر

- ‌ذكر خبر إنّ

- ‌ذكر خبر لا التي لنفي الجنس

- ‌ذكر اسم ما ولا المشبّهتين بليس

- ‌ذكر المنصوبات

- ‌ذكر المفعول المطلق

- ‌ذكر جواز حذف الفعل

- ‌ذكر وجوب حذف الفعل

- ‌ذكر المفعول به

- ‌ذكر ما يجب حذفه من الأفعال

- ‌ذكر السّماعي

- ‌ذكر المنادى

- ‌ذكر إعراب توابع المنادى

- ‌ذكر المنادى المعرّف باللام

- ‌ذكر بقيّة الكلام على المنادى

- ‌ذكر التّرخيم

- ‌ذكر المندوب

- ‌ذكر المفعول به الذي أضمر عامله على شريط التفسير

- ‌ذكر التّحذير

- ‌ذكر المفعول فيه

- ‌ذكر المفعول له

- ‌ذكر/ المفعول معه

- ‌ذكر الحال

- ‌وشرط الحال

- ‌وعامل الحال

- ‌ذكر التمييز

- ‌ذكر تمييز الذّات المذكورة التي هي مقدار وهي غير عدد

- ‌ذكر تمييز الذات التي هي غير مقدار

- ‌ذكر تمييز الذات المقدّرة

- ‌ذكر الاستثناء

- ‌ذكر وجوب نصب المستثنى

- ‌ذكر جواز نصب المستثنى

- ‌ذكر الاستثناء المفرّغ

- ‌ذكر البدل على المحلّ

- ‌ذكر إعراب غير

- ‌ذكر خبر كان وأخواتها

- ‌ذكر اسم إنّ وأخواتها

- ‌ذكر منصوب لا التي لنفي الجنس

- ‌ذكر خبر ما ولا المشبّهتين بليس

- ‌ذكر المجرورات

- ‌ذكر الإضافة المعنويّة

- ‌ذكر الإضافة اللفظيّة

- ‌ذكر ما يمتنع إضافته

- ‌ذكر إضافة الاسم الصحيح والملحق به

- ‌ذكر إضافة المقصور والمنقوص

- ‌ذكر بقيّة الكلام على الإضافة

- ‌ذكر التّوابع

- ‌ذكر النّعت

- ‌ذكر العطف

- ‌ذكر التأكيد

- ‌ذكر البدل

- ‌ذكر عطف البيان

- ‌ذكر المبنيّ

- ‌ذكر المضمرات

- ‌ذكر تقسيم المضمر

- ‌ذكر الضمير المرفوع المتّصل

- ‌ذكر الضمير المرفوع المنفصل

- ‌ذكر المنصوب المتّصل

- ‌ذكر المنصوب المنفصل

- ‌ذكر الضمير المجرور

- ‌ ذكر الضمير المستتر

- ‌ذكر أحكام الضمير المنفصل

- ‌ذكر الضمائر التي يجوز فيها الاتصال والانفصال

- ‌ذكر المضمر الواقع بعد عسى

- ‌ذكر نون الوقاية

- ‌ذكر الفصل

- ‌ذكر ضمير الشّأن

- ‌ذكر أسماء الإشارة

- ‌ذكر الموصولات

- ‌ذكر تعدّد الموصولات

- ‌ذكر الإخبار بالذي وبابها

- ‌ذكر أنواع ما

- ‌ذكر أنواع من

- ‌ذكر أنواع أيّ وأيّة

- ‌ذكر ماذا

- ‌ذكر أسماء الأفعال

- ‌فصل وأسماء الأفعال تنقسم إلى مرتجل، ومشتقّ، ومنقول

- ‌ذكر الأصوات

- ‌ذكر المركّبات

- ‌ذكر الكنايات المبنيّات

- ‌ذكر الظروف المبنيّة

- ‌ذكر اسم الجنس

- ‌ذكر المعرفة

- ‌ذكر النّكرة

- ‌ذكر اسم العدد

- ‌ذكر تمييز الثلاثة إلى العشرة

- ‌ذكر تمييز أحد عشر إلى تسعة وتسعين

- ‌ذكر تمييز المائة وما فوقها

- ‌ذكر ما لا يميّز وغير ذلك

- ‌ذكر التصيير والحال

- ‌ذكر تعريف الأعداد

- ‌ذكر المذكّر والمؤنّث

- ‌ذكر التثنية

- ‌ذكر تثنية الملحق بالصحيح، والمقصور والممدود

- ‌ذكر الجمع

- ‌ذكر جمع المذكّر السّالم

- ‌ذكر جمع المؤنّث الصحيح

- ‌ذكر جمع التكسير

- ‌ذكر الأسماء المتصلة بالأفعال

- ‌ذكر المصدر

- ‌ذكر اسم الفاعل

- ‌ذكر اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المجرّد

- ‌ذكر اسم الفاعل من غير الثلاثي

- ‌ذكر عمل اسم الفاعل

- ‌ذكر أبنية المبالغة

- ‌ذكر اسم المفعول

- ‌ذكر الصّفة المشبّهة

- ‌ذكر التشابه والاختلاف بين الصّفة المشبّهة وبين اسم الفاعل

- ‌ذكر مسائلها الثماني عشرة

- ‌ذكر الرّافع والنّاصب والجارّ لمعمول الصّفة المشبّهة

- ‌ذكر الصفة التي فيها ضمير أو ضميران، أو لا ضمير فيها أصلا

- ‌ذكر اسم التفضيل

- ‌ذكر بناء أفعل التفضيل

- ‌ذكر كيفية استعماله من الزائد على الثلاثيّ ومن الألوان والعيوب

- ‌ذكر استعماله للفاعل والمفعول

- ‌ذكر الأمور الثلاثة التي لا يستعمل أفعل إلّا بأحدها

- ‌ذكر أفعل المستعمل بمن

- ‌ذكر عمل أفعل التفضيل

- ‌ذكر اسم الزمان والمكان

- ‌ذكر مفعل من معتلّ الفاء

- ‌ذكر مفعل من معتلّ اللّام

- ‌ذكر اسم الزمان والمكان من الزائد على الثلاثي

- ‌ذكر ما جاء فيه مفعلة

- ‌ذكر اسم الآلة

- ‌ذكر المصغّر

- ‌ذكر المنسوب

- ‌فصل في المقصور والممدود

- ‌فصل في الوزن

- ‌ذكر ما جاء فيه دليل على أنه لم يقصد به التكرار بل زيد واتّفق موافقة الزائد لما قبله

- ‌ذكر كيفية وزن الكلمة المقلوبة

- ‌ذكر ما يتعرّف به القلب

- ‌ذكر كيفيّة وزن الكلمة المحذوفة

- ‌فصل في الأبنية

- ‌ذكر تقسيم الأبنية الأصول

- ‌ذكر أبنية الاسم الثلاثي المجرّد

- ‌ذكر أبنية الاسم الرباعي المجرّد

- ‌ذكر أبنية الاسم الخماسي المجرّد

- ‌فصل في أبنية المزيد فيه

- ‌ذكر أبنية الاسم الثلاثي المزيد فيه

- ‌ذكر الزيادة الواحدة بحسب المواضع الأربعة المذكورة

- ‌ذكر الزيادتين المفترقتين

- ‌ذكر الزيادتين المجتمعتين

- ‌ذكر الزيادات الثّلاث المفترقة

- ‌ذكر الزيادات الثّلاث المجتمعة

- ‌ذكر الزيادات الثّلاث على وجه تنفرد واحدة وتجتمع ثنتان

- ‌ذكر الزيادات الأربع

- ‌ذكر أبنية الاسم الرباعي المزيد فيه

- ‌ذكر الزيادة الواحدة في الرباعي

- ‌ذكر الزيادتين المفترقتين

- ‌ذكر الزيادتين المجتمعتين

- ‌ذكر الزيادات الثلاث في الرباعي

- ‌ذكر أبنية الاسم الخماسي المزيد فيه

الفصل: ‌ذكر الكنايات المبنيات

ورأيت بعلبكّ ومررت ببعلبكّ، فلا ينصرف للعلّتين وهذا هو الفصيح، ومن العرب من يعرب الأوّل بالرفع والنّصب والجرّ كالمضاف، ويعرب الثاني إعراب المضاف إليه الغير المنصرف، ومن هؤلاء من يعرب الثاني إعراب المضاف إليه المنصرف فيقول:

هذا بعلبكّ بجرّ الثاني في الأحوال الثلاث (1) وأمّا نحو: (2): «ذهبوا أيدي سبا» فقد عدّه المحققون (3) من باب المبنيّات وهو مشكل؛ فإنّ معناه ذهبوا مثل أيدي سبا في تشتّتهم، فحذف المضاف الذي هو مثل، وأعرب المضاف إليه بإعرابه ثم حقّقت الهمزة من سبأ، وسكّنت الياء من أيدي على التخفيف وذلك لا يوجب بناء (4).

‌ذكر الكنايات المبنيّات

(5)

وهي سابع المبنيّات، والكناية من كنيت إذا سترت ومنه كنية الشّخص؛ سمّيت بذلك لكونها تستر اسمه (6) وتكون الكناية معربة نحو: فلان، ويسمّى الضمير مكنيّا أيضا، وليس ذلك بمراد هاهنا، وإنّما المراد الكنايات المبنيّة، وهي: كلّ لفظ مجمل يعبّر به عن مفصّل، ويكون إجماله إمّا لنسيانه أو لقصد إبهامه على السّامعين، بحيث لا يعلم معناه إلّا من يعرف ذلك التفصيل نحو: عندي كذا كذا درهما، فكذا كذا درهما، مجمل وله تفصيل من نحو: عشرين أو خمسين أو غير ذلك، وقد عبّر عنه بهذا اللفظ المجمل، أعني كذا كذا درهما، إمّا للنسيان أو للإبهام على السّامعين (7) وألفاظ الكنايات كم وكذا للعدد، وكيت وذيت للحديث وقد قيل:(8) إنّ كم الاستفهامية ليست من الكنايات، لأنّها وضعت للاستفهام عن العدد فلا تكون بهذا

(1) شرح المفصل، 4/ 124.

(2)

المستقصى، 2/ 88 وفرائد اللآل، 1/ 227 وانظر الكتاب، 3/ 304 والمقتضب، 4/ 25.

(3)

في شرح الكافية، للرضي 2/ 90 وجعل جار الله بادي بدا وأيدي سبا من باب معد يكرب، وجعلها سيبويه من باب خمسة عشر، وهو الأولى، وانظر الكتاب، 3/ 304 وشرح المفصل، 4/ 122.

(4)

شرح الكافية، لابن الحاجب، 2/ 546 والنقل منه.

(5)

الكافية، 407.

(6)

اللسان، كنى وخلل.

(7)

شرح المفصل، 4/ 126.

(8)

القائل هو ابن الحاجب نصّ على ذلك في شرح الكافية، 2/ 549 ونسب إليه أيضا في الأسرار الصافية للنجراني، 98 وشرح الكافية،

للرضي 2/ 93.

ص: 281

الاعتبار من الكنايات وإلّا لزم أن يكون أين ومتى، كنايتين عن مكان وزمان مبهمين، لأنّ كم كما يفيد الاستفهام والعدد فكذلك أين يفيد الاستفهام والمكان (1)، وقال السخاوي (2) في شرح المفصل ما معناه: إنّ كم الاستفهامية من الكنايات أيضا، قال: لأنّها في الاستفهام سؤال عن عدد مبهم فلا شيء من العدد إلّا ويصلح أن يكون جوابا، وبنيت الاستفهامية لتضمنها همزة الاستفهام، والخبريّة لكونها مثل الاستفهاميّة في الصيغة (3) وبني «كذا» لكونه منقولا عن مبنيّ لأنّ أصله «ذا» ودخلت عليه كاف التشبيه فبقي على ما كان عليه (4) وأما كيت وكيت وذيت وذيت، فكنايتان عن الحديث، وبنيا لكونهما واقعين موقع المبنيّ وهو الجملة (5) أعني الحديث الذي كني عنه بهما/.

ومميّزكم الاستفهامية (6) مفرد منصوب نحو: كم رجلا ضربت، لأنّ كم للعدد فجعل مميّزها كمميّز الأعداد المتوسطة أعني من أحد عشر إلى تسعة وتسعين ولم يجعل كمميّز طرفي العدد أعني العشرة وما دونها والمائة وما فوقها، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجّح، ويدخل «من» في مميّزها فيخفض نحو: كم من رجل ضربت، ومميّزكم الخبريّة مجرور مفرد، ومجموع كقولك: كم درهم وهبت، وكم دراهم وهبت، أما كونه مجرورا، فلأنّها للتكثير، والعدد الصريح الكثير، مميّزه مجرور كمائة وألف، وأما كونه مفردا، فلأنّ مميّز العدد الكثير كذلك، وأمّا كونه جاء مجموعا فلأنّ العدد الكثير، فيه ما ينبيء عن كميّته صريحا كالمائة والألف، ولما كان

(1) شرح الكافية، لابن الحاجب 2/ 549 والنقل منه بتصرف يسير. وانظر شرح الكافية، للرضي 2/ 94 وهمع الهوامع، 2/ 75.

(2)

هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي ولد في سخا سنة 559 هـ وقرأ على الشاطبي، ثم نزل دمشق وقرأ عليه خلق كثير، كان بصيرا بالقراءات وعللها وإماما في النحو واللغة والتفسير عارفا بأصول الفقه له من التصانيف شرحان على المفصل، وسفر السعادة وسفير الإفادة، وشرح على الشاطبيّة مات سنة 643 هـ انظر ترجمته في إنباه الرواة، 2/ 311 وبغية الوعاة، 2/ 192 وطبقات المفسرين، للداوودي، 1/ 425.

(3)

شرح الكافية، 2/ 94.

(4)

همع الهوامع، 2/ 76.

(5)

شرح الكافية، 2/ 95.

(6)

الكافية، 407.

ص: 282

هذا ليس مثله في التصريح جعل كأنّه نائب عن معنى التصريح (1) وتدخل «من» في مميّز الخبريّة كثيرا نحو قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (2) ولكم الاستفهامية والخبريّة صدر الكلام (3) لكون الاستفهاميّة لإنشاء الاستفهام، والخبريّة لإنشاء التكثير، والكوفيون لا يوجبون لهما صدر اللام ويستشهدون بقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ (4) ويزعمون أنّ كم فاعل يهد (5) والبصريون يتأولونه ويقفون على يهد لهم ويبتدئون بقوله: كم أهلكنا (6) لكن إن كان قبلهما مضاف أو حرف جرّ وجب تقديمه وكانا في موضع خفض كقولك: غلام كم رجلا ضربت، وبكم رجلا مررت، لأنّ المضاف وحرف الجرّ لا يتأخّر عن معموله، فلذلك اغتفر تقديمه على ماله صدر الكلام، ليتنزّل المضاف وحرف الجرّ منزلة الجزء من الكلمة، ويكون إعراب المضاف نحو الغلام في: غلام كم رجلا، كإعراب كم، ولذلك نصبت غلام كم رجلا ضربت، والاستفهاميّة والخبريّة كلاهما يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا (7) أما جرّهما فبالمضاف أو حرف الجرّ حسبما تقدّم، وأمّا النصب فبما بعدهما من الفعل، إن كان متسلّطا عليهما، أي غير مشتغل بضميرهما أو متعلّق ضميرهما على حسب ما يقتضيه، أعني؛ إن اقتضى مفعولا به كان مفعولا به نحو:

كم رجلا أو رجل ضربت، بنصب رجل مع الاستفهاميّة، وجرّه مع الخبريّة، وإن اقتضى مفعولا مطلقا كان مفعولا مطلقا نحو: كم ضربة وضربة ضربت، وإن اقتضى

(1) شرح الكافية، 2/ 97 وشرح الأشموني، 4/ 81.

(2)

من الآية 4 من سورة الأعراف.

(3)

الكافية، 407.

(4)

من الآية 26 من سورة السجدة.

(5)

انظر معاني القرآن 2/ 195 - 333 وشرح الوافية، 298.

(6)

في البيان، للأنباري، 2/ 154: وزعم الكوفيون بأنّ فاعل يهدى هو كم، وذلك سهو ظاهر؛ لأنّ كم لها صدر الكلام ولا يعمل فيها ما قبلها رفعا ولا نصبا، وكم في موضع نصب بأهلكنا وهو مفعول مقدّم وتفسيره محذوف وتقديره: كم قرية أهلكنا، وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدّم العامل على كم الخبريّة وردّ ابن هشام ذلك بأنها: لغة رديئة ولا يجوز تخريج كلام الله سبحانه على هذه اللغة وقرّر بأنّ الفاعل هو ضمير اسم الله سبحانه أو ضمير العلم أو الهدى المدلول عليه بالفعل، أو جملة أهلكنا على القول بأن الفاعل يكون جملة. انظر مغني اللبيب، 1/ 184 وحاشية الصبان، 4/ 83.

(7)

الكافية، 407.

ص: 283

ظرفا كان ظرفا نحو: كم يوما وكم يوم صمت، وأمّا الرفع فعلى أن يكونا مبتدأين أو خبرين، وذلك إذا لم يكن بعدهما فعل متسلّط عليهما ولا قبلهما اسم مضاف ولا حرف جرّ فيكونان حينئذ مجرّدين من العوامل اللفظيّة، فيتعيّن أن يكونا في موضع رفع على الابتداء أو على الخبر، ولا يكونان فاعلين لاقتضائهما صدر الكلام، والفاعل ليس له صدر الكلام، وأمّا تعينهما للابتداء دون الخبر أو للخبر دون الابتداء، فإذا وقعا غير ظرف تعيّنا للابتداء كقولك: كم رجلا إخوتك، وكم رجلا قام، وإن وقعا ظرفا تعيّنا للخبر، كقولك: كم يوما سفرك/ لأنك لو جعلت كم مبتدأ وهي للزمان تعذّر أن يكون خبرها السّفر كما يتعذّر ذلك في: متى سفرك، فيجب أن يقدّر السّفر ونحوه مبتدأ، ويكون ما تقدّم ظرفا في موضع رفع على الخبر (1).

واعلم أنّ إعراب أسماء الاستفهام والشّرط نحو: من وما، استفهاميتين وشرطيّتين مثل إعراب كم فإن كان بعدهما فعل متسلّط عليهما كان محلّهما النصب نحو: من ضربت، ومن تضرب أضرب وإن كان قبلهما حرف جرّ أو اسم مضاف فمحلّهما الجرّ نحو: بمن مررت وبمن مررت أمرر، وغلام من ضربت، وغلام من تضرب أضربه، فإن لم يكن بعدهما فعل، شأنه ما ذكرناه، ولا قبلهما مضاف ولا حرف جرّ فهما في محلّ الرفع بالابتداء، نحو: من ضربته، ومن تضربه، أضربه وفي مميّزكم في مثل قول الفرزدق يهجو جريرا. (2)

كم عمّة لك يا جرير وخالة

فدعاء قد حلبت عليّ عشاري

(1) شرح المفصل، 4/ 127 وشرح الأشموني، 83 - 84.

(2)

وهو جرير بن عطيّة، يكنّى أبا حرزه من فحول شعراء الإسلام ومن أشد الناس هجاء وتشبيها، مدح الحجاج، وعبد الملك بن مروان، وكانت بينه وبين الفرزدق مهاجاة ونقائض مشهورة توفي 111 هـ.

انظر ترجمته في طبقات فحول الشعراء 1/ 297 - 374 والشعر والشعراء 1/ 374 ووفيات الأعيان، 1/ 321 والبيت للفرزدق همام بن غالب، ورد في ديوانه، 2/ 451 برواية: كم خالة وروي منسوبا له في الكتاب، 2/ 72 - 162 وكتاب الحلل، 179 وشرح المفصل، 4/ 133 وشرح الكافية، 2/ 100 ومغني اللبيب، 1/ 185 وشرح التصريح، 2/ 280 وخزانة الأدب، 6/ 485 وروي البيت من غير نسبة في الكتاب، 2/ 166 والمقتضب، 3/ 58 وهمع الهوامع، 1/ 254.

الفدعاء: المعوجّة الرّسغ من اليد أو الرجل، والعشار: جمع عشراء وهي الناقة التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر.

ص: 284