الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنّه يلحق البعض دون البعض، إذ لا يقال: هذا لك بالاتفاق، وجعلوا ذا للقريب ليكون الاسم المجرّد من الزيادة للقريب المجرّد من زيادة المسافة، وذاك للمتوسّط بزيادة حرف الخطاب لتشعر الزيادة في اللفظ بالزيادة في المسافة، وذلك بزيادة اللام للبعيد لتشعر زيادة الحرفين على البعد في المسافة، وهو رأي بعض النحويين (1) وإذا قصدوا البعيد في المثنّى شدّدوا النون من ذانك وتانك (2) وفي الواحدة المؤنّثة استعملوا تلك، وفي المجموع زادوا اللّام وقصروا فقالوا: أولالك (3) فهؤلاء للجماعة القريبة، وأولئك للمتوسّطة، وأولالك للبعيدة (4) واعلم أنّهم قد وضعوا أسماء يشيرون بها إلى الأمكنة. خاصة وهي: ثمّ وهنا، فثمّ يشيرون به إلى ما بعد من الأمكنة، وهنا وهاهنا إلى المكان القريب، وهناك إلى المتوسط، وهنالك إلى البعيد، وفي هنا ثلاث لغات، إحداها: ضمّ الهاء
مع تخفيف النون، والثانية: فتحها مع تشديد النون، والثالثة: كسرها مع تشديد النون أيضا لكنّ الفتح أكثر (5).
ذكر الموصولات
(6)
وهي ثالث أقسام المبنيّات، والموصول مبهم بدون صلته، كما أنّ اسم الإشارة مبهم بدون صفته، فإن قيل الموصولات وأسماء الإشارة معارف فكيف يجتمع الإبهام والتعريف، فالجواب: أنّ إبهامها إنّما هو بحسب الوضع لا بحسب الاستعمال، فإنّها معارف بحسبه كما في الضمائر من مثل: أنا وأنت وهو، وإنّما يبنى الموصول لمشابهته الحرف من حيث احتياجه إلى الغير في إيضاحه وهو الصّلة (7) وحدّ الموصول: اسم لا يتم جزءا من الكلام من مسند ومسند إليه، ومضاف إليه وتابع،
- خفف نون هذان، وقرأ أبو عمرو وحده إن بالتشديد وهذين بالياء. انظر السبعة 388 والكشف، 2/ 63 والإتحاف، 304.
(1)
شرح الوافية، 287 وانظر شرح الكافية 2/ 33.
(2)
في الرفع متفق على جوازه، وأما في النصب والجر فمنعه البصري وأجازه الكوفي. شرح الأشموني، 1/ 147.
(3)
تسهيل الفوائد، 39.
(4)
شرح التصريح، 1/ 129.
(5)
شرح المفصل، 3/ 137 وشرح الأشموني، 1/ 144 - 145.
(6)
الكافية، 405.
(7)
شرح المفصل، 3/ 139 وشرح الكافية، 2/ 36.
إلّا مع صلة وعائد، فقولنا: اسم كالجنس/ وقولنا: لا يتم جزءا إلّا بصلة، يخرج ما يتمّ جزءا بدون الصلة نحو: زيد ورجل وقولنا: وعائد، يخرج مثل: إذ وإذا، لأنّه وإن لم يتمّ جزءا من الكلام إلّا بصلة فإنّه بلا عائد، فمثال الموصول مسندا قولك:
زيد الذي قام أبوه، ومثاله مسندا إليه: الذي قام أبوه زيد، ومثاله مضافا إليه: غلام الذي قام أبوه عمرو، ومثاله تابعا: مررت بزيد الذي أبوه قائم، ويجب أن تكون صلة الموصول جملة خبريّة ولا موضع لها من الإعراب (1) لكونها كالجزء من الموصول، وإنّما وجب أن تكون جملة، لأنّ «الذي» وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل التي هي نكرات في الأصل، ووجب أن تكون خبريّة لأنّ الموصول يخبر به وعنه، ولو كانت الجملة الإنشائيّة جزءا
منه لما صحّ منه ذلك، ولأنّ الصلة يجب أن تكون موضّحة للموصول، وما عدا الخبريّة كالأمر والنهي وغيرهما. من الجمل الإنشائيّة غير موضّح (2)، ويشترط في الصلة أيضا، أن تكون معلومة للمخاطب، لأنّها لو كانت مجهولة لم تكن موضّحة، ويشترط أن يكون فيها عائد (3) وهو ضمير في الصلة يعود إلى الموصول، لأنّ الصلة جملة مستقلّة فافتقرت إلى العائد، ليحصل به ربط الصلة بالموصول، والضمير العائد المذكور يجوز حذفه (4) إذا كان مفعولا، نحو قوله تعالى:(فيها ما تشتهي الأنفس)(5) أي ما تشتهيه، لحصول العلم به مع كونه فضلة، ولم يجز ذلك في الضمير المرفوع والمجرور لكون المرفوع فاعلا وامتناع حذف الفاعل، واستلزام حذف المجرور، كثرة الحذف أعني الجار والمجرور (6)(7).
(1) مغنى اللبيب، 2/ 409.
(2)
شرح الكافية، 2/ 32.
(3)
شرح الأشموني، 1/ 162.
(4)
الكافية، 405.
(5)
من الآية 71 من سورة الزخرف. وقد قرأ نافع وابن عامر وحفص بالهاء، والباقون بغير هاء الكشف، 2/ 262 والاتحاف، 387.
(6)
في شرح المفصل، 3/ 152 ولا يحذف هذا الراجع إلا بمجموع ثلاث شرائط: أحدها، أن يكون ضميرا منصوبا لا ضميرا مرفوعا ولا مجرورا، لأن المفعول كالفضلة في الكلام والمستغنى عنه. وأن يكون الراجع متصلا لا منفصلا لكثرة حروف المنفصل وأن يكون على حذفه دليل.
(7)
بعدها في الأصل مشطوب عليه: وفيه نظر لجواز أن يكون المرفوع مبتدأ ويجوز حذفه عند طول الصلة نحو: ما أنا بالذي قائل لك سوءا ولجواز حذف الجار والمجرور معا كقوله: