الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعراب، لا يكون لصيغة الضمير المذكور محلّ من الإعراب، وبنو تميم يجعلونه مبتدأ (1) فيرفعون ما بعده على أنه خبره، والجملة خبر عن كان أو غيره على حسب ما معه من العوامل، وخصّ بصيغة المرفوع لأنّه في معنى التأكيد، كما تقول في التأكيد ضربتك أنت ونحو ذلك (2).
ذكر ضمير الشّأن
(3)
ويتقدّم قبل الجملة ضمير يسمّى ضمير الشّأن (4) يفسّر بالجملة التي بعده لأنّ كلّ جملة هي شأن وأمر وقصّة وإذا قلت: هو زيد قائم، فكأنّك/ قلت: الواقع والشأن زيد قائم ثمّ أضمرت الشّأن وقلت: هو زيد قائم، واحترز بقوله:
يتقدّم قبل الجملة، عن الضمير في نعم رجلا زيد، وربّه رجلا؛ فإنّه متقدّم على المفسّر له لكن تقدّمه على المفرد لا على الجملة، ويكون مرفوعا منفصلا ومستترا، ومنصوبا متصلا بارزا، فالمرفوع المنفصل نحو: هو زيد قائم والمستتر نحو: كان زيد قائم وليس زيد قائم، والمنصوب المتصل: إنه زيد قائم، وإذا وقع مبتدأ انفصل نحو: هو زيد قائم، لأنّ عامل المبتدأ الابتداء، وهو معنى، واستحال اتصال الضمير بالمعنى الذي هو الابتداء لكونه غير لفظ، وكذا إذا وقع بعد ما الحجازية نحو: ما هو زيد قائم، لتعذر اتصاله مرفوعا بغير الفعل، وحذف ضمير الشأن إذا كان منصوبا ضعيف قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً (5) وجاء حذفه في الشعر (6) نحو قوله: (7)
إذا هبّت رياحك فاغتنمها
…
فإنّ لكلّ خافقة سكون
فسكون مبتدأ ولكلّ خافقة خبره، واسم إنّ هو ضمير الشأن محذوف والتقدير فإنّه لكلّ خافقة.
(1) في الكتاب، 2/ 392 هم ناس كثير من العرب وفي البحر 8/ 367 هم بنو تميم، وانظر المقتضب 4/ 105.
(2)
شرح الوافية، 282 والنقل منه وانظر شرح المفصل 3/ 111 - 113.
(3)
الكافية، 400.
(4)
ويسميه الكوفيون الضمير المجهول. شرح المفصل، 3/ 114 وشرح الكافية، 2/ 28.
(5)
من الآية 74 من سورة طه.
(6)
شرح الوافية، 283 والنقل منه بتصرف.
(7)
لم أهتد إلى قائله ولم أجده في المصادر التي بين يديّ.
ومنه قول الشّاعر: (1)
إنّ من يدخل الكنيسة يوما
…
يلق فيها جآذرا وظباء
فمن مبتدأ، ويدخل خبره، ولا يجوز أن يكون من هو اسم إنّ، لأنّ من شرط، والشّرط له صدر الكلام، واسم إنّ ليس له صدر الكلام، فالمبتدأ والخبر في موضع رفع بأنه خبر إن، واسم إنّ ضمير الشأن، وهو محذوف، وتقديره: إنّه من يدخل، وكذلك يضعف: وجدت زيد قائم بحذف الضمير، لأنّه مراد، لكونه جزء الجملة وليس على حذفه دليل، وأمّا ضمير الشأن مع أنّ المفتوحة إذا خفّفت فإنّ حذفه لازم، لأنّهم لو لم يقدّروا ذلك لكان للمخفّفة المكسورة على المخفّفة المفتوحة مزيّة في العمل، والمفتوحة أقرب إلى الفعل، وقد جوّزوا إعمال المخفّفة المكسورة، قال الله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ (2) ولم يجيزوا إعمال المخفّفة المفتوحة قال الشاعر: (3)
…
... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل
فلم تنصب هالك، فوجب تقدير عملها في ضمير الشأن (4) لكونها أشبه بالفعل من المكسورة، ألا ترى أنّ قولك: أنّ على لفظ أنّ الذي مضارعه يئن من الأنين.
ولم يأت ضمير الشأن مجرورا كما جاء مرفوعا ومنصوبا، لأنّه كناية عن
(1) البيت للأخطل ورد في ديوانه، 376 وورد منسوبا في الحلل 287 وشرح شواهد المغني، 1/ 122 - 2/ 918 وخزانة الأدب، 1/ 457 - 5/ 420 وورد البيت من غير نسبة في أمالي ابن الشجري، 1/ 295 وشرح المفصل، 3/ 115 والمقرب، 1/ 109 - 277 وشرح الكافية، 2/ 29 ومغني اللبيب، 1/ 370، 2/ 589 والعمدة للقيرواني 2/ 273 وهمع الهوامع 1/ 136.
الجآذر: أولاد البقر واحدها جؤذر.
(2)
من الآية 111 من سورة هود، قرأ الحرميان وأبو بكر وإن كلا بتخفيف إنّ، وشدد الباقون، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر «لما» بالتشديد، وخفف الباقون. الكشف 1/ 536 وانظر الإتحاف، 260.
(3)
هذا عجز بين للأعشى، ورد في ديوانه، 109 برواية:
إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا
…
إنّا كذلك ما نحفى وننتعل
وورد منسوبا له في الكتاب، 2/ 137 - 3/ 74 - 454 والمنصف، 3/ 129 والمحتسب 1/ 308 وأمالي ابن الشجري، 2/ 2 والإنصاف، 1/ 199 ومن غير نسبة في الخصائص 2/ 441 وشرح المفصل، 8/ 74 وهمع الهوامع، 1/ 142. وروى بعضهم صدر البيت: في فتية كسيوف الهند قد علموا.
(4)
شرح الوافية، 284 - 285.