الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إضرب، ومنه قراءة الكسائي: ألا يا اسجدوا (1) أي: ألا يا هؤلاء اسجدوا (2).
ذكر المفعول به الذي أضمر عامله على شريط التفسير
(3)
وهو القسم الثالث من أقسام المفعول الذي يجب حذف فعله بضابط قياسي وحدّه: أنّه كلّ اسم بعده فعل أو شبهه مشتغل عنه بضميره أو بمتعلّقه لو سلّط عليه هو أو مناسبه لنصبه، نحو: زيدا ضربته، فزيد اسم بعده فعل مشتغل عن زيد بضمير زيد، وتقديره: ضربت زيدا ضربته (4)، فالثاني مفسّر للأوّل، ولا يجمع بين المفسّر والمفسّر ولذلك وجب الحذف (5). ومثال ما يسلّط عليه مناسب الفعل: زيدا حبست عليه، وزيدا مررت به، فإنّه في هاتين الصورتين لو سلّط الفعل المشتغل أعني حبست ومررت على الاسم لم ينصبه لكنّ مناسبه وهو جاوزت ولازمت، لأنّ من حبست عليه فقد لازمته، ومن مررت به فقد جاوزته، ومثال ما هو مشتغل عنه بمتعلّقه: زيدا ضربت غلامه لأنّ الفعل مشتغل بمتعلّق زيد وهو غلامه وتقديره أهنت زيدا، لأنّ من تضرب غلامه فقد أهنته وإذا تقدّم عليه (6) جملة فعليّة (7) كقولك: قام زيد وعمرا أكرمته، جاز رفع عمرو/ والنّصب أحسن لأنّه على تقدير النّصب يلزم عطف جملة فعلية على جملة فعلية، وهو أنسب من الرّفع، لأنه يلزم عطف جملة اسميّة على جملة فعليّة (8)، ولذلك يختار النصب بعد حرف الاستفهام نحو: أزيدا ضربته، لأنّ الاستفهام غالبا إنما يكون عن الفعل، وبعد إذا الشرطيّة لأنّ الأولى أن يليها الفعل
(1) من الآية 25 من سورة النمل. ونصها: ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون.
(2)
بهمزة مفتوحة، وتخفيف اللام. والباقون بالهمزة وتشديد اللام. الكشف 2/ 156 - 157 والنشر 2/ 337 والإتحاف، 336 وانظر
الإنصاف، 1/ 99.
(3)
الكافية، 391.
(4)
الناصب له عند الكسائي والفراء، الفعل بعده، الإنصاف، 1/ 82 وشرح التصريح، 1/ 296.
(5)
شرح الوافية 206.
(6)
عليه زيادة يستقيم بها الكلام والمراد «أن تتقدم هذه الجملة جملة فعلية» شرح الوافية 206.
(7)
الكافية، 391 - 392.
(8)
شرح الوافية، 207.
بخلاف التي للمفاجأة، وبعد حيث، لأنّها مثل إذا في اقتضائها الفعل بعدها (1) وبعد حرف النفي، فإنّك إذا قلت: ما زيدا ضربته، فالنفي لضرب زيد لا لذاته فلما كان الفعل بعده كان النّصب أولى (2). وإذا وقع بعده فعل معناه الطّلب كان أقواها سببا في اختيار النّصب (3)، وكذلك شبه الفعل نحو: زيدا دراكه، لأنّه على تقدير الرفع يلزم وقوع الطلب وهو الأمر والنهي والدعاء خبرا عن المبتدأ وهو بعيد، لأنّ الخبر ما يحتمل الصّدق والكذب، والإنشاء لا يحتمل ذلك، وإنّما جاز على تأويل، وهو أن يقدّر زيد مقول فيه اضربه أو لا تضربه، وعلى تقدير النّصب لا يلزم إلّا حذف الفعل وهو كثير غير بعيد للمبتدأ المرفوع، وكأنّك قلت: زيد أنت مأمور بضربه أو زيد مقول فيه اضربه (4) وكذلك المصدر الذي بمعنى الطّلب فإنّ حكمه حكم الطّلب الصريح في اختيار النّصب نحو: أمّا زيدا فجدعا له، وأما جعفرا فسقيا له، لأنّك تريد: جدعه الله جدعا، وسقاه الله سقيا، وإذا كان الدّعاء بغير فعل ولا في تقدير الفعل لم ينصب الاسم الأول نحو: أمّا زيد فسلام عليه، وأمّا الكافر فويل له (5) ويختار الرّفع عند عدم قرينة خلافه (6) كقولك: زيد ضربته، لأنّه يرتفع بالابتداء فيكون غير محتاج إلى تقدير، والنصب يحتاج إلى تقدير الفعل الناصب فكان الرّفع أولى (7)، وكذلك يختار الرّفع مع أمّا وهي تغلب غير الطلب من قرائن النّصب فيكون الرفع بعدها أولى لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا، فإن جاء الطلب معها، قدّم اعتباره عليها فيصير النّصب أولى، وكذلك إذا التي للمفاجأة كقولك: قام زيد وإذا عبد الله تضربه لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا (8) ومثال غلبة أمّا مع قرينة النّصب قولك: قمت وأمّا جعفر فقد
(1) في الكتاب 1/ 106 ومما يقبح بعده ابتداء الأسماء
…
إذا وحيث تقول: إذا عبد الله تلقاه فأكرمه، وحيث زيدا تجده فأكرمه وانظر شرح التصريح 1/ 303 وشرح الأشموني 2/ 78.
(2)
شرح المفصل، 2/ 34 - 36.
(3)
شرح الوافية، 207 والنقل منه.
(4)
شرح التصريح، 1/ 307 وهمع الهوامع، 2/ 111.
(5)
شرح المفصل 2/ 38.
(6)
الكافية، 391.
(7)
في شرح الوافية، 208 ويختار الرفع إذا فقدت قرائن النصب كقولك: زيد ضربته
…
(8)
شرح الوافية، 208 وشرح الكافية، 1/ 171.
ضربته، ولولا (1) أمّا لكان النّصب أولى ليكون عطف جملة فعليّة، على جملة فعليّة فقدّم اعتبار أمّا فكان الرّفع أولى (2) ومثال غلبة الطلب قولك: قمت وأمّا عمرا فاضربه، بنصب عمرو، وإنّما قدّم الطلب على قرينة الرفع التي هي: أمّا وإذا لأنّك إذا رفعت وجب رفعه على الابتداء ووقع الطّلب خبرا وهو لا يقع خبرا إلّا بتأويل كما تقدّم، وأمّا النّصب فلا بعد فيه، لأنّه ينصب بفعل مقدّر مثله فلا يحتاج إلى تأويل ويستوي/ الرّفع والنّصب (3) إذا تقدمت جملة ذات وجهين نحو: زيد قام وعمرو أكرمته، فجاز في عمرو الرفع والنّصب من غير ترجيح (4) لأنّه إن رجّح النصب لقرب المعطوف عليه وهو الجملة الصغرى أعني قام، رجّح الرفع لعدم حذف العامل فيتعارضان (5).
واعلم أنّ نصب وعمرا أكرمته عطفا على الجملة الصغرى لا يستقيم إلّا أن يقدّر في الجملة المعطوفة ضمير يعود إلى زيد، نحو: عنده أو في داره، بحيث يصير التقدير: زيد قام، وعمرا أكرمته في داره (6) لأنّ الجملة المعطوفة إذا لم يكن فيها ضمير يعود إلى المبتدأ، لا تصحّ أن تكون خبرا عنه، وإذا لم تصحّ أن تكون خبرا، لا يصحّ عطفها على خبره لوجوب أن يتحقّق للمعطوف ما يجب ويمتنع للمعطوف عليه، والأخفش يمنع من جواز هذه المسألة، لأنّ الجملة الصغرى المعطوف عليها، لها موضع من الإعراب لوقوعها موقع المفرد، وموضعها الرّفع لأنّها خبر المبتدأ، والجملة المعطوفة أعني وعمرا أكرمته، لا موضع لها من الإعراب، لأنّ الجمل لا موضع لها من الإعراب، إلّا إذا كانت في تأويل المفرد، فلا يصحّ عطف ما لا موضع له على ما له موضع من الإعراب، وأجاب أبو علي الفارسي (7): أنّه لمّا كان
(1) من قوله: ولولا
…
إلى قوله: ويستوي الرفع والنصب، الكثير منه مطموس.
(2)
شرح ابن عقيل، 2/ 138.
(3)
الكافية، 391 - 392.
(4)
الكتاب، 1/ 91 والمغني، 2/ 380 - 382 وحاشية الصبان، 2/ 81.
(5)
شرح الوافية، 209.
(6)
شرح التصريح، 1/ 304.
(7)
الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، نحوي مشهور. توفي 377 هـ. انظر ترجمته في الفهرست 95 ونزهة الألباء 315.
إعراب الجملة الصغرى غير ظاهر في اللفظ صارت بمنزلة ما لا موضع له من الإعراب، فصحّ أن يعطف عليها ما لا موضع له من الإعراب (1).
ويجب النّصب بعد حرف التحضيض، وحرف الشّرط (2) لأنّهما مخصوصان بالأفعال إذ لا يحضّ إلا على الفعل (3)، ولأنّ الشرط إمّا للماضي أو للمستقبل ولا يكون إلّا فعلا كقولك: هلّا زيدا ضربته أو إن زيدا ضربته ضربته، وإذا وجب تقدير الفعل وجب النّصب (4) ونحو: أزيد ذهب به، ليس من هذا الباب، لأنّ الفعل لم يعمل في ضمير زيد نصبا، فلو سلّط ذهب على زيد لم ينصبه ولا مناسبه أعني أذهب، فرفع زيد لازم حينئذ على الابتداء، والجملة التي بعد خبره (5)، وقد أجاز السيرافي (6) فيه النصب على تقدير: زيد ذهب الذّهاب به، لأنّك لمّا أسندت الفعل إلى مصدره بقي الجار والمجرور في محلّ النّصب (7) وهو ضعيف، لأنّ المصدر لا يقوم مقام الفاعل إلّا إذا تخصّص بوصف أو بغيره لعدم الفائدة في إقامته مقام الفاعل بدون ذلك، فالقائم مقام الفاعل (8) هو الجار والمجرور حينئذ لا المصدر (9) وأمّا قوله تعالى وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (10) فليس من هذا الباب لأنّك لو حذفت الهاء من فعلوه، وسلطت الفعل على كلّ، صار إنّهم فعلوا كلّ شيء في الزّبر، وهو خلاف المقصود، لأن المعنى أنّ كلّ شيء يفعلونه فهو في الزّبر، والزّبر الكتب، أي إن فعلوا حسنا كتب لهم حسن، وإن فعلوا قبيحا/ كتب كذلك، ففعلوه صفة
(1) انظر ذلك كله في شرح المفصل، 2/ 33 وشرح الكافية، 1/ 175 - 176.
(2)
الكافية، 392.
(3)
في الأصل التفعيل.
(4)
شرح المفصل، 2/ 38، وشرح الكافية، 1/ 177.
(5)
الكتاب، 1/ 104 وشرح الوافية، 209.
(6)
أبو سعيد الحسن بن عبد الله المرزبان السيرافي، صنف تصانيف كثيرة أشهرها: شرح كتاب سيبويه توفي 368 هـ انظر ترجمته في الفهرست 93 وإنباه الرواة 1/ 313 والبلغة، 61.
(7)
وإلى ذلك ذهب ابن السراج أيضا، شرح الكافية، 1/ 177.
(8)
في الأصل مقام القاعد.
(9)
شرح المفصل، 2/ 35 وتسهيل الفوائد، 82.
(10)
من الآية 52 من سورة القمر.