الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفعتين أو مرّتين.
ذكر جواز حذف الفعل
(1)
وقد يحذف الفعل عند قيام قرينة دالّة عليه كقولك للقادم من سفره: خير مقدم، أي قدمت خير مقدم (2).
ذكر وجوب حذف الفعل
(3)
ويجب حذف الفعل الناصب للمفعول المطلق، وذلك على ضربين: الأول:
سماعي، وهو مصادر كثر استعمالها فحذفت أفعالها تخفيفا/ نحو: حمدا وشكرا وسقيا ورعيا، فإنه (4) لو كان ذكر الفعل مع المصدر جائزا لوقع، ولو وقع لنقل ولمّا لم ينقل دلّ على أنّه لم يقع، ولمّا لم يقع دلّ على أنّه غير جائز (5) والثاني: قياسي في أبواب: (6)
منها: أن يكون المصدر مثبتا بعد نفي، أو معنى نفي، داخل على اسم بشرط ألّا يصحّ أن يكون خبرا عن الاسم المتقدّم نحو: ما زيد إلّا سيرا، فإذا وجد ذلك، وجب حذف الفعل لحصول القرينة على خصوص الفعل، ووقوع لفظ إلّا أو ما يقوم مقامها في موضع الفعل المحذوف، ومعلوم أنّ سيرا مصدر مثبت بعد نفي، ولا يصحّ أن يكون خبرا عن الاسم المتقدم الذي هو زيد، ومثال الواقع بعد معنى النفي: إنّما أنت سيرا لأنّ معناه ما أنت إلّا سيرا، واحترز بقوله: مثبت عن مثل: ما زيد سيرا، وبقوله: بعد نفي، عن زيد سيرا، وبقوله: لا يصحّ أن يكون خبرا، عن نحو:
ما سيري إلّا سير (7).
(1) الكافية، 388.
(2)
بعدها في شرح الوافية، 186 «وجاز حذف قدمت لدلالة القرينة الحالية عليه» .
(3)
الكافية، 388.
(4)
غير واضحة في الأصل.
(5)
شرح الوافية، 186 والتشابه تام. وانظر شرح المفصل، 1/ 14 والهمع، 1/ 190 - 191.
(6)
الكافية، 388.
(7)
شرح الوافية، 186 بتصرف يسير.
ومنها: أن يقع المفعول المطلق مكرّرا في موضع خبر عن اسم ولم يصلح أن يكون خبرا عنه، نحو: زيد سيرا سيرا والتقدير يسير سيرا، ومعلوم أنّ سيرا لا يصلح أن يكون خبرا عن زيد فالقرينة حاصلة والمصدر الأوّل لفظ التزم موضع الفعل المحذوف (1).
ومنها: أن تتقدّم جملة لها آثار وتذكر الآثار بلفظ المصدر (2) كقوله تعالى:
فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (3) فشدّوا الوثاق، جملة متقدّمة لها في الوجود آثار، وهي المنّ والفداء والاسترقاق والقتل، فإذا ذكر (4) هذه الآثار وجب حذف الفعل لأنّ الجملة تدلّ على آثارها، وقد وقع لفظها في موضع الفعل فوجب حذفه (5).
ومنها: أن يقع المفعول المطلق للتشبيه بعد جملة مشتملة على اسم بمعنى المفعول المطلق، وعلى صاحب ذلك الاسم كقولك: لزيد صوت صوت حمار (6) واحترز بقوله: للتشبيه عن مثل: لزيد صوت صوت حسن، فإنّ الثاني مرفوع على البدل (7) واحترز بقوله: بعد جملة، عن مثل: الصوت صوت حمار، وبقوله:
مشتملة على اسم بمعنى المفعول المطلق، عن نحو: مررت بزيد فإذا له ضرب صوت حمار، فإنّ الضّرب ليس بمعنى الصوت. وبصاحب الاسم عن مثل: في الدار صوت صوت حمار، ووجب حذف الفعل لأنّ في الكلام قرينة تدلّ عليه، والجملة لفظ التزم موضعه (8) وتقديره: مررت فإذا هو يصوّت صوت حمار.
ومنها: (9) أن يقع المفعول المطلق مضمون جملة لا احتمال لتلك الجملة غير
(1) شرح الوافية، 187 وشرح التصريح، 1/ 332.
(2)
الكافية، 388.
(3)
من الآية 4 من سورة محمد.
(4)
كذا في الأصل وفي شرح الوافية، 187 فإذا ذكرت هذه الآثار.
(5)
شرح الوافية، 187 والتشابه تام.
(6)
الكافية، 388.
(7)
لأنه غير تشبيهي. وانظر شرح التصريح، 1/ 334.
(8)
أي في موضع الفعل المقدر، شرح الوافية، 188.
(9)
الكافية، 388 - 389.
ذلك المفعول المطلق، أو يقع المفعول المطلق مضمون جملة لها احتمال غير ذلك المفعول المطلق.
فمثال الأول: له عليّ ألف درهم اعترافا، فله عليّ ألف درهم جملة لا احتمال لها غير الاعتراف ويسمّى هذا القسم توكيدا لنفسه، لأنّه يؤكّد مضمون الجملة الذي/ هو عين الاعتراف (1) ومثال الثاني: زيد قائم حقّا، فحقّا وقع مضمون زيد قائم، وهو يحتمل أن يكون حقا وغير حقّ، فحقّا أكّد أحد احتماليه، ويسمّى هذا القسم توكيدا لغيره، وحقّا منصوب بفعل مضمر، والتقدير أحقّ ذلك حقّا، قال الزجاج:(2) ولا يجوز تقديم حقّا، كقولك: حقّا زيد قائم، قال فإن وسّطته فقلت: زيد حقّا قائم، جاز وذلك لأنّك لما ذكرت الكلام الذي يجوز أن تكون فيه شاكّا، وأن تكون متيقنا، جاز لك حينئذ أن تضمر اللّفظ الدّال على أحد الأمرين وهو أحقّ حقّا (3) ولم يذكر سيبويه امتناع تقديمه (4) ومن التأكيد لغيره قولهم: قد فعل ذلك البتّة، قال سيبويه (5) ولا يستعمل إلّا بالألف واللام، وهو من بتّ كذا يبتّه إذا قطعه.
ومنها: أن يقع المفعول المطلق مثنّى للتكثير، ومن أحكامه أنّه لا يستعمل إلّا مضافا غالبا نحو: لبّيك وسعديك ودواليك وهذاذيك إذا كانت التثنية لغرض تأكيد الكثرة لا لقصد التثنية المحقّقة (6)، أمّا لو قصدت التثنية من غير نظر إلى الكثرة نحو قوله تعالى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ (7) لم يجب حذف الفعل، ومما جاء مثنّى قولهم: حذ اريك أي احذر حذرا بعد حذر، وحواليك، ومعناه الإحاطة من جميع الجهات وقد
(1) ولذا يسميه النحويون توكيدا لنفسه، شرح الكافية، لابن الحاجب 1/ 189.
(2)
هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، كان من أكابر أهل العربية، حسن العقيدة، جميل الطريقة صنّف مصنفات كثيرة منها: كتاب المعاني في القرآن وكتاب الفرق بين المؤنث والمذكر وغير ذلك، توفي 311 هـ. انظر ترجمته في الفهرست، 90 ونزهة الألباء، 244 وإنباه الرواة، 1/ 159 وبغية الوعاة، 1/ 411 والأعلام، 1/ 33.
(3)
انظر رأي الزجاج في شرح المفصل، 1/ 116، وشرح الكافية، 1/ 125.
(4)
وقد أشار إلى جواز ذلك سيبويه بقوله: أجدّك لا تفعل كذا وكذا، كأنه قال: أحقّا لا تفعل كذا وكذا.
الكتاب، 1/ 379 وشرح المفصل، 1/ 116.
(5)
الكتاب، 1/ 379.
(6)
شرح الوافية، 189 وانظر شرح المفصل، 1/ 18.
(7)
من الآية 4 من سورة الملك، وفي الأصل فارجع.
استعملوا واحده فقالوا: حوالك، ومنه: حنانيك أي تحنّنا بعد تحنّن، قال طرفة:(1)
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
…
حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض
ولبّيك وسعديك لا يفرد فيهما الواحد لأنّهما وضعا بلفظ التثنية للتكثير، ولم يستعمل منهما مفرد، ولبّيك مأخوذ من ألبّ على كذا، إذا داوم عليه (2) فكأنّه قال:
دواما على طاعتك مرّة بعد مرّة، وسعديك معناه مساعدة لك بعد مساعدة، فقام لبّيك وسعديك مقام دواما ومساعدة، وإذا قال الملبّي: لبّيك اللهمّ وسعديك فمعناه دواما على طاعتك ومتابعة لأمرك فهذا منصوب بفعل من معناه، لا من لفظه بخلاف سقيا ورعيا وبخلاف حنانيك أيضا، فإنّ الفعل يمكن تقديره من لفظه نحو: تحنّن أي ارحم وهذا مما يقوّي إفراده (3) ودواليك من المداولة قال الشّاعر: (4)
إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله
…
دواليك حتّى كلّنا غير لابس
وهو في موضع الحال، أي متداولين، وهذا ذيك: معناه السّرعة ويقال ذلك في الضّرب (5) قال الشّاعر: (6)
(1) طرفة بن العبد، كان من أشعر الناس ومن أحدث الشعراء سنّا، وأقلهم عمرا قتل وهو ابن عشرين سنة انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء، 1/ 117 ومعجم الشعراء، 146، والبيت ورد في ديوانه، 66 وورد منسوبا له في الكتاب 1/ 348 وشرح التصريح، 2/ 37 وهمع الهوامع، 1/ 190، ومن غير نسبة في المقتضب، 3/ 224، وكتاب الحلل، 248 وشرح المفصل، 1/ 118. وأبو منذر كنية عمرو بن هند.
(2)
تاج العروس، ألب.
(3)
شرح المفصل، 1/ 119.
(4)
البيت لسحيم عبد بني الحسحاس، ورد في ديوانه، 16 ونسب له في الكتاب، 1/ 350 وكتاب الحلل، 355 وشرح المفصل، 1/ 119 وشرح المفصل، 1/ 119 وشرح التصريح، 2/ 37 وخزانة الأدب، 2/ 99 ومن غير نسبة في مجالس ثعلب، القسم الأول، 130 - والخصائص، 3/ 45 وهمع الهوامع، 1/ 189، وكثير ممن روى البيت رواه مكسور الروي ويروى «ما لذا البرد لابس» ففيه إقواء انظر حاشية الكتاب، 1/ 350. البرد:
الثوب من أي شيء كان وشقّ البرد، معناه أنّ العرب كانوا يقولون: إنّ المتحابين إذا شقّ كلّ واحد منهما برد صاحبه دامت مودّتهما.
(5)
الهذّ والهذذ: سرعة القطع، وسرعة القراءة يقال: ضربا هذا ذيك أي هذّا بعد هذّ، يعني قطعا بعد قطع.
هذذ لسان العرب.
(6)
الرجز للعجّاج، وقبله:
حتّى يقضّي الأجل المقضّى.
ورد في ديوانه، 2/ 36 ورد منسوبا له في المحتسب، 2/ 279 والحلل، 354 وشرح المفصل، 1/ 119 -