الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر البدل
(1)
وهو تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع من غير توسّط حرف العطف فخرج بقوله: مقصود بما نسب إلى المتبوع، التوابع كلّها إلّا المعطوف بالحرف فإنّه خرج بقوله: من غير توسّط حرف العطف (2) والبدل في اللغة: هو العوض تقول: اجعل هذا بدلا من ذاك أي اجعله عوضا منه، والبدل أربعة أقسام:
بدل الكلّ من الكلّ، وبدل البعض من الكلّ، وبدل الاشتمال، وبدل الغلط فبدل الكلّ هو أن يكون مدلوله مدلول الأوّل، نحو: جاءني زيد أخوك، وبدل البعض هو أن يكون مدلوله بعض مدلول الأوّل، نحو: ضربت زيدا رأسه، وبدل الاشتمال:
هو أن يكون بينه وبين الأول ملابسة بغير البعضيّة والكليّة، نحو: سلب زيد ثوبه، وبدل الغلط: هو أن تقصد إليه بعد أن غلطت بغيره نحو: مررت بزيد حمار، أردت أن تقول: بحمار فسبقك لسانك فقلت بزيد، ثمّ استدركته وقلت: حمار، ومعناه بدل الشيء من الغلط، قال ابن الحاجب: البدل هو المقصود بالنسبة دون الأوّل، لأنّ منه بدل البعض فإذا قلت: مررت بالرجال بعضهم، فالمخبر عنه بالمرور هو البعض، وكذا بدل الاشتمال فإذا قلت: سلبت زيدا ثوبه، فالمخبر عنه بالسّلب هو الثوب، وأما بدل الغلط فالأمر فيه ظاهر أنّ الأوّل غير مقصود (3)، وأمّا بدل الكلّ؛ فيشكل الفرق بينه وبين عطف البيان، ويفرّق بينهما في نحو: قام أخوك زيد، أنّ الأوّل إن كان أشهر من الثاني أو كانا في الشهرة على السواء، فالثاني بدل، وإلّا فهو عطف بيان، وأيضا؛ فعطف البيان لا يكون إلّا مظهرا والبدل يكون
مظهرا ومضمرا (4) ثم
(1) الكافية، 402.
(2)
قوله: من غير توسط حرف العطف، سقط من متن الكافية، ولم يرد في إيضاح المفصل، 1/ 449 ولا في شرح الوافية، 268 ولا في شرح الكافية، لابن الحاجب 2/ 447. وانظر شرح ابن عقيل، 3/ 247 وشذور الذهب، 439.
(3)
وفي إيضاح المفصل، 1/ 449 البدل تابع مقصود بالذكر، وذكر المتبوع قبله للتوطئة والتمهيد، ثم قال:
وهذا الحد إنما يكون شاملا لغير بدل الغلط إذ بدل الغلط لم يذكر ما قبله لتوطئة ولا لتمهيد فإن قصدت دخوله في الحد قلت: ذكر المتبوع وليس هو المقصود.
(4)
شرح المفصل، 3/ 72 - 74 وشرح الأشموني، 3/ 88.
البدل والمبدل منه يكونان معرفتين (1) نحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ (2) ونكرتين نحو رِزْقٌ مَعْلُومٌ/ فَواكِهُ (3) ومعرفة ونكرة نحو: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ (4) ونكرة ومعرفة نحو: إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ (5) وهذه الأمثلة في بدل الكلّ، وتقع كذلك في كلّ واحد من بدل البعض والاشتمال والغلط، فذلك ستة عشر قسما، ويجيء البدل والمبدل منه مظهرين ومضمرين ومختلفين، فيكون في كلّ قسم من أقسام البدل أربعة أقسام أيضا فتكون الجملة ستة عشر، وإذا ضممنا إليها أقسام المعرفة والنكرة وهي ستة عشر أيضا، صار جميع أمثلة البدل اثنين وثلاثين مثالا، وقد رتّبناها في هذه الزائجة (6) التي اقترحناها ترتيبا لم يسبق إليه، لتتضحّ منها:
(1) الكافية، 402.
(2)
من الآيتين 5 - 6 من سورة الفاتحة.
(3)
من الآيتين 41 - 42 من سورة الصافات.
(4)
من الآيتين 15 - 16 من سورة العلق.
(5)
من الآيتين 52 - 53 من سورة الشورى.
(6)
الزيج فارسي «زيك» وهو جدول يستدل به على حركات الكواكب ومواقعها، تفسير الألفاظ الدخيلة، للعنيسي، 33 والظاهر أنه صار يطلق على الدائرة.
ومنه (1)
على حالة لو أن في القوم حاتما
…
على جوده لضنّ بالماء حاتم (2)
فجرّ حاتما على البدل من هاء جوده.
(1) جوّز أبو الفداء تبعا لابن الحاجب إبدال المضمر من الظاهر بدل كلّ، وقد منع ابن مالك ذلك، قال:
والصحيح عندي أن يكون نحو: رأيت زيدا إياه، من وضع النحويين وليس بمسموع من كلام العرب لا نثرا ولا شعرا ولو سمع كان توكيدا. وفيما قاله نظر؛ لأنّه لا يؤكّد القويّ بالضعيف وقد قالت العرب:
زيد هو الفاضل، وجوّز النحويون في هو أن يكون بدلا وأن يكون مبتدأ وأن يكون فصلا. انظر إيضاح المفصل 1/ 453 وتسهيل الفوائد 132 وشذور الذهب 441.
(2)
البيت للفرزدق ورد في ديوانه، 2/ 842 برواية:
على ساعة لو كان في القوم حاتم
…
على جوده ضنّت به نفس حاتم
وورد البيت من غير نسبة في الكامل، 1/ 233 - 234 وشرح المفصل، 3/ 69 وشرح شذور الذهب، 442 وحاشية الشيخ ياسين على مجيب النداء، 2/ 255.
/ وإذا أبدلت النكرة من المعرفة لزمت الصفة لئلا يترجّح غير المقصود على المقصود في البيان (1) كقوله تعالى لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ (2) وهو مذهب الكوفيين (3) واختاره الزمخشري (4) وابن الحاجب (5) وأجاز جمهور البصريين ذلك بدون الصفة محتجّين بأنّه تحصل من اجتماعهما فائدة لم تحصل في الانفراد نحو:
مررت بصاحبيك عاقل وجاهل، ومنه قول الشاعر:(6)
فلا وأبيك خير منك إنّي
…
ليؤذيني التّحمحم والصّهيل
فأبدل خير منك وهو نكرة من أبيك وهو معرفة، ولا يجوز في بدل الكلّ أن يبدل الظاهر من المضمر من غير ضمير الغائب (7) نحو: ضربته زيدا، وأمّا ضمير المتكلّم والمخاطب فلا يجوز أن يجعل الظاهر بدلا منهما فإنك لو قلت: رأيتك زيدا، وقمت زيد، وجعلت زيدا بدلا من كاف رأيتك وتاء قمت لم يجز ذلك، لأنّ ضمير الغائب يحتمل أن يكون لكلّ غائب سبق ذكره، فإذا أبدلت الظاهر منه حصلت الفائدة، بخلاف ضمير المخاطب والمتكلّم فإنّه لا يحتمل أن تكون الكاف في مررت بك لغير الذي تخاطبه، ولا التاء في: كلّمتك لغير المتكلّم، وأيضا فإنّ ضمير المخاطب والمتكلم أعرف من الظاهر وفي البدل والمبدل، الثاني منهما هو المقصود بالنسبة، فلو جعل الظاهر
بدلا من ضمير المتكلّم والمخاطب، وهما أعرف منه، لكان لغير المقصود مزيّة على المقصود (8)، وأجازه بعضهم (9) محتجّا بقولهم: رأيتكم أوّلكم وآخركم وصغيركم وكبيركم، فأوّلكم وما بعده بدل من الكاف في رأيتكم، وأمّا بدل البعض والاشتمال
(1) لأنّ البدل للإيضاح، والشيء لا يوضح بما هو أخفى منه، فلا تحصل فائدة بدون الصفة انظر حاشية ياسين على مجيب الندا، 2/ 255.
(2)
الآيتان، 15 - 16 من سورة العلق.
(3)
همع الهوامع، 2/ 127.
(4)
المفصل، 121 - 122. والزمخشري هو أبو القاسم محمود بن عمر من أهل خوارزم، معتزلي مشهور، توفي 538. انظر ترجمته في نزهة الألباء، 391 وإنباء الرواة، 3/ 265 والبلغة 256.
(5)
وجعله ابن الحاجب في الكافية 402 - واجبا.
(6)
شمير بن الحارث الضبي، ورد منسوبا له في النوادر 154 وخزامة الأدب 5/ 179 ومن غير نسبة في المقرب، 1/ 245 وشرح الكافية 1/ 338. التحم+ صوت الفرس إذا طلب العلف.
(7)
الكافية، 402.
(8)
شرح الوافية، 270 وشرح المفصل، 3/ 69 وشرح التصريح، 2/ 160.
(9)
كالأخفش والكوفيين، شرح الكافية، 1/ 342 والهمع، 2/ 127 - 128.