الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أفعل المستعمل بمن
(1)
المستعمل بمن مفرد مذكّر لا غير، نحو: الزيدان والزيدون والهندات أفضل من عمرو، لأنه أشبه فعل التعجب لفظا ومعنى، ولذلك لا يصاغ إلّا مما يصاغ منه فعل التعجب، والفعل لا يثنّى ولا يجمع فكذلك ما أشبهه، ويلزمه التنكير أيضا، فلا يقبل التعريف كما لا يقبله الفعل، وأمّا كونه مذكّرا فلشبه الفعل أيضا (2).
ذكر عمل أفعل التفضيل
(3)
اعلم أنّ اسم التفضيل لمّا كان أضعف شبها باسم الفاعل من الصفة المشبّهة من قبيل أنّ الصفة المشبّهة جرت مجراه في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع، ولم يجر اسم التفضيل إذا صحبته من وهو أقوى أحواله هذا المجرى، انحطّت رتبة اسم التفضيل عن رتبة الصفة المشبّهة كانحطاطها عن رتبة اسم الفاعل، لأنّه يجوز في اسم الفاعل أن يتقدّم معموله عليه كقولك: زيد عمرا ضارب بنصب عمرو، ولم يجز في الصفة المشبّهة أن يتقدّم معمولها عليها، فلو قلت: زيد الوجه حسن، لم يجز، فلما انحطت رتبة اسم التفضيل عن الصفة المشبّهة لم يستوف عملها فلم يرفع الظاهر إلّا بشروط (4) ستذكر، ولكن نصب النكرة على التمييز وارتفع به المضمر، فمثال انتصاب النكرة عنه: زيد أفضل منك أبا (5) ومثال ارتفاع المضمر به/: زيد أفضل منك، فزيد مبتدأ، وأفضل منك خبره، وفي أفضل ضمير فاعل عائد على زيد، وأمّا الظاهر بغير الشروط التي ستذكر فلا يرتفع به، فلا يجوز: زيد أفضل منك أبوه، كما جاز في الصفة المشبّهة: زيد حسن وجهه، لأنّ أفضل منك أبوه ليس بمعنى الفعل، كالصفة المشبّهة، والقاعدة في عمل (6) الصفات، أنّها لا تعمل إلّا إذا (7) كانت
(1) الكافية، 414.
(2)
شرح الوافية، 334 وانظر المقتضب، 1/ 168 وشرح المفصل، 6/ 95.
(3)
الكافية، 414.
(4)
شرح المفصل، 6/ 105 وشرح الكافية، 2/ 219.
(5)
الكتاب، 1/ 202 - 205.
(6)
غير واضحة في الأصل.
(7)
في الأصل إلا ذا.
بمعنى الفعل، فأبوه حينئذ في المثال المذكور لا يجوز رفعه على الفاعليّة بدون الشروط التي ستذكر، فقد ظهر أنّ اسم التفضيل إنّما يرفع المضمر وينصب النكرة من غير شرط ولكن يرفع الظاهر بشروط: وهو أن يكون أفعل التفضيل صفة لشيء لفظا وهو في المعنى لمتعلّق ذلك الشيء، بشرط أن يكون ذلك المتعلّق مفضّلا على نفسه باعتبار ذلك الشيء، الذي هو الموصوف مفضّلا باعتبار غيره في حال يكون الأفعل منفيّا (1). نحو: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، فإنّ أفعل التفضيل في المثال المذكور «أحسن» ، وقد وقع منفيّا وهو صفة لشيء لفظا الذي هو «الرجل» وهو في المعنى لمتعلّق الرجل الذي هو «الكحل» والمتعلّق المذكور مفضّل على نفسه باعتبار الأول الذي هو الموصوف؛ أعني الرجل، ومفضّل أيضا باعتبار غيره الذي هو «عين زيد» ، وإنّما رفع الظاهر بالشروط المذكورة لإمكان تقدير أفعل بمعنى الفعل الذي هو حسن، فيصير التقدير: ما رأيت رجلا حسن في عينه الكحل حسنه في عين زيد، بخلاف ما إذا فقد أحد الشروط المذكورة، فإنّ تقدير فعل بمعناه حينئذ يمتنع، وإنّما تعيّن رفع الكحل بأفعل لا بالابتداء، لأنّه لو رفع الكحل على الابتداء، لوجب أن يكون أحسن خبرا مقدّما عليه وهو غير جائز للفصل بين أحسن وبين معموله الذي هو «منه» بأجنبي وهو الكحل الذي هو المبتدأ، وإذا تعذّر رفع الكحل على الابتداء، تعيّن رفعه على أنه فاعل أحسن، ولك في هذه المسألة أن تنكّر فاعل أفعل، فتنكر الكحل، ولك فيها عبارة أخرى أخصر من الأولى فتحذف الضمير من «منه» مع حذف «في» ، فيبقى: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد. ولك فيها عبارة أخرى؛ وهي أن تقدّم ذكر العين على اسم التفضيل من غير ذكر «من» معها كقولك: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل (2).
واعلم أنّه لا تستعمل فعلى تأنيث أفعل التفضيل إلّا مضافة أو معرّفة باللّام،
(1) همع الهوامع، 2/ 102.
(2)
شرح الوافية، 335 - 336 وانظر مسألة الكحل في الكتاب، 2/ 31 والمقتضب، 3/ 248 وشرح الكافية، 2/ 222 والهمع، 2/ 101 وشرح
الأشموني، 3/ 53. وانظر شرح كافية ابن الحاجب، للغجدواني، ففي ذيلها رسالة في مسألة الكحل مجهولة المؤلف وهي مخطوطة موجودة في مكتبة البلدية، الاسكندرية تحت رقم 2661 د، نحو.