الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنّما قال: والضمير مرفوع، ليخرج نحو: إنّ وأخواتها، وحروف الجر، فإنّها حروف ويتصل بها الضمير بارزا، لأنّه إمّا منصوب مثل: إنّه أو مجرور مثل: له فلا يؤدي إلى استتار (1)، وكذلك يجب إنفصال الضمير على ما يقتضيه من هو له إذا كان الضمير مرفوعا بصفة جرت على غير من هي له نحو: زيد عمرو ضاربه هو، فتفصل الضمير خوف اللّبس لأنك لو اقتصرت على الضمير المتصل لم يعلم الضارب من هو، وبالمنفصل علم أنه زيد؛ لكون الضارب يقع للضمائر بلفظ واحد، تقول: أنا ضارب وأنت ضارب وهو ضارب، بخلاف الفعل نحو: أنا زيد أضربه، فإنه يعلم بالهمزة أنّ الفعل للمتكلّم وكذلك: أنا زيد يضربني، يعلم بياء المضارعة أنّ الفعل لزيد، ولمّا التبس في باب ضارب التزموا إبرازه أيضا فيما لا يلتبس نحو: هند زيد ضاربته هي، طردا للباب، فهند مبتدأ وزيد مبتدأ ثان، وضاربته خبر المبتدإ الثاني، والضمير المنفصل أعني هي فاعل ضاربته، ووجب انفصاله لأنّ ضاربته التي هي الصفة قد جرت على غير من هي له، لأنّها خبر زيد، وهي في المعنى هند، والجملة في محل الرفع لأنّها (2) خبر المبتدإ الأول (3) والكوفيون لا يشترطون انفصال الضمير في مثل ذلك، ويجرونه مجرى الفعل، فكما تقول: هند زيد تضربه تقول: هند زيد ضاربته، وكذلك: الهندان الزيدان ضاربتاهما كما تقول: تضربانهما (4).
ذكر الضمائر التي يجوز فيها الاتصال والانفصال
(5)
وهي عدّة ضمائر:
منها: المضمران إذا لم يكن أحدهما مرفوعا، وكان أحدهما أعرف وقدّمته جاز في الثاني الاتصال والانفصال (6) سواء كانا منصوبين نحو: الدرهم أعطيتكه أو
(1) شرح الوافية، 277، والنقل منه.
(2)
غير واضحة في الأصل.
(3)
شرح الكافية، 2/ 17.
(4)
شرح الوافية، 278.
(5)
الكافية، 403.
(6)
جاء في الحاشية: «إيضاح ما في الأصل إذا وجدت ضميرين منصوبين أحدهما أعرف من الآخر فقدم الأعرف وجاز لك في الثاني الاتصال والانفصال وكذلك المجرور والمنصوب مثله» .
أحدهما منصوبا والآخر مجرورا نحو: ضربيك (1) ففي أعطيتكه ضميران الكاف والهاء، وليس أحدهما مرفوعا، وكاف الخطاب متقدّمة وهي أعرف من الهاء التي للغائب فجاز أعطيتكه وأعطيتك إيّاه، وكذلك جاز ضربيك وضربي إيّاك، أما وجه الاتصال فلإمكانه مع عدم الاستثقال، وأمّا وجه الانفصال فلإيهام/ ثلاث كلمات كواحدة فإن لم يكن أحدهما أعرف أو كان، ولكن لم يقدّم الأعرف وجب الانفصال، وقد جاء ذلك في الغائبين قالوا: أعطاهاه، وأعطاهوها، وهو شاذ (2) وإنّما لم يجز ذلك إذا كان أحدهما مرفوعا لأنّه إذا أتى الضمير متصلا نحو: ضربتك، تعيّن الاتصال ولم يجز الانفصال.
ومنها: المضمر الواقع خبرا لكان، فإنّ فيه لغتين؛ المختار منهما أن يكون منفصلا نحو: زيد عالم وكان عمرو إيّاه، لأنّ خبر كان وأخواتها في الأصل إنما هو خبر مبتدأ، وخبر المبتدأ إذا كان ضميرا لم يقع إلّا منفصلا قال الشّاعر:(3)
ليت هذا الليل شهر
…
لا نرى فيه عريبا
ليس إيّاي وإيّا
…
ك ولا نخشى رقيبا
وعريب بالعين المهملة بمعنى أحد، وأمّا على غير الأشهر فيجوز أن يقع متصلا تشبيها له بالمفعول فكما يتصل ضمير المفعول نحو: ضربته، فكذلك يتصل خبر كان فتقول: كنته، ومنه قول أبي الأسود الدؤلي:(4)
(1) في قولنا: يؤلمني ضربيك.
(2)
لم يشذذ سيبويه ذلك بل حكم عليها بالقلة، قال بعد ذكره ذلك ما نصه «وهذا ليس بالكثير في كلامهم والأكثر في كلامهم أعطاه إياه» الكتاب، 2/ 365 وانظر شرح المفصل، 3/ 104 وشرح الوافية، 278.
(3)
البيتان لعمر بن أبي ربيعة وردا في ديوانه، 36 برواية: غريبا مكان عريبا. وقيل: هما للعرجي وردا في ديوانه، 62 برواية:
ليت هذا الليل شهر
…
لا نرى فيه غريبا
غير أسماء وجمل
…
ثم لا نخشى رقيبا
وقد سجل الخلاف حول قائلهما البغدادي في خزانة الأدب، 5/ 322 ونسبهما الرضي في شرح الكافية، 2/ 19 لعمر. وورد البيتان من غير نسبة في الكتاب، 2/ 358 والمقتضب، 3/ 98 والمنصف، 3/ 62 وشرح المفصل، 3/ 75 - 107. عريبا: أحدا، فعيل بمعنى مفعل أي متكلما يخبر عنا ويعرب عن حالنا.
(4)
هو ظالم بن عمر كان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب عليّ بن أبي طالب وشهد معه وقعة صفّين، قيل هو أول من وضع النحو وله شعر حسن توفي بالبصرة سنة 69 هـ. انظر ترجمته في الشعر والشعراء، -