الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس طبعة قطر والنخبة المتميّزة من السّرّاق
وقع إلي كتاب الكنّاش في النحو والصرف لأبي الفداء المؤرخ إسماعيل بن علي المتوفى سنة 732 هـ، مطبوعا بتحقيق نخبة متميزة من الأساتذة كما ورد في المقدمة وهم: د. علي الكبيسي، ود. صبري إبراهيم السيد ومراجعة أ. د. عبد العزيز مطر.
وهذا الكتاب في الأصل مخطوط انتهيت من دراسته وتحقيقه عام 1984 م، ونلت به درجة الدكتوراة بتقدير «الشرف الأولى» وذلك من جامعة الإسكندرية، بإشراف الأستاذ الدكتور طاهر حمودة - حفظه الله، ونوقشت الرسالة من قبل الأستاذ عبد السّلام هارون يرحمه الله. والأستاذ الدكتور عبده الراجحي - أمدّ الله في عمره - وقلت لنفسي حين قرأت العنوان: لعل النخبة قد عثرت على نسخة أخرى غير النسخة الوحيدة التي اعتمدت عليها، تلك التي عثرت عليها في دار الكتب المصرية، مما دفعها إلى تحقيقه مرة ثانية، وألفيت بعد المقارنة أن هذه النخبة قد اعتمدت على النسخة نفسها، وقامت بالسطو على رسالتي بعجرها وبجرها وفق خطة محكمة حيكت بليل مظلم، فأتت على أركان الرسالة العلمية دون وازع من دين أو خلق، وقد بيّنت النخبة في المقدمة دور كل واحد منها، فزعمت أن توزيع العمل قد تم على النحو الآتي:
1 -
قام الدكتور علي الكبيسي بكتابة ترجمة للمؤلف، ونبذة عن الكتاب، وحقق المخطوطة من أولها إلى نهاية القسم الأول من أفعال المقاربة، وصنع الفهرس الخاص بهذا القسم، شواهد وموضوعات.
2 -
وقام الدكتور صبري إبراهيم السيد بنسخ المخطوطة كاملة، وتحقيق الجزء
الذي يبدأ من أفعال المقاربة، إلى آخرها، وصنع الفهرس الخاص بهذا القسم، ونسقنا بين القسمين كما قالوا.
3 -
قام الأستاذ الدكتور عبد العزيز مطر بمراجعة التحقيق والفهارس.
والذي وصلت إليه بعد اطلاعي على عملهم، ومقارنته بصنعي في الرسالة هو أن الجميع مشترك في هذه الجريمة، لأن أدلة السرقة تطولهم جميعا، وتطوّق أعناقهم كلهم، وقد نشرت هذه الأدلة موجزة في جريدة المدينة (ملحق التراث) عام 1416 هـ - 1996 م ثم تقدمت بها مفصّلة إلى دار المجد في الرياض، التي عزمت على إنشاء موسوعة السرقات العلمية، مرفقا معها نماذج مصورة، ونسخة من رسالة الدكتوراه، وصورة من الكتاب المطبوع في قطر، وصورة من مخطوط الكناش، وبعد عرض هذه الأدلة على أربعة محكمين (1)، فازت بالجائزة الثانية، وارتأيت أن أنشرها فاختصرتها (2) على النحو الآتي:
الدليل الأول
أن ثمة اتفاقا بيننا في أرقام الأجزاء والصفحات، وذلك في المصادر التي اتفقنا في الإحالة إليها، في حين أن طبعات هذه المصادر مختلفة، مثال ذلك: أنني في الصفحة 2/ 115 من الرسالة خرّجت بيت جرير:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم
…
......
البيت فقلت: البيت في ديوانه: 338، ثم سردت بقية المصادر، وفي الصفحة 360
(1) صحيفة الرياض - العدد 10338 - الأحد «1» جمادى الآخرة 1417 هـ.
(2)
والأدلة كاملة مفصلة تراها في موسوعة السرقات، والحق أنه ما كان بودي أن أنشر هذه الأدلة المقتضبة في صدر هذا الكتاب لولا أمران:
أولهما: أن فضح السرّاق قد يخفف من وقوع السرقات العلمية التي باتت وباء خطيرا يهدد مجتمعاتنا العلمية بفروعها المختلفة.
ثانيهما: أن غيري ممن قد يبتلى بسرّاق نهّاب، قد يستفيد مما أذكره له إذ به قد يتهدّى إلى طرق السّرّاق ودروبهم وأحابيلهم الخبيثة، خاصة أن سرّاقي قد وصلوا إلى الغاية في هذه الصنعة، فهم يجيدون فنّ اللعب والغش، وطرق الإغارة، وأساليب الاستلاب، ولقد استغرق جمع هذه الأدلة أكثر من سنة لكثرة حيلهم وتنوع طرقهم التي سلكوها تغطية على سرقتهم .. وأبت الحقيقة إلا أن تظهر جلية واضحة كالشمس في رابعة النهار.
من الكتاب المطبوع قالوا بأنه روي في ديوانه: 338، أي اتفقنا، ومثل ذلك بيته المشهور:
أقلّي اللوم عاذل
…
... ......
البيت فقد ذكرت في هامش الصفحة 2/ 125 بأنه قد ورد في ديوانه: 64، فألفيت ذلك عندهم أيضا في الصفحة 369، إذ نصوا على أنه في ديوانه 64.
أقول: كيف تتفق الأرقام مع أن الطبعتين مختلفتان، فقد اعتمدت في عملي على طبعة الصاوي، في حين أنكم اعتمدتم على الطبعة المحققة من قبل د. نعمان محمد أمين طه (ينظر فهرس المصادر عندهم).
وفي الصفحة 2/ 103 من الرسالة عرض أبو الفداء رأي الأخفش المجيز وقوع الفاء زائدة في الخبر، فنقلت من المغني لابن هشام، 1/ 165 ما نصه:
«وأجاز الأخفش زيادتها في الخبر مطلقا، وحكي «أخوك فوجد» ، وقيد الفراء والأعلم وجماعة الجواز بكون الخبر أمرا أو نهيا، قال ابن برهان: تزاد الفاء عند أصحابنا جميعا كقوله:
لا تجزعي
…
... ......
البيت وفي الصفحة 350 من كتابهم نقلوا النصّ الذي ذكرته إلى قول ابن هشام: «أو نهيا» وأحالوا إلى المغني، 1/ 165، وهذا يفيد أن الاتفاق قد حصل أيضا في رقم الجزء والصفحة، وما فطن القوم أن الطبعتين مختلفتان، فقد اعتمدت على طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله في حين أنهم اعتمدوا على طبعة الدكتور مازن المبارك وزميليه، فكيف حصل هذا الاتفاق والطبعتان مختلفتان؟؟
هل ستزعمون أن طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله قد سقطت أيضا من قائمة مصادركم؟؟ لا
أستبعد ذلك فذاك هو الملجأ الذي يفزع إليه السّراق حين تضيق بهم السبل.
الدليل الثاني
أ - ذكرت في الهامش (4) من الصفحة 1/ 381 معنى لفظة «الخرنوب» ونقلت
من لسان العرب مادتي (صعفق وخرب) ما نصه: «الخرنوب والخرّوب بالتشديد نبت معروف، والفصحاء يضمونه ويشددونه مع حذف النون، وإنما يفتحه العامة» .
وفي كتابهم 340 الهامش (5) سجلوا ما يأتي: «الخرنوب شجر ينبت في جبال الشام، ويسمى القثاء الشامي، وقد تحذف نونه وتضعف الراء فيقال له: الخرنوب» .
وأحالوا إلى لسان العرب مادة (خرنب) فقط.
أقول: المذكور في لسان العرب مادة (خرنب) هو إلى قولكم: «القثاء الشامي» أما تتمة القول: «وقد تحذف
…
الخ» فلم يذكره ابن منظور البتة، فمن أين أتيتم بهذه التتمة؟؟
إنها من أدنى تأمل - صياغة جديدة مزوّرة لما ذكرته في تعليقي، ولم يفطن القوم أن تعليقي هو من مادتين، وأن قولي: والفصحاء يضمونه
…
إلخ هو من مادة صعفق، لقد حاولوا التغيير والإبهام فذهبوا إلى مادة خرنب، غير أنهم وقعوا فيما فروا منه.
الدليل الثالث
أحلت في الصفحة 2/ 70 الهامش (7) من الرسالة إلى كتاب مجمع الأمثال، وذلك لتوثيق المثل المشهور «إن البغاث بأرضنا يستنسر» وذكرت أنه في 1/ 12، وفي الكتاب المطبوع ص: 320 وجدت الرقم نفسه وهو 1/ 12، والطبعة التي اعتمدت عليها هي من تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله وهي نفسها التي اعتمدوا عليها، ولو أنهم حقا رجعوا إلى المصدر المذكور لعلموا أن الرقم الصحيح هو 1/ 10 وليس 1/ 12 فبم يفسّرون ذلك؟؟
ب - ويندرج تحت هذا أنني في الهامش (1) من 1/ 215 خرجت بيت ذي الرمة:
وهيل يرجع التسليم
…
... ......
البيت فذكرت بأنه قد روي من غير نسبة في المقتضب 2/ 174، 4/ 144 (1) فاكتفوا
(1) صوبنا الآن كل الأخطاء التي ذكرت في هذه الأدلة.
في الصفحة 93 وعلى عادتهم حين أذكر موضعين - بالموضع الأول فقالوا: وبلا نسبة في المقتضب 2/ 174 وتركوا الموضع الثاني، ولو أنهم رجعوا فعلا إلى المقتضب 2/ 174 لألفوا أن المبرد قد نسبه إلى ذي الرمة في هذا الموضع، ولم ينسبه إليه في الموضع الثاني الذي تركوه تمويها.
ج - ويمكن أن يندرج في هذا الدليل ما التقطناه عندهم حول الدائرة التي صنعها أبو الفداء لأحكام الصفة المشبهة، فقد جعل أبو الفداء نواتها دائرة صغيرة، قسمها إلى قسمين بخط في وسطها، ذكر في القسم الأعلى منها:«الصفة مجردة عن اللام (حسن)» وذكر في القسم الأسفل منها «الصفة باللام (الحسن)» قمت - لكوني طالبا - بتصويرها من المخطوط مع تكبيرها، ثم وضعتها في ورقة مستقلة ذات رقم (270 من الرسالة)، 1/ 337 والذي حصل أن «المجلّد» للرسالة جعل عاليها سافلها، فلم تفطن النخبة المتميزة إلى ذلك، فرأيت هذا القلب عندهم أيضا وذلك في الصفحة 200، لا ريب أنهم سيزعمون أن المجلّد عندهم قد عكسها أيضا؟؟ ولم يفطنوا إلى ذلك.
الدليل الرابع
ثمة أخطاء وقعت في عملي، يرجع بعضها إلى قراءة غير سليمة لكلمات المخطوط، وبعضها الآخر يعود إلى سرعة الضبط والتشكيل وثالثها يعود إلى سرعة الطابع، بعضها تنبّهت إليه فأشرت إليه في الهامش، وبعضها الآخر لم أتنبه إليه إلّا بعد مراجعتي للمخطوط، ووجدت ذلك كله عندهم بغثّه وسمينه من غير أن يشيروا إليه في الهامش وهذا جدول مجتزأ من جدول «كبير» نتبين منه كل هذه الأنواع:
فهل يزعم زاعم بعد وقوع هذا التشابه من تصحيف وتحريف وضبط غلط وزيادة حروف أو نقصها، مع عدم الإشارة في الهامش إلى ما في الأصل أن ذلك قد ثمّ اتفاقا إن المحققين الأثبات يدركون بداهة من هذا التشابه أن إغارة قد حصلت على الرسالة، وأن سرقة قد تمت، وأن لا حقا قد أخذ عن سابق.
الدليل الخامس
أنّ ثمة اتفاقا قد حصل بيننا في الكلمات التي وضعت عندها الإحالات إلى المصادر والمراجع وهذه المواضع التي سأسردها في الجدول ليست مما يجب أن يقع فيها التشابه، إذ هي ليست آية قرآنية كريمة، ولا حديثا نبويا شريفا، ولا قولا أو مثلا للعرب، ولا رأيا لعلم نحوي ذكره أبو الفداء فيراد توثيقه، بل هي من نفل التحقيق إن ساغ هذا التعبير، لأنّها توثيق آراء نحوية عامة، ومع ذلك فقد تم الاتفاق بيننا في وضع أرقام الإحالات عند كلمات بعينها، نتبين ذلك من جدولين اخترتهما من أربع جداول تفيد بمجملها مدى التوافق الكائن بيننا في مواضع الإحالات:
وهذا جدول ثان يؤكد ما ذكرناه:
وهكذا تتوالى مواضع الشبه في الإحالات، فلا تكاد تجد صفحة خالية من تشابه، فهل تمّ ذلك وفق قانون توارد الأفكار؟ أيتها النخبة المتميزة؟
ومن أعجب ما وقفت عليه من تشابه في الإحالات أنني في الصفحة 1/ 194 من رسالتي وجدت إحالة عند كلمة «أيضا» الواردة في سياق كلام أبي الفداء: «وإن كان فعلا فمذهب سيبويه أن لا يتقدم عليه التمييز أيضا» والظاهر أن الطابع نتيجة سرعته قد وضع رقم الإحالة فوق كلمة «التمييز» ، ولم يضعها فوق كلمة «أيضا» وهو موضعها المناسب لأنها في آخر الجملة، فرأيت ذلك عندهم تماما وذلك في الصفحة (73) وهي برقم (3)، والسؤال: هل ثمة وحي بين الطابعين أيضا؟ أم أن ذلك قد حدث اعتباطا أيضا؟!
هل يوجد مخطوط حقّق مرتين من قبل اثنين، لم يطلع أحدهما على عمل آخر، فوقع بينهما مثل هذا التشابه؟! ما أظن أن لدى النخبة المتميزة مثالا واحدا على ذلك. سوى ما نحن فيه.
الدليل السادس
اعتمدت في تخريج الشواهد الشعرية على معجم الشواهد العربية للأستاذ عبد السّلام هارون، - يرحمه الله - ولكي أشعر القارئ بأني رجعت إلى موضع البيت في المصادر التي ذكرها الأستاذ عبد السّلام هارون، قسمت هذه المصادر قسمين:
قسم ذكرت فيه المراجع التي نصت على اسم الشاعر، وقسم ذكرت فيه المصادر التي ورد فيها البيت من غير نسبة لقائله.
فكنت أذكر مثلا: أن البيت ورد منسوبا للشاعر في كل من الكتاب والمقتضب .. إلخ، وورد من غير نسبة في كل من الهمع وشرح الأشموني
…
إلخ، هذا إن لم أقف على ديوانه، فإن كان له ديوان وقفت عليه فكنت أحيل إلى الديوان، أولا ثم أسير وفق المنهج الذي ذكرته وعلى هذا النحو سرت في تخريج الشواهد الشعرية، وفوجئت بأنهم ساروا على هذا المنهج في القسم الذي زعموا أن محققه هو الدكتور كبيسي أي استغرق ذلك نصف الكتاب، مثال ذلك:
أنني في الهامش (4) من الصفحة 1/ 276 خرّجت الرجز:
قالت له ريح الصّبا قرقار
فذكرت ما نصه: الرجز لأبي النجم، وعجزه:
واختلط المعروف بالإنكار
وروي منسوبا له في لسان العرب (قرر)، وخزانة الأدب، 6/ 307، وروي من غير نسبة في الكتاب، 3/ 276، وشرح المفصل، 4/ 51، وشرح الكافية، 3/ 76، وشرح الأشموني، 3/ 16.
وذكروا في الهامش (1) من الصفحة 147 أن البيت من الرجز، وتمامه:
واختلط المعروف بالإنكار
لأبي النجم العجلي، في لسان العرب (قرر) والخزانة، 3/ 58، وبلا نسبة في الكتاب، 3/ 276، والمفصل، 156 وشرح المفصل، 4/ 51، وشرح الكافية، 2/ 76.
ومن المقارنة يتضح:
1 -
أنهم نهجوا منهجنا في تقسيم المصادر إلى قسمين: مصادر نسبت البيت إلى قائله، ومصادر لم تنسبه.
2 -
أن المصادر بيننا قد تزيد، وقد تنقص وهو شيء طبيعي، إذ لا يعقل أن يذكروا المصادر نفسها من غير زيادة أو نقصان؛ لأن ذلك يدمغهم بالجهل وهم في الحقيقة حذّاق مهرة في هذا الفن، وهي هنا متطابقة ما عدا نقصهم لشرح الأشموني غير أن النخبة المتميزة قد خالفت هذا المنهج من حيث تقسيم المصادر إلى قسمين، وذلك في القسم الثاني الذي زعموا أن محققه هو الدكتور صبري، فقد سردوا فيه المصادر في الهامش سردا بعد ذكرهم اسم قائل البيت، والظاهر أن هذا الخلف بينهم في المنهج كان ضمن الخطة المحكمة التي وضعت لهم، وهو لا قيمة له عندهم - مع أنه يشوه عملهم - ما دام فيه تغطية للسرقة، وإتعاب لمن يريد الإمساك بهم، غير أن هذا المنهج وهو نسبة البيت لقائله وتوثيقه من مصدر من هذه المصادر قد استهواهم، فرجعوا إليه بأسلوب ماكر، إذ راحوا في كثير من المواضع ينصّون على أن مصدرا من المصادر التي ذكروها قد نسبت البيت إلى قائله على نحو ما صنعنا، وعلى نحو ما صنعوا في القسم الأول.
وكل هذا يدلّ على مدى تأثرهم بالمنهج الذي سرنا عليه، فهل حدث هذا التأثر وذاك التشابه اتفاقا من غير أن يطلعوا على عملنا؟ وما أكثر حدوث الاتفاق فيما بيننا ثم أليس من الواجب على المراجع أن يجعل منهج الاثنين واحدا؟ لم هذا التغاير؟
وما الهدف من هذا التخالف؟
الدليل السابع (التعليقات النحوية)
لم تسلم التعليقات النحوية بأشكالها المختلفة من السلب والنهب، ولحذق النخبة المتميزة في هذا الفن، فقد صاغوا
هذه التعليقات صياغة جديدة هادفين تعمية السرقة، غير أن الاتفاق في مواضعها ومحتواها، والمراد منها، يدل على سرقتهم لهذه التعليقات من الرسالة، وهذه أمثلة توضح ذلك:
أولا: في 1/ 354 من الرسالة، نقل أبو الفداء حدّ اسم الآلة من المفصل إذ قال: «والمراد بها ما يعالج به وينقل، والأولى أن يقال: هي اسم مشتق من فعل لما
يستعان به في ذلك الفعل»، قلت في الهامش (8): قول المصنف «فالأولى» هو تفضيل حدّ ابن الحاجب على حدّ الزمخشري، قال ابن الحاجب في الإيضاح الورقة (297 / ظ): «اسم الآلة
…
إلخ» وفي الصفحة 215 من الكتاب المطبوع وضعوا إحالتين، الأولى عند قول أبي الفداء:«وينقل» والثانية عند قوله «والفعل» ، وفي الهامش (2) قالوا: هذا ما حدّ به الزمخشري اسم الآلة، المفصل 239، وفي الهامش (6) قالوا: هذا قول ابن الحاجب في تعريف اسم الآلة، الإيضاح 1/ 668.
ويستفاد من التعليقين ما يأتي:
1 -
أنهم تأثروا بكلمة (حدّ) تلك التي ذكرناها في تعليقنا، وبكلمة (قول) حين قلنا:«قال ابن الحاجب» لذلك استعملوا اللفظتين من غير أن يشعروا بذلك.
2 -
أن محتوى التعليقين واحد، إذ المراد أن أبا الفداء يفضل حدّ ابن الحاجب على حدّ الزمخشري، فانظر كيف صاغوا تعليقنا بأسلوب يتّسم بالحنكة والدهاء
…
إنهم نخبة مميزة .. ثم لا تغتر بذكرهم للمفصل لأني قد ذكرت نصّه بحروفه قبل هذا الهامش على نحو ما بينا في منهج عملنا.
ثانيا: وفي 2/ 136 قال أبو الفداء عن هاء السكت: «وقد منع صاحب المفصل من تحريكها في الوصل، وأنكر ذلك» وضعت إحالة عند قوله: «ذلك» وقلت في الهامش (2): انظر المفصل 332، وقد قال:«وتحريكها لحن» ، أقول: مع أنني سجلت في الهامش نص المفصل غير أنني أردت النص على عبارته في هذا الوضع، فرأيت النخبة المتميزة في الصفحة 378 تضع إحالة عند كلمة «ذلك» أيضا، وقالوا في الهامش (1) ما نصه:«وقال الزمخشري: وتحريكها لحن 332» .
أقول: انظر كيف قدّموا وأخّروا في عبارتنا وأتوا بالواو قبل الفعل (قال) تأثرا بقولي: «وقد قال» .
ثم إذا كنتم دائما تحيلون إلى المفصل في كل موضع سجلت فيه أنا نص المفصل، فلم حرصتم في هذا الموضع على ذكر عبارة الزمخشري
…
لا شك أنكم رأيتموها في هامشنا فلم تستطيعوا الفرار منها، فصغتموها صياغة
لعلها تنأى بكم عن الظن.
ثالثا: وثمة مثال آخر يدل على مدى احتراف هذه النخبة لهذه الصنعة موضعه في 1/ 342 من الرسالة وذلك في حديث أبي الفداء عن حذف (من) بعد أفعل التفضيل: فقد قال: «وقد يحذف إذا كان معلوما كقولهم: الله أكبر، أي: من كل كبير» فزدت حرف الجر (من) بعد الفعل (يحذف) وصار الكلام: «وقد يحذف (من) إذا كان
…
» وقلت في الهامش: «قولنا: (من) زيادة يتضح بها المعنى» .
اصطادت النخبة المتميزة .. ذلك فوضعوا إحالة عند الفعل (يحذف)، وذكروا في الهامش (4) من الصفحة 205 ما نصه: «أي الجار (حرف الجر من) اهتدوا إلى هذا الموضع وتلقّفوه، ووصلوا إلى الغاية التي أردناها.
هذه نماذج من سرقاتهم لتعليقاتنا النحوية التي تتصل بالنص المحقق، فما من تعليق إلا نهبوه ولاكوه، ثم أعادوه بصياغة جديدة، فهل يعقل أن يتم ذلك اتفاقا من غير نظر في رسالتنا؟؟
رابعا: في 1/ 243 قال أبو الفداء: «وينبغي أن يعلم أن الهمزة والنون في (أنا) هما الاسم عند الأكثر» وضعت إحالة عند قوله: (الأكثر)، وقلت في الهامش (6) ما نصه:«هذا مذهب البصريين، وأصل (أنا) عندهم أن بفتح النون، ولكون النون مفتوحة زيدت فيها الألف في الوقف لبيان الحركة كهاء السكت، ولذلك تعاقبها، فيقال: أنه، وإذا وصلت حذفتها» شرح المفصل، 3/ 793 وفي الهامش من الصفحة 119 اختصروا ذلك بعد وضعهم إحالة في الموضع الذي وضعناها فقالوا:«نسب إلى البصريين» وأحالوا إلى الهمع بدلا من شرح المفصل.
خامسا: وفي 1/ 243 من الرسالة قال أبو الفداء: «وقال قوم (أنا) كله هو الاسم» ، وضعت إحالة»: عند قوله الاسم وفي الهامش (1) قلت: «وهو مذهب الكوفيين، واختاره ابن مالك في التسهيل، واحتجوا بإثبات الألف وصلا في لغة، وقالوا: إن الهاء في (أنه) بدل من الألف» انظر تسهيل الفوائد، 25 وهمع الهوامع، 1/ 60. وفي الصفحة 119 وضعوا إحالتهم عند كلمة قوم أي قدموها على موضع إحالتنا بكلمتين ثم ذكروا في الهامش (2):«نسب إلى الكوفيين» وأحالوا إلى الهمع، وكأنهم في هذين الموضعين حاولوا اختصار ما ذكرناه، ولكن لم يستطيعوا الإفلات
من أسر هذه التعليقات.
سادسا: في 1/ 366 - 367 ذكر أبو الفداء أن النسب إلى نحو: كريم وقريش وعجول هو: كريميّ وقريشيّ وعجوليّ، وما جاء بخلاف ذلك فهو شاذ كقولهم:
«قرشيّ على خلاف القياس» . وضعت إحالة عند قوله: «عجولي» وأخرى عند قوله:
«والقياس» وفي الهامش (4) أحلت إلى الكتاب 3/ 335، وفي الهامش (5) قلت ما نصه:«وقد اعتبر المبرد ذلك مطردا يجوز القياس عليه» . انظر المقتضب، 3/ 133 - 134، والخصائص، 1/ 116، وشرح المفصل، 5/ 146.
فماذا فعل السراق؟ في الصفحة 227 وضعوا إحالة عند قوله: «قرشي» أي:
قدموها بمقدار ثلاث كلمات على موضع إحالتي، وفي الهامش (5) قالوا: «الكتاب 3/ 335، وأجازه المبرد. المقتضب، 3/ 133، وانظر الخصائص 1/ 16، ومضمون صنيعهم أنهم جعلوا إحالتيّ (4 - 5) في إحالة واحدة (5)، ثم ذكروا المصادر التي أحلت إليها، وخطفوا التعليق الذي سجلته حول رأي المبرد في المسألة، وجعلوه ضمن سردهم للمصادر؟ وكم هي رائعة كلمة (وانظر الخصائص، 1/ 116) إذ تشعر بسرعة الخطفة التي خطفوها، وكأنهم خافوا من أن يفوتهم هذا المصدر، فأمسكوا به، وأحالوا إليه تاركين شرح المفصل الذي أشاروا إليه في الهامش (2) من الصفحة نفسها، وهم يعلمون جيدا أنهم حين يريدون الإحالة إلى مصدر ما، لا يستعملون كلمة (انظر) على نحو ما استعملناها في منهجنا، فلم حرصوا عليها في هذا الموضع؟
هل لأني صدرت بها مصادري بعد ذكري للتعليق، أم أنهم خافوا من أن يفوتهم هذا المصدر فأمسكوا به، وأحالوا إليه تاركين شرح المفصل وهو المصدر الثالث عندي؛ لأنهم سردوه في الهامش (2) من الصفحة نفسها؟ أم إيهاما لنا؟؟
سابعا: في 1/ 182 من الرسالة قال أبو الفداء: «وشرط الحال أن يكون نكرة وصاحبها معرفة» وضعت إحالة عند قوله: «معرفة» ، وذكرت في الهامش (1) ما نصه: «انظر شرح المفصل، 2/ 25 قال السيوطي في همع الهوامع، 1/ 229: «جوز يونس والبغداديون تعريفها مطلقا، وقال الكوفيون: إذا كان في الحال معنى الشرط، جاز أن يأتي على صورة المعرفة، وهي مع ذلك نكرة نحو: عبد الله المحسن أفضل
منه المسيء» وفي الكتاب المطبوع 63 وضع السراق إحالة عند قوله «نكرة» أي قبل موضع إحالتنا بكلمتين، وذكروا في الهامش ما نصه:«جوّز يونس والبغداديون تعريفها، والكوفيون إذا كان فيها معنى الشرط» ، وأحالوا إلى الهمع أيضا، تلقفوا ما ذكرناه مصدرا ونصا مع بعض الإيجاز.
ثامنا: وفي 2/ 9 من الرسالة قال أبو الفداء عند قوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ما نصه: «فيحتمل أن تكون لا نافية، فيكون التقدير: نقرئك قراءة لا تنساها» وضعت إحالة عند قوله: «لا تنساها» ، وذكرت في الهامش (7) ما قاله العكبري في التبيان 2/ 1483: لا نافية أي: فما تنسى، وقيل: هي للنهي، ولم تجزم لتوافق رؤوس الآي، وقيل:
الألف ناشئة عن إشباع الفتحة» فوجدت ذلك كله عندهم في الصفحة 265 مع وضعهم الإحالة في الموضع الذي وضعناه، هل كل ذلك تمّ من غير نظر في رسالتنا، لا أستبعد أن تزعم النخبة الممتازة ذلك؟
ولبيان مزيد من نهب النخبة المتميزة للتعليقات والهوامش ننتقل إلى الألفاظ اللغوية وشرحها، لقد اعتمدت كثيرا في شرحي للألفاظ اللغوية على معجم لسان العرب لابن منظور، وعلى القاموس المحيط للفيروزأبادي، فاعتمد المحققون كثيرا على هذين المعجمين، فالأمر الطبيعي حينئذ أن يقع التشابه الحرفي في النصوص المنقولة على نحو ما حصل في شرحنا للعلاقة، إذ نقلت في 1/ 355 الهامش (2) من اللسان (علق) قوله:«هي المعلاق الذي يعلق به الإناء» والشرح بحروفه عندهم في الصفحة 217 الهامش (2)، وانظر على سبيل المثال الأفعوان 1/ 398 الهامش (4) من الرسالة، و 225 الهامش (2) من الكتاب المطبوع، وكذا الحبارج 1/ 400 الهامش (7) من الرسالة، 225 الهامش (2) من الكتاب المطبوع.
ومثل هذا النوع من التشابه كثير يصعب حصره.
أما الأمر غير الطبعي المفيد أنهم معتمدون على هوامشنا فقد بدا مما يأتي:
أولا: وقع التشابه الحرفي في شرح بعض الألفاظ من غير أن يشيروا إلى المصدر الذي نقلوا منه من ذلك:
أ - أنني في 2/ 212 الهامش (5) نقلت من القاموس المحيط مادة (خفق) ما نصه: «والخنفقيق: السريعة جدا من النوق والظلمان» فوجدتهم في الصفحة 445 الهامش (10) ينقلون الشرح بحروفه من غير أن يشيروا إلى المعجم والمادة، ولعل مما يؤكد أنهم ناقلون من الرسالة أن النص في القاموس هو «الخنفقيق: كقندفير:
السريعة
…
إلخ» فأسقطت لفظة «القندفير» اعتمادا على ضبطها بالشكل، فرأيت القوم قد أسقطوها.
ثانيا: أنهم كانوا يحذفون من النص الموجود في الرسالة، مع إشارتهم إلى المصدر حينا وإغفاله أحيانا، ومن أمثلة ذلك:
أ - أنني في 1/ 322 الهامش (2) نقلت من اللسان (بغا) ما يأتي: «قال الأصمعي: بغى الرجل حاجته أو ضالّته يبغيها بغاء وبغية وبغاية إذا طلبها» فحذف المحققون في الصفحة 187 الهامش (1) جملة «قال الأصمعي» وسردوا بقية النص بحروفه، وأحالوا إلى اللسان مادة (بغا)، مع العلم أن ابن منظور في المادة نفسها قد ذكر قبل سوقه لقول الأصمعي ما يفيد أن «بغاية» مصدر للفعل الثلاثي «بغى» إذ قال:
«وبغى ضالته بغاء بالضم والمد
…
وبغاية أيضا» فلم لم يقع اختيارهم إلا على النص الذي نقلناه عن الأصمعي، ولقد ظن القوم أن حذفهم لجملة «قال الأصمعي» تشعر أنهم غير ناظرين في النص الذي سجلناه.
وانظر أمثلة لذلك:
1/ 395 الهامش (2) من الرسالة 352 الهامش (3) من الكتاب أترج
1/ 397 الهامش (11) من الرسالة 354 الهامش (1) من الكتاب ذرحرح
1/ 398 الهامش (7) من الرسالة 355 الهامش (2) من الكتاب إضحيان
1/ 404 الهامش (12) من الرسالة 359 الهامش (1) من الكتاب عبوثران
ب - وفي 1/ 393 هامش (9) نقلت من القاموس المحيط أيضا مادة (عقل):
«العاقول: معظم البحر أو موجه، ومنعطف الوادي، والنهر
…
إلخ»، وإذ بهم في الصفحة 476 الهامش (4) يكتفون بالقول:«معظم البحر أو موجه» تاركين تتمة المعاني، ولم يشيروا إلى المصدر الذي نقلوا منه، والطريف أنهم بعد هذا الموضع
بثلاث صفحات أي في الصفحة 470 شرحوا معنى شنباء، وأحالوا إلى القاموس المحيط، فلم لم يذكروا المصدر في شرحهم للعاقول؟؟
ومن حذقهم لفن السرقة أنني في 1/ 381 الهامش (2) نقلت من اللسان (نحر) ما نصه: «النّحرير: الحاذق الماهر العاقل المجرّب» وفي الصفحة 239 هامش (2) قالوا: «النحرير: العالم الحاذق في عمله» وأحالوا إلى لسان العرب (نحر) وبعد رجوعي إلى اللسان لم أجد فيه ما ذكره «العالم الحاذق» بحروفه بل وجدت هذا الشرح في المعجم الوسيط (نحر) وفيه: «علمه» بدل «عمله» ولعله خطأ طباعي.
ثالثا: أنهم كانوا يصوغون التعليقات اللغوية التي سجلناها حول بعض الألفاظ، صياغة جديدة، ومحتواها هو ما ذكرناه، من أمثلة ذلك:
1 -
أنني في 1/ 401 الهامش (4) قلت عن هندبى ما نصه: «هكذا ضبطها المصنف بالفتح، وهي في الكتاب 4/ 296، والممتع، 1/ 53 فعللى بالكسر» وفي الهامش (5) نقلت من اللسان (هندب) قوله: «الهندب والهندبا والهندباء والهندباء كل ذلك بقلة من أحرار البقول» والذي ذكرته ضمن الهامشين سردوه تقريبا في هامش واحد، إذ قالوا في كتابهم 257 الهامش (1) ما نصه:«بقلة من أحرار البقول» اللسان (هندب)، ووردت في كتاب سيبويه على مثال فعللى هندبى، 4/ 296، وبذلك وصلوا إلى ما ذكرناه، والعجيب أن الناسخ قبلها بأسطر قد ضبط لفظة «صفرق» بفتح الصاد، فلم يعلقوا عليها؛ لأنهم لم يجدوا عندي تعليقا حولها.
وقبل أن أنتهي من هذا الجانب أود أن أشير إلى ظاهرة لجأوا إليها لتعبئة هوامشهم، تتمثل هذه الظاهرة في أنني
كنت أشير في الهامش إلى المصدر الذي تناول مسألة ما، من المسائل التي ذكرها أبو الفداء، فكانوا يرجعون إلى المصدر نفسه، وينقلون منه النص، فكأني بذلك أرشدهم إليه، مثال ذلك أنني في 2/ 50 أحلت في الهامش (9) إلى الكتاب لسيبويه 4/ 97، وذلك بعد وضع إحالة عند قول أبي الفداء عند صيغتي التعجب:«فلا يبنيان إلا من فعل ثلاثي ليس بلون ولا عيب» فوجدتهم في الصفحة 304 قد وضعوا إحالة عند موضع إحالتنا، وفي الهامش نقلوا نص سيبويه من 4/ 97 نقلا حرفيا، وهذا جدول صغير يتضح منه أن نصوصهم المنقولة هي من المصادر الذي ذكرناها:
الدليل الثامن
وتشتمله الدراسة، وأكتفي هنا ببيان المنهج العام الذي سلكوه في سرقتهم لهذه الدراسة وقد جاء على النحو الآتي:
1 -
أن ما وزعناه على فصول جعلوه في فصل واحد، فتحت عنوان ترجمة المؤلف سردوا فيه فصلين من فصول دراستنا أولهما: اسمه ونسبه وثانيهما: حياته العلمية. ومما يؤكد ذلك أن عنوان «الكناش» عندهم قد جعلوه خليطا من أكثر من فصل عندي، كتوثيق نسبة الكتاب إلى صاحبه، والتعريف بلفظ الكناش، والعجب منهم أنهم لم يجعلوا لتوثيق نسبة الكتاب إلى صاحبه فصلا خاصا، في حين أن طالب الدراسات العليا المبتدئ يعلم أن ذلك يلزمه فصل خاص!! إنه اللف والدوران.
2 -
أن المصادر التي اعتمدت عليها في الدراسة هي التي اعتمدوا عليها أيضا، وما دام الأمر كذلك فالنصوص المنقولة من هذه المصادر متشابهة أيضا، والسؤال الآن: لم جاءت المصادر في ترجمة المؤلف متشابهة لم تنسوا منها مصدرا، ولم سرتم مع فقراتنا لم تفارقوها قيد أنملة. أما توجد لديكم فكرة يمكن أن تضيفوها إلى ما ذكرناه؟ لماذا هذا الالتزام الواضح بما هو أمامكم من نصوص منقولة؟؟ فأنتم نخبة
متميزة، والمتوقع منكم أن تضيفوا جديدا إلى ما ذكرناه
…
3 -
أن المنهج الذي سرنا عليه في ترتيب الفقرات الداخلية قد رأيناه عندهم، على أن ذلك لم يطرد في جميع دراستهم، فقد رأيتهم في بعض المواضع يقدمون ويؤخرون في ترتيبها، لونا من الغش والتزوير ليس غير.
4 -
اعتمادهم على إيجاز ما نفصّله على نحو ما رأيته عندهم حين راحوا يسردون أعلام النحويين الذين لهم آراء في الكناش، في حين أنني عقدت لذلك فصلا خاصا
…
5 -
أنهم يسرقون الفكرة، ثم يعيدونها بثوب جديد، ولا نعدم في دراستهم تشابها يكاد يكون حرفيا، وتشابها
باستعمالهم مرادفات للألفاظ التي كنت أستعملها في صياغتي للأفكار، يبدو ذلك ويؤكد ما ذكرناه سابقا مما يأتي:
أولا: في الصفحة الثانية من الرسالة عرضت إلى حياته العسكرية، وذكرت في الهامش ما نصّه: «انظر المختصر، 4/ 22، ولمعرفة معاركه التي خاضها مذ كان صغيرا حتى وفاته انظر المختصر، 4/ 22 - 25 - 28 - 36 - 42 - 48 - 49 - 50.
وفي الصفحة (أ) الهامش ذكروا أربعة من هذه المواضع فقط وتركوا البقية، فهل هناك وحي نزل عليكم فأوحى إليكم بسلوك هذا الطريق الذي سلكته حتى في استقرائي لهذه المواضع، هل لو كنتم خاليّ الذهن، غير مطلعين على الرسالة لكنتم قد سرتم على المنهج نفسه الذي سرت عليه حتى في الرجوع إلى المختصر، وتتبع المواضع التي تدل على معاركه؟! سبحان الله .. والنكتة أن ثمة مصدرا هنا سقط عندنا سهوا فظنّت النخبة المتميزة أن هذا مما تفرّدنا به في حين أن خمسة من الباحثين المحدثين قد أشاروا في هذا المصدر إلى نحو ذلك، هذا المصدر هو كتاب «أبو الفداء صاحب حماه في ذكرى مرور سبعمائة عام على ولادته» فيه سلسلة من البحوث العلمية التي تناولت حياة أبي الفداء الشخصية والعلمية.
ثانيا: ذكرت في الصفحة (27 - 28) في الفصل الذي عقدته لمنهج أبي الفداء ما نصه: «سار أبو الفداء في كناشه وراء تقسيم الزمخشري لمفصله، فقسم الكناش إلى أربعة أقسام:
1 -
الاسم.
2 -
الفعل.
3 -
الحرف.
4 -
المشترك.
فذكروا في صفحة (ك) تحت عنوان الكناش ما نصه: «وقد رتبه مؤلفه على نحو ترتيب المفصل للزمخشري، فجعله أربعة أقسام:
القسم الأول في الاسم.
والقسم الثاني في الفعل.
والقسم الثالث في الحرف.
والقسم الرابع في المشترك.
وواضح من المقارنة أن مضمون الفكرة واحد، غير أن الصياغة اختلفت يسيرا مع استعمال بعض المترادفات التي
استعملناها فقد قلنا سار أبو الفداء فقالوا: وقد رتبه مؤلفه، وقلنا: وراء تقسيم الزمخشري لمفصله، فقالوا: على نحو ترتيب المفصل للزمخشري، وقلنا: فقسم الكناش إلى أربعة أقسام، فقالوا: فجعله أربعة أقسام. هكذا تفعل النخبة الممتازة.
ثالثا: وفي الصفحة (28) من الفصل نفسه قلت: «اهتم أبو الفداء بصنع دوائر وجداول لتوضيح بعض الأحكام النحوية والصرفية، من ذلك الدائرة التي رسمها للبدل، والجدول الذي ضمنه جميع أمثلة نون التأكيد» وأحلت في الهامش إلى مواضع الدوائر والجداول.
فقالوا في الصفحة (م): يتميز هذا الكتاب بما فيه من دوائر وجداول توضيحية لما تكثر فيه الأحكام كأمثلة البدل، وأقسام الضمير، ومسائل الصفة المشبهة، وأمثلة نون التوكيد».
ولا يغتر القارئ بعد وقوفه على هذا الموضع من سردهم لمواضع الدوائر والجداول في هامشهم، فقد ذكرناها في هامش الصفحة التي عرضنا فيها الفكرة كما ذكرنا.
رابعا: قلت في الصفحة (37) من رسالتي في فصل التعريف بالكتاب:
«ونخلص من ذلك إلى أن كناش أبي الفداء يقوم على الجمع والاصطفاء
…
فجاء الكتاب شاملا لجميع الأبواب النحوية والصرفية والإملائية» (1).
وذكروا في الصفحة (م) فصل (الكناش) ما نصه: «وبهذا كله تتضح أهمية الكناش في النحو والصرف من كونه جامعا مسائل النحو والصرف» .
والعجيب أنه في الصفحة السابقة (ل) قالوا: استطاع الملك المؤيد أن يجمع في هذا الكتاب أهم مسائل النحو والتصريف وفرق كبير بين «جامعا» و «أهم» إنهم غير واعين لما يكتبون، لأن ما يهمهم هو كيف يعيدون كلامنا بأسلوب مغاير لتراكيبنا.
خامسا: قلت في توثيق نسبة الكتاب إلى أبي الفداء وذلك عند الرقم (1) ما لفظه: «أن عددا من المصادر قد ذكرت أن أبا الفداء صنف كتاب الكناش، ووصفت هذه المصادر هذا الكتاب بأنه يقع في مجلدات كثيرة» ، وسردت في الهامش المصادر التي ذكرت ذلك، فقالوا في صفحة (ط) ابتداء بلا مقدمة:«أجمع أكثر الذين ترجموا للملك المؤيد على أن له كتابا في مجلدات كثيرة اسمه الكناش في العلوم من النحو وغيره» ، وسردوا في الهامش المصادر التي ذكرتها، وقلت بعد ذلك عند الرقم (2):
«أنه قد كتب على الورقة الأولى من المخطوطة: أن هذا الكتاب الكناش للملك المؤيد
…
إلخ، فقالوا أيضا بعد ذلك في
الصفحة نفسها (ط): وقد كتب على غلافه الأول: كتاب الكناش
…
إلخ.
ومن كل ما قدمناه نتبين كيف نهبت الفئة الباغية هذه الرسالة، فالأدلّة كما يرى القارئ كثيرة وكل دليل يحمل في طياته أدلة تنبئ أن القوم أغاروا على الرسالة سلبا ونهبا، ونسوا أن حقوق العباد لا تغتفر فليتمتّعوا بمجد زائف وظلّ زائل وعند الله لا تضيع الودائع.
ومما يؤسف له أنهم أساتذة في جامعات معتبرة لها شهرة طيبة ومكانة بارزة بين الجامعات.
(1) هذه العبارة بنصها في الرسالة المخطوطة، وقد جرى تغييرها إلى ما يشبهها في الصفحتين 63 و 65 لاقتضاء السياق ذلك نتيجة توسعنا في بيان معنى «الكناش» .
وننتقل الآن إلى بيان بعض الطرق التي انتهجوها لتغطية سرقتهم، وهي:
أولا: مرّ معنا أن الفئة الباغية قد تأكدت أن هذه النسخة قد قوبلت على المؤلف، وأنه قد كتب بإزاء بعض العناوين عبارة «بلغ مقابلة على يدي مؤلفه أدام الله أيامه» ، ونقلت الفئة الباغية ما ذكره خيري بن عمر المصري من القول:«ولتعلم أن هذه النسخة هي نسخة المصنف» أقول: إذا كنتم على دراية بذلك كله فلماذا أثبتم في متن المخطوط ما شطب عليه الناسخ، وجعلتموه من الأصل، مع أنه لا توجد أية إشارة تفيد أن المؤلف يريده على أن منهجهم هذا لم يطرد فقد تركوا كثيرا مما شطب عليه الناسخ ولم يثبتوه، ولينظروا على سبيل المثال اللوحات: 61 ظ - 99 ب - 133 ظ إذ فيها ما هو مشطوب، ولم يثبتوه، هذا التذبذب له دلالة واحدة وهي إشعاري بأنهم قد نظروا في المخطوطة ونسخوها؟؟
أقول: إنكم حقا نظرتم في المخطوطة، غير أن نظركم إليها جاء بعد نسخ رسالتنا، فأردتم بعد ذلك إظهار المغايرة فلجأتم إلى إثبات بعض ما شطب، وإلا فبم نفسر الأدلة الدالة على هذه السرقة تلك التي ذكرناها؟؟ ثم هل هذه هي الأمانة العلمية نشوه المخطوطة لنخفي السرقة.
ثانيا: ليت الفئة الباغية اكتفت بذلك بل رأيناها تضع في الهامش ما كتب بجواره كلمة (صح) مع وجود علامة إلحاقية تدل على أنه من الأصل، من ذلك حديث أبي الفداء عن (لا سيما) الورقة (43) من المخطوطة (79) من الكتاب، فقد سجلوه في الهامش مع أن العلامة الإلحاقية واضحة، وكتب الناسخ في نهاية الحاشية كلمة (صح) مرتين واضحتين.
ومما يثير الدهش والاستغراب أيضا، ويدل على دجل هذه الفئة أنهم صوّروا الورقة الأولى من المخطوطة،
ووضعوها في الكتاب قبل تحقيق النص، وظهرت في النص العلامة الإلحاقية الموجودة عند كلمة (كتب) من عبارة أبي الفداء:«فهذا الكناش مشتمل على عدة كتب» وفي الحاشية ذكر أبو الفداء الكتب السبعة التي ينوي تأليفها ونفاجأ بالقوم أنهم قد شطبوا هذه الحاشية من الصورة فلم تظهر البتّة، وفي النص المحقق رأيتهم يثبتون هذه الحاشية في الهامش بلا تعليق، مع أنهم قرأوا في
صفحة الغلاف (أ) ما كتبه خيري بن عمر: «ولتعلم أن هذه النسخة هي نسخة المصنف، وهي الكتاب الأول في فنّي النحو والصرف من الكتاب المشار إليه، بما أنه رتّبه على سبعة كتب كما تراه في الخطبة» .
إذن هذه هي خطبة الكتاب أيتها النخبة المتميزة، فلم وضعت في الهامش؟؟
يضاف إلى ذلك أنكم في صفحة (ط) ذكرتم في الهامش حين قلتم في أعلى الصفحة: إنه مشتمل على عدة كتب، أقول: ذكرتم في الهامش ما نصّه: «عددها سبعة كما يظهر على الحاشية في خطبة الكتاب» إذن أنتم تعترفون بأنها خطبة الكتاب، وما دامت خطبة الكتاب، فلم لم توضع في المتن؟؟!
والأنكى من ذلك كله أنهم في الهامش (6) من الصفحة 189 أشاروا إلى سطرين أثبتوهما في المتن، وقالوا عنهما: إنهما من هامش المخطوط، وبرجوعي إلى المخطوط الورقة (54 و) وجدت أن السطرين في متن المخطوط، وقد شطب الناسخ عليهما. فهل بعد ذلك غشّ أكثر من هذا؟ وهل يستغرب شيء بعد كل ما عرفناه من طرائق خبيثة لجأتم إليها
…
إن هذه الأفاعيل من نحو إثبات ما شطب، وترك ما هو مثبت، وتسجيل ما هو من المتن في الحاشية، والإشارة إلى ما هو مشطوب عليه على أنه من الهامش هي طرق سلكتموها ومنهج دأبتم عليه لتغطية سرقتكم ولا يعني هذا أنكم لم تنظروا في المخطوط فالحق أنكم قد نظرتم في المخطوط، غير أن نظركم فيه كان لأجل المخالفة، أو لتلقّف بعض الأخطاء التي ستتّكئون عليها للاستدلال على أنكم غير ناظرين في الرسالة وأقول لكم ابتداء إن هذا الأمر لا يزحزح الحقيقة الثابتة وهي أنكم سرّاق، فالأدلة دامغة، والحقائق واضحة، ومن المفيد هنا، ما دمنا قد ذكرنا المقدّمة، أن نشير إلى أن كتابهم قد خلا من مقدّمة يوضحون فيها سبب اختيارهم لهذا المخطوط؟ ولم اختير دون غيره من مخطوطات يمتلئ بها مركزهم، أو يستطيعون الحصول عليها، هل هذا منهج نخبة متميزة؟ أو هو منهج نخبة من السراق؟؟
ثالثا: وضعت بإزاء العناوين رسم المستطيل للدلالة على أن أبا الفداء يشرح متن المفصل، ورسم النجمة للدلالة على أنه يشرح من كافية ابن الحاجب أو من شافيته (1)، وكنت أسجل في الهامش نصّ المتن الذي يقوم أبو الفداء بشرحه، معتمدا
(1) كذا كان الأمر في الرسالة المخطوطة.
في ذلك على مدى التشابه الحاصل بين المتن وكلام أبي الفداء على نحو ما ذكرت سابقا في منهج التحقيق فقام السراق بتغيير رسم المستطيل والنجمة وجعلوهما أرقاما، وأحالوا إلى شرح الكافية للرضي، أو إلى شرح الوافية لابن الحاجب، بدلا من نص الكافية لابن الحاجب الذي كنت أسجل نصه في الهامش، وكذا الحال مع المستطيل والمفصل، والإحالة إلى شرح الرضي للكافية بدلا من الكافية هو ضرب من الخداع أيضا، خاصة إذا علمنا أنهم في الدراسة الصفحة (م) قد أشاروا إلى أن حدود أبي الفداء قد اعتمد فيها على الكافية، إذن لم لم ترجعوا إلى الكافية بدلا من شرحها للرضي؟؟ ولم لم تعتمدوا على شرح الكافية المحقق بدلا من المصورة؟؟ ثم لم اعتمدتم إذن على المفصل، ولم تعتمدوا على شرح المفصل لابن يعيش؟؟
أليس من الأحسن أن يظهر عملكم وفق منهج واحد، بدلا من أن يسلك كل واحد منكم طريقا يختلف عن الآخر؟ هل هذا هو شأن فئة متميزة ينتظر الناس عملها بشغف؟؟
رابعا: وضعت العناوين الداخلية في الجانب الأيمن من الصفحة، وتحتها خط، فرأيتهم في القسم الأول يضعون العناوين وسط الصفحة
…
وفي القسم الثاني اضطربوا، فحاولوا السير على المنهج الأول أحيانا حيث وضعوا بعضها في وسط الصفحة، ثم شدّتهم السرقة فرأيتهم يضعون العناوين في الجانب الأيمن كما فعلنا، وذلك من الصفحة 392 إلى نهاية الرسالة أي إلى صفحة 573.
إن هذا التذبذب أيضا في وضع العناوين يدل على تأثرهم من حيث لا يشعرون بعملنا، لأن من ينسخ مخطوطا، إن كان خالي الذهن من نسخ آخر، فالواجب عليه أن يسير على منهج واحد حسب خطة يعتقد أنها الأنسب والأيسر للقارئ، فلم تغير الحال معكم؟ ولم فقد المنهج عندكم في كثير من أركان التحقيق؟
فكثيرا ما تسيرون وفق منهجنا، وأحيانا تتخالفون فيما بينكم وتخالفوننا أيضا، أو تظنون أن في ذلك تغطية لسرقتكم، وسترا لقبيح صنعكم؟؟ السارق مهما أوتي من حنكة ودهاء لا بد أن يقع في يد الغفلات، هكذا اقتضت الحكمة الإلهية أيتها الفئة الباغية؟؟
خامسا: ذكرت عددا من المظاهر الدالة على سرقتهم من شرح المفردات، وأشرت إلى أن هناك مظهرا قد سلكوه محاولين تغطية هذه السرقة أيضا، يتمثل هذا المظهر بأنهم كانوا يزيدون على الشرح اللغوي لكلمة ما، قمنا
بشرحها، من ذلك أنني نقلت في الهامش (2) من الصفحة 1/ 381 من لسان العرب مادة (صعفق) معنى كلمة الصعفوق، وسجلت ما نصه:«الصعفوق اللئيم من الرجال، ولم يجئ على فعلول شيء غيره» فرأيتهم بعد أن ذكروا هذا المعنى أوردوا معنيين آخرين للصعفوق، وليس لذلك تفسير إلا الإدّعاء بأنهم زادوا على ما ذكرناه.
سادسا: أنهم كانوا يتلاعبون بالمصادر التي أذكرها، فيذكرون مثلا الجمل للزجاجي، وشرحه لابن عصفور بدل كتاب الحلل للبطليوسي (1)، وهو الذي نذكره في التخريج، ويذكرون المفصل إلى جانب شرح المفصل لابن يعيش، ويكتفون بموضع واحد إذا ذكرنا للشاهد في المصدر موضعين، مثال ذلك.
أنني في الصفحة 124 الهامش (1) قلت في تخريج بيت ذي الرمة:
وهل يرجع التسليم ......
البيت ما نصه: «البيت في ديوانه 332، ويروى منسوبا له في كتاب الحلل 17، وشرح المفصل، 2/ 11 - 122، وروي من غير نسبة في المقتضب، 2/ 174 - 4/ 144، وهمع الهوامع، 2/ 15، وشرح الأشموني، 1/ 187.
وفي الهامش (3) من الصفحة 93 من الكتاب المطبوع، قالوا: لذي الرمة في ديوانه، 332، والجمل للزجاجي، 129، والمفصل، 84، وشرح المفصل، 2/ 142، والخزانة، 1/ 103، وبلا نسبة في المقتضب، 2/ 174، وشرح الجمل لابن عصفور، 2/ 37، والهمع، 5/ 314.
ومن المقارنة بين التخريجين نتبين ما ذكرناه آنفا، وكنا قد ذكرنا من قبل أن المبرد 2/ 174 نسب البيت إلى ذي الرمة، وأنه في الموضع الثاني، 4/ 144 لم ينسبه، فاكتفوا بموضع واحد مما ذكرناه، ووقعوا في الغلط الذي وقعنا فيه من قبل.
(1) ولا يخفى على المتخصصين علاقة كتاب الحلل بجمل الزجاجي.
ومما يدخل في هذه التغطية أنهم في أول الكتاب قد اتبعوا طريقة مع بعض المصادر، توهم أن عملهم بعيد عن عملي، فكانوا لا يحيلون إلى ديوان الشاعر في أول الكتاب، ثم بعد ذلك يحيلون إليه، مثال ذلك ذو الرمة، ففي الهامش (1) من الصفحة 50 خرجوا بيت ذي الرمة:
ديار مية إذ ميّ تساعفنا
فقالوا: لذي الرمة، في الكتاب .... إلخ، ولم يرجعوا إلى الديوان، ثم وجدتهم بعد ذلك الموضع الذي ذكرناه يرجعون إليه انظر كتابهم 48 - 176 - 93 - 302 - 416؟؟! ومثل ذلك فعلوا مع الأخطل ففي الصفحة 133 لم يرجعوا إلى
ديوانه في حين أنهم في الصفحة 386 أحالوا إليه.
هذه هي بعض طرقهم التي سلكوها ذرّا للرماد في العيون، ولقد مر معنا حين سردنا الأدلة الكثير من الحيل التي استخدموها في السرقة، غير أن هذه الطرق التي أفردناها قد حملت في تضاعيفها أدلّة تنبئ على أنهم سرّاق أيضا، وتوضح أن عملهم قائم على الكذب والدجل والضلال، وهم يحسبون أنهم بهذه السبل يسترون عوراتهم، ويغطون سوآتهم، وتأبى الحقيقة إلا أن تظهر مهما حاول المرجفون والموتورون سترها بمثل هذه الألاعيب.
وأخيرا: رحم الله القائل: «الحر من انتمى لمن أفاده لفظه» وما عساه يقول فيمن سرق رسالة علمية تقرب من ألف صفحة .. شاهت وجوههم، وخسرت تجارتهم، والله ولينا وهو القادر المنتقم.
الأخطاء العلمية
مر معنا عدد كبير من الأخطاء التي أفدنا منها أيضا أن القوم نخبة من مدرسة شظاظ (1)، وبقي لدينا عدد آخر من الأخطاء نود أن نعرضها على القارئ ليرى مدى الخراب الذي ألحقوه بهذا المخطوط، وينظر إلى آثار الفساد الذي خلفوه من إغارتهم على الرسالة، وليدرك أن عملهم هو عمل نخبة من الكذبة الدجالين الذين أضلّهم
(1) لص يضرب به المثل يقال: ألص من شظاظ.
الشيطان فعميت بصائرهم حتى باتوا لا يفرّقون بين ما هو آية قرآنية كريمة، وما هو كلام نثري بشري، وارتأيت أن أقسم أخطاءهم (1) إلى قسمين:
الأول: يتصل بالنص المحقق.
والثاني: يتصل بالخدمة التي كان من الواجب أن تقدّم إلى النص المحقق من نحو عزو الآيات القرآنية إلى سورها، وتخريج الأشعار من مصادرها،
…
إلخ ما تعارف عليه المحققون.
أولا: بدت أخطاؤهم في النص المحقق على النحو الآتي:
1 -
أقدموا على تغيير بعض كلمات المخطوطة من غير حاجة تدعو إلى ذلك ولم يشيروا في الهامش إلى ما في الأصل، ولا إلى هذا التغيير، من ذلك:
أ - ذكر أبو الفداء في الورقة (23 / أ) القول: اللهم اغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان وابن الإصبغ» وفي الصفحة 79 من كتابهم المطبوع جعلوها «أبا الإصبغ» ولا نعلم سببا لذلك.
ب - وفي الورقة (53 و) سجل أبو الفداء العنوان الآتي «ذكر جمع المؤنث الصحيح» ووجدتهم في الصفحة 184
يجعلونه «ذكر جمع المؤنث السالم» لم هذا التغيير أيتها النخبة المتميزة من المزوّرين.
ج - وفي الورقة (129 أ) تحدث أبو الفداء فيها عن إبدال الياء من الباء فقال «وكذلك ديباج، الأصل دباج عند من جمعه على دبابيج» وفي الصفحة 464 ألفيتهم يسجلون «والأصل دباج لجمعه على دبابيج» مع أن قراءة «عند من» لا تدفع إلى جعل «جمعه» «لجمعه» ولا داعي لإسقاط «عند من» أيها القوم الخرّاب.
د - وفي الورقة (37 أ) قال أبو الفداء عن نون الوقاية «وكذلك هي لازمة في المضارع المعرّى عن نون الإعراب» وفي الصفحة 130 جعلوها «العاري» عرّاهم الله من كل فضيلة.
ثانيا: امتد فسادهم، فوضعوا في الهامش ما هو من أصل المخطوط ومن قبل
(1) لم أسرد أخطاءهم كلها لضيق المقام، واكتفيت ببعض الأمثلة الموجزة. وهذه الأخطاء بعضها يعود إلى سرعة نشلهم من الرسالة وبعضها الآخر يرجع إلى إرادة التمويه على السرقة ولو أدى ذلك كله إلى تشويه العمل العلمي.
أوردنا عددا من الأمثلة، وتركنا هذا المثال، ففي الورقة (46 أ) أورد أبو الفداء قول الشاعر:
على أطرقا باليات الخيام
…
إلا الثمام وإلا العصي
فوجدتهم في الصفحة 163 يسقطون الشطر الثاني ويضعونه في الهامش (4) وصدروه بالقول «من المتقارب وتمامه:
إلا الثمام وإلا العصي
لأبي ذؤيب الهذلي ما تفسير ذلك؟ لعل الناسخ المستأجر قد غشهم.
ثالثا: وتطاول هذا الفساد فراحوا يزيدون كلمات من عندهم ليست في أصل المخطوط، ولا حاجة تدعو إليها، ولم يشيروا أيضا في الهامش إلى ما في الأصل، من ذلك:
أ - جاء في الورقة (138 / أ) حديثا عن إعلال اسم المفعول نصه «وإنما يبنى على صيغة مفعول من ثلاثي متعدّ نحو مقول ومبيع» فزادوا كلمة «اسم» قبل «مفعول» وأدخلوا «أل» على «مفعول، وذلك في الصفحة 497، وما فعلوه لا يفتقر إليه النص لوضوحه.
ب - قال أبو الفداء، في الورقة (17 / أ) عن الظرف المنصوب بعامل مضمر «وقام زيد واليوم سرت فيه، وما اليوم سرت فيه، واليوم سر فيه فيختار النصب» وفي الصفحة 59 ألفيتهم يضيفون كلمة «أما» قبل «اليوم سر فيه» ولا داعي لها.
رابعا: وتوّج ذلك كله بكثرة الأسقاط التي رأيناها عندهم من أمثلة ذلك:
أ - ما جاء في الصفحة 87 من المطبوع ونصه «نحو لا رجل ظريف لأن الموصوف كالشيء الواحد» وفي المخطوط (25 م)«لأن الموصوف والصفة كالشيء الواحد» وبذلك يتم المعنى.
ب - وجاء في الصفحة 160 عند الحديث عن قطّ ما يأتي «تقول ما أفعله قطّ، وهي من القطّ، الذي هو القطع، لأن الماضي منقطع من المستقبل، لأن من لغاتها قط بتخفيف الطاء» وفي المخطوط (45 / ب)«وبنيت لأن من لغاتها قط» وبذلك يستقيم الكلام.
ج - وورد في الصفحة 404 من المطبوع، تعليق أبي الفداء على قول الشاعر:
لقد خشيت أن أرى جدبا
…
في عامنا ذا بعد ما أخصبا
ونصه: «فشدد الشاعر أخصبا في الوصل تشبها بالوقف فإنه يقال في ألف الوصل، فجمع في أخصبابين الحركة والتشديد» والنص فيه سقط صوابه في الأصل (111 / ب) ونصه «فإنه يقال في الوقف اخصبا بغير ألف الوصل» .
د - وجاء في الصفحة 561 من المطبوع في باب الإدغام عند حديث أبي الفداء عن حذف نون في بلعنبر، وعدم حذفها في نحو بني النمر ما نصه «فإنهم لا يحذفون النون لأنهم لو حذفوها لجمعوا على الكلمة إعلالين حذف النون، ومنها أنهم قالوا نزل بنو فلان
…
» إلخ وسقط الإعلال الثاني المسجل في المخطوط (158 / ب) إذ قال أبو الفداء: «لجمعوا على الكلمة إعلالين؛ حذف النون، وإدغام اللام» .
هـ - وفي الصفحة 446 ذكر لمواضع زيادة التاء جاء فيها «ثم التاء فيما سوى هذه المواضع أصل لها، في نحو ترتب» والصواب كما في حاشية الأصل (124 / أ)«إلا في نحو ترتب» والعجيب أنهم وضعوا إحالة عند ترتب، إلى المفصل وإلى الكتاب وفي المفصل «359» إلا في نحو ترتب وتولج وسنبتة» فهل رجعتم حقا إلى المفصل أم أنكم تلقّفتم رقم صفحة المفصل من هوامشنا من غير قراءة متأنّية لنصّ المفصل المذكور عندنا.
خامسا: ولسرعة غارتهم، واعتمادهم التغيير تغطية لسرقتهم، وقعوا في أخطاء كثيرة، غمض ببعضها المعنى - أحيانا وفسد الكلام ببعضها الآخر - من ذلك.
أ - ما وجدناه في الصفحة 108 من المطبوع، ففيها «تقول زيد نفسه والزيدان نفساهما
…
والهندان نفساهم» والصواب «والهندان نفساهما» .
ب - وفي الصفحة 341 من المطبوع، ذكرت مواضع كسر الهمزة ومنها «بعد ألا وأيا من حروف التنبيه» والصواب «ألا وأما» .
ج - وفي الصفحة 238 حديث عن أوزان ألف التأنيث المقصورة والممدودة، نصه «ومنها فعلى بضم الفاء وفتح العين
…
» والصواب «فعلاء» بالمد، بدليل تمثيله بنفساء وعشراء ومثلها «فعلى بفتح الفاء وسكون العين وفتح اللام» والصواب «فعلاء»
بدليل تمثيله - بعد - بحمراء.
د - وورد في الصفحة 470 حديث أبي الفداء عن إبدال الميم من النون إبدالا غير مطرد كما في نحو: الشنب والعنب فقال: لأن النون تقوى بالحركة فلا يبدل منها لكن «جاز» ذلك في قول الشاعر:
يا هال ذات
…
والصواب: «لكن جاء ذلك» بدليل أنه قال بعد ذلك «وجاء أيضا: طامه الله على الخير» .
هـ - وفي الصفحة 503 ذكر اعتلال ديار ورياح وفيه «لأن الجمع يعل لاعتلال الواو كما يعل المصدر لاعتلال الفعل» والصواب «لأن الجمع يعل لاعتلال الواحد» .
و- وفي الصفحة 459 ذكر لنون إذن نصه «ولم تجر نون غزوان مجراها في ذلك لكون إذن مشابهة للاسم دونهما» والصواب «نون عن وان» .
ز - وفي الصفحة 570 حديث عن زيادة الواو، نصه «ومنه أنهم زادوا في أولئك واوا للفرق بينه وبين إليك وأجرى أولا على أولئك في زيادة الواو» والصواب «وأجرى أولاء على أولئك» هذا كله بعض من الأخطاء التي تتصل بالنص المحقق.
ولننتقل إلى النوع الثاني من الأخطاء تلك التي وقفنا عليها في خدمتهم لهذا النص، وهي أخطاء لا يقع فيها صغار الطلبة بله «نخبة متميزة من الباحثين» وهي على قسمين:
الأولى: تتصل بالآيات القرآنية الكريمة.
الثانية: تتعلق بالأشعار وغير ذلك.
أما الآيات القرآنية فقد أهملوا نسبة بعضها إلى سورها، وأغفلوا تحديد أرقامها في هذه السور وهذا جدول صغير بذلك:
الآية رقم الصفحة في الكتاب المطبوع في قطر
قِسْمَةٌ ضِيزى 510
وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً 519
وَجَبَتْ جُنُوبُها 546
إِذْ جاؤُكُمْ 546
إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ 567
أَصْطَفَى الْبَناتِ 573
ومما يتصل بهذا الجانب ما وقفت عليه في الصفحة 554 إذ قال أبو الفداء ما لفظه: «كما قرأ بعضهم مردفين بضم الراء إتباعا لضمة الميم» .
فأغفل المحققون عزو الآية إلى سورتها، وتوثيق قراءتها ولأنهم مشغولون بالسرقة، وما يتبعها من لفّ ودوران جعلوا الآية الواحدة، آيتين من سورتين مختلفتين، ففي الصفحة 424 قال أبو الفداء: واعلم أن هو وهي إذا اتصلتا بالواو أو الفاء
…
جاز إسكانهما
…
فمثال التسكين مع الواو قوله تعالى: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ،* ومع الفاء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وفي الهامش جعلوا فَهُوَ يُخْلِفُهُ من الآية 39 من سورة سبأ، وجعلوا وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ من الآية 72 من سورة المؤمنون، لم وزعتم الآية على سورتين، ألم تروها كلها في سبأ 39، إنكم شطار في لعبة السرقات، ومهرة في توزيع الأدوار أيضا
…
ب - أما الأشعار وما يتصل بها من تخريج وتوثيق فقد وقفنا منها على ما يأتي:
1 -
أنهم في الصفحة 475، الهامش (1) قالوا في تخريج البيت:
وقد رابني قولها: يا هناه
«إن قائله مجهول ثم ذكروا لتخريجه مصدرا واحدا هو «شرح المفصل، 10/ 42 - 43» وبعد رجوعي إلى المصدر المذكور وجدت أن ابن يعيش قد نسبه إلى امرئ القيس، وقلت: لعلّ النخبة قد خطفته من معجم الشواهد العربية للأستاذ عبد السّلام هارون - رحمه الله تعالى - وفوجئت بأن الرجل يرحمه الله في الصفحة 136 قد نسبه إلى امرئ القيس أيضا، مما يدل على أن الفئة لا تتورّع عن الكذب والغش.
2 -
في الصفحة 397 نقل أبو الفداء رأي الأخفش في صيغة «فعل» فقال:
وأجازه الأخفش متمسكا بدئل اسم قبيلة، وضعت النخبة المتميزة إحالة وقالوا في الهامش (5) ما نصه وأنشد الأخفش لكعب بن مالك الأنصاري:
جاؤوا بجيش لو قيس معرسه
…
ما كان إلا كمعرس الدّئل
انظر شرح الأشموني، 2/ 546 نظرنا في هذا المرجع وفق الطبعة المثبتة عندهم في قائمة المصادر فلم نظفر بالبيت، ولم نجد إشارة إلى إنشاد الأخفش، بل إن رقم الصفحة في المصدر المذكور لم يصل إلى 546؟؟
3 -
في الصفحة 556 خرجوا الرجز:
تنحي على الشوك جرازا مقضبا
وسجلوا في الهامش ما نصه: «قائله أبو حكاك، ونسبه لأبي حكاك ابن يعيش في شرح المفصل، 1/ 49» والحقّ أن ابن يعيش لم ينسبه أيّها المدلّسون.
4 -
أيضا في الصفحة 356 خرجوا بيت النابغة:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه
…
........
البيت فقالوا في الهامش (3): البيت في البحر البسيط، وروي في الخصائص، 1/ 43، المختار من شعر بشار 248.
ورجعت إلى الخصائص، 1/ 43 فلم أجد البيت، بل وجدت فيه:
ودّعته بدموعي يوم فارقني
…
ولم أطق جزعا للبين مدّ يدي
وفي الهامش (8) قال الأستاذ النجار رحمه الله هذا البيت أول ثلاثة أبيات في المختار من شعر بشار 248، علمت حينئذ أن القوم نظروا في فهرس الخصائص، فوجدوا في قافية الدال (يدي) فخطفوها، ثم أعمى الله بصيرتهم فنقلوا من هامش الخصائص: المختار من شعر بشار، وسقط المختار من ثبت مصادرهم، ولم يرجعوا إلى ديوان النابغة مع أنه مثبت في قائمة مصادرهم فنعم صنيع النخبة المتميزة.
5 -
في الصفحة 330 خرجوا بيت امرئ القيس:
فقالت يمين الله مالك حيلة
وسجلوا في الهامش (3) ما نصه: البيت من البحر الطويل، وروي في ديوانه ص: 14، والمقتضب 27، وتمامه:
وما إن أرى عنك العماية تنجلي
هكذا ذكروا المقتضب من غير جزء، فرجعت إلى فهارس الشيخ عضيمة -
رحمه الله - للمقتضب فلم أجد هذا البيت البتّة، ثم نظرت في معجم الشواهد فوجدت أن الأستاذ عبد السّلام هارون، رحمه الله قد رمز له ب (ق) 27، فتبينت من ذلك أنهم قد ظنوا أن الرمز (ق) هو المقتضب، ولم يفطنوا أن المراد منه هو المقرب، وهو - حقا - موجود في المقرب والنكتة أن الأستاذ هارون رحمه الله قد اعتمد على مخطوطة في دار الكتب، في حين أنهم اعتمدوا على المطبوعة المحققة من قبل الجواري والجبوري والظاهر أن
المحقّق أجنبي، والمراجع نائم، وهم بعد ذلك كله نخبة متميزة من الأساتذة الباحثين كما ورد في مقدمتهم.
6 -
خرجوا في الهامش (3) من الصفحة 516 البيت:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
فقالوا: ونسبه إليه - أي إلى قيس بن زهير - صاحب المغني، 1/ 188 والحق أن صاحب المغني لم ينسبه.
7 -
وفي الهامش (2)، من الصفحة 418 قالوا عن بيتي المثقب العبدي:
وما أدري إذا يممت أرضا
…
...
أألخير الذي أنا أبتغيه
…
...
ما نصه «إن البيتين مرويان في المغني، 1/ 69» ولن يجد القارئ هذين البيتين في المغني.
8 -
وفي الصفحة 416 خرجوا قول الشاعر:
حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهة
فنصوا في الهامش (2) على أنه لجامع بن عمرو، وسردوا في الهامش (4) مصدرين فقط روي البيت فيهما هما شرح المفصل، 9/ 118 والهمع، 1/ 155 وهذان المصدران لم ينسبا البيت إلى قائله أيضا.
9 -
في الصفحة 473 ورد ما نصه «ومما أبدلت فيه التاء من السين قول الشاعر عمرو بن يربوع:
شرار النات
وفي الهامش قالوا: «ويروى أيضا لعلباء بن أرقم اليشكري» والظاهر أن الذي
استأجروه جاهل، جعل الشاعر هو عمرو بن يربوع، وهو متأكد من ذلك، لذلك قال: ويروى «أيضا» والظاهر أيضا أن المراجع قد فطن إلى هذا الخلط العجيب فحاول استدراك ذلك فقال في الهامش نقلا عن شرح شواهد الشافية «وهي هجاء لبني عمرو بن يربوع» ولا نعلم فلعل المراجع يريد أن الشاعر هو عمرو، والرجل يهجو قومه
…
لن نستبعد شيئا يخطر بالبال من كثرة ما رأينا من فساد وخلط واضطراب عند «النخبة المتميزة» ، غير أن المراجع قد وقع في غفلة أخرى حين لم يذكر لنا رقم الجزء ورقم الصفحة في شرح الشواهد، وأحسب أن هذا المصدر قد سقط من قائمة مصادرهم، لذا أعتقد أنه استدرك استدراكا أرادوا أن يقوموا ميلا واضحا ويستروا سوأة مكشوفة، ولكن هيهات هيهات فقد اتسع الخرق على الراقع.
10 -
وفي الصفحة 558 جعلوا بيتا شعريا كلاما نثريا، وهو بيت تعليمي في أوائله الحروف التي تدغم فيها التاء
وهو:
سرى طيف دعد زائرا ذا ضنى
…
ثوى شفى ظمأ جودا صفا فتعطفا
فذكر عندهم على أنه كلام نثري، والعجيب أن أبا الفداء صدّره بالقول «وتجمعها أوائل كلام هذا البيت وهو» ، ثم ذكر البيت.
11 -
في الهامش (1) من الصفحة (64) نسبوا البيت:
لعزة موحشا طلل
…
يلوح كأنه خلل
لكثير عزة، ولم يرجعوا إلى ديوانه مع أنه مثبت في قائمة مصادرهم وفي الهامش (4) من الصفحة 369 لم يخرجوا الرجز:
وقاتم الأعماق خاوي المخترق
من ديوان رؤبة مع ذكرهم له في المصادر.
وأخيرا فقد أحصيت لهم أكثر من 16 مصدرا سقطت من قائمة مصادرهم أذكر بعضا منها مع مكان ورودها في كتابهم:
1 -
الأغاني 180 + 333.
2 -
إرتشاف الضرب 113.
3 -
الإصابة 44.
4 -
إصلاح المنطق 378.
5 -
التذييل والتكميل 113.
6 -
ديوان ابن أحمر 294.
7 -
ديوان أبي نواس 211.
8 -
ديوان القطامي 292.
وأترك البقية لأنهم لا يستحقون هذه الخدمة. هذا هو صنيع نخبة من السراق المفضوحين (1) الذين باتوا يطلبون السّترة، خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ* وأُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ وإِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً
…
صدق الله العظيم.
(1) ألغت إحدى الجامعات عقد أحد هؤلاء السّرّاق عام 1418 هـ بعد أن كونت لجنة علمية أكدت على حصول السرقة بعد أن درست على مدى سنة الأدلة والردود وطابقتها على الأصول «الرسالة والمخطوط والكتاب المطبوع» فالشكر للمسؤولين في تلك الجامعة لنصرتهم الحقّ، وكشفهم الأعيب المبطلين ولله الحمد والمنة.
مخطوطات
الورقة الأولى من المخطوطة (أ)
ظهر الورقة الأولى من المخطوطة (أ)
الورقة الأولى من المخطوطة أ/ ظ
الورقة الأخيرة 164 / ظ
[الباب الثانى النص المحقق]
/ بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس لعلمه غاية، ولا لجوده نهاية (1) وصلّى الله على سيّدنا محمّد المبعوث بالهداية وعلى آله وصحبه، صلاة تنجي من الضّلالة (2) والغواية (3) وبعد:
فهذا كنّاش مشتمل على عدّة كتب، الأوّل: في النحو والتصريف، الثاني: في الفقه الثّالث: في الطب الرابع: في التاريخ، الخامس: في الأخلاق والسّياسة والزهد، السادس: في الأشعار، السابع: في فنون مختلفة.
(1) غير واضحة في الأصل.
(2)
غير واضحة في الأصل.
(3)
غير واضحة في الأصل.
الكتاب الأوّل في النحو ذكر الكلمة وأنواعها (1)
الكلمة لفظ موضوع مفرد، والمراد باللفظ: ما خرج من الفم حقيقة كاضرب أو حكما، كالمستكن في اضرب حرفا أو أكثر.
والوضع: تخصيص لفظ بمعنى كرجل بمذكّر إنسان.
والمفرد: ما لم يقصد بجزء لفظه الدلالة على جزء معناه كزيد مثلا.
والكلمة جنس تحته ثلاثة أنواع: اسم وفعل وحرف، لأنّها إن لم تدلّ على معنى في نفسها أي لا تستقل الكلمة بالدلالة على معناها الإفرادي إلا بانضمام متعلقها إليها فهي الحرف كقد وهل، وإن دلّت على معنى في نفسها مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة فهي الفعل كقام يقوم، وإن دلّت على معنى في نفسها غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة فهي الاسم، كالصّبوح والغبوق (2)، فإنّه وإن دلّ على زمان لكنّه غير معيّن من الثّلاثة، لأنّ الشرب بكرة مثلا ليس بماض ولا حال ولا مستقبل (3) والاسم يكون مسندا ومسندا إليه، والفعل يكون مسندا ولا يكون مسندا إليه، والحرف لا يكون مسندا ولا مسندا إليه.
والحدّ: معرّف شامل لكلّ فرد من أفراد المعرّف فقط (4) والحدود في النحو
(1) المفصل في علم العربية، للزمخشري، دار الجيل 6، والكافية، لابن الحاجب 381 (ضمن مجموع مهمات المتون).
(2)
الصبوح شرب الغداة، والغبوق شرب العشي، اللسان، صبح وغبق.
(3)
شرح الوافية، لابن الحاجب، تحقيق د. موسى العليلي، 121، وشرح المفصل، لابن يعيش 1/ 19.
(4)
الإيضاح في علل النحو، للزجاجي، 46 وكتاب التعريفات للجرجاني، 83.
إنّما هي للألفاظ باعتبار معناها الحقيقي، وماهيات الكلم اعتبارية (1) ولذلك جاز أن تكون فصولها عدمية.
ذكر الكلام (2)
الكلام ما تضمّن كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى وقد خرج بقولنا أسندت إحداهما إلى الأخرى: ما ليس كذلك مثل: غلام زيد، فإنه كلمتان وليس بكلام لعدم الإسناد، إذ الإسناد نسبة أحد الجزأين إلى الآخر على وجه يحسن السكوت عليه.
والكلام قسمان:
ليس إلّا اسم واسم، واسم وفعل (3) وأمّا الاسم والحرف فلا يكون كلاما، لأنّ الحرف لا يكون حكما ولا محكوما
عليه، وكذلك لا يكون الفعل والفعل كلاما لفقد المحكوم عليه، والفعل والحرف أبعد (4)، والحرف والحرف أبعد وأما نحو: يا زيد، فإنّه مؤوّل بأدعو أو أريد، والكلام المركّب من اسمين يقال له: الجملة الاسميّة نحو: زيد كاتب، والمركّب من فعل واسم يقال له: الجملة الفعليّة نحو: قام زيد (5).
(1) ماهية الشيء ما به الشيء هو هو، والماهية الاعتبارية هي التي لا وجود لها إلا في عقل المعتبر ما دام معتبرا. التعريفات، 195 - 196 وشرح التصريح ومعه حاشية ياسين، 1/ 22 - 25.
(2)
في المفصل 6: والكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى.
(3)
المفصل 6، وشرح الوافية، 125.
(4)
شرح ابن الحاجب على الكافية، رسالة دكتوراه، جامعة الأزهر، تحقيق الدكتور جمال مخيمر 1/ 8 وفيه «والفعل والحرف بعيد» .
(5)
بعدها في شرح الوافية، 126 «وهذا معنى قول النحويين: لا يتأتى الكلام إلا من اسمين أو من فعل واسم» وانظر شرح المفصل، 1/ 20 وشرح الكافية، للرضي 1/ 8 - 9 والمغني، 2/ 276.