الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن لم يجد الماء خارج المِصْر وبينه وبين المِصْر ميل،
منحة السلوك
[الأعذار المبيحة للتيمم]
قوله: ومن لم يجد الماء.
كلمة "مَنْ" موصولة في محل الرفع على الابتداء.
وقوله: لم يجد الماء.
جملة وقعت صلة لها، وما بعدها كله عطفٌ عليها.
وقوله: تيمم
(1)
. هو الخبر.
قوله: خارج المصر.
أي: في خارج المصر، وبينه وبين المصر نحو الميل
(2)
(3)
وهو ثلث
= فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه (أ).
وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على جواز التيمم في الجملة وهو من خصائص هذه الأمة، ومما فضلت به على غيرها؛ توسعة عليها؛ وإحسانًا لها. فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نُصِرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا، وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" متفق عليه (ب).
(1)
هذه الجملة هي المذكورة في 1/ 235، في نهاية حديثه عن الأعذار المبيحة للتيمم.
(2)
وذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى أن من عدم الماء في الحضر فإنه يتيمم، ولا فرق بين السفر، والحضر. وهو قول: الثوري، والأوزاعي.
تحفة الفقهاء 1/ 37، الهداية 1/ 26، النقاية شرح مختصر الوقاية 1/ 46، حاشية ملا محمد أفندي ألواني على الدرر والغرر "موجبات الأحكام"(مخطوط) لوحة 12/ أالنسخة الأصلية لدى جامعة أم القرى المكتبة المركزية تحت رقم 407/ 1، المقدمات الممهدات 1/ 111، القوانين ص 29، التذكرة ص 49، كفاية الاخيار 1/ 34، المستوعب 1/ 274، الشرح الكبير لابن قدامة 1/ 268.
(3)
الميل: منار يبنى للمسافر، مسافته قدر منتهى مد بصره. ويجمع على ميول وأميال. =
_________
(أ) البخاري 1/ 133 كتاب التيمم، باب التيمم ضربة رقم 340.
(ب) البخاري 1/ 128 كتاب التيمم، رقم 328، مسلم 1/ 334 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 521.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
فرسخ، وهو أربعة آلاف خطوة، وهي: ذراع ونصف بذراع العامة، وهو: أربع وعشرون إصبعًا، بعدد حروف لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعرض كلّ إصبَع: ستُّ حبَّات شعير ملصقَة ظهرًا لبطن. والفرسخ اثنتا عشرة ألف خطوة
(1)
، وهذا المقدار هو المختار؛ للحوقه الحرج بذهابه، وإيابه
(2)
.
= والميل مقياس للطول، قُدِّر قديمًا بما ذكره المصنف، وهو الميل الهاشمي. وهو بري، وبحري، فالبري يقدر بما يساوي 1609 متر، والبحري بما يساوي 1852 متر.
القاموس الفقهي ص 344، المعجم الوسيط ص 894 مادة الميل، محيط المحيط ص 873 مادة ميل.
(1)
وفي هذا يقول الناظم:
إن البريد من الفراسخ أربع
…
والفرسخ فثلاث أميال ضعوا
والميل ألف أي الباعات قل
…
والباع أربع أذرع فتتبعوا
ثم الذراع من الأصابع أربع
…
من بعدها عشرون ثم الأصبع
ست شعير بطن كل شعيرة
…
منها إلى ظهر الأخيرة توضع
ثم الشعيرة ست شعرات غدت
…
من شعر أو بغل أو حمار فاسمعوا
حاشية الروض المربع للعنقري 1/ 272.
(2)
اختاره المرغيناني، والزيلعي، والكاساني، وعلاء الدين السمرقندي، وغيرهم.
وقيل: في المسافر إذا كان الماء أمامه بقدر ميلين؛ لأنه بمنزلة ميل في حقه، لعدم الإياب.
وعن محمد: أنه مقدر بميلين مطلقًا.
وعن الكرخي أنه إن كان في موضع يسمع صوت أهل الماء، فهو قريب، وإن كان لا يسمع فهو بعيد.
البحر الرائق 1/ 139، كشف الحقائق 1/ 20، شرح الوقاية 1/ 20، بدائع الصنائع 1/ 461، تبيين الحقائق 1/ 37، تحفة الفقهاء 1/ 37، منحة الرائق 1/ 139، الجوهرة النيرة 1/ 24، الهداية 1/ 26.
أو وجده وهو يخاف العطش، أو كان مريضًا يخاف شدة مرضه بحركته
(1)
، أو باستعماله،
منحة السلوك
فإن قلتَ: لم قيد عدم وجدان الماء بكون الشخص خارج المصر والله تعالى أطلقه بقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]، وهو يتناول من في المصر ومن في خارج المصر؟.
قلتُ: بلى، ولكن الحكم للغالب، والغالب وجدان الماء في الأمصار، وخارج المصر مظنَّة فقدان الماء، حتى لو لم يوجد الماء في المصرِ أيضًا -والعياذ بالله- يجوز لأهله التيمم
(2)
.
قوله: أو وجده.
أي: أو وجد الماء، ولكنه يخاف العطش على نفسه، أو دابته
(3)
.
قوله: أو كان مريضًا يخاف شدَّة مرضه بحركته.
أي: إلى نحو الماء
(4)
.
أو باستعماله.
(1)
في ب "أو تأخير برء بحركة".
(2)
وكذا عن المالكية.
تبيين الحقائق 1/ 37، تحفة الفقهاء 1/ 38، شرح الوقاية 1/ 20، بدائع الصنائع 1/ 47، المقدمات الممهدات 1/ 111.
(3)
وإليه ذهب المالكية، والحنابلة.
الجوهرة النيرة 1/ 24، النقاية شرح مختصر الوقاية 1/ 46، المختار 1/ 20، بدائع الصنائع 1/ 47، أقرب المسالك ص 9، الكافي في فقه الإمام مالك ص 28، المحرر 1/ 22، الكافي لابن قدامة 1/ 65.
(4)
الكتاب 1/ 31، الجوهرة النيرة 1/ 24، الكتاب 1/ 30، كشف الحقائق 1/ 20، كنز الدقائق 1/ 36، منهج السالكين إلى شرح ملا مسكين (مخطوط) لوحة 25/ ب.
أو كان جنبًا في المِصْر يخاف شدة البرد،
منحة السلوك
أي: أو باستعمال الماء، لتحقق العجز فيها
(1)
.
وعند الشافعي: لا يتيمم إلا إذا خاف تلف نفس، أو عضو
(2)
.
وهو مردودٌ؛ لإطلاق قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43].
قوله: أو كان جُنبًا في المصر يخاف شدَّة البرد.
بأن يمرضه، أو يقتله. وإنما قيد بقوله:"في المصر" وإن كان من في خارج المصر كذلك؛ لوجود الخلاف فيه، فإن جواز تيمم الجنب في المصر عند خوفه شدة البرد قول أبي حنيفة
(3)
، خلافًا لهما
(4)
.
قيل: هذا اختلاف زمان لا برهان
(5)
.
(1)
وهو مذهب المالكية، والحنابلة.
الهداية 1/ 26، شرح فتح القدير 1/ 123، الجوهرة النيرة 1/ 24، الكتاب 1/ 30، كشف الحقائق 1/ 20، كنز الدقائق 1/ 36، منهج السالكين إلى شرح ملا مسكين (مخطوط) لوحة 25/ ب، أقرب المسالك ص 9، الكافي لابن قدامة ص 28، الفروع 1/ 209، المقنع 1/ 69.
(2)
الوجيز 1/ 20، المنهاج 1/ 90.
(3)
وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
الهداية 1/ 26، شرح فتح القدير 1/ 123، الجوهرة النيرة 1/ 24، تحفة الفقهاء 1/ 38، الاختيار 1/ 20، كشف الحقائق 1/ 20، شرح الوقاية 1/ 20، النقاية 1/ 46، بلغة السالك 1/ 67، الشرح الصغير 1/ 67، تحفة المحتاج 1/ 346، حاشية الشرواني 1/ 46، المستوعب 1/ 274، الشرح الكبير في فقه الإمام أحمد 1/ 266.
(4)
أي خلافًا لأبي يوسف، ومحمد؛ حيث قالا: لا يجوز التيمم في المصر، لخوف البرد؛ لأن الغالب وجود الماء المسخن، ووجود ما يستدفيء به وعدمه نادر.
شرح فتح القدير 1/ 124، الهداية 1/ 26، تبيين الحقائق 1/ 37، تحفة الفقهاء 1/ 38، الجوهرة النيرة 1/ 24، كشف الحقائق 1/ 20.
(5)
بناء على أن أجر الحمام في زمانهما، يؤخذ بعد الدخول، فإذا عجز عن الثمن دخل، =
أو خائفًا من عدو، أو سبع، أو وجده يباع بغبن فاحش،
منحة السلوك
قوله: أو خائفًا.
أي: أو كان خائفًا، يعني يجد الماء، ولكنه يخاف من العدو، أو السبع أن يصل إليه؛ لحيالهما بينه، وبين الماء، تيمم
(1)
؛ لأنه عاجزٌ حكمًا، فهو كالعاجز حقيقة
(2)
.
قوله: أو وجده.
أي: أو وجد الماء، ولكنه يُباع بغبن
(3)
فاحشٍ، وهو أن يباع بضعف
= ثم تعلل بالعسرة. وفي زمانه قبله فيعذر.
ومنهم من جعله برهانيًا، وبناه على الخلاف في جواز التيمم، لغير الواجد قبل الطلب من رفيقه، إذا كان له رفيق. فعلى هذا: يقيد منعهما بأن يترك طلب الماء الحار، من جميع أهل المصر. أما إن طلب فمُنِع، فإنه يجوز عندهما.
شرح فتح القدير 1/ 125، البحر الرائق 1/ 141.
(1)
وفاقًا للثلاثة.
المختار 1/ 20، بدائع الصنائع 1/ 47، بداية المبتدي 1/ 26، كنز الدقائق 1/ 36، شرح الوقاية 1/ 20، التلقين ص 20، مختصر خليل ص 17، التنبيه ص 21، السراج الوهاج ص 25، حاشية الروض المربع لابن قاسم 1/ 306، المبدع 1/ 211.
(2)
وفاقًا للثلاثة.
الهداية 1/ 29، المبسوط 1/ 112، الاختيار 1/ 20، بدائع الصنائع 1/ 47، تحفة الفقهاء 1/ 38، النقاية 1/ 46، الكافي في فقه الإمام مالك ص 28، جواهر الإكليل 1/ 26، المنهاج 1/ 88، روض الطالب 1/ 77، المقنع 1/ 71، نيل المآرب 1/ 86.
(3)
الغبن في البيع والشراء، معناه الخديعة من باب "ضرب" ويطلق ويراد به، النقص من باب "طرب".
لسان العرب 13/ 309 مادة غبن، مختار الصحاح ص 196 مادة غ ب ن، لغة الفقه 186 المطلع 235، الدر النقي 2/ 476.
أو بثمن المثل، وهو لا يملكه تيمم،
منحة السلوك
قيمته
(1)
، بأن يباع ما يساوي نصفًا بدرهم، فلا يشتري، بل يتيمم؛ لأن تحمل الضرر غير واجب، كَقَطع موضع النجاسة حال عدم الماء.
قوله: أو بثمن المثل.
أي: أو وجده يباع بثمن المثل، ولكنه لا يملكه يعني ليس عنده ما يشتري يتيمم أيضًا؛ للعجز
(2)
.
قوله: تيمم.
جواب المسائل المذكورة كلها، وهي سبع مسائل مشتركة في الجواب
(3)
.
(1)
وقيل: الغبن الفاحش: بأن يبيع ما يساوي درهمًا بدرهم ونصف في الوضوء، وبدرهمين في الجنابة.
وذهب المالكية، والشافعية: إلى أنه لا حد فيما يزاد فيه، إلا ما زاد عن ثمنه المعتاد.
وعند الحنابلة: ما زاد عن ثمن مثله، أو زيادة يسيرة عرفًا.
غنية المتملي ص 70، بدائع الصنائع 1/ 49، تحفة الفقهاء 1/ 38، المبسوط 1/ 112، حاشية الدسوقي 1/ 153، الشرح الكبير في فقه الإمام مالك 1/ 153، حلية العلماء 1/ 245، زاد المحتاج 1/ 89، الشرح الكبير في فقه الإمام أحمد 1/ 276، كشاف القناع 1/ 165.
(2)
وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
بدائع الصنائع 1/ 48، شرح فتح القدير 1/ 125، نور الإيضاح ص 152، جواهر الإكليل 1/ 27، مختصر خليل ص 17، أسنى المطالب 1/ 77، السراج الوهاج ص 25، الإنصاف 1/ 268، المبدع 1/ 212.
(3)
وهي:
1 -
من لم يجد الماء خارج المصر، وبينه وبين المصر ميل.
2 -
أو وجده وهو يخاف العطش.
3 -
أو كان مريضًا يخاف شدة مرضه، بحركته، أو باستعماله.
4 -
أو كان جنبًا في المصر يخاف شدة البرد.
5 -
أو كان خائفًا على نفسه، أو ماله من عدو، أو سبع.
6 -
أو وجده يباع بغبن فاحش.
7 -
أو بثمن المثل، وهو لا يملكه.