الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
منحة السلوك
مفعول، وإما حال
(1)
.
ويجوز أن يكون مرفوعًا في قوة ابتدائي بسم الله، أي: أبتديء حاصل بسم الله
(2)
، ولفظة الله مجرور بالإضافة
(3)
.
والرحمن، والرحيم: مجروران بالوصفية
(4)
. وهذا القدر كافٍ للفطن
(5)
الذكي، ولا ينفع الإكثار، والبسط
(6)
للجاهل الغبي.
[وجه شروع المصنِّف بالحمدلة]
قوله: الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
أقول: هذا جزء من القرآن الكريم
(7)
، أتى به في أول كتابه؛ لوجوه كثيرة:
(1)
كما هو مذهب الكوفيين.
إعراب القرآن للنحاس 1/ 166، مجالس ثعلب ص 107، إملاء ما من به الرحمن 1/ 4.
(2)
كما هو مذهب البصريين.
إعراب القرآن للنحاس 1/ 166، إملاء ما من به الرحمن 1/ 4.
(3)
إعراب القرآن للنحاس 1/ 167، الكشاف للزمخشري 1/ 6.
(4)
والعامل في الصفة، هو العامل في الموصوف. وقال الأخفش: العامل فيها معنوي، وهو كونها تبعًا، ويجوز النصب في الرحمن، الرحيم، على المدح. والرفع على إضمار مبتدأ.
ويجوز خفض الأول، ورفع الثاني، ورفع أحدهما، ونصب الآخر، والرحمن لا يثنى ولا يجمع، أما الرحيم فيجمع على رحماء، ويثنى.
إعراب القرآن للنحاس 1/ 168، الكشاف للزمخشري 1/ 6، إملاء ما من به الرحمن 1/ 5.
(5)
الفطنة: كالفهم وهو ضد الغباوة، ورجل فطن بيِّن الفِطنة.
لسان العرب 13/ 323 مادة فطن، القاموس المحيط 4/ 505 مادة ف ط ن، المصباح المنير 2/ 477 مادة فَطِن، مختار الصحاح ص 212 مادة ف ط ن.
(6)
البسط: الزيادة، والسعة. والبسيطة: الأرض.
لسان العرب 7/ 260 مادة بسط، المصباح المنير 1/ 48 مادة بسط، مختار الصحاح ص 21 مادة ب س ط.
(7)
في قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [سورة النمل، الآية: 59].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
الأول: تأسيًا بكتاب الله تعالى، فإنه مستفتح أولًا بالبسملة، وثانيًا: بالحمدلة.
والثاني: عملًا بقوله عليه الصلاة والسلام: "كل أمر ذي بالٍ لا يبتدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" رواه أبو داود، وابن ماجه، وأبو عوانة
(1)
(2)
.
وما قيل: إن هذا، وحديث البسملة، متعارضان ظاهرًا فقد مرّ جوابه في كتابنا "المستجمع في شرح المجمع"
(3)
مستوفى.
(1)
هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، أبو عوانة النيسابوري الأصل، من الإسفراييني. ولد سنة 230 هـ من أكابر حفاظ الحديث، نعته ياقوت الحموي بأحد حفاظ الدنيا، أكثر الترحال وبرع في هذا الشأن. توفي سنة 316 هـ، من تصانيفه: الصحيح المسند.
تذكرة الحفاظ 3/ 779، سير أعلام النبلاء 14/ 417، وفيات الأعيان 6/ 393، شذرات الذهب 1/ 274، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 487.
(2)
رواه أبو داود 4/ 261 كتاب الأدب باب الهدي في الكلام رقم 4840 بلفظ "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم"، وابن ماجه 1/ 610 كتاب النكاح، باب خطبة النكاح رقم 1894 ولم أعثر عليه في مسند أبي عوانه المطبوع، ورواه أحمد 2/ 359، والنسائي في عمل اليوم والليلة رقم 494، وابن حبان في صحيحه 1/ 173 في المقدمة باب ما جاء في الابتداء بحمد الله رقم 1، والدارقطني في السنن 1/ 229 كتاب الصلاة في مقدمة الصلاة رقم 1، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 209 كتاب الجمعة، باب ما يستدل به على وجوب التحميد في خطبة الجمعة، من طريق قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا وهو ضعيف لضعف قرة.
قال الدارقطني في السنن 1/ 229: تفرد به قرة وقرة ليس بقوي في الحديث.
(3)
لوحة 3/ ب ونصه:
"فإن قيل إن النصين تعارضا ظاهرًا، إذ الابتداء بأحدهما يفوت الابتداء بالآخر؟
قلت: يمكن الجمع، بأن يقدم أحدهما على الآخر، فيقع الابتداء بالمقدم حقيقة، وبالآخر بالإضافة إلى ما سواه فعمل بالكتاب الوارد بتقديم التسمية.
والإجماع منعقد عليه، وترك العاطف لئلا يشعر بالتبعية فيخل بالتسوية". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
والثالث: اتباعًا للمصنفين في أنهم يُثَنّون الابتداء بالحمد لله.
والرابع: تفاؤلًا به؛ للتبرك، وليس شيء مما يتبرك به أفضل من القرآن.
والخامس: أن هذا اقتباس، وهو من صنعة البديع، وهو أن يذكر شيئًا من القرآن، أو الحديث؛ لا على أنه منه
(1)
.
والسادس: أن هذا الجزء الشريف مشتمل على الحمد الذي هو رأس الشكر، والسلام على الأنبياء؛ لأن المراد من قوله: على عباده الذين اصطفى، هم الأنبياء عليهم السلام
(2)
.
والسابع: دفعاً لسؤال من يسأل: أنه لِمَ اختار الحمد على المدح، والشكر؟
(3)
.
= النسخة الأصلية لدى المكتبة الوطنية بتونس برقم 7066.
(1)
التعريفات ص 48، محيط المحيط ص 76446 مادة قبس.
(2)
وهو اختيار ابن عباس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وقال الثوري، والسدي، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا: عباده الذين اصطفى، هم أصحاب محمد.
قال ابن كثير في تفسيره: ولا منافاة فإنهم إذا كانوا من عباد الله الذين اصطفى، فالأنبياء بطريق الأولى، والأحرى.
تفسير ابن كثير 3/ 589، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5/ 211 زاد المسير 46/ 746، جامع البيان 4/ 10، معالم التنزيل 4/ 313.
(3)
الإخبار عن محاسن الغير، إما أن يكون إخبارًا مجردًا من حب، وإرادة، أو مقرونًا بحبه وإرادته.
فإن كان الأول، فهو المدح، وإن كان الثاني فهو الحمد.
فالحمد: إخبار عن محاسن المحمود، مع حبه، وإجلاله، وتعظيمه، ولهذا كان خبرًا يتضمن الإنشاء، بخلاف المدح، فإنه خبر مجرد.
القاموس المحيط 4/ 214 مادة م د ح، مقاييس اللغة 5/ 308 باب الميم والدال وما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
فإن قلت: دأبهم أن يصلوا على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الحمد لله، والمصنف خالفهم في ذلك؟
قلت: لا
(1)
؛ لأن المراد من عباده الذين اصطفى، هم الأنبياء، كما قلنا، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم داخل في جملتهم، فيكون مصليًا عليه أيضًا.
فإن قلت: هم
(2)
قد صرحوا، وهو
(3)
قد ترك التصريح مع أنه ليس فيه لفظ الصلاة؟
قلت: طريقته آكد، وأبلغ؛ لأنه كنَّى
(4)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكناية أبلغ من التصريح؛ لما فيها من الإشعار
(5)
على الفخامة، وعلو القدر، وما ليس فيه
(6)
.
= يثلثهما مادة "مدح"، بدائع الفوائد 2/ 93.
قال المصنف في المستجمع لوحة 4/ ب: "فإن قيل: لم اختار الحمد دون المدح؟ قلت: لأن الحمد يقتضي سابقة النعم؛ لأنك لا تقدر على أن تثني على الله تعالى، إلا بتوفيقه، وهو أعظم الإحسان، بخلاف المدح، لأنه يكون قبل الإحسان، فلا يقتضي سابقة النعم، ولو اختار المدح، كان يظن أنه مدح الله ابتداء، قبل أن تسبق علة نعمه".
النسخة الأصلية لدى المكتبة الوطنية بتونس تحت رقم 704646.
(1)
أي لم يخالف المصنف العلماء على هذا الترتيب.
(2)
أي المصنفون.
(3)
أي الماتن.
(4)
يقصد المؤلف بالكناية هنا: اللقب، فإن الكناية: هي ما صُدِّر بأب، أو أم، واللقب: ما أشعر بمدح، أو ذم.
شرح ابن عقيل 1/ 119، قطر الندى ص 946، شرح التصريح على التوضيح ص 119.
(5)
أي العلامة.
مختار الصحاح ص 143 مادة ش ع ر، المصباح المنير 1/ 315 مادة شعر، القاموس المحيط 2/ 719 مادة ش ع ر.
(6)
وقد جاء في القرآن العظيم التصريح باسمه العلم في قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [سورة الفتح، الآية: 29].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
والسلام ههنا: بمعنى الصلاة
(1)
. على أن البعض
(2)
لم يفرقوا بين الصلاة، والسلام
(3)
(4)
، أو يكون
(5)
المراد من عباده الذين اصطفى: هو
(1)
السلام هنا: قيل: هو من السلام بمعنى التحية، وقيل: من السلامة من المكاره.
جامع البيان 1/ 4، تيسير الكريم الرحمن 5/ 589، الكشاف للزمخشري 1/ 148، تفسير ابن كثير 3/ 589، التفسر القيم ص 397، شرح فتح القدير للشوكاني 4/ 145، العقيدة الواسطية ص 19، القول البديع ص 33.
(2)
بعض الشيء: طائفة منه، والجمع أَبعاض.
قال أبو حاتم: "ولا تقول العرب: الكل ولا البعض، وقد استعمله الناس حتى سيبويه، والأخفش في كتبهما لقلة علمهما بالنحو، فاجتنب ذلك فإنه ليس من كلام العرب".
قال الأزهري: "النحويون أجازوا الألف، واللام في بعض وكل، وإن أباه الأصمعي".
لسان العرب 7/ 119 مادة بعض، مختار الصحاح ص 24 مادة ب ع ض، القاموس المحيط 1/ 293 مادة ب ع ض ..
(3)
ومن فرق بينهما قال: إن الصلاة من العبد: سؤاله ربه أن يثني على رسوله وأن يزيد في علوه وتشريفه وتعظيمه، أما السلام فهو البراءة والتحية، وهو في الأصل السلامة؛ لذلك قيل للجنة: دار السلامة؛ لأنها دار السلامة من الآفات.
لسان العرب 12/ 290 مادة سلم، المصباح المنير 1/ 287 مادة السلم، معجم مقاييس اللغة 3/ 90 باب السين واللام وما يثلثهما مادة سلم، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 151، القول البديع ص 465، جلاء الأفهام ص 235، جامع البيان في تأويل آي القرآن 10/ 329، معالم التنزيل 4/ 484، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5/ 405، زاد المسير في علم التفسير 46/ 205.
(4)
هذا جواب من الشارح عن احتمال إيراد استشكال على الماتن، وهو: لماذا لم يقرن الماتن الصلاة مع السلام، واقتصر على السلام فقط؟ وأجاب عليه بعدم وجود فرق بينهما.
(5)
هذا الجواب الثاني لعدم ذكر الماتن الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صراحة.
القاموس المحيط 1/ 293 مادة ب ع ض، القول البديع ص 465، جلاء الأفهام ص 235، جامع البيان في تأويل آي القرآن 10/ 329، معالم التنزيل 4/ 484، الدر المنثور في التفسر بالمأثور 5/ 405، زاد المسير في علم التفسير 46/ 205.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
محمد صلى الله عليه وسلم من باب إطلاق الكل، وإرادة البعض.
فإن قلت: كيف يكون من هذا الباب، والمراد الجميع في التفسير؟
قلت: قد تقدَّم
(1)
أنه اقتباس من القرآن، فلا يكون منه مطلقًا، فيعمل مراده حينئذ.
ثم الحمد هو الوصف بالجميل
(2)
على جهة التفضيل، لا على جهة الاستهزاء.
والألف واللام فيه
(3)
للاستغراق، أي: كل واحد من أفراد الحمد لله تعالى، وليست هي للعهد، كما توهمه المعتزلة
(4)
(5)
(6)
.
(1)
في 1/ 49.
(2)
في س بزيادة "الاختياري".
(3)
أي: في الحمد.
(4)
ولذا قُرِنَ باسم الله؛ لأنه اسم ذات فيستجمع صفات الكمال، وهذه المسألة مبنية على مسألة خلق الأفعال، فالصواب: أن الألف واللام لاستغراق الجنس من المحامد، فهو سبحانه يستحق الحمد بأجمعه إذ له الأسماء الحسنى، والصفات العلا.
جامع البيان في تأويل آي القرآن 1/ 90، الكشاف للزمخشري 1/ 8، الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال 1/ 8، الجامع لأحكام القرآن 1/ 93، تفسير النسفي 1/ 46، شرح فتح القدير للشوكاني 1/ 19.
(5)
قال المصنف في المستجمع لوحة 4/ أ: "فإنهم يرون -أي المعتزلة- خلق أفعال العباد مضافًا إليهم، فيكون تقديره: المحامد التي تعلق بالأعيان دون الأعراض لله تعالى، فحينئذ تكون الألف واللام للعهد الذهني".
النسخة الأصلية لدى المكتبة الوطنية بتونس تحت رقم 704646.
(6)
المعتزلة: هم أتباع واصل بن عطاء الغزال، وعمرو بن عبيد. سموا بذلك؛ لاعتزالهم مجلس الحسن البصري، لما اختلفوا معه في حكم مرتكب الكبيرة في أوائل المائة الثانية، وقيل: إن واصل بن عطاء هو الذي وضع أصول مذهب المعتزلة، وتابعه عمرو بن عبيد، =