المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثتلقي الأمة لأحاديث الصحيحين بالقبول قرينة تفيد العلم - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الثالثتلقي الأمة لأحاديث الصحيحين بالقبول قرينة تفيد العلم

‌المَطلب الثَّالث

تَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

الفرع الأوَّل: شُهرةِ تقرير ابن الصَّلاح لتلقِّي الأمَّة لأحاديث «الصَّحيحين» بالقَبول.

عُدَّ ابن الصَّلاح اشهر مَن أعلن القولَ بتلقِّي الأمَّة للصَّحيحين بالقبول وفصَّل القولَ فيه، ولم يكن ذلك منه بدعًا من الحكم، بل مسبوقًا في ذلك من جِهة التَّعريض والإيجاز من أصوليِّين ومُحدِّثين.

فبعد أن ذكَرَ أقسامَ الصَّحيح الَّذي خرَّجه الأئمَّة في تصانيفهم من حيث الرُّتبة قال: «هذه أمَّهات أقسامه، وأعلاها الأوَّل، وهو الَّذي يقول فيه أهل الحديث كثيرًا:(صحيح متَّفق عليه)، يُطلقون ذلك ويَعنون به اتِّفاق البخاريِّ ومسلم، لا اتِّفاق الأمَّة عليه، لكنَّ اتِّفاق الأمَّة عليه لازمٌ من ذلك وحاصلٌ معه، لاتِّفاق الأمَّة على تلقِّي ما اتَّفقا عليه بالقَبول، وهذا القسم جميعُه مقطوع بصحَّته، والعلم اليَقيني النَّظريُّ واقعٌ به ..

وما انفرد به البخاريُّ أو مسلم مندرجٌ في قَبيل ما يُقطع بصحَّته، لتلقِّي الأمَّة كلَّ واحدٍ من كتابيهما بالقَبول، على الوجه الَّذي فصَّلناه من حالهما فيما سبق، سِوى أحرف يسيرةٍ تكلَّم عليها بعض أهل النَّقد من الحُفَّاظ، كالدَّارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشَّأن»

(1)

.

(1)

«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص/28 - 29).

ص: 509

ويقول في شرحه على «صحيح مسلم» :

«ما اتَّفق البخاريُّ ومسلم على إخراجه فهو مقطوع بصدق مَخبرِه، ثابت يقينًا، لتلقِّي الأمَّة له بالقبول، وذلك يفيد العلمَ النَّظريَّ، وهو في إفادة العلم كالمتواتر، إلَّا أنَّ المتواتر يفيد العلم الضَّروريَّ، وتلقِّي الأمَّة بالقَبول يفيد العلمَ النَّظريَّ»

(1)

.

فقد جعل ابن الصَّلاح من خلال هذين النَّصَين:

1 -

ما اتَّفق عليه الشَّيخان أعلى مراتب الصَّحيح.

2 -

واتِّفاق الأمَّة تابعٌ لاتِّفاقهما لتلقِّيها ما أخرجاه بالقَبول.

3 -

وأنَّ التَّلقِّي في صورتِه تلكَ لا يفيدُ الظَّن الرَّاجح فحسب، بل هو مُفيدٌ للعلم النَّظريِّ

(2)

، سواءً ما اتَّفقا عليه، أو ما انفرد كلُّ واحدٍ منهما به.

4 -

ومستنده في هذا الحكم إلى عصمةِ الأُمَّة من الاجتماع على خطأ.

5 -

ومِن ثمَّ استثنى من حكمه بالقطعِ أحاديثَ يسيرةً منهما تكلَّم فيها بعض أئمَّة الحديثِ، لخروجِها عن نِطاق الاتِّفاق السَّابق تقريره.

ومُراد ابن الصَّلاح بهذا التَّلقي ما كان محلُّه الأحاديث الَّتي سيقت لأصل موضوع الكتابين، أعني الأحاديث المَرفوعة المُسندة، فتخرج المُعلَّقات والمَوقوفات، ومتونُ الأبوابِ، دون التَّراجِم ونحوِها؛ لأنَّ في بعضِ الأخبار المَسوقة فيها ما ليس مِن ذلك قطعًا

(3)

.

(1)

نقله عنه النووي في مقدمة شرحه على «صحيح مسلم» (1/ 20).

(2)

العلم بمعناه الخاصِّ: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، ومعنى كونِه (نظريًّا): أنَّه يحصل للإنسان بعد النَّظر والاستدلال لمن له أهلية النظر، وبالتالي فرَّقه ابن الصلاح عن المتواتر الذي يفيد (العلمَ الضَّروري) الذي يضطر الإنسان إليه دون نظر أو استدلال، انظر «التعريفات» للجُرجاني (ص/155)، و «نزهة النظر» لابن حجر (ص/44 - 45).

(3)

كأن يُخرج البخاريُّ -مثلًا- حديثًا لا يُبوِّب على جزءٍ مِن أجزائه، فهذا لا يكون مُفيدًا للعلمِ في هذا الجزءِ مِن الحديث، لأنَّ عدمَ تبويبه له أورث فيه شبهة، والقطعُ كان على جهة القرائن، وهذا قرينة على خلافه، انظر «مقدمة ابن الصلاح» (ص/26)، وانظر مثال هذه القرينة المانعة في «فيض الباري» للكشميري (1/ 42).

ص: 510

الفرع الثَّاني: موافقة عامَّة العلماء لابن الصَّلاح على تلقِّي الأمَّة لأحاديث «الصَّحيحين» بالقَبول.

وافق ابن الصَّلاح على حكمه العامِّ لأحاديثِ الصَّحِيحين كثيرٌ مِن أئمَّة الفقه والحديثِ قبله، أقدمُ ما وَقفتُ عليه مِن كلامِهم مِمَّا يُخبرون فيه بتَلقِّي «الصَّحيحين» بالقَبول، يَبدأ عامَّتُه مِن القرن الخامسِ، أي بعد قُرابةِ قرنينِ مِن انتشارِ كِتابَيْ الشَّيخين، منهم:

أبو بكر الجَوْزَقي (ت 388 هـ)، صاحب «المُستخرج على مسلم»

(1)

.

ثمَّ أبو إسحاق الإسْفَرايِيني (ت 418 هـ)، وقد اشتُهِر عنه قولُه في رِسالتِه في «أصول الفقه»: «أهلُ الصَّنعة مجُمِعون على أنَّ الأخبارَ الَّتي اشتملَ عليها الصَّحيحان مَقطوعٌ بصحَّة أصولِها ومتونِها

(2)

، ولا يحصُل الخلافُ فيها بحالٍ، وإنْ حَصَل، فذاك اختلافٌ في طُرقِها ورُواتها، قال: فمَن خالفَ حكمُه خَبرًا منها، وليس له تأويلٌ سائغٌ للخَبرِ، نَقَضنا حُكمَه؛ لأنَّ هذه الأخبار تَلقَّتها الأمَّةُ بالقَبول»

(3)

.

ثمَّ أبو نصر السِّجزيُّ (ت 444 هـ)، الَّذي قال:«أجمَعَ أهلُ العلم الفقهاءُ وغيرُهم، على أنَّ رجلًا لو حلَف بالطَّلاقِ، أنَّ جميعَ ما في كتابِ البخاريِّ مِمَّا رُوي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قد صَحَّ عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شكَّ فيه، أنَّه لا يحنَث .. »

(4)

.

ثمَّ أبو المعالي الجُويني (ت 478 هـ) في قولِه: «لو حَلَف إنسانٌ بطلاقِ امرأتِه، أنَّ ما في كِتابي البخاريِّ ومسلمٍ مِمَّا حَكَما بصحَّتِه مِن قولِ النِّبي صلى الله عليه وسلم، لمَا ألزَمتُه الطَّلاقَ، ولا حنَّثتُه، لإجماعِ علماءِ المسلمينِ على صِحَّتِهما»

(5)

.

(1)

نقل ذلك عنه ابن حجر في «النكت على ابن الصلاح» (1/ 380)، ولم أقِف على عبارَتِه.

(2)

إطلاق الإسفراييني لهذا الحكم على كل حديث أخرجه الشَّيخان غير صحيح، وقد خالف بعض أهل الحديث في صحَّة بعض متونها كما سيأتي بيانه.

(3)

«النُّكت على ابن الصَّلاح» لابن حجر (1/ 377)، و «فتح المغيث» للسَّخاوي (1/ 72).

(4)

«مقدمة ابن الصلاح» (ص/26).

(5)

«صيانة صحيح مسلم» لابن الصَّلاح (ص/86).

ص: 511

ومحمَّد بن أبي نصر الحُميدي (ت 488 هـ) بعد نقلِه لاتِّفاق النُّقاد على صِحَّة ما فيهما قال: « .. فتبادرت النِّيات المُوفَّقة على تباعُدها، مِن الطَّوائف المُحقِّقة على اختلافها، إلى الاستفادةِ منهما، والتَّسليمِ لهما في علمِهما، وتمييزِهما، وقبولِ ما شهِدا بتصحيحِه فيهما»

(1)

.

ثمَّ نقلُ ابنِ طاهرٍ المَقدسيِّ (ت 507 هـ) في كتابِه «صفوة التَّصوُّف» إجماعَ المُسلمين على صحَّة ما أُخرِج فيهما

(2)

.

وغير هؤلاءِ مِن أئمَّة الأصول والحديث ممَّن جاء بعدهم كثير

(3)

، حتَّى عدَّ ابنُ تيميَّةَ قولَهم هذا «مذهبَ أهلِ الحديث قاطبةً، وهو معنى ما ذكرَه ابن الصَّلاح في مدخلِه في «علوم الحديث» ، فذَكَر ذلك استنباطًا، ووَافقَ فيه هؤلاء الأئمَّة»

(4)

.

ثمَّ وَافقَ ابن الصَّلاح من بعدِه جلَّةُ أهلِ الحديثِ وصَّححوا قوَله، منهم ابنُ حَجرٍ (ت 852 هـ) وهو مِن أخبرِهم بـ «الصَّحِيحين» ، حيث قال:«والخبر المُحتفُّ بالقرائن أنواع: منها ما أخرجه الشَّيخان في صحيحيهما ممَّا لم يبلغ حدَّ التَّواتر، فإنَّه احتفَّ به قرائن، منها: جلالتهما في هذا الشَّأن، وتقدُّمهِها في تمييز الصَّحيح على غيرهما، وتلقِّي العلماء لكتابيهما بالقَبول، وهذا التَّلقي وحدَه أقوى في إفادة العلم من مجرَّد كثرة الطُّرق القاصرة عن التَّواتر»

(5)

.

وقال الشَّوكاني (ت 1250 هـ): «اِعلم أنَّ ما كان مِن أحاديثِ هذا الكتابِ في أحد الصَّحيحين، فقد أسفرَ فيه صُبح الصِّحة لكلِّ ذي عينين، لأنَّه قد قطع

(1)

«الجمع بين الصَّحيحين» (1/ 74).

(2)

انظر «محاسن الاصطلاح» للبلقيني (ص/172، بهامش ابن الصلاح»، لكنه أغربَ بعدها حين أضاف إلى مسألة التَّلقِّي والإجماع، ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه.

(3)

انظر «اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص/33)، و «محاسن الاصطلاح» (ص/172)، و «فتح المغيث» (1/ 73)، و «تدريب الراوي» (1/ 145).

(4)

«النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (1/ 376).

(5)

«نزهة النظر» لابن حجر العسقلاني (ص/52).

ص: 512

عرق النِّزاع ما صحَّ من الإجماع على تلقِّي جميعِ الطَّوائف الإسلاميَّة لما فيهما بالقَبول، وهذه رُتبة فوقَ رتبةِ التَّصحيح عند جميع أهل العقولِ والمنقولِ، على أنَّهما قد جمعا في كتابيهما مِن أعلا أنواع الصَّحيح ما اقتدى به وبرجاله من تصدَّى بعدهما للتَّصحيح»

(1)

.

الفرع الثَّالث: استثناء ما وقع بينه التَّعارض في أحاديث الصَّحيحين بلا مُرجِّح من إفادة العلم.

فحيث قرَّرنا كونَ الصَّحيحِ من مذاهبِ العلماءِ فيما صحَّ مِن الآحاد أنَّها مفيدةٌ للعلمِ حيث تنضمُّ إليها القرائن، لا بدَّ من التَّنبيه على سلامة هذه الآحاد مِن موانع القطعيَّة، وإلَّا بقيَت في حيِّز الظَّن، بل قد تهوي بها تلك الموانع إلى القطعِ بكذبِها إذا قويت آفات التخطئةِ

(2)

.

كما قاله أبو العبَّاس المِبرد (ت 258 هـ)

(3)

: «إذا صَحَّت دلائلُ الحقِّ في الظنِّ، وقامت أماراتُه، كان يقينًا، وإذا قامت دلائلُ الشَّك، وبطُلت دلائلُ اليقين، كان كذبًا»

(4)

.

فاعتبارًا لهذه الشَّروطِ السَّلبية مؤثِّرةً في الحكم على آحاد ما في «الصَّحيحين» ، نحى ابن حجرٍ إلى استثناءِ ما «يقع التَّجاذب بين مدلُوليه ممَّا وقع في الكِتابين، حيث لا ترجيحَ، لاستحالةِ أن يُفيد المتناقضان العلمَ بصدقهِما مَن

(1)

«تحفة الذاكرين» للشوكاني (ص/7).

(2)

اختلف الأصوليُّون في اعتبار بعض الموانع دون أخرى في رد الحديث أو ترك العمل به على أقلِ تقدير -بغضِّ النَّظر عن صحَّة اعتبار بعضها في المنعِ من عدمه-، ككونِ الخبر مخالفًا للقياس أو القواعد العامَّة مع عدم فقه راويه عند الحنفية، أو يكون الحديث مخالفًا لعمل أهل المدينة عند المالكية، أو يكون مخالفًا لعمل راويه .. ، إلى غير ذلك من القرائن الَّتي قد تتأثَّر بها الأخبار سلبًا.

انظر تفصيل هذه القرائن المانعة للقطعية في «إشكالية القطع عند الأصوليين» لـ د. أيمن صالح، من «مجلة المسلم المعاصر» (ص/19)، العدد 117، 2005 م.

(3)

محمد بن يزيد المِبْرَد: إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة ووفاته ببغداد، من كتبه «الكامل في اللغو والأدب» ، انظر «الأعلام» للزركلي (7/ 144).

(4)

«الأضداد» للأنباري (ص/16).

ص: 513

غير ترجيحٍ لأحدِهما على الآخر، وما عَدا ذلك فالإجماعُ حاصلٌ على تسليمِ صحَّتِه»

(1)

.

وأصل استثناءِ العسقلانيِّ للمُتعارضين من أصل إفادة العلم مَبنيٌّ على كونِ التَّعارض لا يقع بين القطعيَّين، إذ القطعُ باعتبارِ ذاتِه لا يَتفاوت، ونفي الاحتمال على الإطلاقِ شيءٌ واحد لا يَتَعدَّد

(2)

، إنَّما يقع التَّعارض والتَّفاوتُ في الظَّنِيَّات

(3)

.

وابن حجر مَسبوق في هذا الاحتراز من الآمديِّ (ت 631 هـ)، حيث قال:

«لو كان حديث الثِّقة مُفيدًا للعلم بمجرَّده، فلو أخبرَ ثقةٌ آخرَ بضدِّ خبرِه، فإن قلنا: خبرُ كلِّ واحدٍ يكون مُفيدًا للعلم، لزم اجتماعُ العلم بالشَّيء وبنقيضه، وهو مُحال، وإن قلنا: خبرُ أحدِهما يُفيد العلم دون الآخر، فإمَّا أن يكون مُعيَّنا، أو غير مُعيَّن.

فإن كان الأوَّل: فليس أحدُهما أولى مِن الآخر، ضرورةَ تَساويهما في العدالةِ والخبرِ.

وإن لم يَكن مُعيَّنا: فلم يحصُل العلم بخبرٍ واحدٍ منهما على التَّعيين، بل كلُّ واحدٍ منهما إذا جَرَّدنا النَّظرَ إليه، كان خبرُه غير مُفيدٍ للعلم، لجوازِ أن يكون المُفيد للعلمِ هو خبرُ الآخر»

(4)

.

وحيث أنَّ التَّعارضَ مِن جملة الموانِع من الحكم بقطعيَّة الحديثين، احتاجَ النَّاظر إلى ترجيحِ أحدِهما على الآخر بإحدى المرجِّحاتِ المتعلِّقة بالمتن أو السَّند، هذا إن عجزَ نظرُه عن الجمعِ بينهما

(5)

؛ فإمَّا أن يقضيَ بعدهَا بإبطالِ

(1)

«نزهة النظر» لابن حجر (ص/51 - 52).

(2)

نقل غير واحدٍ من أهل العلمِ اتِّفاقَ العقلاءِ على ذلك، انظر «درء التعارض» لابن تيمية (1/ 79)، و «شرح العضد على مختصر ابن الحاجب» (2/ 298).

(3)

انظر «المنخول» للغزالي (ص/534)، و «البحر المحيط» للزركشي (8/ 147).

(4)

«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (2/ 33).

(5)

انظر «البحر المحيط» للزركشي (8/ 125).

ص: 514

الحديثِ المرجوحِ، لقوَّة الموانِع من القولِ بصحَّتِه، فيحكم للرَّاجح بالقطعيَّة إذا ساعدته القرائن على ذلك؛ أو يعترفَ بأنَّ المرجوحَ لا يزال دليلًا قابلًا لِأن يكون صحيحًا، غايته أنَّه وُجد لمُقابله ما يقتضي الظَّن بأرجحيَّته، فيبقيان في حيِّز الظَّنيَّاتِ

(1)

.

أمَّا إنْ عجزَ عن القدحِ في أيٍّ منهما بعينه، فأوْلى أن يَبْقيَا على حالهما من الظَّنيَّة.

وحيث أنَّ التَّرجيح فرعٌ عن الإقرارِ بالتَّعارض، فإنَّ الحديثين القطعيَّين لا يُتأتَّى التَّرجيح بينهما إلَّا مِن جهة النَّسخ، خاصَّةً فيما كان مِن القطعيَّاتِ قريبًا سبَبُه، واضحًا مأخذُه، لا يحتاج إلى دقيقِ نَظرٍ واستقراءٍ؛ فهذا النَّوع لا يبقى معه مَسلكٌ للتَّرجيح مِن الأساسِ، ولا يَسوغ فيه التَّعارض، إلَّا كما يسوغ التَّعارض الظَّاهريُّ بين الآياتِ الكريمةِ أو الأخبار المتواترةِ، كونها ضروريَّةً يهجم تصديقُها على النَّفس

(2)

.

أمَّا ما كان منها مبنيًّا على نظرِ المُستدلِّ في القرائنِ واستقراءِ الشَّواهد - كما هو الحاصل في «الصَّحيحين» - فيقعُ أن ينظر المستدلُّ في حَديثين قد احتفَّ بِهما من الشَّواهدِ ما يوحي بقوَّة الخَبرين بادئَ الأمر، حتَّى يلوحَ له التَّعارض بين مَفهوميهِما، ويعجزَ عن التَّوفيق بينهما، فيكون واقع الأمرِ أنَّ أحدهما ليسَ قطعيًّا، أو لا تعارضَ بين مدلوليهما إلَّا في ذهنِ النَّاظر

(3)

، بحيث يمكن الجمعُ بين الحدِيثَين جمعًا مَقبولًا للنَّفس، فلا داعي للتَّرجيح حينئذٍ؛ بعكس ما لو كان الجمعُ مُتكَلَّفًا بعيدَ المأخذِ

(4)

، فالأشبهُ عندئذٍ تقديمُ رُتبةِ التَّرجيح على الجمع

(5)

.

(1)

انظر تأصيلًا قريبًا من هذا في حاشية د. الدراز على «الموافقات» للشاطبي (5/ 349 - 350).

(2)

انظر «القطعية في الأدلة الأربعة» (ص/252 - 253).

(3)

انظر «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (1/ 79)، والمعنى نفسه تجده في «البحر المحيط» للزركشي (8/ 167).

(4)

انظر تقرير هذا المعنى في «البحر المحيط» (8/ 152).

(5)

كالحاصل من جماعة من المحدِّثين حين ذهبوا إلى تصحيحِ الرِّواياتِ الَّتي فيها أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ستَّ وثمانِ ركعات في ركعتي الكسوف، فضلًا عن المعروف من صلاته لركوعين في ركعة، لورود ذلك عندهم في صحيح مسلم، حيث حملوا هذا الاختلاف في العدد على أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم فعلَها مرَّاتٍ! مع أنَّ الثَّابتُ مِن فعلهِ صلى الله عليه وسلم صلاتُه الكسوفَ مرَّةً واحدةً في عمره يوم مات ابنه إبراهيم رضي الله عنه، ولذلك ضعَّف البخاريُّ والشَّافعي وأحمدُ غير رواية الرُّكوعين في ركعة، لمخالفتِها لروايةِ الجماعةِ من الثِّقاتِ، انظر «الجواب الصحيح» لابن تيمية (2/ 446 - 447).

ص: 515

ولا أعلم في «الصَّحيحين» حديثًا توافقَ العلماءُ على ردِّه بتمامِه، لمعارضةِ حديث آخرَ له، مع استحالَةِ التَّوفيق بينهما، بأيٍّ وجهٍ من وجوه الجمعِ المُعتبرة: فلست أعلمُ له مثالًا صحيحًا، وأكثرُ ما يَستدعي التَّرجيح مِن أهل العلمِ في هذين الكِتابين، ما كان الاختلافُ فيهما بين بعضِ ألفاظِ الثِّقاتِ في خبرٍ صحيحٍ في أصلِه، وهذا واقعٌ في مسلمٍ أكثرَ منه عند البخاريِّ

(1)

.

الفرع الرابع: ما استدركه ابن حجر على ابن الصَّلاح مِن استثناءِ ما وقع التَّعارض فيه عن إفادة العلمِ، من لوازم عبارة ابن الصَّلاح.

هذا؛ وقد ظهر لي في أمرِ ما استدركه ابن حجرٍ على ابن الصَّلاح مِن استثناءِ ما وقع التَّعارض فيه عن إفادة العلمِ؛ أنَّه داخلٌ باللُّزوم في مفهومِ عبارة ابن الصَّلاح من حيث الأصلِ المنهجي؛ وبيان ذلك:

(1)

من أمثلة ذلك: ما أخرجه مسلم في (ك: الزكاة، باب: فضل إخفاء الصدقة، رقم: 1031) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في السَّبعة الَّذين يظلُّهم الله يوم القيامة، وفيه:«حتَّى لا تعلم يمينه ما تُنفق شماله» ، وهي قلبٌ لرواية الثقاتِ:«حتَّى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه» .

وقد تكلف بعض المتأخرين الجمع بين هذه الرواية المقلوبة ورواية الجماعة من الثقات، يقول ابن حجر في «الفتح» (2/ 146):«وليس بجيِّد، لأنَّ المخرج متَّحد» .

وكرواية سعيد بن منصور عند مسلم أيضًا (ك: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، رقم:220): «ولا يرقُون» بدَل: «ولا يكتوون» ، وقد أنكر بعض الحُفَّاظ هذه الرِّواية وغلَّطوا راويها، واعتلَّوا بأنَّها تعارض ما جاءت به الأحاديث الأخرى في «صحيح مسلم» نفسِه وغيره: من أنَّ الرَّاقي قد أُذن له في ذلك، وأنه يُحسن إلى الَّذي يرقيه، فكيف يكون هو مطلوبَ التَّرك؟! أمَّا المسترقي فإنَّه يسأل غيرَه ويرجو نفعَه، وتمامُ التَّوكل المرادُ وصف السَّبعين ألفًا به ينافي ذلك.

انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (1/ 182)، والمستدرك عليه (1/ 27).

ص: 516

في أنَّ الواحدَ مِن العلماءِ إذا تعارض عنده حديثان، قد تَعذَّر الجمعُ بينهما بوجهٍ مستساغٍ مقبولٍ، فلا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يرجِّح قبولَ أحد الحديثين على الآخر، فيكونَ ردُّه للمرجوحِ تعليلًا له في واقعِ الأمر

(1)

.

الحالة الثَّانية: أن يعجزَ عن التَّرجيحِ والقدحِ في واحدٍ منهما بعينِه، فلا يحصُل العلم بخبرٍ واحدٍ منهما على التَّعيين.

ومن ثمَّ فإنَّ المرجوح والمتوقَّف فيه -في كِلتا الحالتين السَّابقتين- يخرجان عمَّا تلقَّته الأمَّة بالقَبول أو اتَّفقوا على صحَّته، كونهما خارجين عن حيِّزِ الثُّبوت ومعنى الصِّحة مِن الأساس؛ إذ الفرضُ فيمن خلُص إلي هذا الموقف في هاتين الحالتين أن يكون جُملة مَن يُعتبر قولهم في الإجماع.

كلُّ ما في عبارةِ ابن الصَّلاح، أنَّه لم يُشر فيها إلى ما يُفهَم منه استيعابها لمضمونِ استدراكِ ابن حجرٍ، بل قصر الاستثناءَ ممَّا لا يفيد العلمَ على ما تنازع الحفَّاظ في حكمهم على أفرادِ الأحاديث، فأيَّما حديثٍ بعينِه لم نجد فيه كلامًا لأحدِ المُحدِّثين فالأصل أنَّه يفيد العلمَ بصحَّته عند ابن الصَّلاح، في حين أنَّ ابن حجر لاحظ في نفسِ ما لم يتكلَّم فيه الحُفَّاظ بعضَ ما يصدق عليه التَّعارض الَّذي ينفي عنها القطعيَّة، وقد أحسن في استثناءه ممَّا وقع الاتِّفاق على صحَّتِه فيفيد العلم، والله أعلم.

(1)

انظر «نزهة النظر» (ص/69).

ص: 517