الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَبحث الأوَّل
تعريف العَلمانيَّة
العَلمانيَّة: نسبةٌ غير قياسيَّةٍ إلى العَالَم، يُحيل اللَّفظَ بهذا الضَّبط في أصلِه «إلى الحياة الدُّنيا، وما ليست له قَداسة، مُقابل الشُّؤون الكَنسيَّة»
(1)
؛ وقيل: نسبة إلى العِلم، ولذا يضبطها بعضُهم بكسرِ العَين «العِلمانيَّة»
(2)
، ومُقتضاها:«أنَّ الجدير بالمُجتمعات الإسلاميَّة أن تستبدل بارتباطها الدِّيني الارتباطَ العِلميَّ»
(3)
.
والصَّواب الضَّبط الأوَّل لهذا المصطلح بفتحِ العين
(4)
، ومنهم مَن يختار مَدَّها (العَالمانيَّة)
(5)
، حفاظًا على نسبتها القياسيَّة إلى العالَم أو العصر؛ بدلالة لفظِها في اللُّغاتِ الأجنبيَّة، فإنَّ كلمةَ الباحثين قد أجمعت على أنَّ ترجمةَ هذا المصطلح مِن مَصادره الإنجليزية هو:(secularism)، مُشتق مِن أصلِه (saeculum)، والَّتي تعني: القرنَ الزَّمني
(6)
، وهو نفسُه في الفرنسية، أو يقولون (laique)، فيكون
(1)
«الإسلام في حلِّ مشاكل المجتمعات الإسلامية المعاصرة» لمحمد البهِّي (ص/12).
(2)
كالقرضاوي في «الإسلام والعلمانية، وجهًا لوجه» (ص/48).
(3)
«يغالطونك إذ يقولون» لمحمد رمضان البوطي (ص/33 - 34).
(4)
رجَّح هذا محمد قطب في «مذاهب فكرية معاصرة» (ص/445)، ومحمد عمارة في «نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام» (ص/16 - 17)، وطه عبد الرحمن في «بؤس الدهرانية» (ص/29).
(5)
كما ذهب إليه د. سامي عامري في كتابه «العالمانية طاعون العصر» (ص/64).
(6)
انظر «العلمانية الجزئية والشاملة» (1/ 61).
مُرتبطًا عندهم بالأمور الزَّمَانيَّة، أي: بما يحدث في هذا العالَم وعلى هذه الأرض، في مُقابل الأمور الروحانيَّة المُتعلِّقة بالغيبيَّات وما وراء الطَّبيعة.
ولعلَّ من ترجمَها بنِسبتِها إلى (العِلم)، فنَطَقها بكسر العَين أوَّل مرَّة، قد انطوى صدرُه على تضليلِ المُتلقِّي للكلمة، عن طريقِ تهذيبها وتعديلها لِما حقُّه أن يُترجم بـ «اللَّادينيَّة» أو «الدُّنيويَّة»
(1)
، بينما هي في لُغاتِها الأصليَّة لا صِلة لها بالعِلم
(2)
.
ومع تعدُّدِ آراءِ العُلماءِ في أصلِ العلمانيَّة وضبطِها، يكادُ يكون مَدلول العلمانيَّة المُتَّفق عليه: عزلُ الدِّين عن الدَّولة وحياة المُجتمع، وإبقاءه حَبيسًا في ضمير الفرد، لا يتجاوز العلاقة الخاصَّة بينه وبين ربِّه، فإن سُمح له بالتَّعبير عن نفسِه، ففي الشَّعائر التَّعبُّديَّة والمراسم المُتعلِّقة بالزَّواج والوفاة ونحوها»
(3)
؛ وبعبارة أدقّ وأشمل: هي فصل الوَحي أو المُقدَّس المُتَجاوَز كليًّا أو جزئيًّا عن مفهوم الحقيقة والمنفعة الإنسانيَّتين
(4)
.
(1)
«كواشف زيوف في المذاهب الفكريَّة المعاصرة» لعبد الرحمن حبنكة الميداني (ص/163).
(2)
«مذاهب فكرية معاصرة» لمحمد قطب (ص/445).
(3)
«الإسلام والعلمانية، وجهًا لوجه» ليوسف القرضاوي (ص/51 - 52).
(4)
انظر «العالمانية طاعون العصر» لسامي عامري (ص/99).