المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأولمحمد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة» - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الأولمحمد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

‌المَطلب الأوَّل

محمَّد شحرور

(1)

وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

هو مِن أسوءِ مَن رأيتُ مِن المُتعلْمِنة تفصيلًا في مُعارضةِ أحاديثِ «الصَّحيحين» ، قد أفرغ خلاصةَ فهمِه المُلحدِ لنقدِها في كِتابَيه «نحو أصول جديدة للفقه الإسلاميِّ» ، و «الكتاب والقرآن، قراءةٌ معاصرة» ، حيث جاوَزَ حجمُ اللَّغوِ ثمانمائةَ صفحة! على نهجٍ مُحدَثٍ مُغرِقٍ في الشُّذوذ، يقول هو عنه:«كتابٌ يبحثُ في الدِّين الإسلاميِّ بطريقةٍ جديدةٍ، لا أظنُّ أنَّ أحدًا سار على نهجِها .. »

(2)

.

استعرضَ المؤلِّف في مُقدِّمةِ كتابِه الأوَّل الأبرزِ شُهرةً

(3)

،

المنهجَ العلميَّ

(1)

من مواليد دمشق عام 1938 م، سافر إلى الاتحاد السوفياتي وقته لنيل ديبلوم الهندسة المدنية من جامعة موسكو 1964 م، عمل فيما بعد أستاذا بجامعة دمشق، وأصدر عددا من الكتب باسم (دراسات فكرية معاصرة)، ابتدأها بكتاب «الكتاب والقرآن - قراءة معاصرة» ، الذي نحن بصدد نقده، وقد هَلَكَ عن قريب في 22 ديسمبر 2019 م.

(2)

«الكتاب والقرآن» (ص/500).

(3)

يرجِّح عبد الرحمن حبنكة الميداني أن الكتاب من وضع جماعة يهوديَّة في النَّمسا -كما أخبره بهذا أحد من لقيه من أساتذة جامعة طرابلس الغرب سنة 1991 م-، سوَّدت تفسيرًا حديثًا للقرآن! وبحثت عن اسم عربيٍّ يتبنَّاه مؤلِّفًا ومدافعًا عنه، قال:« .. يظهر أنَّها ظفرت بالمطلوب، وتمَّ طبع كتاب: الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة، باسم محمد شحرور سنة 1992 م» ، انظر كتابه «التحريف المعاصر في الدين» (هامش ص/22).

ولا أدري ما شأن النَّمسا بالمُسلمين والكيد بدينهم! وهم من يستضيف (عدنان إبراهيم) لبث خُطبَه الفتاكة بأصول السُّنة وقواعد عقائدهم.

ص: 317

الَّذي ادَّعاه له، وهو الاعتمادُ على المنهجِ اللُّغوي في تحديد معاني الألفاظ .. فقط باللُّغةِ!

(1)

فأوقعه هذا المنهج المُنحرف في جملةِ تفسيراتٍ مُتعسِّفةٍ لكثيرٍ مِن الألفاظ الشَّرعيَّة، كلفظِ «سبحان الله» ، الَّذي هو عنده: إقرارٌ مِن قائلها بقانونِ هَلاكِ الأشياء ما عَدَا الله، نتيجةَ التَّناقضِ الَّذي تحوِيه داخليًّا!

هذا التَّفسير الصَّحيح للتَّسبيح، والَّذي خَفِي عند شحرور عن سلف الأمَّة، مُستهزِءً بكلِّ تفسيراتِهم المُجمعةِ على أنَّه تنزيهُ لله تعالى عن كلِّ عَيبٍ ونقصٍ مُطلق، واتِّصافُه مُقابِلها بصفاتِ الكمالِ المُطلقِ.

ولا حاجة لنا في أن نتكلَّف نقضَ منهجِه في الاقتصارِ على التَّفسير اللُّغويِّ المَحضِ للنُّصوص، فإنَّ أصل النَّقل الشَّرعي لكثيرٍ مِن الألفاظ، مِن معناها اللُّغويِّ إلى معنى آخر حدَّده القرآن والسُّنة، كلفظ الإيمان، والصَّلاة، والكفر .. هو أمرٌ مُستقِّرٌ في شرعِنا مُجمَع عليه، فضلًا عن احتمالِ المُجملاتِ فيه لعدَّة معانٍ بيَّنتها السُّنة، يُحَكَّم فيها عُرف المُخاطَبين وقتَ نزول الوحيِ، وتُنتَزع مُراداتُ الشَّارع مِن فهمِهم هم للخِطاب.

الفرع الأوَّل: موقف شحرور الإجماليُّ مِن السُّنة النَّبوية.

نتيجةً لهذا الخَلل المَّنهجيِّ الشَّنيع الَّذي وقع فيه (شحرور) في تفسير النُّصوص الشَّرعية، وبسببِ أحكامِه الانطباعيَّة الميَّالةِ إلى الشُّذوذ، كان مُرتكز كتابِه هذا على تقسيمِ السُّنة النَّبوية إلى قسمين أساسين:

(سُنة نبوَّة): وهذه عنده غير ملزمة، أهميَّتها تاريخيَّة فقط، يقول في تعريفها:

«هناك تعليماتٌ جاءت إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم بمَقام النُّبوَّة، وليست بمَقام الرِّسالة، بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} ، وذلك لتبيانِ أنَّها تعليماتٌ خاصَّة بالنَّبي صلى الله عليه وسلم، أو تعليماتٌ

(1)

تناول أباطيل شحرور من الناحية اللغوية: يوسف الصيداوي الدمشقي في كتابه «بيضة الديك - نقد لغوي لكتاب الكتاب والقرآن» .

ص: 318

مَرحليَّة جاءت لحقبةٍ مُعيَّنةٍ، مثل توزيعِ الغنائم، أو تعليماتٌ عامَّة للمسلمين، ولكنَّها ليس تشريعات .. »

(1)

.

هذا القسم مِن «السُّنة النَّبويَّة» هو ما أقحمَ فيه أخبارَ «الصَّحيحين» ، فأعطاها حُكمها من عدم الإلزاميَّة، باعتبارِها تشريعاتٍ خاصَّة، «ليس لها علاقةٌ بالحلال والحرام إطلاقًا»

(2)

!

والقسم الثَّاني: (سُنَّة رسالة): وهذه عنده مُلزمة بحدودٍ يسيرةٍ، اعتمَدَ في التَّدليلِ عليها بمجموعةٍ مِن الآيات، كقوله تعالى:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران: 32]، فالله قال:«رسول الله» ، ولم يقُل «نبي الله» ! وهكذا الطَّاعة إنَّما تجيء في مَقام الرِّسالة لا في النُّبوة!

(3)

هذا القسم يتَضَمَّن بدورِه طاعتين مُختلفتين:

طاعة مُتَّصلة: «جاءت فيها طاعةُ الرَّسولِ مُندمجةً مع طاعةِ الله، كقوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [النساء: 69]، .. وبما أنَّ الله حَيٌّ باقٍ، وقد دمَج طاعة الرَّسول مع طاعةِ الله في طاعةٍ واحدة، ففي هذه الحالات تُصبح حصرًا على الحدود، والعبادات، والأخلاق» فقط

(4)

!

و (شحرور) هنا لا يقصد بالحدودِ ما يَتبَادر إلى الذِّهن مِن القَصاص، وحدِّ الزِّنا، ونحو ذلك؛ بل هي «ذلك الخطُّ البَيانيُّ الَّذي يَتراوح بين الحدِّ الأدنى والحدِّ الأعلى للطَّاعة» !

فمثلًا: الحدود عنده في لباسِ المرأة تتأرجح ما بين حدودِ الله، وحدودِ رسوله صلى الله عليه وسلم، أي: ما بين عُرِيِّها إلَّا جُيوبها فقط

(5)

! وما بين سترِ جسدِها ما عدا

(1)

«الكتاب والقرآن» (ص/531).

(2)

«الكتاب والقرآن» (ص/550).

(3)

«الكتاب والقرآن» (ص/550).

(4)

«الكتاب والقرآن» (ص/550).

(5)

وهو يفسِّر في كتابه (الجَيبَ): بالخرق في الجسم، كما بين الثَّديين وتحتهما، وتحت الإبط، والفرج، والإليتين! فلا بأس عنده بالبروز بهذه الصُّورة أمام محارمها! وينحي باللَّائمة على الفقهاء، لأنَّهم لم يعرفوا هذه الجيوب ومواطنها في المرأة، الَّتي اكتشفها هو وشرحها.

ص: 319

الوجه والكفَّين! «فلباسُ المرأة المسلمة، هو لباسٌ حسب الأعراف، ويَتراوح بين اللِّباس الدَّاخليِّ، وبين تغطيةِ الجسمِ ما عدا الوجهِ والكَفَّين»

(1)

.

أمَّا الطَّاعة الأخرى، فمُنفصلة: وهي طاعةُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم الَّتي انفرَدَت عن طاعة الله سبحانه، كقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56].

هذه الطَّاعة -في زعمِه- غير مُلزمة الآن إذ لا تصلح بعد وفاتِه صلى الله عليه وسلم، وبالتَّالي فهي أحكام مَرحليَّة لا علاقةَ لها بحدودِ الله، كـ «الأمورِ والقرارات الَّتي مارَسها كرئيسِ دولة وكقاضٍ .. حيث اتَّبعَ الأعراف العربيَّة .. هذه الأمور تُفهم فهمًا مُعاصرًا»

(2)

.

استتبع هذا القسم منه مُخالفَته للمسلمين في فهمِ نُصوص الشَّرعِ قطعية الثُّبوت والدَّلالة، كآياتِ الرِّبا والميراث، والزَّواج والطَّلاق .. إلخ، حتَّى أعاد تناولها بفهمٍ جديدٍ لم يقُل به غيرُه.

و (شحرور) يرى أنَّ السُّنة عمومًا ليست إلَّا منهجًا مُعيَّنًا في تطبيق أمِّ الكتاب -ويقصد بها الأحكام والعبادات- بحسب ظروف كلِّ مكانٍ وزمانٍ، فليس هو مُتوقِّفًا على الاقتداء بالرَّسول صلى الله عليه وسلم

(3)

.

ولا شكَّ أنَّ هذا التَّقسيم المُبتدَع منه للسُّنة النَّبويَّة زَندقةٌ صريحة، خالفَ فيه القرآن والسُّنة والإجماع جميعًا:

فأمَّا القرآن: ففي سياقاتِ عَديدٍ مِن آيِهِ يربط الله تعالى بين النُّبوة ولزومِ طاعتِها واتِّباع أوامرها والاقتداء بهديِه، كما في قولِه:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} [الأحزاب: 45 - 46]؛

(1)

«الكتاب والقرآن» (ص/551، 607).

(2)

«الكتاب والقرآن» (ص/552).

(3)

«الكتاب والقرآن» (ص/566).

ص: 320

فجعَلَ عز وجل بشارَته ونذارَته بالدِّينِ ودعوتَه إليه باسمِ النُّبوة، وما كان مُتعلِّقًا بالدِّين فهو مِن الدِّين.

وأمر الله نبِيَّه بتشريعاتٍ عامَّةٍ، وَاجبٌ على الأُمَّة جميعًا اتِّباعها باسمِ النُّبوةِ، كما في قوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، وقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1].

وأمَّا السُّنة: فقد تواترَت الأحاديثُ عنه في وجوبِ اتِّباعِه مُطلقًا في قولِه وفعلِه وتقريرِه، مِن غير تفريق منه بين ما كان من مقامِ نُبويَّة أو رسالةٍ، كما في المُتَّفق عليه مِن حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه، عن الَّنبي صلى الله عليه وسلم قال:«دَعوني ما تَرَكتكم، إنَّما هَلَك مَن كان قبلكم بسؤالِهم، واختلافِهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطَعتُم»

(1)

، وغيره كثير.

وأمَّا الإجماع: فإنَّ المُتقَرَّر عند المُسلمين جميعِهم سَلفًا وخَلَفًا، وجوبُ طاعةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم واتِّباع هَديِه في الجُملة، مِن غير أن يخطُر على بالِ أحدٍ ما وَسْوَسَ به قَرينُ شحرورٍ له مِن تقسيمِه العَبثيِّ للسُّنة، بل لازمُ هذا التَّقسيم مِن (شحرور) مساواةُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في اجتهادِه بباقي البَشرِ، وقصرُ مُهِمَّتِه على نقلِ القرآنِ إلى النَّاسِ، دون صلاحيةٍ في بيانه وتفسيرِه قولًا وعَملًا.

ومَرمى هذا التَّفريق منه بين محمَّدٍ النَّبيِّ ومحمَّدٍ الرَّسول: إضفاء الأنسَنَةِ على سُنَّتِه، وإخلاؤها مِن صِفة الوحي، ومِن ثمَّ إضفاءُ طابَعِ التَّاريخانيَّة عليها، حتَّى لا يبقى لها أثرٌ في الحياةِ العامَّةِ للمسلمين؛ فما صَدَر مِن الأحاديث عنه، جلُّه مِن مقامِ النُّبوة، فتخضعُ للطَّابعِ الزَّماني المَكانيِّ الضِّيق، ولا علاقة لها بعَالَميَّةِ الرِّسالة

(2)

.

(1)

أخرجه البخاري في (ك: الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: 7288)، ومسلم في (ك: الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع، ونحو ذلك، رقم: 1337).

(2)

«القراءة المعاصرة للسُّنة النبويَّة» لأكرم بلعمري، بحثٌ مَنشور بمجلة «الشِّهاب» (ص/101)، عدد 2، لجمادى الأول 1437 هـ/مارس 2016 م.

ص: 321

ونتاجًا لهذا المقصد، نرى (شحرورًا) يسارع إلى إنكارِ أن يكون النَّبي صلى الله عليه وسلم روى عن ربِّه تعالى أحاديثَ قدسيَّة كالَّتي يجدها في «الصَّحيحين» ، لأجلِ أنَّ التَّنزيلَ عنده قادرٌ على تفصيلِ الأحكامِ، دون حاجةٍ إلى مثلِ هذه القُدسيَّات! وكذا أفرغَ أحاديث السِّيرة الخاصَّة مِن فائدتها، «لأنَّها ليست مَحلَّ أُسوةٍ لأهلِ الأرضِ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ»

(1)

.

وهكذا، تستشعرُ مِن الرَّجل أنَّه ما يريد إلَّا المَساسَ بالمُسلَّمات ونقضَ عُرى الأصول الثَّابتة، حتَّى إنَّك لتحسَب أنَّه عن عَمدٍ يستكثرُ المُخالفة في ذلك، ولقد أُحِصيَ له «في كتابه (الكتاب والقرآن)، ما يزيدُ على ألفِ مَوضعٍ، يُمثِّل انحرافًا عن المنهجِ الإسلاميِّ» !

(2)

وما أحسبُ ذلك منه إلَّا لغَرضِ التَّهويلِ والإقناعِ الجَبريِّ بفكرتِه، من خلال الإثقالِ على عقلِ القارئ، واستقطاب المُحبَطين مِن الرَّتابةِ الفكريَّة الَّتي يعيشونها في زمَنِ المُتغيِّرات.

الفرع الثَّاني: موقف (محمد شحرور) مِن أحاديث «الصَّحيحين» .

جريًا مِن (شحرورٍ) على منوالِ تقسيمِه السَّالِفِ للسُّنة وتاريخيَّتها، توجَّه إلى أحاديثِ «الصَّحيحين» بفرزٍ مُحدثٍ يدَّعي فيه أنَّ ما خالف منها ظاهر القرآن أو لم تقبله عقولنا مَكذوبٌ، وما كان منها مُوافِقًا للقرآن فيُستبقَى عليه استئناسًا لا احتجاجًا!

يقول في تقرير ذلك: «علينا بعد أن تمَّ توظيف الأحاديث الإخباريَّة في تحديد عقيدة المؤمنين، عوضًا عن التَّنزيل الحكيم، أن نقف من هذه الأحاديث موقفًا جديًّا، وأن نعيد النَّظر فيها، ونعرض ما تعلَّق منها بالأحكام على كتاب الله، نستبعد ما يتعارض معه، ونُبقي على ما بقي للاستئناس! حيث سيتمُّ

ص: 322

استبعاد كلِّ أحاديث الرِّقاق والغيبيَّات والإخبار عن المستقبل، وفضائل الأمكنة والرِّجال»

(1)

.

وبما أنَّ «الصَّحيحين» قد جَمَعا أصنافَ الأحاديثِ الَّتي رَدَّها في تقسيمِه النَّشازِ للسُّنة، لم يجد (شحرورٌ) تفسيرًا لتَبوُّئهما المنزلة الرَّفيعة عند المسلمين إلَّا «على أساسٍ سِياسيٍّ قبل أن يكون على أساسٍ فِكريٍّ» ، استُعمِل الشَّيخانِ -أو مَن يَصِفُهم هو بـ «الهَاماناتِ» ! - من قِبَل السَّاسة لتحويلِ النَّاسِ إلى قطيعٍ يُركَب عليه ويُساق حيث شاؤوا، وذلك لـ «عجزِهم عن الخوضِ في التَّنزيلِ الحكيمِ بشكل عَميقٍ» كما يَفعلُ هو!

فمن يصدر منه هذا اللَّغو، لن يتورَّع عن أن ينفي العلم والإمامَة عن البخاريِّ أو مسلم، وقد قالها فعلًا:«كيف أُسمِّي البخاريَّ إمامًا، إذا كان لا يُفرِّق بين الإسلام والإيمان؟! ففي باب الإيمان، نرى الحديثَ الأوَّل هو: بُنِي الإسلام على خمسٍ!»

(2)

.

وإمامةُ البخاريُّ ثوبٌ دُلِّيَ على كَتفٍ عالٍ، لا يَصل إليه قِزمٌ مثل شحرورٍ -ولو طارَ! - فينزعه؛ إنَّما أرادَ البخاريُّ مِن تصديرِه لبابِ الإيمان بحديثِ أركانِ الإسلام العَمليَّة: التَّأكيدَ على أنَّ الأعمالَ داخلةٌ في مُسَمَّى الإيمان، فإنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ، على ما حكاه الشَّافعي وأبو ثَورٍ إجماعًا عن الصَّحابة والتَّابعين

(3)

، ومنه قول الأوزاعيِّ:«كان مَن مَضى مِمَّن سَلَف، لا يُفرِّقون بين الإيمانِ والعمل»

(4)

؛ ومِن هنا نَشَأ لهم القولُ بزِيادةِ الإيمانِ ونقصِه

(5)

.

(1)

«نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي» لمحمد شحرور (ص/161).

(2)

من «لقاء محمد شحرور مع منتدى الشرفة» الجزء الأول، 25 فبراير 2010 م، الموقع الرسمي له على شبكة الإنترنت.

(3)

«فتح الباري» لابن رجب (1/ 5).

(4)

«الإبانة الكبرى» لابن بطة (2/ 807)، و «شرح اعتقاد أصول اعتقاد أهل السنة» للالكائي (5/ 956).

(5)

«فتح الباري» لابن حجر (1/ 46).

ص: 323

و (شحرورٌ) على ما أبانه من تحريفٍ لمعاني نصوص الوَحْيَين، يدَّعي بـ «إنَّك إذا حَذَفت (90%) مِن كِتَابي البخاريِّ ومسلم، فإنَّ الدِّين الإسلاميَّ لا ينقُص منه شيءٌ»

(1)

.

وهذا أمارةٌ على هُزلِ مَعرِفته بطبيعة الصَّحيحين، فإنَّ كلمتَه لا تصدر إلَّا عمَّن يتوهَّمُ انفرادَ الشَّيخينِ بما أودعاه في كِتابيهما مِن مرويَّات، بينما جُلُّ -إن لم يكُن كلُّ- ما فيهما مَوجودٌ مُتفرِّقًا في سائرِ كُتبِ الحديثِ.

فالصَّحيح في السُّؤال أن يُطرح هكذا:

إذا حذفنا كُلَّ هذه الأحاديث في العقائدِ والعباداتِ والمُعاملاتِ من «الصَّحيحين» وباقي كُتب السُّنن، هل ينقُص مِن الدِّينِ شيءٌ؟

والجواب: طبعًا يَنقُص! لأنَّ المَنقوص حينئذٍ شَطرٌ كبيرٌ مِن السُّنَة، والسُّنة -كما قرَّرناه- أصلٌ مِن أصولِ الدِّين.

الفرع الثَّالث: نماذج مِن تمعقُلِ (شحرور) في إنكارِ أحاديثِ «الصَّحيحين» .

يُعلن (شحرور) خُلاصة ما وَصَل إليه عَبثُه في نقد أخبارِ «الصَّحيحين» قائلًا: «هل يُمكن أن تكون هذه الأحاديث صحيحة؟ يقولون: صحيح مسلم! وصحيح البخاريِّ! ويقولون: إنَّهما أصحُّ الكُتب بعد كتاب الله! ونقول نحن: هذه إحدى أكبر المُغالطات الَّتي ما زالت المُؤسَّسات الدينيَّة تُكره النَّاس على التَّسليم بها، تحت طائلة التَّكفير والنَّفي»

(2)

.

ولأجل أن يُبرهن (شحرور) على صدق تنقُّصِه لهما ولصاحبيهما، يَمَّم قلمَه جهةَ الطَّعنِ التَّفصيليِّ في بعضِ أحاديثهما بخنجرٍ الهَوى والتَّعالم المَقيت، بعِلَل شتَّى لم يُسبَق إليها.

(1)

من «لقاء د. محمد شحرور مع منتدى الشرفة» الجزء الأول، 25 فبراير 2010 م، الموقع الرسمي له على شبكة الإنترنت.

(2)

«نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي» (ص/160).

ص: 324

من أمثلة ذلك: طعنُه في الحديثِ المُتَّفق عليه مِن روايةِ أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يقول الله: يا آدم، فيقول: لبَّيك وسعديك، والخير في يَديك، قال: يقول: أخرِجْ بَعْثَ النَّار، قال: وما بَعثُ النَّار؟ قال: مِن كلِّ ألفٍ تسعُ مائة وتسعةٌ وتسعين! فذاك حين يَشيبُ الصَّغير، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2].

فاشتدَّ ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله، أيُّنا ذلك الرَّجل؟! قال:«أبشِرُوا، فإنَّ مِن يأجوجَ ومأجوجَ ألفًا، ومنكم رَجلٌ .. » الحديث

(1)

.

فردَّ (شحرور) هذا الحديث من حيث الإجمال بأنَّه مِن أخبارِ الغيب، إذ النَّبي صلى الله عليه وسلم عنده لا يعلمُ الغيبَ بنصِّ القرآن؛ وجهلَ المسكينُ أنَّه -وإن نُصَّ على أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يعلمُ الغيبَ بنفسِه- فإنَّه يُوحى به إليه من ربِّه، فيُبلِّغه لأمَّتِه بلسانِه، والله ميَّز الأنبياء عن سائر البشر بمثل هذا، فقال:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} [الجن: 26 - 27]، وقال في حقِّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بخصوصِه:{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3].

ثمَّ ردَّ (شحرور) هذا الحديث بثلاثِ دعاوي من حيث التَّفصيل

(2)

:

الأولى: زعم فيها بأنَّ الحساب لم يَتِمَّ أصلًا، وكُتب الأعمال لم تُوزَّع بعدُ في المَحشر ساعة نداء الله لآدم.

قلتُ: وهذه شُبهة مُنطوية عن سوء فهمه، فإنَّ الحديث لا يفيد أنَّ آدم عليه السلام أُمِرَ بأنْ يَجُرَّ كلَّ مَن كُتِب عليه النَّارُ إلى النَّارِ، ولا أن يُعلِم كلَّ واحدٍ منهم

(1)

أخرجه البخاري في (ك: الرقاق، باب قوله عز وجل: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}، رقم: 6530)، ومسلم في (ك: الإيمان، باب قوله يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، رقم: 379).

(2)

«نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي» (ص/157).

ص: 325

بمَصيرِه، وإنَّما أمرَه الله تعالى أن يُمَيِّز هو أهلَ النَّارِ مِن غيرهم، وذلك يكون في الحشرِ، حيث يجتمعُ النَّاس ويختلطون.

فالقصدُ «هو الإخبارُ أنَّ ذلك العددَ مِن وَلدِه يَصيرون إلى النَّار»

(1)

، ولذا جاء مِن مُرسَلِ الحسن، قال:«يقول الله لآدم: يا آدم! أنتَ اليوم عَدلٌ بيني وبين ذُرِّيَّتك، قُم عند الميزان، فانظُر ما رُفع إليك مِن أعمالهم .. »

(2)

، و «إنَّما خُصَّ بذلك آدم لكونِه والدَ الجميع، ولكونِه كان قد عَرَف أهلَ السَّعادة مِن أهل الشَّقاء، فقد رآه النَّبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإسراءِ، وعن يَمينِه أَسوِدةٌ، وعن شمالِه أسودة .. الحديث»

(3)

.

وقيل: أنَّ الحديث يَدلُّ على أنَّ بعْثَ النِّار هم الكُفَّار؛ للقطعِ بأنَّ بعضَ أُمَّتِه يدخل النَّار، ثم يخرجُ بشفاعتِه، وشفاعةِ سائرِ الشَّافعين

(4)

؛ والكافرون الأصليُّون معلومٌ مُقدَّمًا مصيرهم مِن أوَّلِ البعثِ.

وأمَّا دعواه الثَّانية لنقض الحديث: زعم فيها أنَّه على فرض جوازِ هذا الإخراج للبَعثِ، فإنَّ آدم عليه السلام ليس أهلًا لهذه المُهمَّة، فإنَّه نسَّاءٌ ضعيفٌ، عصَى أوامر ربِّه!

وهذا منه سوء قالةٍ في أبينا النَّبي الكريمٍ، يُنبي عن خِفَّة تقديرِ قائِله لمقام النُّبوة، فآدمُ عليه السلام وإن زَلَّ في أكلِه مِن الشَّجرة، فإنَّه قد {اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122]، وقد قدَّمنا قريبًا سِرَّ اختيارِ آدمَ عليه السلام لهذا المَيْزِ.

وأمَّا دعواه الثَّالثة: في زعمِه أنَّ قول الصَّحابة فيه: «وأيُّنا ذلك الرَّجل؟ .. » فيه الفرض بأنَّ النَّاجي من الرَّجال فقط! واستغربَ (شحرورٌ) كيف يجعل النَّبي صلى الله عليه وسلم في الحديثِ كلَّ أهلِ الجَّنة مِن الرَّجال؟!

(1)

«التوضيح» لابن الملقن (19/ 347).

(2)

أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (6/ 382).

(3)

«المُفهم» للقرطبي (3/ 97).

(4)

«الكوثر الجاري» للكوراني (6/ 249).

ص: 326

وهذا مُنتهى الغُبنِ في الرَّأي والرَّكاكةِ في الفهم! فإنَّ المُتقَرَّر عُرفًا لَغويًّا سائرًا على ألسنةِ العرب، وأصلًا في عبارةِ الشَّرع: أنَّ لفظَ (الرِّجال) في الخطابِ، داخلٌ فيه جنسُ النِّساء بالتَّبَع، وهذا في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن، يُطلق لفظ الرِّجال، ويُقصد به النِّساء أيضًا، كما في قوله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23].

فمُراد العبارة في الحديث: الواحد منهم مُطلقًا، بدليل الرِّواية الأخرى للحديث:« .. قالوا: يا رسول الله، وأيُّنا ذلك الواحد؟»

(1)

، أي: وأيُّنا مِن أمَّةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم ذلك النَّاجي المُفلح مِن بين سائرِ بني آدم.

فإذا عَرِي عقلُ (شحرورٍ) عن تفهُّم العربيِّ البيِّن، فأنَّا له التَّعرضُّ لِما دقَّ فهمُه من الأحاديث الَّتي اعتاصَ عن فهمِها بالإبطالِ؟!

لكنَّه مع ذلك، أبى إلَّا العُدوانَ بعدُ على:

المثال الثَّاني:

وهو ما أخرجه الشَّيخانِ مِن حديث عمران بن حُصين وابن عبَّاس رضي الله عنهم يرفعانه: « .. واطَّلعتُ في النَّار، فرأيتُ أكثرَ أهلها النِّساء»

(2)

، حيث سَفَّه عقلَ مَن وَضع هذا الحديث بزعمِه، بدعوى أنَّ مُقتضاه مع الحديث السَّابق: أنَّ النِّساء يُمثِّلن ثُلُثَي أهلِ النَّار، والثُّلثُ الباقي رجالٌ، أي أنَّ مع كلِّ رجلٍ يدخلُ النَّار امرأتين!

(3)

ولستُ أدري لساعتي هذه كيفَ بَلَغ (شحرورٌ) هذا الاكتشافِ الَّذي لم ينطق به الحديث، ولا هو مفهومٌ منه، ولا خَطَر على قلبِ بَشرٍ؟! ولكن ما يُريد إلَّا نبزَ الحديث بعلَّة إجحافِه في حقِّ النِّساء!

(1)

أخرجه البخاري في (ك: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج، رقم: 3348).

(2)

أخرجه البخاري في (ك: بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم: 3241)، ومسلم في (ك: الرقاق، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء، وبيان الفتنة بالنساء، رقم: 2737).

(3)

«نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي» (ص/158).

ص: 327

فمثلُ هذه النَّماذج من التَّحامل الفكريِّ من (شحرورٍ) على هذه الصِّحاح، بلَيِّ أعناقِ النَّصوصِ الشَّرعيَّة لخدمةِ توجُّهِه في ردمِ السُّنة، خصلةٌ مُشاعةٌ في كُتبِه، يشهد عليها صاحبه (نصر أبو زيد) بقوله: «إنَّ قراءتَه -يعني شحرورًا- مِن خلالِ موقفٍ إيديولوجيٍّ مُسبق، وإنَّه يقوم بالوثب على كلِّ مستويات السِّياق السَّابقة، وتجاهلها تجاهلًا شبه تامٍّ

إنَّها نموذج فذٌّ للقراءة الإيديولوجيَّة المغرضة، إنَّها قراءة تلوينيَّة»!

(1)

.

(1)

«النص والسلطة والحقيقة» لنصر أبو زيد (ص/115).

ص: 328