المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأولمحمود أبو رية(1)وكتابه «أضواء على السنة المحمدية» - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الأولمحمود أبو رية(1)وكتابه «أضواء على السنة المحمدية»

‌المَطلب الأوَّل

محمود أبو ريَّة

(1)

وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

لا يكاد المرءُ يَسمع عن موضوعِ الطَّعنِ في أحاديث السُّنة والغمزِ في رُواتِها، إلَّا قفز إلى ذهنه اسمُ (أبو رَيَّة) سِراعًا، لِما عُرِف به مِن أوَّليَّةٍ في تقحُّمِ هذه المَخاضةِ النَّتِنَةِ مِن التَّشكيكِ في مِصداقيَّة التَّدوين لها، ومُعارضتِه لِما تلقَّته الأمَّة بالقَبولِ مِن أخبارِ «الصَّحيحين» وغيرهما، بألوانٍ مِن شُبَهٍ مَلأتْهُ إلى مُشاشِه.

أمَّا تطاوُله فوق ذلك على الصَّحبِ الكِرام رضي الله عنهم، ورَميُه لحافِظِهم أبي هريرة رضي الله عنه في دينِه، وقدحِه بأمانتِه، وتَبجُّحِه بكشِفِ هَناتِه للنَّاس: فذاك أمرٌ أغربُ مِن مُفاخرَة الحَصى للشُّهُب، والقدحِ في نورِ الصُّبحِ على لسانِ الدُّجى!

قد بَدَت أُولَى أماراتِ انحرافِه سنةَ (1363 هـ) حينَ شُوهِد في مجلَّة «الفتح الإسلامي»

(2)

مُتجشِّمًا الدِّفاعَ عن القرآن، مُستبطِنًا في ذلك غمْزًا بالسُّنةِ لا تُخطِئُه قريحة، وازدراءً لرُواتِها بألفاظٍ قبيحةٍ.

(1)

من الكُتاب البارزين المصريين الذي عُرفوا بالطعن على السُنة النبوية، والتهجم على حافظها أبي هريرة في كتابه «أبو هريرة شيخ المضيرة» ، توفي سنة (1970 م)، وقد أخمل الله تعالى ذكره فلم يترجم له الزركلي في «أعلامه» مع تقدم وفاته عنه، ولا استدركه أحد بعده فيما علمت، ولم يترجم له إلا الشيعة الاثنا عشرية عند سيدهم (مرتضى الرضوي) في كتابه «مع رجال الفكر» (1/ 130 - 158) احتفاءً بحربه لأصول السنة وأئمتها وما يؤول إليه ذلك من نصرة مذهبهم وانتشاره في أوساط أهل السنة.

(2)

العدد: 546، 10 صفر 1356 هـ (ص/1100).

ص: 249

إلى أن أسفَرَ عن عَدائِه للسُّنَةِ صُراحًا في مَقالٍ له أسماه: «الحديث النَّبوي» ، نشرَته مجلَّة «الرِّسالة»

(1)

، فيه بَشَّرَ بإخراجِ كتابِه القُنبلة:«أضواء على السُّنةِ النَّبويَّة» ، ليُحدِثَ به بعدُ «بَلْبلةً في الأفكارِ عند مَن لم يَتَعمَّقوا في دراسةِ السُنَّة»

(2)

، كحالِ زُرافاتٍ مِن أدعياءِ الحَداثةِ، وصَناديدِ العَلمنةِ، الَّذين تكَالبوا آنَذاكَ -ولازالوا

(3)

- على الثَّناءِ عليه في كتابِه هذا.

ثمَّ راحوا يحثُّون أربابِ القَرارِ في مِصر لفسحِ مجالِ النَّشرِ له، رغمًا عن أنوفِ علماءِ الأزهرِ! فلم تكُن وَجاهةُ هؤلاء لتُلزم وزارةَ الثَّقافة بمنعِ ذلك، وقد حالَ بينهم وبين سَعيِهم هذا للمنعِ برقِيَّةٌ خَطَّها أحَدُ أقطابِ الأدَبِ العَربيِّ وقتها، يَحكي تفاصيلَها (أبو ريَّة) ونَشوةُ الانتصارِ منه على مَن أطعَموه العِلمَ صغيرًا تَملؤُ صدرَه، حيث قال:« .. عَلِمَ أخيرًا بالأمرِ نَصيرُ الدِّين والفكرِ: (طَه حُسين)، فطَلَب أصولَ الكتابِ مِن وزارةِ الثَّقافةِ، ولمَّا اطَّلَع عليه، أعادَه علينا مع خطابٍ، دَحَض فيه ما رَماه الأزهرُ به، وصَرَّح في جَلاءٍ أنَّه مُوافق للدِّينِ كلَّ الموافقةِ، لا يُخالفه ولا يَنبو عنه في شيءٍ مُطلقًا، وأنَّه مُفيدٌ فائدةً كبيرةً جدًّا في علمِ الحديث» !

(4)

وهكذا فليَكُن جَلَدُ الفاجرِ، في الدَّفعِ عن الباطل بِالباطِل!

هذا الكتاب -مع كلِّ الجَلَبة الَّتي رافقت صدوره- لم يُضِف فيه صاحبُه جديدًا إلى البحث العِلميِّ، بل ولا إلى أصلِ الشُّبَه والطُّعون الَّتي قالها أسلافُه مِن مُنكري السُّنَن، فلم يكُن أبو ريَّة إلَّا مِن مُستنقَع المُستَشرِقين يَمْتَح، وعن مائِهم الآسِن يَصدُر.

(1)

العدد: 633، رمضان 1364 هـ 1945 م.

(2)

«دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين» لمحمد أبو شهبة (ص/39).

(3)

انظر نماذج من استشهاد العلمانيين المعاصرين بمحمود أبي ريَّة في «الاتجاه العلماني المعاصر في دراسة السُّنة» لغازي الشَّمري (ص/432 - 433).

(4)

«مع رجال الفكر في القاهرة» لمرتضى الرضوي (1/ 130 - 158).

ص: 250

«إنَّما الَّذي فاقَهم فيه، أنَّه أكثر خُبْثًا ودَناءةً، وأسوأُ أدَبًا مع الصَّحابةِ الأُمَناء، وأجرأُ على الكذبِ، والبُهتِ، والخياناتِ العِلميَّة»

(1)

.

لكنَّ حُرَّاس الشَّريعةِ لم يَسكتوا له حتَّى تَتابَع مُحقِّقوهم على كشفِ جَهالاتِه وتَبيِينِ زَغَلِ كِتابِه، بَلَغوا بها أربعةَ عشرَ مُؤلَّفًا

(2)

، أجودُها في نَظَري: كتاب «الأنوار الكاشِفة» للمُعَلِّمي، لِما لمُؤلِّفه مِن فهم عميقٍ لعلومِ الحديث، هو عندي مِن نَوادِر العصرِ في ذلك؛ ثمَّ بعده كتاب «ظُلمات أبي ريَّة» لمحمَّد عبد الرَّزاق حمزة، والفصول المُخصَّصة للرَّد عليه مِن كتابِ «الدِّفاع عن السُّنة وردُّ شُبَه المستشرقين» لمحمَّد أبو شهبة، و «السُّنة ومَكانتها في التَّشريعِ الإسلاميِّ» لـ د. مصطفى السباعي.

فلم تبقَ بعدهم -بفضلِ الله- حاجةٌ لرَدٍّ جديد، لولا أنَّ آراءَه قد عادت إلى الظُّهور مجدَّدًا عند (أبي بكر صالح) و (إسماعيل كردي) و (سامر إستانبولي) وغيرهم مِن أعداء السُّنَن المعاصرين.

تقيِيم كتاب «الأضواء» ومُؤلِّفِه:

والَّذي يُمكِنُنا الخلوص إليه بعد تَصَفُّحنا لتلك الرُّدودِ السَّالف ذكرها مع الكتابِ المَردود، مُحصَّلٌ في الأفكارِ التَّالية:

أوَّلًا: أنَّ الرَّجل غيرُ مَوثوقٍ فيما يَنقُل، فتراه يَزيد أحيانًا في النَّصِ الَّذي ينقُده كلمةً يُفسِد بها مَعناه، لينسجِمَ مع ما يُريد هو دون مُرادِ قائِله، فمثالُ ذلك:

اختلاقه قولًا نَسَبه إلى «صحيح البخاريِّ» زُورًا، زَاعمًا أنَّه في «فتح الباري» ، حيث نَسَبَ إليه أنَّ «عبدَ الله بن عمرو رضي الله عنه أصابَ زامِلَتَين مِن كُتب أهلِ الكتابِ، وكان يَرويها للنَّاسِ (عن النَّبي صلى الله عليه وسلم» )!

(3)

(1)

«السنة في مواجهة الأباطيل» لمحمد طاهر رسول (ص/64).

(2)

«مرويات السيرة» لـ د. أكرم العمري (ص/38).

(3)

«أضواء على السنة المحمدية» (ص/162، الهامش 3).

ص: 251

كذا قال، وشَرْحُ ابن حَجرٍ خلوٌ مِن هذا اللَّفظِ الأخيرِ «عَنْ النَّبِيِّ» ، وابن عمروٍ رضي الله عنه يَبرؤُ إلى ربِّه أن يَنسِب تلك الصُّحف إلى قولِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ وعند الله تجتَمِع الخصوم

(1)

.

ثمَّ كثيرًا ما يُنقص (أبو ريَّة) كلمةً مِن نصٍّ يستدلُّ به، أو يُسنِد القولَ إلى غيرِ صاحبِه تضليلًا منه وتمويهًا، وهو القائل في فواتح كتابه:«الكذب هو أبو الرَّذائل كلِّها، سواء أكان عن عمدٍ ام غير عمد»

(2)

! فقد ذَكَر السِّباعي وقائع تشهد على كذبات (أبو ريَّة) تلك أثناء مُناقشتِه له فيما كَتَبَه في حقِّ أبي هريرة رضي الله عنه

(3)

، مختتمًا ذلك بقوله:« .. ومِن عدالةِ الله أنَّا أمسكنا بأبي ريَّة مُتلبِّسًا بجريمةِ الكذبِ العمدِ كما رأيتَ»

(4)

!

لترجع على نفسِ (أبو ريَّة) دَعوتُه حين دَعا بقولِه: « .. فلعنةُ الله على الكاذبين مُتعمِّدين أو غير مُتعمِّدين» !

ثانيًا: أنَّ (أبو ريَّة) يَستدلُّ لشُذَّاذِ أفكارِه بنصوصٍ قيلَت في مَوضوعٍ غيرِ المَوضوع الَّذي يستدلُّ عليه، إيهامًا للقارِئ أنَّه مُؤيَّد فيما يَقولُ بعُلماءَ أقدمينَ

(5)

؛ كـ «اعتصام» الشَّاطِبي، و «الجامعِ» لابن عبد البرِّ.

فهل هؤلاءِ انتهوا إلى ما انتهى إليه أبو ريَّة مِن طعنٍ في حجيَّة السُّنة ورواتِها الأعلام؟!

ولَإن كان (أبو ريَّة) نفسه لا يَرتضي مَضامين تلك المُصنَّفاتِ السُّنيَّة، ولا مناهج مُؤلِّفيها، فإنَّ شغفَه بالتَّدليسِ على قُرَّائِه، وإقاعِهم في شِّراك حِيَله، دفعاه إلى هذا الأسلوبِ الَّذي أجابَ مَن استشكَلَه عليه بقولِه: «الأحاديث الَّتي أُورِدُها في سياقِ كلامِي للاستدلالِ بها على ما أريد في كتابي: إنَّما أسوقُها لِكَي

(1)

ولمزيدٍ معرفةٍ بتحريفاته، يُنظر «السُّنة المفترى عليها» لسالم البهنساوي (ص/286).

(2)

«أضواء على السنة المحمدية» (ص/38).

(3)

انظر كتابه «السنة ومكانتها في التشريع» (ص/363).

(4)

«السُّنة ومكانتها» (ص/368).

(5)

انظر «السنة ومكانتها» (ص/365)

ص: 252

نُقنِعَ مَن لا يَقتنع إلَّا بها، على اعتبارِ أنَّها عنده مِن المُسَلَّمات التي يُصدِّقها ولا يُماري فيها»!

(1)

فسعيًا لتحقيق هذا المقصِد، نرى (أبو ريَّة) مهتمًّا بالنَّقل عن (رشيد رِضا) وفيما أخطأ فيه اجتهادُه تحديدًا، لِما يَعلَمُه مِن مَكانتِه العِلميَّة المَرموقةِ في عَصرِه، وإلَّا «لو كان رشيدٌ حَيًّا حين أصدَرَ أبو ريَّة كتابَه، لكانَ أوَّلَ مَن يَردُّ عليه في أكثرِ مِن مَوضعٍ في ذلك الكتاب»

(2)

.

ثالثًا: تحريفُه لظواهرِ النُّصوصِ عمدًا، وتحكُّمه في مُراداتِها تحكُّمًا يُمليه الهَوى لا البحث المَوضوعيُّ، كادِّعائِه -مثلًا- أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه لديه كِتابَان مَخطوطَانِ حَفِظَهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(3)

؛ فهِم هذا مِن قوله رضي الله عنه: «حفِظتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وِعَاءين، فأمَّا أحدُهما فبَثَثتُه، وأمَّا الآخر فلو بثَثتُه لقُطع هذا البلعوم»

(4)

.

وظاهرٌ جدًّا من هذا النَّص العَربيِّ المُبين، أنَّ أبا هريرة لم يقصِد ما تقَوَّله (أبو ريَّة)، ولا أحدٌ فهِم أنَّ عنده كتابين، أو كتابًا واحدًا! «وإنَّما قَصَد رضي الله عنه وفَهِم النَّاس عنه: أنَّه حَفِظ ضَرْبَين مِن الأحاديث: ضربٌ يتعلَّق بالأحكام ونحوِها، ممَّا لا يَخاف هو ولا مثلُه مِن روايتِه، وضربٌ يتعلَّق بالفِتَن وذمِّ بعضِ النَّاس، وكلُّ أحدٍ مِن الصَّحابة كان عنده مِن هذا وهذا»

(5)

.

رابعًا: أنَّه في سبيلِ تأكيدِ الفكرةِ المُستَولِية عليه، يرفضُ نصوصًا أجمَعَ العلماء على صِحَّة نقلِها، مِن حيث يَعتمِد على رواياتٍ مَكذوبةٍ نَصُّوا على بُطلانها! ككثيرٍ من الحكاياتِ المَرويَّةِ في كُتبِ الأدباء، ونَوادِر المَجالِس

(6)

، مِمَّا

(1)

«أضواء على السنة المحمدية» (ص/33).

(2)

«السنة ومكانتها» (ص/30).

(3)

انظر «أضواء على السنة المحمدية» (ص/184).

(4)

أخرجه البخاري في (ك: العلم، باب: حفظ العلم، رقم: 120).

(5)

«الأضواء الكاشفة» (ص/203 - 204).

(6)

«السنة ومكانتها» (ص/376).

ص: 253

لا سَنَد له ولا زِمام، بل لا يُعرَف أحيانًا قائِلُها! كالَّتي نراها في «حياةِ الحيوانِ الكبرى» للدَّميري، و «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني، «وهذا نفسُه المنهج العِلميُّ الَّذي قَدَّمه المُستشرِقون وأتباعُهم لتزيِيفِ المفَاهيم الأساسيَّة والأصِيلة»

(1)

.

و (أبو ريَّة) وإن كان غَرضُه إسقاطَ اعتبارِ السُّنة، وإهدارَ جُهدِ نَقَلَتِها، فهو لأجلِ تحقيقِ ذلك، يَنقُل ما يُسنِده مِن كُتبِ أعدائِهم مِن الإماميَّة، كـ «تفسير الخوئي» ، شَغوفًا بالتَّزلُّفِ إلى أربابِ مَذهبِهم، والمَيلِ بمُؤلَّفاتِه إلى ما يَهواه أصحابُ الخُمُسِ مِن مَلَالي لبنان وغيرها

(2)

.

(1)

«السنة النبوية في مواجهة شبهات الاستشراق» لأنور الجندي (ص/10).

(2)

لم يكن أبو ريَّة زائغَ القول في جميعِ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان مُعترفًا بالفضل لأبي بكر وعمر رضي الله عنهم، كما تراه في «أضواء على السنة» (ص/242):«لولا حزم أبي بكر، وصرامة عمر، ومن عاونهما من خيار الصَّحابة وصالحيهم، لاندكَّ صرح الإسلام وهو في المهد .. » ، ولكنَّهم أفراد قلائل، سَلَّط عليهم لسانَه المَسموم بالذَّم والتَّنقيص من أقدارهم -كمعاوية وأبي هريرة-.

فما كان على دواهي الإماميَّة إلَّا امتطاءَ إكافَ ظهرِه، ليشنُّوا به الغارَةَ على أهل السُّنة، مُحاولين -جهدَ أحلامِهم- نقلَ المعركة على السُّنَن داخل الصفِّ السُّنيِّ نفسِه.

لأجل هذا أكثرَ (مُرتضى الرَّضوي) صاحب كتاب «مع رجال الفكر في القاهرة» الاتِّصالَ بأبي ريَّة، وكانت علاقته بَعدئذٍ وطيدةٌ بعبد الحسين العامليِّ (ت 1377 هـ)، أحد علماء الإماميَّة بلبنان، وقد تأثَّر (أبو ريَّة) بكتابَي مُرتضى العسكري «أحاديث عائشة» و «عبد الله بن سبأ» ، يزعم أنَّهما الفصلُ في حقيقة الحقبة الأولى من الإسلام؛ هذا مع ما كانت له من مُراسلات مع كثير مِن علماء الإماميَّة، منهم (صدر الدِّين شرف الدِّين)، الَّذي تبرَّع بطبع كتاب أبي ريَّة «أبو هريرة: شيخ المضيرة» طبعتَه الأولى في لبنان، واصفًا أبا ريَّة في تَقدمته للكتاب في طبعته الثالثة (ص/5 - 6):«بالعَلَّامة الَّذي يَلين بيَدِه الحديث» !

وليست هذه المودَّة مِن أبي ريَّة لهؤلاء الإماميَّة مُجرَّد مُداهنةٍ يرجو منها حطامَ دنيا فقط، بل هو مع ذلك مُعتقدٌ لكثيرِ مِمَّا يقولونه أواخرَ عُمره، أظهر ذلك في بعض تَواليفه، منها «أمير المؤمنين عليُّ، وما لَقِيه مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» -وهو مخطوط-.

وينقلُ عنه الرَّضويُّ من بعضِ مَجالسِه قدحَه في أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كاتِّهامِه لها بأنَّها كانت تَكيد بالنَّبي صلى الله عليه وسلم وتمكُر به، وأنَّها «كانت تُؤيِّد معاوية في حروبِه مع عليٍّ رضي الله عنهم، ولم تهدأ ثائرتُها حتَّى قُتِل عليٌّ فَقرَّت عينها، وهدَأت نفسها .. وإنْ كان الظَّنُّ أنَّ الله لا يَغفر لها» ! انظر هذا وزيادة في كتاب «مع رجال الفكر في القاهرة» لمرتضى الرَّضوي (1/ 130 - 158).

فإن كان مُرتَضى صادقًا في ما ينقلُه عنه -ولستُ في ثلَجٍ من وقوع ذلك حقيقةً، لِما عُرفَت به الإماميَّة مِن الكذب نُصرةً لدينِها، ولستُ أستبعِده أيضًا- فإنَّ (أبو ريَّة) يكون بِهذا قد تزندق! لا تُعلم له طائفةٌ يَنتسِب إليها، فتنةً من الله له جَرَّاء خُبثِ طَويَّتِه، ووقوعِه في أولياءِه.

ص: 254

وهذا ما لمَّحَ إليه المُعجَب به (محمَّد حمزة) بقولِه: «إنَّ حماسَ أبي ريَّة الشَّديد لانتقادِ آراءِ أهلِ السُّنة، أوقَعه -مِن حيث لا يشعر- في قبولِ مَقولات شيعيَّةٍ، بقي الشِّيعة إلى اليوم في كتاباتِهم يُغذُّون بها مِخيالهم الاجتماعيَّ، كفضلِ عليٍّ على بقيَّةِ الخلفاء الرَّاشدين، والعنت الَّذي لقيته فاطمة ابنة الرَّسول صلى الله عليه وسلم مِن أبي بكر»

(1)

.

فلأجلِ هذا التَّلوُّنِ العَقديِّ عند (أبو ريَّة)، والتواءِ قَلَمِه بحسب ما يُمليه هَواه، نجِد أنَّ النَّاقلين عنه مِن خصومِ السُّنَةِ يَنتمون إلى غير تيَّار فكريٍ واحد، ففيهم القرآنيُّ

(2)

، والعَلمانيُّ

(3)

، وفيهم العَقلانيُّ المُتشرِّع

(4)

، فضلًا عن الشِّيعةِ الإماميَّة كما أسلفنا به الذِّكر

(5)

.

فلأجلِ ما تقدَّم من خليطِ انحرافاتِه صعُب عليَّ تصنيفه في خانةٍ فكريَّةٍ مُحدَّدة، وإن كُنَّا ارتأينا حشْرَه مع زُمرةِ المُنكرين للسُّنةِ أصالةً، فلأنَّ الكُلَّ مُتَّفِقٌ على وُلوغِه في هذه البائقةِ، وانتشارِ رأيِه بخصوصِ الطَّعنِ في أكثر السُّنَن، واهتبالِه بالقرآنِ وحدَه كما يدَّعي، وهذه اللَّبِنةُ الأساسةُ الَّتي شَيَّد عليها القرآنيُّون صرْحَ مذهبِهم بعدُ، مع زعمه أنَّه غيرُ مُنكرٍ للسُّنةِ في أصلِها.

يظهر لك هذا الموقف في مثلِ قولِه: « .. إنَّ الَّذي يجبُ التَّصديق به، واعتقاده، إنَّما هو الخبرُ (المُتواتر) فحسبْ؛ وليس عندنا كتابٌ يجبُ اعتقاد كلِّ ما جاء به اعتقادًا جازمًا يبعث اليقين إلى القلب غير القرآن الكريم، الَّذي جاء مِن طريقِ (التَّواتر) .. أمَّا الأخبار الَّتي جاءت مِن طريقِ الآحاد، وحَمَلتها كتبُ الحديثِ، فإنَّها لا تُعطي اليقينَ، وإنَّما تُعطىي الظَّن، والظنُّ لا يُغني مِن الحقِّ شيئًا!»

(6)

.

(1)

«الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي المعاصر» (ص/331).

(2)

كصالح أبو بكر، وسامر إسلامبولي، وانظر «مرويات السيرة» لـ د. أكرم العمري (ص/38).

(3)

كـ د. محمَّد حمزة، انظر «الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي الحديث» (ص/97).

(4)

كإسماعيل الكردي، انظر كتابه «تفعيل نفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/174).

(5)

كجعفر السُّبحاني، انظر كتابه «الحديث النبوي بين الرواية والدراية» (ص/678).

(6)

مقال له بعنوان: «معركة الذُّباب» ، مَنشور في مجلَّة «الرِّسالة» (بتاريخ 24/ 12/1951 م، العدد: 964، ص/7 - 8).

ص: 255

وبعد هذه الخُلاصة عن (أبو ريَّة)، فإنِّي مُقرٌّ بأنِّي لم أجد مَن ترجمَ له ترجمةً تُنبئ عن مُستواه العِلميِّ، وتصنيفِه الفكريِّ، بل أيَّ ترجمةٍ تاريخيَّة كيفما كانت! ولو مِن مُقَرَّبيه، ولو بعد موتِه! «فكأنَّما تَواصى النَّاس على إخمالِ ذكرِه، ولولا أنَّه يُعاد ذكرُه عند الطَّاعنين في السُّنة والحديث، مُستشهِدين بكتابِه، وعند المُدافعين عنها نقضًا لكلامِه: لكان نَسْيًا مَنسِيًّا، وهذا مِن عجيب صُنع الله عز وجل به!»

(1)

.

وبهذا يتَّضح أنَّ كتابَ (أبو ريَّة) ليست له أيَّة قيمةٌ علميَّة مُعتبرةٍ، لأمرين بارزين فيه:

أوَّلًا: خُلوُّ الكتاب مِن المنهج المَوضوعيِّ النَّقديِّ القويم، وهو الَّذي يدَّعي أنَّه «أعلم من الشَّافعي وأبي حنيفة!»

(2)

.

ثانيًا: خلوُّ كاتِبه مِن الأمانة العِلميَّة

(3)

، وهو -مع ذلك- لا يَرْعوي أن يَنبُزَ مَن عَلَّموا الدُّنيا أمانةَ العلمِ وبراعة التَّحقيقِ بالغفلةِ أو الكذب.

ولعلَّ هذه النَّفس المغرورةَ بجهلِها المُركَّب، هي ما دَعَت أستاذَه الأديب الصَّادقَ الرَّافعي (ت 1356 هـ) أن يَقول له قولتَه اللَّاذِعة:«ليتَك كنتَ مَجذوبًا يا أبا ريَّة .. ولكنَّك لا تصلُح مَجذوبًا ولا عاقِلًا»

(4)

! ..

وصدقَ رحمه الله.

(1)

مقدمة تحقيق علي عمران لـ «الأنوار الكاشفة» (12/ 6 - 7 آثار المعلمي).

(2)

«مع رجال الفكر في القاهرة» لمرتضى الرضوي (1/ 130 - 158).

(3)

انظر «السنة ومكانتها» لـ د. مصطفى السباعي (ص/373).

(4)

«من رسائل الرافعي إلى محمود أبو ريَّة» (ص/77).

ص: 256