المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامسأثر الفكر الاعتزالي في المدارس العقلانية المعاصرة - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الخامسأثر الفكر الاعتزالي في المدارس العقلانية المعاصرة

‌المَطلب الخامس

أثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

على وَفْقِ ذاك التَّقنينِ لأوَّليَّة العقل، دَرَج كُلُّ مَن جاء مِن المُتأخِّرين الطَّاعنين في صِحاح السُّنَن وفق نظرهم العقليِّ، على اختلافِ مَشارِبهم وتفاوتِ مَنازلهم في ذلك.

أمَّا نُشَّادُ الفكرِ العَقلانيِّ مِن الإسلاميِّين:

فلقد كان لهم نَصيبٌ وافرٌ مِن وَراثةِ أصولِ الاعتزالِ في نظرتهم إلى النُّصوص الشَّرعيَّة، وقد وُجِدَ مَن أطلَقَ على (جَمالٍ الأفغانيِّ) وتلميذِه (محمَّد عبده) في وقتِهما لقبَ «مُعتزلةِ العصرِ الحديث»

(1)

؛ وذلك أنَّ الثَّانيَ منهما يؤصِّلُ للإسلامِ أُصولًا، فيَعدُّ فيها الأصلَ الثَّاني مِن الأصولِ الَّتي قام عليها الإسلام، ما ذكره في قوله: « .. الأصلُ الثَّاني للإِسلام: تقديمُ العقلِ على ظاهرِ الشَّرعِ عند التَّعارض؛ .. فقد اتَّفق أهلُ المِلَّةِ الإِسلاميَّةِ

(2)

-إلَّا قليلًا ممَّن لا يُنظَر إليه- على أنَّه إذا تعارَض العقلُ والنَّقل، أُخِذَ بما دَلَّ عليه العقلُ، وبقي في النَّقل طَريقان:

(1)

ذكره الأستاذ أنور الجندي كما في «تجديد الفكر الإسلامي» لـ د. جمال سلطان (ص/35).

(2)

في حكايةِ هذا الاتِّفاقِ نَظَرٌ؛ وهو في الحقيقة إنَّما عَنَى حكايةَ اتِّفاقَ جملةِ طوائف المُتكلِّمين، وهؤلاء ليسوا جميع أهل المِلَّة، ثمَّ إنَّ اتِّفاق المتكلِّمين على خصوص هذه مَسألة، لا يعتدُّ به، مادام خارقًا لاتِّفاقِ أئمَّة السَّلَف.

ص: 117

طريقُ التِّسليمِ بصحَّةِ المنقولِ، مع الاعترافِ بالعجزِ عن فَهْمِهِ، وتفويضِ الأمرِ إلى الله في علمِه.

والطَّريق الثَّانيةُ: تأويلُ النَّقلِ، مع المُحافظةِ على قوانين اللُّغَةِ، حتَّى يتَّفِقُ مَعناهُ مع ما أثْبتَه العقلُ.

وبهذا الأصلِ الَّذي قام على الكتابِ وصحيحِ السُّنَّةِ، وعَمَلِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، مُهِّدَت بين يَدَيْ العقلِ كلُّ سبيل، وأُزيلَت مِن سبيلِه جميعُ العَقبات»

(1)

.

وفي تقريرِ هذه النَّزعة العقلانيَّةِ لعمومِ رُوَّادِ هذه المَدرسة الإصلاحيَّة الحديثة، يقول محمَّد حمزة

(2)

: «إنَّ النَّزعةَ العَقليَّة الَّتي تحمَّس لها مُفكِّرون عديدون، كمحمَّد عبدُه، وعلي عبد الرزَّاق، وأحمد أمين، ومحمود أبو ريَّة، وَجَدَت في مَبادئِ المُعتزلة ونزعَتِها العقليَّة تعبيرًا صادقًا عن طموحاتِها، فكان الاحتفاءُ بمَبادئها -وخاصَّةً في فترةِ ما بين الحَرْبين- استعادةً جديدةً ومُحاولةَ إحياءِ العقلانيَّةِ العربيَّةِ القديمة ..

ومثلما وَجَدَ هؤلاء المُفكِّرون في مَبادئ المعتزلة ما يَتناغم مع دعوتِهم التَّحديثيَّة، فإنَّ موقفَ المُعتزلة مِن الأدلَّة النَّقليَّة عمومًا، والحديثِ النَّبويِّ بصفةٍ أخص، كان مِمَّا يُلائم أفكارَهم»

(3)

.

ثمَّ جاء من بعدِ هؤلاء مَن أشادَ بمناهجِ المُعتزلة صراحةً، وأثنى على جُملةٍ مِن هَرطقاتِهم، كما تراه عند (جمال البنَّا) من جعلِه العقلَ هو الأصلَ الأوَّل للشَّريعة

(4)

! وعلى هذا المَبدأ نفسِه سَمَّى (سامر إسلامبولي) نقدَه للصَّحيحين بـ «تحريرِ العقل مِن النَّقل» .

(1)

«الأعمال الكاملة للشَّيخ محمد عبده» لمحمَّد عمارة (3/ 301).

(2)

محمد حمزة: باحث تونسي حَداثيٌّ، أستاذ محاضر في الجامعة التونسيَّة، مختصٌّ في قضايا الفكر الإسلاميِّ، له عدة مؤلفات، من أشهرها:«الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي الحديث» .

(3)

«الحديث النَّبوي ومكانته في الفكر الإسلامي المعاصر» (ص/334).

(4)

«السنة ودورها في الفقه الجديد» لجمال البنا (ص/155، 174).

ص: 118

وكان (إسماعيل الكُرديُّ) شديدَ الحَفاوةِ بجُهدِ المُعتزلةِ في نقدِ متونِ الصِّحاحِ، وبهذا الأصلِ العقليِّ الَّذي أصَّلوه

(1)

.

بل إنَّ من شاكلةِ هؤلاء مَن تَحسَّر على اندثارِ مَذهبِهم، وتمنَّى لو بَسَط الاعتزالُ سُلطَته على النَّاس مرَّةً أخرى كما كان ردحًا من زمنِ العَبَّاسيِّين! كما تلمسُه مِن تحسُّر (محمَّد شحرور) في قولِه:«تيارُ العقلِ قد تَمثَّل في المُعتزلة، حيث أنَّ الإسلامَ عندهم تفاعَلَ مع مُعطياتِ العصرِ وتحدِّياته، وأنتج فكرًا نيِّرًا حُرًّا نقديًّا، وقد انتهَت المعركةُ مع الأسَفِ بانتصارِ التَّيار الأوَّل -يعني أهلَ السُّنة-، وما زِلنا نَعيشُ مَآسِيها حتَّى يومنا هذا»

(2)

.

فمثلُ هذه الأقلامِ المُتعاطفةِ مع المُعتزلةِ ما أكثرها في أهلِ زماننا، تجدها ظاهرةً في كتاباتِ (أحمد أمين)

(3)

، و (أمين الخولي)

(4)

، و (أحمد محمَّد صبحي)، و (زكي نجيب محمود)

(5)

(6)

، و (جعفر السُّبحاني)

(7)

، و (محمَّد شحرور)

(8)

، وغيرهم كثير.

(1)

«نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/44، 171).

(2)

«الكتاب والقرآن» لشحرور (ص/569، 586).

(3)

أحمد أمين ابن الشيخ إبراهيم الطباخ: عالم بالأدب، غزير الاطلاع على التَّاريخ، من كبار الكتاب المصريِّين، قرأ مدة قصيرة في الأزهر، وتخرج بمدرسة القضاء الشرعي، ودرَّس بها، ثمَّ تولى القضاء ببعض المحاكم الشرعيَّة، ثم عيِّن مُدرسًا بكلية الآداب بالجامعة المصريَّة، مِن مُؤلفاته: سلسلته في تاريخ الأفكار في الإسلام «فجر الإسلام» ، و «ضحى الإسلام» ، و «ظهر الإسلام» ، توفي (1373 هـ)، انظر «الأعلام» (1/ 101).

(4)

أمين الخولي: مِن أعضاء المجمع اللُّغوي بمصر، تعلم بالأزهر، وتخرج بمدرسة القضاء الشَّرعي، وعُيِّن أستاذا في الجامعة المصرية، ثم مديرا للثقافة العامة بوزارة التربية والتَّعليم، من مؤلفاته:«المجد دُوِّن في الإسلام» ، و «مشكلات حياتنا اللُّغوية» ، توفي (1385 هـ)، انظر «الأعلام» (2/ 15).

(5)

زكي نجيب محمود: مفكر وفيلسوف مصريٌّ، عمل أستاذًا للفلسفة أكثر من نصف قرن في الجامعات المصرية، وعمل أستاذًا بالجامعات الأمريكية، وتولى رئاسة تحرير مجلة «الفكر المعاصر» ، ألَّف وترجم كتبًا عديدة في الفلسفة والثقافة والأدب، منها:«قصة الفلسفة الحديثة» ، انظر «تكملة معجم المؤلفين» (ص/195).

(6)

انظر مقولات من مضى ذكرهم في «الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر الشام» لـ د. محمد عبد الرزاق أسود (ص/469).

(7)

انظر «بحوث في الملل والنحل» لجعفر السُّبحاني (3/ 170). مؤسسة النشر الإسلامي.

(8)

انظر كتابه «الكتاب والقرآن» (ص/569، 586).

ص: 119

يقولُ عادلٍ العَوَّا

(1)

: «لقد اضمَحَلَّ الاعتزالُ مَذهبًا إن صَحَّ القول، ولكنَّه بَقِي روحًا ومَوقفًا! وقد جاءت النَّهضةُ الحديثة وفيها ألوانٌ مِن الاعتزال، ففيها الشَّك والتَّجربة، وهما مَنهجان مِن مناهج الاعتزال، وفيها الإيمان بسُلطةِ العقل، وحُريَّة الإرادة»

(2)

.

وأمَّا غُلاةُ العَقلانيِّين -مُمَثَّلين بالتَّيارِ العَلمانيِّ الحادِّ-:

فهؤلاء لا يعتَبِرون بمَعرفةٍ سِوى ما كان مُحصَّلًا مِن طريق العقل

(3)

، شعارهم «العقلُ أوَّلًا، والنَّصُّ ثانيًا»

(4)

، بعد أن اِلْتَحَف رُوَّاد هذا التَّيَّار العَرَبُ بدِثار الاعتزالِ، مُنبهِرين بما عند مَشايِخه القُدامى مِن دُربةٍ قديمةٍ على كبحِ جِماح المَدِّ السُّنِّي، وخَدشٍ للأصولِ السُّنيَّة بمَخالِبِ التَّمَعقُل؛ على ما في كِلا الطَّائفتين -الاعتزاليَّة والعَلمانيَّة- مِن رموزٍ تنصهِرُ في قدرٍ مُشتركٍ خَطيرٍ، مُتمثِّلٍ في إحلالِ الشَّرائعِ العَقليَّة، مكانَ التَّشريعاتِ النَّبويَّة

(5)

.

فلأجلِ ما عند المُعتزلةِ مِن تقديسٍ مُفرطٍ للعقلِ، قد أشادَ مثلُ (حمَّادي ذُوَيب)

(6)

بشَجاعة رؤوسِهم القُدامى في تَقديمِ العقليَّاتِ على النَّص عند التَّعارض رغمَ أنوفِ أهلِ الحديثِ! ودَعا إلى اقتفاءِ أثَرهِم في استخدامِ منهجِ المُلاحظة والشَّكِّ في كلِّ شيءٍ، حتَّى في الأمورِ الدِّينيَّة!

(1)

عادل العوَّا: فيلسوف سُوري، درس في جامعة السُّوربون بفرنسا، وترأس قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية بجامعة دمشق، له عدة مؤلفات، منها:«المذاهب الأخلاقية» ، و «الفكر الانتقادي لجماعة إخوان الصَّفا» ، توفي (1422 هـ).

(2)

«المعتزلة والفكر الحر» لعادل العوا (ص/378).

(3)

انظر «الأسس الفلسفيَّة للعلمانيَّة» لعادل ضاهر (ص/363)، وكتابَه الآخر «أوَّلية العقل» (ص/156).

(4)

«الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي المعاصر» لمحمد حمزة (ص/335).

(5)

نَسَب الشِّهرستاني هذا في «الملل والنِّحل» (1/ 81) إلى رأسي الاعتزال: الجُبَّائي، وابنِه أبي هشام.

(6)

باحث تونسي حَداثيٌّ، يعمل أستاذًا محاضرًا بقسم العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس بتونس، حاصل على الدكتوراه عن رسالته «جدل أصول الفقه والواقع» ، من مؤلفاته:«مراجعة نقدية الإجماع بين النظرية والتطبيق» ، و «السنة بين الأصول والتاريخ» .

ص: 120

فكان يقول: «ينبغي أن نَنظُر إلى مَوقفِ النَّظَّام، باعتبارِه تواصلًا لاتِّجاهٍ سَبَقه داخلَ المدرسة الاعتزاليَّة، .. إنَّ هذه الجُرأة الَّتي تحتكِمُ إلى العقلِ سُلطةً مَعرفيَّةً، ومِحَكًّا للصَّادقِ والزَّائفِ مِن الأخبارِ، سَتَجِدُ مَن يُطبِّقها في الواقع»

(1)

.

والَّذي يَغلِبُ على ظنِّي بعد مُطالعَتي لكثيرٍ مِن كتاباتِ العَلمانيِّين في هذا الباب، وتأمُّل خطاباتِهم في الإعلام:

أنَّ انخراطَهم في هذا المَسْلكِ العَقَديِّ المُحتَذي لمذهبِ الاعتزال، لم يكُن أبدًا عن قناعةٍ تامَّةٍ بأصولِ هذا المذهب الكَلاميِّ في الاستدلالِ؛ وإلَّا لَكانوا أخَذوا أيضًا بأصلِهم الخامس في «الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكر» ! ومَعلومٌ للكلِّ من حالِهم أنَّهم أكثرُ النَّاسِ اشمِئزازًا ونفورًا مِن هذه الشَّعيرة!

ولكنَّ انتهاجَ هؤلاء العَلمانيِّين المُعاصرين لمَقالاتِ المُعتزلةِ، إنَّما هو انتهاجٌ نَفعيٌّ مُؤَدْلجٌ، يُمارِسونَه -على وجِه الاضطرارِ المُؤقَّتِ- على التُّراثِ الإسلاميِّ بمُختلَفِ مُكوِّناتِه.

فالمُستغرِبون الَّذين يرفعون رايةَ الدَّعوة إلى التَّمرُّد على السُّنةِ وتَجاوز نصوصها، وإن أظهروا الإشادةَ بالتيَّار الاعتزاليِّ في عقلانيَّته، «إلَّا أنَّهم -في حقيقةِ الأمرِ- أَظهروا هذه الإشادةَ ليستَتِروا خلفَ هذا الأنموذجِ، ويُظهِروا لمِن لا يَعرِفُ حقيقةَ مَقاصدِهم، أنَّهم إِنَّما يستلَهِمون مِن ذاتِ التَّاريخ الإسلاميِّ وما نَشَأ فيه مِن حَرَكاتٍ وفِرَقٍ ما زَعَموا أنَّه نواةٌ للإبداعِ والتَّحديث، فيُخفوا بهذا الاحتفاءِ الأنموذَجَ الحَقيقيَّ الَّذي وَقعَوا في تَبَعيَّتِه واجترارِ رِجْسِه وآفاتِه»

(2)

، وهذا الكامنُ في أُنْموذج الفكرِ الغَربيِّ الوَثنيِّ بتمامِه.

هذه حقيقةٌ لم يستطِع حتَّى كبارُهم التَّستُّر عليها؛ فهذا (نَصر أبو زيد)

(3)

يُفشيها بقولِه: «لا يَعني إحياؤُنا للاعتزالِ أنَّنا نقبلُ مواقفَ المعتزلة كلِّها ..

(1)

«السنة بين الأصول والتاريخ» (ص/211).

(2)

«دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/30).

(3)

نصر حامد أبو زيد: باحث أكاديمي مصري، متخصص في نقد التراث الإسلامي واللغة العربية، وعندما قدم أبحاثه للحصول على درجة أستاذ، اتهمَّته لجنة التَّحكيم بالكفر، فخرج بعدها من مصر، ثم رجع إليها بعد سنين، ومات سنة (2010 م)، انظر ترجمته في «أعلام الفكر العربي» للسيد ولد أباه (ص/200).

ص: 121

فتأيِيدُنا للمُعتزلةِ للتِّيارِ العَامِّ وللحركةِ التَّاريخيَّة، وليس للتَّفصيلاتِ الجُزئيَّة في هذه النَّظرة أو تلك»

(1)

.

وذاك (أَدُونيس)

(2)

، مع إعلائه هو أيضًا مِن شأنِ الانحرافِ الاعتزاليِّ -لمِا يراه مِن انعتاقِهم نِسْبيًّا مِن سُلطةِ الوحيِ- يُؤكِّدَ على أنَّ هؤلاء: لا يُمثِّلون الأنموذجَ المُرتضَى الَّذي يُنْسَجُ على مِنوالِه، إذْ يَبقى أنَّه عَقلٌ وليدُ التَّديُّنِ لا التَّساؤلِ، فهو -بحسبِ كلامِه- ابنُ الله والوَحي!

(3)

فلذلك أستطيع القولَ:

أنِّي مع كلِّ هذا الَّذي سَرَدتُ مِن تمثُّلاتِ هذا الاتِّجاهِ في المُعاصرين -ومَن تركتُ ذكرَهم أكثرُ- لا أعلَمُ جماعةً مُعاصِرةً التزَمَت مذهبَ المُعتزلةِ طولَ الخطِّ، كأنْ تُوافِقهم في أصولهِم الخمسةِ بتمَامِها، أو تَتَبنَّى أرائَهم التَّفصيليَّة في سائرِ القَضايا

(4)

.

إنَّما تَنصَبُّ المُوافقة للمُعتزلةِ -غالبًا- على بعضٍ مِن أصولِهم المَنهجيَّة لا كُلِّها، مثل: وظيفةِ العقل، وتقديمِه على النَّقلِ، وتأويلِ النُّصوصِ الشَّرعيَّة على خلافِ ما عليه السَّلَف، واعتقادِ ظنيَّة الآحادِ مُطلقًا، وعدمِ الاعتدادِ بها في العَقائد، وفكرةِ الحُريَّة الإنسانيَّة، وما أشبهَ ذلك مِن المَسائل الَّتي اشتُهِروا بها.

هذا؛ والمُعتزلة لأدْيَنُ عندي وأتقى وأعلمُ بكثيرٍ مِمَّن يَزعُم الانتسابَ إليهم مِن عَقْلانِّيِي هذا العصر!

(1)

«نقد الخطاب الدِّيني» لنصر أبو زيد (ص/181).

(2)

علي أحمد سعيد إسبِر، المعروف باسمِه المُستعار: أدونيس، شاعر وكاتب سوريٌّ، تخرج من جامعة دمشق في الفلسفة، ودرَّس في الجامعة اللبنانية، وأثارت أطروحته «الثابت والمتحول» سخطًا كبيرًا عليه، وتلقَّى على إثرها عديدًا من الجوائز العالميَّة، انظر ترجمته في «أدونيس كما يراه مفكرون وشعراء عالميون» دار الطليعة - بيروت، 2011 م.

(3)

«الثابت والمتحول» لأدونيس (1/ 126 - 127).

(4)

انظر «مناهج الاستدلال على مسائل العقيدة الإسلامية بمصر في العصر الحديث» لأحمد قوشتي (ص/79 - 81).

ص: 122

فإنَّ المُعتزلةَ يَحتجُّون بالسُّنةِ في الفقهيَّاتِ

(1)

، وكثيرٍ مِن فروعِ العَقائد مِمَّا لا يتطلَّب القطعَ

(2)

؛ وأمَّا غُلاة العَقلانيِّين اليوم، فلا يُبالون بها إلَّا قليلًا.

وعامَّة المُعتزلةِ لم يُنكِروا حَدَّ الرَّجمِ

(3)

، ولا النَّسخَ في القرآن

(4)

، ولا أنكروا فرضَ الحجابِ، ولا كثيرًا مِمَّا خَرَج به علينا المُتَمَعقِلَةُ مُؤخَّرًا، ولا ارتَموا في أحضانِ الإفرنجِ كما يفعلُ هؤلاء.

والمُعتزلةُ يقولون بحُجِيَّة الإجماعِ

(5)

، استنادًا إلى عصمةِ الأمَّة والسَّلف بخاصَّة، خلافَ كثيرٍ مِن أدعياءِ العقلانيَّة اليوم، فلا يكادون يَرفعُون بذلك رأسًا في شيءٍ!

(6)

فأيُ ظلمٍ للمُعتزلةِ أكبر من أن يُنسَبَ إليهم مثلُ هؤلاءِ المُحْدَثون المُحْدِثون مِن مُراهِقي الفِكرِ وشُذَّاذِ الرَّأي؟!

وبهذا وغيره، يتبيَّن الفارق بين الطَّوائف الكلاميَّة -مِمَّن تقدَّم ذكر بعض مواقِفهم من آحادِ السُّنة- وطوائف العَلمانيِّين:

أنَّ المعتزلة ومَن نَحا منهجهم: إرادةُ تنزيهِ الشَّريعةِ عن مُناقضةِ الضَّرورة العقليَّة واقعٌ لهم بالقصدِ الأوَّل، والإلحاد في النُّصوص والجِنايةُ عليها ليس مُرادًا لهم، بل وَقَع لهم نتيجةً لانحرافِهم في التَّنظير.

وأمَّا الحَداثيُّون من العَلمانيِّين وغيرهم: فالإلحادُ في النُّصوص والجنايةُ عليها، والكُفرُ بمَصدرها، واقعٌ لهم بالقصدِ الأوَّل.

(1)

انظر «قبول الأخبار» للبلخي (1/ 17)، و «المُعتمد» لأبي الحسين (2/ 98).

(2)

انظر «اليقيني والظني من الأخبار» لحاتم العوني (ص/31 حاشية).

(3)

كما ذهب إليه رشيد رضا في «مجلة المنار» (7/ 611)، ود. مصطفى محمود في كتابه «لا رجم للزانية» ، وأبو القاسم حاج حمد في «إبستمولوجيا المعرفة الكونية» (ص/94 - 95).

(4)

كما فعل أحمد حجازي السَّقا في كتابه «لا نسخ في القرآن» .

(5)

انظر «قبول الأخبار» للبلخي (1/ 17 - 18)، و «المُعتمد» لأبي الحسين (2/ 3).

(6)

كحمَّادي ذويب في كتابه «مراجعة نقدية للإجماع» .

ص: 123