المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثجمال البنا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الثالثجمال البنا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم»

‌المطلب الثَّالث

جمال البَنَّا (ت 1434 هـ)

(1)

وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

يحتارُ القارئ لكُتبِ (البنَّا) في تصنيفِه تصنيفًا فِكريًّا مُحدَّد المَعالِم، بين كونِه عقلانيًّا ذا أصولٍ إسلاميَّة، أو حَداثيًّا مُواليًا لأفكار الأنْسَنة، بل قُرآنيًّا مُنكِرًا لحجيَّة الأحاديث النَّبويَّة.

فهو القائل في حَقِّها: «إنَّ السُّنة بما دخلها من الوضع، وبما أدرجه رُواة السُّنة الموثَّقون من كلامهم في متن الحديث، وما لحِق الحديث من شذوذ واضطرابٍ وروايةٍ بالمعنى وغير ذلك، جعل السُّنةَ كلَّها في موضع الشَّك والرِّيبة فيها! وفي مُدوَّناتها الصَّحيحة، بحيث لم تعُد محلًّا للثِّقة والاعتماد»

(2)

.

ويقول: «لوْ قال أحدٌ أنَّ هذه الأحاديث لا يُعتَدُّ بها أصلًا لمَا كان مُتعسِّفًا»

(3)

!

(1)

جمال بن أحمد البنَّا: مُفكِّر مصري ذو جذور إسلامية، جاهد لينحو بالدين إلى الليبرالية الغربية، وهو الشَّقيق الأصغر لحسن البنَّا مؤسِّس جماعة الإخوان المسلمين، صدر أوَّل كتاب له بعنوان «ثلاث عقبات في طريق المجد» سنة 1945 م، وبعده «روح الإسلام» ، ثمَّ تَوالت مُؤلَّفاته الَّتي شذَّ في كثير من مسائلها وفتاويه عن إجماعات أهل السُّنة، ككتاب «السنة ودورُها في الفقه الجديد» .

(2)

«السُنة ودورها في الفقه الجديد» لجمال البنا (ص/73).

(3)

«تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» (ص/7).

ص: 334

و (البنَّا) وإن كان مُخالفًا للقرآنيِّين في أصل موقِفِهم الرَّافض للسُّنة جملةً - إلَاّ أنَّه يجانِسهم في نِتاجِ تَقريراته، ولوازِمها مِن حيث الواقع العمليِّ، بل ترى اتِّساقًا كبيرًا لرؤيته الفكريَّة المتعلِّقة بأفرادِ الأدلَّة الشَّرعيَّة النقليَّة، وبين ما يراه الحداثيُّون في تاريخيَّتها وإعادةِ تشكيلِها بما يأتلف والحضارة الغربيَّة الحديثة.

ترى شاهدَ هذا في تأكيدِه على «أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم والخلفاءَ الرَّاشدين والصَّحابة أرادوا عدم تأبيد ما جاءت به السُّنن مِن أحكام»

(1)

.

فهو على هذا لا يَعُدُّ السُّنة النَّبويَّة مَكينةً في التَّشريع الإسلاميِّ، بل يأتي في مُقدِّمة ذلك العقلُ! ثمَّ مَقاصد القرآن وقِيَمُه ثانيًا، ثمَّ السُّنة بعدهما

(2)

.

وقد بَلَغ الحال بـ (البنَّا) في تحريفِ الشَّريعةِ دركةً ليس وراءَها مُطَّلَع لناظرٍ، ولا تحتها مهوىً لخِسَّة، فقد كان ينكر فرضَ الحجابِ على النِّساء، وحَدَّ الرِّدة عن الإسلام، بل كان يُبيح التَّدخينَ للصَّائم في رمضان! إلى غيرِ ذلك مِن بوائقه الَّتي كثرُت، ولواذِعِه الَّتي اشتدَّت في حقِّ السُنَّة، حتَّى صُدِّرت جَهالاته عبرَ مَنابر الإعلامِ العَلمانيِّ بلا رقيبٍ.

لقد ركب (البنَّا) المُعمَّهَ في أمرٍ عَسِرٍ، تظاهر فيه ببراءةِ قصدِه مِن شَيْنِ الأحاديث ورُواتها، ولعلَّه كان مُستشعِرًا في قرارةِ نفسه لهَوْلِ ما كان يُقدِم عليه مِن اقتحامِ سِياجِ الشَّريعة بغير إذنٍ؛ تَلْمَسُ شيئًا من هذا الشُّعور في تَقدِمَتِه لعُدوانِه على أحكامِ السُّنةِ في كتابه «السُنة ودروها في الفقه الجديد» بقولِه:«يكاد فؤادي يَطير فزعًا مِمَّا أبوح به، لكنِّي مُضطَرٌّ إلى البَوْح نُصحًا، مُتَمنِّيًا -بكلِّ الصِّدق والإخلاص- أن أكون مُخطِئًا، فمَن كان ذا طِبٍّ، ويراني عَليلًا، فدونه فليُطبِّبني .. »

(3)

.

ص: 335

الفرع الأوَّل: عدم اعتبارِ (البنَّا) للسُّنةِ القوليَّةِ، أصلٌ في نَظرتِه النَّقديَّةِ لأحاديث السُّنة.

أوَّل ما ينبغي معرفته من موقف (جمال البنَّا) من السُّنة، أنَّه لا يَعتبرُ منها إلَّا العَمليَّةَ دون القوليَّة، فالحُجَّة عنده محصورة في أفعالِه صلى الله عليه وسلم وسِيرته العمليَّة المُتناقلةِ

(1)

، وذلك أنَّه يَفهم مِن مَعناها اللُّغويَّ «الدَّأبَ، والمنهجَ، والطَّريقة، أي أنَّها عَملُ الرَّسول، وليس قولَه»

(2)

.

فهو لأجل ذلك يُخرج القوليَّة والتَّقريريَّة من مُسمَّى «السُّنة» المأمورِ باتِّباعها، ويجعلُ أكثرَ المَنقولِ في هذين النَّوعين مُختلقًا أو مَشكوكًا في صِحَّتِه، سعى هو إلى البرهنةِ إلى ذلك ببيانِ ما يراه زَيفَ متونِ كثيرٍ من الصِّحاحِ عند أهل السُّنة.

وذاك الموقف منه أصلٌ عند الحَداثِيِّين يُدندنون عليه كثيرًا، لأجله نَرى بعضَهم يمهِّد بين يدي طعنه في أحاديث الصحيحين بنَفْيِ الوَحيِ عن هذه السُّنَن القوليَّة

(3)

!

وأصل تأثَّر (البنَّا) بهذا الأصلِ البِدعيِّ كتاباتُ (محمَّد رشيد رضا)، مُقدَّمِ أربابِ هذا المسلكِ في تشطيرِ السُّنةِ، وذلك في ما قرأه له من مقالاتٍ قديمةٍ مَبثوثةٍ في أولياتِ مجلَّتِه «المنار»

(4)

؛ وقد تَبنَّى هذا الرَّأيَ عنه فِئامٌ مِن ذوي النَّزعة العقليَّة بعده، قلَّةٌ منهم مُشتغلٌ بالعلومِ الشَّرعيَّة، كحالِ (محمود أبو ريَّة)

(5)

، و (محمود شَلتوت).

عَقَد هذا بابًا كاملًا في كتابِه «الإسلام عقيدةٌ وشريعةٌ» في نُصرة هذا المَسلك، بل أضافَ مِن القيودِ على معنى السُّنةِ ما تجاوزَ به شرطَ (رشيد رضا)،

(1)

«السُّنة ودورها في الفقه الجديد» لجمال البنا (ص/11).

(2)

«تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» (ص/7).

(3)

كما فعل زكريا أوزون في «جناية البخاري» (ص/14).

(4)

مقالاته هذه في «مجلة المنار» (10/ 849).

(5)

«أضواء على السنة المحمدية» لمحمد أبو رية (ص/379 - 380).

ص: 336

كأن تتَّصف بالتَّواترِ العمليِّ والاطِّراد المعروفِ عند الكافَّة

(1)

! ووافقه على اشتراطِه هذا (سليمان النَّدوي)

(2)

، مُتوسِّعًا فيما يَراه صالحًا للتَّمثيلِ لها

(3)

.

فأيُّ غرابة بعدُ في أن تَتَواطأ كلمات الحَداثيِّين على تَبنِّي هذا القولِ والتَّطبيل له

(4)

؟! وبِه يخلو لهم الجوُّ في مَقامِ التَّشريعاتِ لإسقاطِ شَطرٍ كبيرٍ مِن أثقالِ السُّنة عن ظهورِهم، بل هي السَّبب عندهم «في تحنيطِ الإسلام، وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم وصحابتَه لم يعرفوا السُّنةَ بهذا الشَّكل»

(5)

.

الفرع الثَّاني: نقض مسلكِ (البنَّا) في اعتبارِ السُّنة العمليَّة دون القوليَّة.

ويتبيَّنُ وجه بطلان تقسيم (البنَّا) للسُّنة من حيث الحجيَّة مِن عدَّةِ وجوه:

الأوَّل: أنَّ هذا التَّقسيم بهذا الاعتبار لم يَقُل به أحَدٌ مِن سَلفِ الأمَّة أو مُتأخِّريها، قد أصابَ المعلِّمي في نعتِه لهذا القولِ بأنَّه «اصطلاحٌ مُحدَث، لا يخفى بُطلانه»

(6)

.

الثَّاني: نفي هؤلاءِ لحجيَّة السُّنة القوليَّة نتيجة لمقدِّمة لغويَّةٍ خاطئة، حيث إنَّ دَلالة السُّنة في لُغة العربِ أوسعُ مِن مُجرَّدِ قصرِها على السِّيرةِ العَمليَّة، فإنَّها في وضعهِم الأوَّلِ دالَّةٌ على معاني أخرى، منها: السِّيرة والطَّريقة

(7)

، والإمام المُتَّبَع

(8)

، ولا شَكَّ أنَّ هذه المعاني شاملةٌ في مَدلولاتِها اللُّغوية للأقوالِ والأفعالِ.

(1)

«الإسلام عقيدة وشريعة» لمحمود شلتوت (ص/480 - 491).

(2)

نسبةً إلى دار النَّدوة بالهند، صاحب اطِّلاع على الحديث والتَّاريخ، له تصانيف باللُّغة العربية والأرديَّة، عُين رئيسا لجمعية علماء الإسلام بكَراتشي، توفي سنة (1953 م)، انظر «الأعلام» للزركلي (3/ 137).

(3)

انظر مقاله المُترجم: (تحقيق معنى السُّنة وبيان الحاجة إليها)، المنشور في «مجلة المنار» (30/ 673).

(4)

انظر نماذج من نصوصهم في تبني هذا المسلك في «الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد السام» لمحمد عبد الرزاق أسود (ص/590 - 591).

(5)

«الكتاب والقرآن» لمحمد شحرور (ص/546).

(6)

«الأنوار الكاشفة» (ص/58).

(7)

انظر «لسان العرب» (13/ 226) مادة: س ن ن.

(8)

«جامع البيان» للطبري (6/ 72).

ص: 337

بل نزيد أن نقرِّر هنا: أنَّ الاتِّباعَ كما يكون في العمل والطَّريقة، فهو كائنٌ في الأمرِ والنَّهي من باب أوْلى.

فإذا كانت السُّنة هي الخُطَّة والطَّريقة، فلا شَكَّ أنَّ الخطَّة يكون أصلُها القول، والطَّريقُ والطَّريقة والسَّبيل مَعناها واحد، وقد قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]، والدُّعاء قَول، وقد سَمَّاه سبيلًا

(1)

.

الثَّالث: أنَّ أقواله صلى الله عليه وسلم أدلُّ على الحكمِ الشَّرعي مِن أفعالِه، على ما قرَّره جمهور الأصوليِّين

(2)

، فأفعالُه الجبليَّة لا قُدوة فيها، ولا تَدلُّ على أكثرِ مِن الإباحة، وكذا ما اختصَّ به من الأفعال؛ وهذا لا يُتأتَّى في أقوالِه، فعليه قَدَّموا قوله صلى الله عليه وسلم على فعلِه عند التَّعارض

(3)

.

الرَّابع: القول بهذا التَّقسيم المُحدَث للسُّنة يقتضي ردَّ آلاف الأحاديث الَّتي نَقَلها الصَّحابة والتَّابعون رضي الله عنهم، وأئمَّة الدِّين عنه صلى الله عليه وسلم في جميع الأبواب الشَّرعيَّة

(4)

، مِمَّا يقتضي رَدَّ أكثر السُّننِ الفِعليَّة نفسها! «بل لا يبعد إذا قلنا كلَّها، لأنَّه ما مِن فعلٍ نُقل إلينا مِن تلك، إلَّا وقد اختُلف في هيآته وأحكامِه المقوِّمة لحقيقتِه، والمسلمون النَّاقلون لِتِلكَ الأعمال، إنَّما كان مُستنَد اختلافهم في ذلك: إمَّا السُّنَن القوليَّة، وإمَّا اجتهاد مَن يتأتَّى له الاجتهاد منهم، فإذا لم يجِب أن تكون سُنن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم القوليَّة مِن الدِّين، فلَأن لا تكون مجهودات غيرِه مِن الدِّين أولى وأحرى!»

(5)

.

(1)

«مجلة المنار» (12/ 521)، وانظر «موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية» (1/ 28)، و «موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي» (ص/68 - 70) فقد نقل فيه مؤلفه سبعة عشر قولا من أقوال أهل العلم المتقدِّمين تدلُّ على إطلاق السُّنة على أقواله وأفعاله وتقريراته.

(2)

«أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالها على الأحكام الشرعية» لمحمد سليمان الأشقر (1/ 55 - 57).

(3)

«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (4/ 656).

(4)

«دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين» لمحمد أبو شهبة (ص/276).

(5)

من ردِّ الشيخ صالح اليافعي على توفيق صدقي، انظر «مجلة المنار» (11/ 141).

ص: 338

فلأجل ذلك نقول: أنَّ السُّنة القوليَّة لو لم تكُن حُجَّةً في دينِ الله تعالى، لَما بذل العلماء المُستأمنون على الشَّرع جهودَهم وأوقاتَهم في تدوينِها، بل ولا أَذِن النَّبي صلى الله عليه وسلم بذلك لبعضِ أصحابه أصلًا! ولكان أوَّل مَن يُنبِّه أمَّتَه على خطورة ذلك كي يحذروه

(1)

.

الفرع الثَّالث: كتاب «تجريد البخاريِّ ومسلمٍ» التَّطبيق العَمليُّ لقناعات (البنَّا) تُجاه مُدوَّنات الحديث.

إذا مَحَصَّنا النَّظرَ في طبيعةِ المؤلَّفات الَّتي خصَّصها (البنَّا) لموضوعِ السُّنة ومُدوَّناتها، أخصُّ منها كتابَه «السُّنة ودورها في الفقه الجديد» ، وكتابَه الآخرَ «الأصلان العظيمان: الكتاب والسُّنة»، سنجدُ كتابَه المتأخِّر عنهما «تجريد البخاريِّ ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم» هو الميدان التَّطبيقيَّ لما أسلف تنظيرُه وتأصيله في الأوَّلَين؛ غرضُه منه «أنْ يُنقل القارئَ من عالمِ البخاريِّ المُقدَّسِ، كأصدقِ كتابٍ بعد كتابِ الله تعالى، إلى تجريدِه مِن مئاتِ الأحاديثِ .. فالكتاب جديدٌ، ويمكن أن يكون صادِمًا للكثير!» كما يقول

(2)

.

وهو حقًّا صادمٌ لذوي الفِطَر السَّليمة، والعقول المستقيمة، كيف وقد استهلَّه بقارعتين: بكذبةٍ حمقاء، وسرقةٍ خرقاء.

فأمَّا الحمقاء: فعَزوُه أوَّلَ كتابِه إلى البخاريِّ إخراجَ حديث «الغرانيق» ! وأنَّه ضمنَ جملةٍ أخرى مِن الأحاديثِ الَّتي أساءَت إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّ وجوده في «الصَّحيح» ممَّا دَعاه إلى تأليف هذا الكتاب، تبرءةً لعِرضِ النَّبي صلى الله عليه وسلم كما زعم

(3)

.

والبخاريُّ بَريءٌ مِن تصحيحِ هذا الحديثِ المُنكَر، و «صحيحُه» خالٍ من هذه الفِرية.

ص: 339

وأمَّا سرقته الخرقاء: والَّتي لم يُحسِن هو سَترَها، فتلك في مُقدِّماتِه التَّأصيليَّةِ الأربعِ لموضوع كتابِه، والَّتي ادَّعى أنَّها مِن وَحيِ اجتهادِه، لا تعدو في واقع الأمر أن تكونَ نسخًا لمِا قَدَّم به (إسماعيل الكرديُّ) كتابَه «نحو تفعيل نقد متن الحديث النَّبويِّ» ! مع بعض اختصار

(1)

.

فالرَّجل مُكثرٌ مِن استنساخ ما في هذا الكتاب وتقليد صاحبه فيه حذوَ الحرفِ بالحرفِ من غير إحالة إليه! ومَن قابَلَ بين مُقدِّمتي الكِتابين تبيَّن له أوسع ممَّا أعنيه.

وبعد هذه المُقدِّمات المَنهوبات من كتاب (الكرديِّ)، شَرَع (البنَّا) في مقصودِ كتابِه بسردِ ما يعتقده مُنكرًا مِن متونِ «الصَّحيحين» ، حيث بَلَغت عدَّتُها عنده ستمائةٍ وثلاثةً وخمسين (653) حديثًا! مُرتِّبًا لها تحت أربعة عشر بابًا، مُعنوِنًا لها بما يَدلُّ على المعنى العامِّ الَّذي لأجله جُرِّدت مِن لَبوس النُّبوَّة.

فكان أوَّل هذه الأواب: «أحاديث الغيب» ، ثمَّ «الإسرائيليَّات»

(2)

، و «أحاديث تمسُّ ذات الله تعالى»

(3)

، و «أحاديث تفسِّر القرآن»

(4)

، وأخرى «تحدِّد أسباب نزولها»

(5)

، و «أحاديث في نسخ القرآن» ، و «أحاديث تتضمَّن أحكامًا

(1)

وهو يكثر النَّقل عن كتابه حذوَ الحرفِ بالحرفِ دون عزوٍ، بل تراه يستنسخ نفس النُّقول على نفس ترتيب الكرديِّ في مقدِّمته! ومن قابل بين مقدِّمتي الكتابين تبيَّن له أوسعَ ممَّا أعنيه.

(2)

قد أورد تحت هذا الباب ما يَدلُّ على جهله بمن هم بنو إسرائيل، منها نسبته (ص/177) إبراهيم عليه السلام إليهم، وإنَّما هو أصلهم وليس منهم، ثمَّ ذكره (ص/191) لحديث مَجيء اليهود إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم حين ذكروا له أنَّ رجلًا منهم زنا بامرأة .. إلخ، وهذه واقعة في زَمن النَّبي صلى الله عليه وسلم، لا من أقوال بني إسرائيل السَّابقين.

(3)

قصد به إسقاط أحاديث الصِّفات بدعوى التَّجسيم، في الوقت الَّذي سعى في تأويل مثيلاتها من آيات الصِّفات في القرآن وحملها على المجاز، انظر مثال هذا في كتابه (ص/194).

(4)

حيث يرى (ص/198) أنَّ القرآن لا يحتاج إلى تفسير، وأنَّه يفسرُّ بعضه بعضًا، لكنَّه نقض هذا في الصفحة نفسها، حين اعترف بأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قد فسَّر بعض الآيات للصَّحابة!

(5)

علَّل رفضه لهذه الأحاديث في (ص/207) بقوله: «لأنَّ القرآن لا يصدر الأحكام لأسباب خاصَّة» ، وهذا لا شكَّ قول يُناقض القرآن نفسه، لأنَّ فيه آيات بيِّناتٍ في نزولها على أقوامٍ بأعيانهم، كزيد بن حارثة رضي الله عنه في الآية 37 من سورة الأحزاب، وأبي لهب في سورة المَسد، وهكذا.

ص: 340

مخالفة للقرآن»، و «الأحاديث القدسيَّة»

(1)

،

و «أحاديث المعجزات الحسيَّة» ، و «أحاديث تخلُّ بعصمة الرَّسول صلى الله عليه وسلم» ، و «أحاديث ضدُّ حريَّة الفكر والاعتقاد» ، و «السَّرف في التَّرغيب والتَّرهيب» ، و «أحاديث تسيء إلى المرأة» ، و «أحاديث مشكلة في متونها» .

وقد حاولَ (البنَّا) أن يجعل هذه الأبوابَ مُنضويةً تحت ضابطٍ مَنهجيٍّ لنقدِ الأحاديث، وهو «العرضَ على القرآنِ الكريم» ، فنَتَج عن استعمالِه لهذا المِعيارِ «التَّوقفَ أمامَ قرابةِ أَلْفَي حديثٍ، يُمكن أن يكون نصفُها في الصَّحيحين»

(2)

!

وما أبقاه في «الصَّحيحين» مِمَّا سلمت منه يَدَي التَّشطيبٍ أو اللَّمزٍ، فإنَّما هو إمَّا لأجلِ مُوافقته للقرآن، فإنَّه قد عابَ على الشَّيخين تَساهُلَهما المَشينَ مع القرآنِ الكريمِ وتأويلِه!

(3)

أو لأنَّ أنفَه اشتَمَّ منها عَبَقَ النُّبوةَ -حسبَ تعبيرِه

(4)

- فلم تحتَجْ إلى إجهاد نظرِ المُحدِّثين في نقدِها!

(5)

والمؤلِّف في هذا ساردٌ لأغلب تلك الأحاديث تحت الأبوابِ السَّالفة سردًا دون أن يُعلِّق عليها بما يُبيِّن عِلَّتها! وأحيانًا يُبيِّن ذلك، وكأنَّ الشُّبهة الَّتي ارتمَت عليه عند نظرِه في الأحاديث، يفترضُ هو أنَّها أصابَت كلَّ النَّاس؛ فأشبَهَ كتابُه كتابَ فِهرسٍ.

وسيأتي نقض كثيرٍ من شطحاته في ذلك في الباب الثَّالث بإذن الله تعالى.

(1)

لأنَّها -بزعمه- مادامت تُروى عن الله تعالى، فيلزم أن تكون قطعية الثُّبوت مثل القرآن الكريم تمامًا، انظر (ص/247) من كتابِه ..

(2)

«الأصلان العظيمان» (ص/276).

(3)

مع أنه قد انظر «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» (ص/68).

(4)

«تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» (ص/8).

(5)

«تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم» (ص/61).

ص: 341