المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثانيمحمد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ١

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌خُطَّة البحث

- ‌نَفْحاتُ شُكرٍ

- ‌تمهيد

- ‌المَبحث الأوَّلمفهوم مُفرَدات العنوان المُحدِّدَة لنطاقاتِ البحث

- ‌المبحث الثَّانيإشكاليَّة الاستشكالِ المُعاصِر للأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب الأوَّلمفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيمكانةُ علمِ مُشكلِ النُّصوصِ في الشَّريعة

- ‌المطلب الثَّالثحالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الرَّابعنِسبيَّة الاستشكالِ للنُّصوص الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الخامسأسباب استشكالِ الأحاديثِ النَّبويَّة

- ‌المطلب السَّادسمنهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

- ‌المطلب السَّابعالحكمة مِن وجودِ المُشكلِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ

- ‌المَبحث الثَّالثالأصلُ العقليُّ الجامع لمُخالفي أهلِ السُّنة في ردِّهم للدَّلائل النَّقليَّة

- ‌المطلب الأوَّلبدايات الزَّحف المُتمعقِل على ساحة المَعارف الشَّرعيَّة

- ‌المطلب الثَّانيإمامةُ المُعتزلةِ في تبنِّي النَّظرةِ التَّصادُميَّة بين نصوصِ الوحيِ والعقل

- ‌المطلب الثَّالثمَوقف المُعتزلة مِن الأحاديثِ النَّبويَّة بخاصَّةٍ

- ‌المطلب الرَّابعتأثير الفكرِ الاعتزاليِّ في الفِرق الكلاميَّة

- ‌المَطلب الخامسأثَر الفكرِ الاعتزاليِّ في المَدارسِ العَقلانيَّةِ المُعاصرةِ

- ‌المَطلب السَّادسالأصل العَقليُّ النَّاظِم لمُخالِفي أهلِ السُّنةِفي ردِّ الأحاديث النَّبويَّة

- ‌الباب الأول أشهرُ الفِرَق المُعاصِرة الطَّاعِنة في أحاديثِ «الصَّحيحين» ونقدُ أصولِها وأبرزِ كِتاباتِها في ذلك

- ‌الفصل الأولالشِّيعة الإماميَّة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلالمَسار التَّاريخي لنقد الإماميَّة لمُدوَّنات الحديث عند أهل السُّنة

- ‌المَطلب الأوَّلمراحل الإماميَّة في ردِّها لصِحاح أهل السُّنة

- ‌المَطلب الثَّانيتباين أغراض الإماميَّة من دراسة «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الثَّانيمَوقف الإماميَّة مِن الشَّيخين

- ‌المَبحث الثَّالثرَميُ الشَّيْخَين بالنَّصبِ(1)، ونقض حُجَجِهم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكشف دعاوي الإماميَّة في تُهمتهم للشَّيخين بالنَّصب

- ‌المَطلب الأوَّلمَوقِف الشَّيخينِ مِن أهلِ البيتِ وذكرِ مَناقِبهم

- ‌المَطلب الثَّانيدحض دعوى نبذ الشَّيخين لذكر فضائل الآلِ غمطًا لحقِّهم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار

- ‌المَطلب الرَّابعدفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار

- ‌المَطلب الخامسدفع دعوى تحايُدِ البخاريِّ عن الرواية عن أهل البيت

- ‌المَطلب السَّادسدفعُ تُهمةِ النَّصبِ عن البخاريِّ لإخراجِه عن رُواةِ النَّواصِب

- ‌المَبحث الخامسأبرز نماذج إماميَّة مُعاصرة تصدَّت لنقدِ «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلشيخ الشَّريعة الأصبهاني (ت 1339 هـ)وكتابه «القول الصُّراح في البخاريِّ وصَحيحه الجامع»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد جواد خليلوكتاباه «كشف المُتواري في صحيح البخاري»و «صحيح مسلم تحت المجهر»

- ‌المَطلب الثَّالثمحمَّد صادق النَّجميوكتابه «أضواء على الصَّحيحين»

- ‌الفصل الثانيالقرآنيُّون منكرو السُّنة وموقفهم من «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتاريخ إنكار السُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيعَودُ مذهب إنكارِ السُّنة مِن الهند

- ‌المَبحث الثَّالثتجدُّد دعوى إنكارِ السُّنة في مصر

- ‌المَبحث الرَّابعالأصول الَّتي قام عليها مذهب إنكارِ السُّنة

- ‌المَبحث الخامسأبرز القرآنيين الَّذين توجَّهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمود أبو ريَّة(1)وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

- ‌المَطلب الثَّانيأحمد صبحي منصور(1)وكتابه «القرآن وكفى مصدرًا للتَّشريع الإسلامي»

- ‌المَطلب الثالثصالح أبو بكر(1)، وكتابه: «الأضواء القرآنيَّة لاكتساح الأحاديث الإسرائيليَّة وتطهير البخاريِّ منها»

- ‌المَطلب الرَّابعنيازي عزُّ الدِّين(1)وكتابه «دين السُّلطان، البرهان»

- ‌المَطلب الخامسابن قرناس(1)وكتابه «الحديث والقرآن»

- ‌المَطلب السادسسامر إِسلامْبُولي(1)وكتابه «تحرير العقل من النَّقل:دراسة نقديَّة لمجموعة من أحاديث البخاريِّ ومسلم»

- ‌الفصل الثالثالتَّيار العَلمانيُّ ومَوقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلتعريف العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الثَّانينشأة العَلمانيَّة، ومُسوِّغات ظهورها عند الغَرب

- ‌المَبحث الثَّالثتَمَدُّد العَلمانيَّة إلى العالَم الإسلاميِّ وأسبابُه

- ‌المَبحث الرَّابعمُستوَيَات العَلمانيَّة

- ‌المَبحث الخامسالطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

- ‌المَبحث السَّادسانصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

- ‌المَبحث السَّابعمركزيَّة «التَّاريخيَّةِ» في مشروعِ العَلمانيِّين لإقصاءِ السُّنةِ النَّبويةِ

- ‌المَبحث الثَّامنموقف العَلمانيِّين العَرب مِن «الصَّحِيحين»وأثرُ ذلك على السَّاحة الفكريَّة

- ‌المَبحث التَّاسعسبب اختيارِ العَلمانيِّين لمُعاركةِ «الصَّحيحين» خاصَّة

- ‌المَبحث العاشرأبرزُ العَلمانيين الَّذين توَّجهوا إلى «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد شحرور(1)وكتابه «الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة»

- ‌المَطلب الثَّانيزكريَّا أوزونوكتابه «جناية البخاري: إنقاذ الدِّين من إمام المحدِّثين»

- ‌المطلب الثَّالثجمال البَنَّا (ت 1434 هـ)(1)وكتابه «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم»

- ‌الفصل الرابعموقف الاتِّجاه العَقلانيِّ الإسلامي مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الأوَّلبدء نشوء الاتِّجاه العقلانيِّ الإسلاميِّ المُعاصر

- ‌المَبحث الثَّانيأبرز شخصيَّات المدرسةِ العقليَّةِ الإسلاميَّةِ الحديثةِ

- ‌المَبحث الثَّالثتأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّفي نظرتها إلى النُّصوص

- ‌المَبحث الرَّابعمُدافعة أهلِ العلمِ والفكرِ لمَدِّ أفكارِ المدرسة العقلانيَّة المعاصرة

- ‌المَبحث الخامسمَوقف التَّيار العقلانيِّ الإسلاميِّ مِن «الصَّحيحين» عمومًا

- ‌المَبحث السَّادسأبرز رجالات التَّيار الإسلامي العقلانيِّ مِمَّن توجَّه إلى أحاديث «الصَّحيحين» بالنَّقد

- ‌المَطلب الأوَّلمحمَّد رشيد رضا (ت 1354 هـ)(1)، وموقفه مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيمحمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

- ‌المَطلب الثَّالثإسماعيل الكردي(1)وكتابه: «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث»

- ‌المَطلب الرَّابعجواد عفانةوكتابه «صحيح البخاري، مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني»

- ‌الباب الثاني: المُسوِّغات العلمية المُتوَهَّمة عند المُعاصِرين للطَّعنِ في أحاديث الصَّحيحَيْن

- ‌الفصل الأوَّلدعوى الخَلل في تَصنيفِ «الصَّحيحين» والتَّشكيك في صحَّة تَناقُلِهما

- ‌المَبحث الأوَّلأصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

- ‌المَبحث الثَّانيطريقة تصنيف «الجامع الصَّحيح» فرعٌ عن مقصدِ تأليفِه

- ‌المَبحث الثَّالثالباعث للبخاريِّ إلى تقطيعِ الأحاديث وتَكريرِها في «صحيحه»

- ‌المَبحث الرَّابعمُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

- ‌المَبحث الخامسالتَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلدعوى ترك البخاريِّ كتابَه مُسودَّة وتصرف غيره فيه

- ‌المَطلب الثَّانيدعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

- ‌المَطلب الثَّالثأوَّليَّة المستشرقين إلى مقالة الإقحام والتَّصرُّف في أصل البخاريِّ

- ‌المَطلب الرَّابعدعوى الانكارِ لما بأيدينا مِن نُسَخِ «الصَّحيح» إلى البخاريِّ

- ‌المبحث السَّادسدفع دعاوى التَّشكيك في نسبة «الجامع الصَّحيح» بصورته الحاليَّة إلى البخاري

- ‌المَطلب الأوَّلنقضُ شبهةِ عدمِ تَبْيِيض البخاريِّ لكتابه

- ‌المَطلب الثَّانيمَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

- ‌المطلب الثَّالثإضافاتُ الرُّواة إلى نُسَخِهم من «الصَّحيح»يُميِّزها العلماء بعلامات مُصطَلَحٍ عليها

- ‌المَطلب الرَّابعالجواب عن دعوى المُستشرق إقحام أثر عمرو بن ميمونفي «صحيح البخاريِّ» لنَكارة متنِه

- ‌المَطلب الخامسالجواب عن شُبهة التَّصرُّف في رواية ابن عمرو:«إنَّ آلَ أبي ( .. ) ليسوا لي بأولياء»

- ‌المَطلب السَّادسالجواب عن مُطالبة المُعترضِ بالنُّسخة الأصليَّة لـ «صحيح البخاريِّ» شرطًا لتصحيح نسبتهِ إلى مُصنِّفه

- ‌المَبحث السَّابعدعوى اختلالِ المتونِ في «صحيح البخاريِّ» لروايتِها بالمعنى وتَقطيعِها

- ‌المَطلب الأوَّلاحتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

- ‌المَطلب الثَّانيدفع احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على دعوى الخلل المُتوهَّم في كتابِه وضعفِ أمانة صاحبه

- ‌الفصل الثَّانيدعوى ظنيَّة آحاد «الصَّحيحين» مطلقًا

- ‌المَبحث الأوَّلمأزِق بعض المُتكلِّمين في تصنيف الآحاد من حيث مرتبةُ التَّصديق

- ‌المَبحث الثَّانيدفع دعوى ظنِّية الآحاد عن أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلالاختلاف في ما يفيدُه خبرُ الواحدِ على ثلاثةِ أطرافٍ والصَّواب في ذلك

- ‌المَطلب الثَّانياحتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثتَلقِّي الأُمَّة لأحاديث الصَّحيحين بالقَبول قرينةٌ تفيد العلم

- ‌المَبحث الثَّالثالاعتراضاتُ على تقريرِ ابنِ الصَّلاحمَفاد أحاديثِ «الصَّحيحين» للعلمِ

- ‌المَطلب الأوَّلالاعتراض على صحَّة التَّلقِّي مِن الأمَّةلأحاديث «الصَّحيحين» والجواب عنه

- ‌المطلب الثَّانيالاعتراضُ على الاحتجاجِ بالتَّلقِّي مِن جِهة وجهِ الاستدلال والجواب عن ذلك

- ‌الفصل الثَّالثدعوى إغفال البخاريِّ ومسلم لنقد المتون

- ‌المَبحث الأوَّلمقالات المُعاصرين في دعوى إغفال الشَّيخين لنقد المتون

- ‌المَبحث الثَّانيدعاوي تسبُّب منهج المُحدِّثين في تَسرُّب المُنكرات إلى كتب التُّراث قديمة

- ‌المَبحث الثَّالثأَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين

- ‌المَبحث الرَّابعالمُراد بـ «نقد المتن» عند عامَّة المعاصرين النَّاقدين «للصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسدَوْرُ بعض كبارِ كُتَّابِ العَربيَّةِفي تَفَشِّي تُهمة إغفال المحدِّثين لنقد المتون

- ‌المَبحث السَّادسمركزيَّة مقالات (رشيد رضا)في انتشارِ الشُبهة في الطَّبقات اللَّاحقة من المُثقَّفين

- ‌المَبحث السَّابعمحاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

- ‌المَبحث الثَّامنباعث انكبابِ المُستشرقينَ على قضيَّة نقد المتونِ

- ‌المَبحث التَّاسعخطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة

- ‌المَبحث العاشرتسرُّب النَّظرة الاستشراقيَّة إلى دراساتِ الإسلاميِّين لتُراثِ المُحدِّثين

- ‌المَبحث الحادي عشرلزوم النَّظر الإسناديِّ في عمليَّة النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلمنشأ فكرة الإسناد للأخبار الشَّرعيَّة

- ‌المَطلب الثَّانيمَدار النَّقدِ عند المُحدِّثين على المقارنةِ بين الأخبار

- ‌المَبحث الثَّاني عشرعدم قَبول المحدِّثين لأخبارِ الثِّقات بإطلاق

- ‌المَبحث الثَّالث عشرشرطُ سَلامةِ المتن مِن القَوادِح لتمامِ النَّقدِ الحديثيِّ

- ‌المَطلب الأوَّلطبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ المحدِّثين للخَبرِ إذا عارَضه ما هو أقوى

- ‌المَطلب الثَّالثالاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنماذج من نقدِ البخاريِّ ومسلم للمتون

- ‌المَطلب الأوَّلتعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابةبالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم

- ‌المَطلب الثَّانيتعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونهاالمعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه

- ‌المَطلب الثَّالثإعلالُ الشَّيخين للحديثِ إذا خالفَ متنُهالصَّحيح المشهورَ مِن سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الرَّابعوقوع الاضطراب في إسنادِ حديث، مع ظهور نكارة في متنه سَبيلٌ عند البخاريِّ لردِّه، دون أن يتشاغلَ بترجيحِ إحدَى أوجُه الاضطراب

- ‌المَطلب الخامسإشارة البخاريِّ لنكارة المتنِ تعضيدًا لما أعلَّ به إسناده

- ‌المَطلب السَّادسترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

- ‌المَبحث الخامس عشرغمز البخاريِّ في فقهِه للمتون بدعوى اختلالِ ترجماته للأبواب ونكارةِ فتواه

- ‌المَطلب الأوَّلعبقريَّة البخاريِّ في صناعة «صحيحه»

- ‌المَطلب الثَّانيانغلاق فهم بعض المُعاصرين عن إدراك وجه المُناسبةبين تراجمِ البخاريِّ وأحاديثِها سبيل عندهم لتسفيهِه

- ‌المَطلب الثَّالثتهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّبفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

الفصل: ‌المطلب الثانيمحمد الغزالي (ت 1416 هـ)(1)وكتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث»

‌المَطلب الثَّاني

محمَّد الغزالي (ت 1416 هـ)

(1)

وكتابه «السُّنة النَّبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث»

هو رائدٌ مِن رُوَّادِ المدرسةِ الإسلاميَّةِ الإصلاحيَّةِ المعاصرة، كان مُلهِمًا لكثيرٍ مِن أربابِ الفكرِ والدَّعوة في حِسْبَتِه على الدِّين ومُدافعته لِمَا يراه دَخيلًا في لُحمتِه، أو يُضادُّ مَقاصدَه، ويُغضي مِن جمالِه.

لقد نَشَأ (الغزاليُّ) في زَمَنٍ عَصيِّ الفهمِ على أربابِه، انبعَثَت فيه أسئلةُ النَّهضةِ مِن جديدٍ لترفعَ صوتَها المُحتارِ بعد عقودٍ مِن الصَّمتِ المُطبِق على الأمَّةِ، دهشةً مِن أليمِ مُصابِها، ألقَى بها شبابُ صَحوةٍ لطالَما عانَوا مِن وَيلاتِ الإمبراليَّة العاتيةِ، وأفكارِ الشُّيوعيَّةِ الدَّاميةِ، وتَغلغُلِ العَلمانيَّة في جميعِ عروقِ الحياة.

(1)

محمد الغزالي السَّقا: وُلد سنة 1341 هـ 1917 م بمحافظة البِحيرا بمصر، تَلقَّى تعليمَه الأوَّلي والثَّانوي في معهد الإسكندرية الدِّيني، ثمَّ التحق بكليَّة أصول الدين بالجامع الأزهر 1937 م، وقد كان من أوائل الأعضاء البارزين في جماعة الإخوان المسلمين، وكان مقربًا لحسن البنَّا، وفي أوائل الخمسينيات عمل في مجالات الحركة الإسلامية دون انتماء لجماعة من الجماعات.

وقد تقلَّد عدَّة مناصب في وزارة الأوقاف، وأعير أستاذًا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة 1977 م، كما عُيِّن رئيسًا للمجلس العلميِّ لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلاميَّة بقسطنطينية/الجزائر إلى أن استقالَ 1989 م.

تعدَّت مُؤلفاته أكثر من خمسين كتابًا، كان أولها «الإسلام والأوضاع الاقتصادية» ، وآخر ما صدر له كتابه عن «التفسير الموضوعي للقرآن الكريم» ، كما تُرجمت بعض أعماله إلى عدَّة لغات؛ انظر ترجمته في مقدِّمة مجلَّة «إسلامية المعرفة» (العدد 7، يناير 1997 م).

ص: 391

هي أسئلةٌ جَليلةُ المَغزى، تزايَدت جيلَ السَّبعيناتِ والثَّمانيناتِ مِن القرنِ الماضي، هَمُّها تَطلُّبُ قيامِ أمَّةِ الإسلامِ مِن جديدٍ، وغَمُّها جَهْلُها بحقيقةِ دينِها، والعَجزُ عن تقريبِه للنَّاسِ مِن بعيد؛ فتواردت الأجوبة عليها مُتعَدِّدة المَشارِب والأغراض، كلٌّ يُدْلي بدَلوِه في بئرِ الدِّين، ويَقطِفُ عَقْلُه مِن أشجارِ الفِكر، يبتغي جوابًا يَزعُمه شِفاءً لأدواءِ الدَّولةِ والمُجتَمع.

فأمَّا أن يكون هذا المُتجشِّم للجواب فقيهًا في الدِّين، مُتمَرِّسًا في الدَّعوة، خطيبًا مُفَوَّهًا -كحال (محمَّد الغزالي) - فإنَّ جوابه يكون أدعى أن يُقبَل مِن العقول، وأسرعَ إلى أن يَنفُذَ في الوِجدان؛ فإذا زادَ على ما سَلَف انتظامَه في سِلكِ حَركةٍ إصلاحيَّةٍ مُبرَّزةٍ: فذاك الَّذي تَشرئِبُّ أعناقُ العالَمينَ إليه تَلقُّفًا لقولِه، أكانَ الواحدُ منهم مُوالِيًا، أو خصمًا له مُعاديًّا.

لقد استشعرَ (الغزالي) مُبكِّرًا -وهو أحد تلاميذ مجلَّة المنار وشيخها رشيد رضا

(1)

- قَدْرَ المَسئوليَّة المُلقاةِ على كاهلِه لتبصيرِ المسلمينَ إلى سبيلِ نَجاتِهم، وإنقاذِ شَبابِهم مِن الضَّلالِ في عَقائدهم وأخلاقِهم وتَصوُّراتِهم للحياة، مُشفِقًا مِن حجمِ الأسئلةِ التَّي تُثارُ لديهم على مَوائد الِحوارِ، وعلى أبوابِ المَساجِد، وعلى مَوجاتِ الأثيرِ؛ لا يَسمعُ في رَدِّها إلَّا خشيبَ الكلامِ، وعقيمَ الأفكارِ!

فتسمع له صوت الأبِ الحَنون يُخاطب الحَيْرى من أبناء أُمَّته فيقول: «قلبي مع شبابِ الصَّحوةِ الإسلاميَّةِ، الَّذين عملوا الكثيرَ للإسلامِ، ويُنتظَر منهم أن يَعملوا الأكثرَ»

(2)

.

لقد شمَّر (الغزاليُّ) عن ساعد الجدِّ لينثر تَصوُّراتِه للنَّهضةِ في عَديدٍ مِن مُؤلَّفاته، لم يُثنه عن غايته النَّبيلة الشَّاقة إغراء سلطانٍ ولا بهرج مال، مُحاولًا بإجاباتِه سَدَّ ما يَراه خَللًا في تَصوُّراتِ الأجيالِ المُتلاحقة للدِّين والحياة؛ داعيًا الشَّبابَ المُقبل على الإسلامِ ألَّا يُضَخِّمَ المسائلَ الفرعيَّة فيجعَلوها ركائزَ أصلِيَّةً

(1)

كما صرح بذلك في كتابه «علل وأدوية» (ص/71).

(2)

«السُّنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/11).

ص: 392

يُمزِّقون أواصر أخوَّتهم عليها؛ ولا تَرتقي أمَّةٌ تمضي على هذا النَّحوِ، لا سِيما ودينُ الله مَعزولٌ عن الحياة.

لقد كانت أعظم أماني (الغزاليِّ) ومقصده في دعوته مُجملًا في وجيز قوله: «نريدُ للصَّحوة الإسلاميَّة المُعاصِرةَ أمرين:

أوَّلهما: البُعدَ عن الأخطاءِ الَّتي انحرَفَت بالأمَّةِ، وأذهبَت ريحَها، وأطْمَعَت فيها عَدُوَّها؛ والآخر: إعطاءَ صورةٍ عَمليَّةٍ للإسلامِ تُعجبُ الرَّائين، وتمحو الشُّبهاتِ القديمةِ، وتُنصِفُ الوحيَ الإلهيَّ.

ويُؤسِفني أنَّ بعضَ المَنسوبين إلى هذه الصَّحوة فشَل في تحقيقِ الأمرَين جميعًا، بل رُبَّما نَجَح في إخافةِ النَّاسِ مِن الإسلامِ، ومَكَّن خصومَه مِن بسطِ ألسِنَتِهم فيه!»

(1)

.

إنَّما أغلبُ كتاباتِ (الغزاليِّ) ديدنُها هذه الرَّغبة الجامحة في نفسه؛ وقلمُه وإن لم يتسِّم بتحقيقٍ عميقٍ للمَسائل، ولا سَردٍ طويلٍ للنُّقول، لكنَّه كان -والله- مُشبعًا بعاطفةٍ إسلاميَّةٍ جَيَّاشةٍ، ورُوحٍ أُستاذيَّةٍ راقيةٍ، تُرَبِّي قُرَّاءَها على تَمثُّلِ الدِّين في تَعاليمِه، وتَفهُّمِ أحكامِه في ضَوءِ مَقاصِدِه.

لقد ساعَدَ (الغزاليَّ) في بَثِّ تَصوُّراتِه للدِّين والحياة قَلَمٌ حُلوٌ وارِفُ البَيان، يُؤنِس القلبَ، ويَبسُط على قارئِه ظِلالًا مِن السَّكينة؛ يُخيَّل إليك سَماعُ صَريفِ قَلَمِه -وإنْ خالَفْتَه- لحُسنِ تَعابيرِه، فلَكَم جَعَلتني رَشاقةُ أسلوبِه في مَعيَّةِ بَسْمَةٍ، ولو رَكِبَ فيها متنَ الخصومةِ، وتَوَقَّدَ بنارِ الاستخفافِ! بمُعجَمِ ألفاظٍ لا تكاد تجِده عند أقرانِه مِن الكُتَّاب الإسلامِيِّين، وطريقة بَيانيَّة هي عندي مِن أحسنِ ما يُقَدَّم به العلمُ والفكرُ في قالبٍ جمَاليٍّ، لا تطغى عليه طَرَاوة الصَّنعةِ اللُّغوية، ولا يُعاني مِن جَفافِ الكتاباتِ الفكريَّةِ الصِّرفةِ.

ص: 393

والنَّاسُ مع ذلك قَلَّ أن يذكروه إنْ تذاكروا أربابَ البَيانِ في زماننا هذا!

الفرع الأوَّل: مَوقف محمَّد الغَزالي مِن الأحاديث النَّبويَّة.

إذا قصَرْنا توجيهَ كشَّافاتِ البحثِ المنهجيِّ إلى مَوقفِ (الغزاليِّ) مِن أحاديثِ السُّنةِ عمومًا، سنجِدُ أبرزَ مشروعٍ سارَ عليه قد جَلَّاه في أواخرِ ما سَطَّره مِن مُؤلَّفاته، أعني به كِتابَه «السُّنة النَّبوية بين أهلِ الفقه وأهلِ الحديث» ، في الفَصلين السَّادس والسَّابع منه خاصَّة، مع بعضِ فصولٍ قليلةٍ في بعضِ مُؤلَّفاته الأخرى، تَناوَلت هذا المَوضوع الجليلَ.

هذا الكتابُ حَظيَ بقَبولٍ وسَخَطٍ كبيرين في السَّاحة الفكريَّة وقت صدروه: قَبولٍ مَمزوجٍ بالدَّهشةِ والاستحسانِ مِن قِطاعٍ واسعٍ مِن دُعاةِ الحَداثةِ وأدعياءِ التَّجديد

(1)

، بل ثناءٍ من بعضِ الشِّيعةِ له بـ «الشَّيخَ المُجاهد»

(2)

لأجلِ ما أشعله فيه من نيران الحرب مع أهل الحديث؛ وسَخَطٍ لم يَكظِمه شُداة الآثارِ، حتَّى بَثُّوه في ردودِهم المُتكاثرةِ على كتابِه

(3)

.

فهما فريقان مُتناقِضان، قد ساهما في الرَّواجِ لكتابِه، ما جَعَله يُطبَع سبعَ مرَّاتٍ في وقتٍ وجيز!

وعِلَّة هذا القبول والسَّخط العارمين: أنَّ الغزاليَّ في كتابِه قد اختارَ النِّزالَ في ساحةٍ وَعِرة، يقتحِمها المُبَشِّرون والكائِدون للإسلام منذ قرونٍ -أعني مَيدانَ السُّنة- بتَصَيُّدِ غَريبِ الحديث، وتَتبُّعِ المُتشابِهات فيه، أو إقامةِ قضيَّةٍ على ما يظنُّون أنَّه مُناقضٌ للعَقلِ أو العلمِ؛ فكان خَوضُ عِراكٍ في هذا المَيدانِ أشبهَ

(1)

مِمَّن استشهدَ به في كتاباتِ العَلمانيِّين: نضال عبد القادر في كتابه «هموم مسلم» (ص/102، 109).

(2)

أعني به جعفر السُّبحاني في كتابه «الحديث النبوي بين الرواية والدراية» (ص/72).

(3)

من ذلك: كتاب «المِعيار لعلم الغَزاليِّ» لصالح آل الشيخ -وزير الأوقاف السُّعودي سابقًا-، و «سَمط الآلي في الرَّد على الغزالي» لأبي إسحاق الحويني، لم يَخرُج منه إلَّا طليعَتُه، و «براءة أهل الفقه والحديث من أوهام الغزالي» لمصطفى سلامة، و «الشَّيخ محمَّد الغزالي، بين النَّقد العاتب، والمدح الشَّامت» لمحمد جلال كشك، وأشهرُها كتاب د. سلمان العودة «حوار هادئ مع الغزالي» ، وإن أبدى صاحبُه بعد ذلك نَدَما على إخراجِه له وأسلوبِه فيه.

ص: 394

بمَلحَمةٍ يقتحِمُها المُجاهِد، لا يَكادُ يَسلَمُ فيها مِن خَدْشٍ أو جَرحٍ، بل قَتْلٍ! إنْ هو لم يُحسِن تَصوُّرَ خُطَطِ مَن يُواجِههُ، أو لم يُتقِن استعمالَ سِلاحِه ذَبًّا عن قَضيَّتِه.

فهذا الَّذي أُراه حالًا للغَزاليِّ في كتابِه؛ فإنَّا وإن شَكَرنا له ما انطوى عليه مِن نَقداتٍ مَنهجيَّةٍ راجِحة، وتوجيهاتٍ تَربويَّةٍ ناجعة، فإنَّا لا نخفي أسَفنا على منهَجِه الَّذي ارتضاه فيه لنقد الأحاديث، حيث اعتمد على مِعيارٍ عَقليٍّ نِسْبيٍّ مُتمَخِّضٍ -أحيانًا- عن ذَوقٍ شَخصيٍّ، يَشذُّ بهما كثيرًا عن جماعاتِ العلماءِ قديمًا وحَديثًا.

ذلك أنَّ النَّظرَ عند (الغزاليِّ) في المتونِ هو الأساسُ الأمتَنُ في تميِيزِ المَقبول مِن الأخبارِ، قد أعلنَ عن ذلك في مَواضعَ من كُتبِه، مثل ما ذَكر من أنَّه قد يَحتجُّ بالضَّعيفِ وإن بانَ سَقَطُ إسنادِه لإعجابِه بمَعناه، ويرفضُ في المقابل ما اتُّفِقَ عليه مِن الصِّحاحِ إذا استنكرَها فهمُه؛ هذا مُرتكزُه الأساسُ في قَبولِ الحديث، ثمَّ يأتي الإسنادُ بعدَ المتنِ في الأهميَّة، وقد يَفقِدُ المتنُ الأهميَّةَ عند تَصدُّع الأوَّل حسب قولِه.

فاسمَعه وهو يَتعقَّبُ الألبانيَّ تضعيفَه حديثًا ضَمَّنَه كتابَه «فقه السِّيرة» قائلًا:

«قد يَرى الأستاذ المُحدِّث أنَّ تحسينَ التِّرمذي وتصحيحَ الحاكم لا تعويلَ عليهما في قَبولِ هذا الحديث، وله ذلك؛ بيدَ أنِّي لم أجِدْ في المطالبةِ بحُبِّ الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم ما يحملني على التَّوقُّفِ فيه، ولذلك أثبتُّه وأنا مُطمئِنٌّ! وفي الوقتِ الَّذي فسحتُ فيه مكانًا لهذا الأثرِ على ما به، صَدَدتُّ عن إثباتِ روايةِ البخاريِّ ومسلم -مثلًا- للطَّريقةِ الَّتي تَمَّت بها غزوةُ بني المُصطلق!»

(1)

.

وقال: «قد قبِلتُ الأثرَ الَّذي يَستقيمُ متنُه مع ما صَحَّ مِن قواعدٍ وأحكامٍ، وإنْ وَهِيَ سَندُه، وأعرَضتُ عن أحاديث أخرى توصف بالصِّحة؛ لأنَّها -في فهمي لدين الله، وسياسةِ الدَّعوة- لم تنسجم مع السَّياقِ العامِّ»

(2)

.

(1)

«فقه السيرة» (ص/12).

(2)

«فقه السيرة» (ص/14).

ص: 395

وقد كان الفَرض في مَن يَدَّعي نقدَ الأحاديث من خلال متونها، أن يكون حاذِقًا بالمَعاني الظَّاهرةِ والمُودَعةِ فيها، ليَتوَصَّل إلى كشفِ ما يجوز نِسبتُه إلى الشَّارِع وما يمتنِعُ.

فأمَّا أن يكون النَّاقد عاجزًا عن تحقيق المَعنى المُراد مِن الحديثِ ابتداءً، فضلًا عن نفيِه الفائدة منه بالمَرَّة

(1)

، مع ما يحتويه الخَبر مِن كنوز مَعرفيَّة يستنْبطها فقهاءُ الحديث: فالحَرِيُّ بمثله التَّورُّع عن اقتحامِ سِياجِ المتون، وترك الاعتراضِ على أهلِ الحديثِ في صنعَتِهم، بله التَّعريضِ بأفهامِهم.

فأيُّ اعتبارٍ -إذن- لرفضِه حديثَ دِيَةِ المرأةِ، مع أنَّ مضمونه كلمة إجماعٍ بين أهل الفقه والحديث إلَّا مَن شذَّ

(2)

! وإزراءه بأهلِ الحديثِ وحدِهم لأنَّهم اعتمدوه! واصفًا فِعلَهم بأنَّه «سَوْءَة فِكريَّة وخُلقيَّة»

(3)

! ناسبًا نُكرانه له إلى «الفقهاءِ المُحَقِّقين» !

(4)

فلستُ أدري، مَن يعني بهؤلاء الفقهاءِ المُحقِّقين، وأنَّا هو كلامُهم في رفضِ الحديث؟!

ثمَّ أيُّ اعتبارٍ لامتعاظِ (الغزاليِّ) من كلامَ ابنِ خُزيمة والمَازريِّ ومَن وراءهم مِن فقهاء الحديث في تَوجيهِ حديثِ لطمِ موسى للملَك؟! توجيهًا وصَمَه بالسَّطحيَّة فقال: «هذا الدِّفاع كلُّه خفيفُ الوزن! وهو دفاعٌ تافهٌ لا يُساغ! .. والعِلَّة في المتنِ يُبصرها المُحقِّقون، وتخفى على أصحابِ الفكرِ السَّطحيِّ»

(5)

.

(1)

كما تراه -مثلًا- من دعوى (الغزاليِّ) في «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/34) على حديثِ لطمِ موسى عليه السلام للمَلَك كونَه «لا يَتَّصِلُ بعقيدةٍ، ولا يرتبط به عملٌ» ، ونَفيِه أن يَتَعلَّق حديثُ الذُّبابِ «بسلوكٍ عامٍّ أو خاصٍّ» كما قال في «قذائف الحق» (ص/149).

(2)

انظر «الاستذكار» لابن عبد البر (8/ 67) و «المغني» لابن قدامة (8/ 402).

(3)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/25).

(4)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/25).

(5)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/36).

ص: 396

مع أنَّ أهلَ السُّنة -وإليهم ينتسبُ (الغزاليُّ) - قابلون لهذا الحديث، مُقِرُّون بصحَّتِه، منذ عهدِ الرَّواية إلى يومِ النَّاس هذا، لا يُعلَم منهم للحديث غامِزٌ، إلَّا ما كان من بعضِ شَراذمِ الاعتزالِ؛ أفيُعقل ألَّم يَكُن في أولاء عبر تلك القرون المتعاقبة «مُحَقِّقون» يَتَفطَّنونَ لزَيغِ الحديثِ كما تَفطَّنَ؟!

هذا؛ وهو الَّذي يؤكِّد مِرارًا بأنَّه «مع جمهرةِ الفقهاءِ، والمُتحَدِّثين عن الإسلام، وليسَ صاحبَ مَذهبٍ شَاذٍّ»

(1)

.

بل ما أجدر بهذا الحديثِ المُستنكَر عند (الغَزاليِّ)، أن تَتَنزَّل عليه قاعدته الَّتي قعَّدها هو نفسه حينَ قال:«إذا استجمَعَ الخبرُ الَمرويُّ شروطَ الصِّحةِ المُقرَّرة بين العلماء، فلا معنى لرفضِه، وإذا وَقَع خلافٌ مُحترَم في توفُّرِ هذه الشُّروطِ، أصبح في الأمرِ سَعةٌ، وأمكنَ وجودُ وجهاتِ نَظرٍ شَتَّى»

(2)

.

فآهٍ للغَزاليِّ! لو مشى على هذا الصِّراط المستقيم في تَعاملُه مع ما أعَلَّ مِن أحاديث صِحاحٍ، إذن لسَلِمَ مِن عارِها وشُؤمِ نُكرانِها، ولَما تجرَّأ عليه أحَدٌ بالتَّجهيلِ في هذا الفنِّ الأصيلِ مِن علوم الآلة.

فهذه الأمثلة وغيرها مِمَّا أظهرناه من تقريراتِ (الغزاليِّ)، شاهدة على طريقةِ تعامُلِه مع ما يستغلق عليه فهمه وقبوله من الصِّحاحِ، ومَن رَأَى مِن السَّيفِ أثرَه فقد رَأى أكثرَه!

ولَكم حزنتُ أن أرى داعيةً في مثلِ مَقامِه يَستهتِرُ في كلام له عن جُملةٍ مِن الأحاديثِ النَّبويَّة، بنوع تعبيراتٍ يَلوحُ منها ما يكتنِفُه مِن تَوتُّرٍ نفسيٍّ تُجاهَها، أجزِمُ أنَّ ألفاظها جانبت الصَّوابِ وجفت عن كمالِ الورَعِ، مهما كانت بَواعث صاحبها إلى ذلك.

وإلَّا فأخبرني أخي القارئ: ما تستشعره ذائِقتُك وأنتَ تقرأ نعتَه للأحاديثِ النَّبويَّة بـ «رُكام المَروِيَّات» ؟!

(3)

ص: 397

نعم؛ أنا على بالٍ بأنَّ المُحِبَّ للشَّيخ قد يَجِد في السِّياقِ ما يَتأوَّل له به عبارته أو يُقلِّل مِن هَولِها، لكنَّها -في معتقدي- لا تصلُح بحالٍ أن يُعَبَّر بمثلِها عن أخبار نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ووِعاء سُنَّتِه.

فمثل هذه المواقف الشَّديدة مِن (الغزاليِّ) في كتابه «السُّنة النبويَّة» كثير، يُقَوِّي العزمَ عندي بأنَّ ما خطَّته يمينُه فيه إنْ هو إلَّا نَفثةُ مَصدورٍ! وما كان مُحاكمةً عِلميَّة حقيقيَّة لاختلافِ الأدلَّةِ

(1)

؛ وهو الَّذي أقرَّ بأنَّ مِثلَ تلك الأحكام الجُزافِ والألفاظ القاسية تُجاه الصِّحاحِ، والنَّأيَ عن كلامِ الأئمَّةِ في فهمِها على وجهها، مُفضٍ إلى إهدارِ السُّنة في المآلِ، فكان مِن جَميلِ مَقالِه في ذلك قوله:

«إنَّ الوَلَع بالتَّكذيبِ لا إنصافَ فيه ولا رُشد، إنَّ اتِّهامَ حديثٍ ما بالبُطلان، مع وجود سَندٍ صحيحٍ له، لا يجوز أن يَدور مع الهَوى، بل ينبغي أن يخضَعَ لقواعد فَنيَّةٍ مُحتَرمةٍ، هذا ما التَزَمه الأئمَّة الأوَّلون، وهذا ما نَرى نحن ضرورةَ التزامِه.

لكنَّ المؤسِفَ أنَّ بعض القاصِرين ممَّا لا سهمَ له في معرفةِ الإسلام، أخَذَ يهجُم على السُّنةِ بحمقٍ، ويَردُّها جملةً وتفصيلًا، وقد يُسرِع إلى تكذيبِ حديثٍ يُقال له، لا لشيءٍ إلَاّ لأنَّه لم يَرُقه أو لم يَفهمه!».

ثمَّ مَثَّل (الغزاليُّ) لهذا التَّأصيلِ بحديثِ الحبَّةِ السَّوداءِ، حيث شنَّع على مَن هَرَف «بأنَّ الواقعَ يُكذِّبُه، وإنْ صَحَّحه البخاريُّ!» ، قائلًا عنه: « .. ويَظهرُ أنَّه فهِمَ مِن كلِّ داءٍ سائرَ العِلَلِ الَّتي يُصاب بها النَّاس، وهذا فهم باطلٌ! والواقع أنَّ (كلَّ داءٍ) لا تعني إلَاّ أمراضَ البردٍ، فهي مثل قول القرآن الكريم:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25].

بَيْدَ أنَّ الطَّعنَ هكذا خبطَ عشواء في الأسانيدِ والمتون -كما يصنعُ البعضُ- ليس القصدُ منه إهدارَ حديثٍ بعينِه، بل إهدارَ السُّنةِ كلِّها! ووَضْعَ الأحكامِ الَّتي جاءت عن طريقِها في مَحلِّ الرِّيبةِ والازدراءِ، وهذا -فوق أنَّه غَمطٌ للحقيقةِ

(1)

انظر «طليعة سَمط الآلي» لأبي إسحاق الحويني (ص/21).

ص: 398

المُجرَّدة- يُعرِّض الإسلامَ كلَّه للضَّياعِ؛ إنَّ دواوين السُّنةِ وثائق تاريخيَّة مِن أحْكَمِ ما عَرَفَت الدُّنيا»

(1)

.

فلأجل هذه الَّآلي المنثورة في غير موطنٍ من كُتبه، أُسجِّل رَفضِي القاطعَ لتُهَمةِ بعضِ جُفاةِ المُشتغِلين بالحديثِ لهذا العَلَم النَّبيل بالتَّشكيكِ في السُّنةِ وعَداوةِ أهلِها

(2)

؛ أعاذَه الله مِن هذا العار، وهو الَّذي سَخَرَّ حياتَه للذَّبِ عن حِياضِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، والارتشافِ مِن كَوثرِ سُنَّتِه، وإن أخطأَ تَلمُّسَ الحقِّ -أحيانًا- في سَبيلِ بلوغِ ذلك.

فانظر إلى صفحةِ وجهِه المُغضب، كيف يُعلِنُها حرْبًا على مَن تُسَوِّل له نفسُه زَحْزحة السُّنةِ عَمَّا بَوَّأها الله مِن مَكانةٍ وهو يقول:« .. إنَّ مِن حَقِّنا أن نغضَبَ لتَطاوُلِ البعضِ دون بصيرةٍ عِلميَّةٍ، على أصولِ الإسلام، ومَصادِر ثقافتِه، والجريِ وراءَ الاستعمارِ الثَّقافي في التَّطويح بالسُّنَن، والتَّهوين من رِجالها؛ والسُّنَةُ هي الاستحكاماتُ الخارجيَّة حول أسوارِ القرآن، فإذا تَمَّ تدميرُها، فدَوْرُ القرآنِ آتٍ بَعدها، وذاك أمَلُ المُستشرقين المُبشِّرين، وسائرِ أعداءِ الدِّين»

(3)

.

فهل يُقال للمُتكلِّم بهذا بأنَّه طاعِنٌ في السُّنة، مُخاصِمٌ لأهلِها؟! اللَّهم غُفرًا.

والأنصفُ من هذا الحَيْف ما أجمَلَه صاحبُه وصفيُّه (القَرَضاويُّ) في كلامٍ قعيدٍ له، يقول فيه عنه:

«رُبَّما أسْرَف الشَّيخُ في ردِّ بعضِ الأحاديثِ الثَّابتة، وكان يُمكِن تَأويلُها، وحَملُها على معنى مقبولٍ؛ وربَّما قَسا كذلك على بعضِ الفئاتِ، ووَصَفهم ببعضِ العباراتِ الخَشِنة والمُثيرة، وربَّما استعَجَل الحُكمَ في بعضِ مسائل، كانت تحتاجُ إلى بحثٍ أدقٍّ، وإلى تحقيقٍ أوفى.

ص: 399

ولكنَّ الكتابَ ليس كما تُصوِّره الحَمَلَة عليه، كأنَّه كتابٌ ضد السُّنة! ولا كما تَصَوَّروا مُؤلِّفَه، وكأنَّه يُنكر السُّنة! فهذا ظلمٌ بيِّنٌ للشَّيخ، الَّذي طالما دافعَ عن حُجِّيةِ السُّنة المشرَّفة، وهاجَم خصومَها بعنفٍ؛ وإنكارُ حديثٍ أو حديثين أو ثلاثة، وإن ثَبَتَت في الصِّحاح، لا يعني بحالٍ إنكارَ السُّنة بوَصفِها أصلًا ثانيًا، ومَصدرًا تاليًا للقرآن»

(1)

.

ولقد رأيتَ أنَّ إقرارِنا بهذه البَراءةِ (للغَزاليِّ) ودَفعنا لقولِ مَن أقذعَ فيه، لم يُثنِنا عن نقدِه، وبيانِ زَلَله حين زَلَّ؛ وذلك أنَّ عُذرَه الَّذي يُبديه (الغزاليُّ) في كلِّ مَوطنٍ يرفُض فيه التَّسليمَ ببعضِ الصِّحاحِ مِن الأخبار النَّبويَّة: مِن أنَّه يخافُ على الإسلام مِن شَماتةٍ أعدائِه، حريصٌ على الدِّين أن يجدَ العَلمانيُّون واللَّادينيُّون فيه ثغرةً ينفذُون منها للطَّعنِ فيه، فكان يقول:«إنَّني آبَى كلَّ الإباء، أن أربِطَ مُستقبلَ الإسلامِ كلِّه بحديثِ آحادٍ، مهما بَلَغَت صِحَّتُه»

(2)

.

أقول: لا يَشفعُ (للغَزاليِّ) مثل هذا الاعتذارِ مهما حسُن فيه مَقصِدُه، فإنَّ كثيرًا مِن الأحاديثِ لم يَزَلْ أهلُ الأهواءِ وأربابُ المِلَلِ قديمًا يَنْعَونَها على المُسلِمين ولا يزالون، فلم نَجِد أحدًا مِن أئمَّةِ الإسلامِ يَطعنُ فيها مُجاراةً لحضارةِ أعدائِهم، أو شفقةً على نظرتِهم للإسلام.

لكن مشكلة (الغَزاليِّ) أنَّه رأى إسقاطَ بعضٍ مِن تلك الأحاديثِ الصَّحيحة المُستشكَلةِ في بعضِ الأذهانِ مِن قائمةِ التَّعويل -ولو كان مَقامُها في قلبِ «الصَّحيحين» - سبيلًا لدَرْءِ شُبهاتِ أولائكِ النَّاعِقين على الإسلام، فمتى كان رأيُ الكَفَرةِ مِن الإفرنجِ وأذنابِهم مِعيارًا مُعتبَرًا عند المُسلمين في تحسينِ صورةِ دينِهم أو تقبيحِه؟!

(1)

«موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية» لـ د. القرضاوي (ص/379).

(2)

«الطريق من هنا» لمحمد الغزالي (ص/49).

ص: 400

ولَإنْ تبادَر إلى فهمِ (الغَزاليِّ) مِن مُتونِها مَعانِيَ تنافرها قناعاته، فالمُشكلة حينها في فهمِ الشَّيخِ لا في الأحاديث نفسها، ولا في أخذ الأئمَّة بها؛ ولا أجد في هذا المقام جوابًا عليه أسَدَّ ولا أنسبَ مِن جوابِه هو نفسِه حين قال:

«أمَّا نقدُ المتنِ: فقَوامُه مُقاربةُ الحديثِ المَنقول بما صَحَّ مِن نقولٍ أخرى، والنَّظر إليه على ضوءِ ما تقرَّر إجمالًا وتفصيلًا في كتابِ الله، وسُنَّة رسولِه صلى الله عليه وسلم ..

وقد استباحَ بعضُ القاصِرين لأنفسِهم أن يردُّوا بعضَ السُّنَن الصِّحاح، لأنَّهم أساءوا فهمَها، فسارَعوا إلى تكذيبِها دون تبصُّرٍ! ..

وكُتب السُّنةِ المُعتبرةِ في ثقافتِنا التَّقليديَّة مَليئةٌ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ والحَسنةِ، وفيها كذلك الضَّعيف الَّذي كشَف العلماء عِلَلَه؛ وعندي أنَّ المُشكلة الأولى ليست في مَيْز الصَّحيح مِن الحسن، والحسنِ مِن الضَّعيف، بل في فهمِ الحديثِ على وَجهِه، وترتيبِه مع غيرِه مِن السُّنَن الواردة، وهذا هو عملُ الفقهاء، وجهدُهم الكبير»

(1)

.

الفرع الثَّاني: مَوقفُ (محمَّد الغزالي) مِن «الصَّحِيحين» .

لـ «لصَّحيحين» مَكانة عظيمة في قلبِ (الغَزاليِّ) لا تُنكَر، مُقِّرٌ هو بأفضلِيَّتهما على سائرِ كُتبِ الصِّحاح، مُسلِّمٌ لهما بتَجاوزِهما -كما يقول- «قنطرةَ الصِّحة»

(2)

.

والشَّيخ مع هذه الحال من التَّقدير الجُمليِّ للكتابين، لم يَمْنَعهُ ذلك مِن استباحة الطَّعن في بعضِ ما أخرج الشَّيخان فيهما، وإن لم يُعِلَّه قبله ناقدٌ متخصِّص؛ كحديثِ «لَطمِ موسى عليه السلام للمَلك» ؛ فلمَّا استوحش الشَّيخ من فِعلتِه هذه، ولم يجد له مؤنسًا من سلفٍ مُعتَبَر، انسابَ قَلَمُه عجِلًا يدَّعي أنَّ الحديثَ «قد جادَلَ البعضُ في صِحَّته»

(3)

!

ص: 401

فمَن هذا البعضُ الَّذي نازَعَ الأئمَّةَ في صِحَّته؟ ولِمَ لمْ يعتضِد هو بذكرِه صراحةً؟!

ولقد أحصيت ما أعلَّه (الغزاليُّ) وهو في «الصَّحيحين» أو أحدها، فبلغ عندي خمسة عشر حديثًا

(1)

، وهي: حديث: «إنَّ الميِّت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه .. »

(2)

، وحديث:«لا يُقتَل مسلمٌ بكافرٍ»

(3)

، وحديث شريك بن عبد الله في الإسراء

(4)

، وحديث أهل القَليب:«ما أنتم بأسمع لِما أقول الآن منهم»

(5)

، وحديث فقءِ موسى عليه السلام عينَ ملك الموت

(6)

، وحديث إغارة النَّبي على بني المصطلق

(7)

، وأحاديث المسيح الدَّجال

(8)

، وحديث السَّاق والصُّورة لله عز وجل

(9)

، وحديث:«إذا مرَّ بالنُّطفة ثنتان وأربعون ليلة»

(10)

، وحديث:«يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود»

(11)

،

وحديث: «كان فيما أنزل عشر رضعات يُحرِّمنَ»

(12)

، وحديث: «إنَّ الرَّجل ليعمل بعمل أهل الجنة، وإنَّه لمن

(1)

تسرَّع ربيع المدخلي عند ذكره في كتابه «موقف الغزالي من السنة وأهلها» (ص/44 - 45) للأحاديث الصَّحيحةٍ الَّتي طَعَن فيها الغزاليُّ، حين مَثَّل فيها بما حقيقته أنَّه تأويل للغزاليِّ وليس تعليلًا له! كحديث البخاري:«أعطى صلى الله عليه وسلم الفارس سهمين .. » ، وحديث خبَّاب بن الأرت في البناءِ، وحديث نخس الشَّيطان للمَولود؛ فلَزِم التَّنبيه!

(2)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/21).

(3)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/25).

(4)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/30).

(5)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/31).

(6)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/34).

(7)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/127).

(8)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/149).

(9)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/151).

(10)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/154).

(11)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/156) ..

(12)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/174).

ص: 402

أهل النَّار»

(1)

، وحديث انشقاقِ القمر

(2)

، وحديث توقُّف الشَّمس لأحد الأنبياء

(3)

، وحديث حذيفة الطَّويل في الفِتن

(4)

.

والَّذي أراه جَرَّأ (الغَزاليَّ) على إحالةِ هذه الأحاديثِ في «الصَّحيحين» ، فقَلَّلَ مِن هَيْبَة مَسِّها في صدرِه: اتِّباعُه لِما دَرَج عليه بعضُ المُتكلِّمِين مِن اندراجِ أحاديثِهما في جملةِ الآحادِ الَّتي لا تُفيد غير الظَّن؛ وقد أبان (الغزاليُّ) عن هذا الأصلِ الَّذي اشتغل به بقوله:

«الأحاديث في «الصَّحيحين» المَروِيَّة بطريقِ الآحادِ، هل يَنطبِقُ عليها ما تقدَّم في درجةِ القطعِ بصحَّةِ الصَّحيح؟

يرَى ابن الصَّلاح أنَّ الأمَّة حيث تلقَّتهما بالقَبول، فكأنَّ هذا إجماعٌ على صِحَّتهما، وأنَّ كل ما فيهما صحيحٌ سندًا ومتنًا

(5)

؛ ولكنَّ الجمهورَ لا يَرَوْن أنَّ الأمَّةَ قد اتَّفَقَت على صِحَّة هذين الكِتابين، بل الاتِّفاقُ إنَّما وَقَع على جوازِ العملِ بما فيهما، وذلك لا يُنافى أن يكون ما فيهما ثابتًا بطريقِ غلبةِ الظِّن، لا القطعِ، فإنَّ الله لم يُكلِّفنا بدرجةِ القطعِ في تفاصيل الأحكام العمليَّة، ولذلك يجبُ الحكمُ بمُوجب البيِّنة، وهي لا تُفيد إلَّا الظَّن.

وتجدر الإشارة هنا: إلى أنَّ الحديث الصَّحيح الآحاديَّ، قد تحفُّ به قرائن مُؤيِّدة مُؤكِّدة، فينتقلُ مِن درجِة الظَّن إلى درجةِ القطع في الثُّبوت، أو إلى ما

(1)

«السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/186).

(2)

«الطريق من هنا» (ص/50).

(3)

«الطريق من هنا» (ص/51)

(4)

«فقه السيرة» (ص/14)، وأعني بالحديث ما في صحيح مسلم (برقم 2891) قال حذيفة رضي الله عنه: «والله إني لأعلم النَّاس بكلِّ فتنة هي كائنة فيما بيني وبين السَّاعة، وما بي إلَاّ أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إليَّ في ذلك شيئا لم يحدثه غيري

»، ودعواه في ردِّه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيوب على هذا النَّحو المفصَّل الشَّامل العَجيب.

(5)

لم يقُل هذا ابن الصَّلاح! إنَّما قال أنَّ المَقطوع به من أحاديث «الصَّحيحين» ما تُلقِّي بالقَبول واتُّفق على صِحَّتِه، دون ما اختُلِف في تصحيحِه وتعليلِه من قِبَل النُّقاد، وسيأتي كلامُه مُفصَّلًا.

ص: 403

يقرُب منها، وربَّما كان هذا مُنطبِقًا على كثيرٍ مِن أحاديثِ «الصَّحيحين» ، لكن لا يُمكن تعميمُه على جميعِها.

فيتَّضِحُ ممَّا سَبَق، أنَّ الحديث يُعرَض على مَعايِير نقدِ المتنِ، حتَّى ولو كان صحيحَ السَّند، بل الحديثُ الصَّحيح الآحاديُّ ليس مَقطوعًا بصحَّتِه سواء أكان في الصَّحيحين أو غيرهما»

(1)

.

فهذا -كما تَرَى- تسويغٌ (للغَزاليِّ) وجهَ مخالفته لبعض ما أخرجه الشَّيخان في «الصَّحِيحين» ، فإنَّ آحادها في أصلِها لا تعدو كونَها عنده ظَنِّية، والأصلُ في الظَّنيِّ إذا عارضَ قطعيًّا أنْ يُطَّرح.

فلذلك نجده حين يُستنكَر عليه رَدَّ شيءٍ في «الصَّحيحين» ، يجيب بقوله: «أريدُ أن أقرِّرَ حقيقةً إسلاميَّة ربَّما جِهَلَها البعضُ: هل رَفضُ حديثِ آحادٍ -لملحَظٍ ما- يُعَدُّ صَدْعًا في بناءِ الإسلام؟ ..

كلَّا! فإنَّ سُنَن الآحادِ عندنا تُفيد الظَّنَّ العِلميَّ»

(2)

، وبالتَّالي «لو نَقَّينا هذا العَدَدَ مِن بِضعِ أحاديث قليلةٍ، ماذا سيجرِي؟! سواء كان هذا في البخاريِّ أو مسلم!»

(3)

.

وسيأتي نَقضُ هذا الأصلِ الَّذي ابتنى عليه الغزاليُّ تعليلاتِه لبعضِ أخبارِ «الصَّحيحين» ، عند دراسة المُسوِّغ الثَّاني من الباب الثَّالث -إن شاء الله-.

(1)

«تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع» (ص/174)

(2)

«قذائف الحق» (ص/148).

(3)

جريدة «المسلمون» العدد (276) 29 شوال 1410 هـ (ص/11).

ص: 404