الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا الاعترافُ بالنِّعَمِ بالقلبِ فَهُوَ مِنَ الشُّكْرِ، والدَّليلُ قولُه تَعَالَى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]، هَذَا الخبرُ يريدُ اللهُ مِنَّا أنْ نَعْتَقِدَهُ، ولهَذَا ذَمَّ اللهُ تبارك وتعالى الَّذِينَ نَسَبُوا نِعْمَتَهُ إِلَى أنفسهم، قَالَ عن قارون:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]، فقَالَ اللهُ تَعَالَى:{أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا} [القصص: 78].
والمواضعُ الثلاثةُ للشكرِ قَلَّ مَن يقومُ بها، فبعضُ النَّاسِ مثلًا يَعتمِد عَلَى السَّبَب فِي جَلْبِ النعمةِ إليه وينسى المسبِّبَ، فعندما يعطيه إِنْسَانٌ حاجةً من الحاجاتِ تجد أَنَّهُ يقومُ فِي قلبِه من شكرِ هَذَا المعطي أكثر ممَّا يقوم بشكرِ اللهِ، تجده يُثْنِي أيضًا عَلَى هَذَا أكثرَ ما يثني عَلَى اللهِ، فتجده يقوم بخدمةِ هَذَا أكثر مما يقوم بخدمةِ اللهِ، مَعَ أن هَذَا الَّذِي وَصَلَتِ النعمةُ عَلَى يدِهِ ما هُوَ إِلَّا طريق لِوُصُولهِا إليك فقط، وإلَّا فالذي جعلَ فِي قلبه أن يوصل هَذِهِ النعمة إليك هُوَ الله سبحانه وتعالى، وَهُوَ الَّذِي يَسَّرَ هَذَا.
فالحاصلُ: أنَّ النَّاسَ الْآنَ فأكثرُهم أو غالبهم يُخِلُّون فِي مَقامِ الشكرِ إمَّا بالقلب أو باللسان أو بالجوارحِ.
الفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:
أن الْإِنْسَانَ يُشْرَعُ له إذا مَنَّ الله عليه بنعمةٍ أنْ يَحْمَدَهُ عليها، وقد وردَ فِي النصوصِ مثل ذلك، فعندما تنتهي من الأكلِ والشربِ تقول: الحمدُ للهِ
(1)
، وعندَما تَسْتَيْقِظُ تَحْمَدُ اللهَ
(2)
، وعندما تلبسُ ثَوبًا تحمدُ
(1)
انظر: صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، حديث رقم (2734)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
انظر: صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام، حديث رقم (5953)؛ صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، حديث رقم (2711)، عن البراء بن عازب رضي الله عنه.