الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآثارِها، فيقتضي العلم والفهم، ومناسبته منَ الآيَةِ الَّتِي سُقناها من آيَة النِّسَاءِ واضحةٌ، قَالَ تَعَالَى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النِّسَاء: 105 - 106]، فتعقيب الحكمِ بين النَّاس بالاستغفارِ دليلٌ عَلَى أن الاستغفارَ من أدوات الحكم بالحق، وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر الاستغفارَ حَتَّى إنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ الله ويتوب إليه فِي اليوم أكثرَ من سبعينَ مرَّةً
(1)
، ويُحفَظ له فِي المجلسِ الواحدِ أكثر من مائةِ مرةٍ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قد غفرَ اللهُ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر
(2)
فكانت أَسْباب المغفرة فِي حقِّه أكثر من غيره.
ومن أَسْباب المغفرة أن يستغفرَ بلسانه، وَهُوَ عليه الصلاة والسلام يعلم أن الأَشْيَاء بأَسْبابها، عَلِمَ أن اللهَ غفر له ما تقدمَ من ذنبه وما تأخَّر، فجعل يُكْثِر من أَسْباب المغفرةِ بالاستغفارِ بلسانِه، وكذلك أيضًا بفعل أَسْبابِ المغفرةِ بأفعالِه، وهَكَذَا ينبغي للإِنْسَانِ إذا منّ اللهُ عليه بشيءٍ أن يحقِّق ذلك الشَّيْء بفعلِ الأَسْبَاب ولا يتَّكل.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:
إثبات الحِكْمَة لله تَعَالَى؛ لِقَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فالرَّحْمَة لها سبب، وكون الله تبارك وتعالى يَقْرِنُ أفعالَه بأَسْبابها يَدُلّ عَلَى كمالِ الحِكْمَةِ؛ لِأَنَّ من يفعل أفعالًا عَنْجَهِيَّة لَيْسَ لها أَسْباب فهَذَا سفيه، لكِن عليه أن يربط الأفعال بأَسْبابها.
* * *
(1)
رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب استغفار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة، حديث رقم (5948)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
انظر: صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"أنا أعلمكم بالله"، حديث رقم (20)؛ صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنَّار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، حديث رقم (2820)، عن عائشة رضي الله عنها.