الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} هَذَا أيضًا فِيهِ بِشَارَة لموسى صلى الله عليه وسلم بأنه عند الله وَأَنَّه مِنَ المرسَلِين، ومعلوم أَنَّهُ إذا بُشَرَ بمثلِ هَذِهِ البشارةِ سوفَ يَزول عنه الخوفُ نهائيًّا، وسوف يحلّ مكان الخوفِ أَمْنٌ، ومكان الذُّعْر سرورٌ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى:
هَذِهِ الآيَة العظيمة دالَّة عَلَى كمالِ قُدْرة الله سبحانه وتعالى؛ لِقَوْلِهِ: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ} ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بإلقاء العَصَا فألقاها، فبمُجَرَّد وُصُولها إِلَى الْأَرْض صارتْ حيَّة، ولهَذَا فِي سورة طه {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20]، {إِذَا} فُجائيَّة تدل عَلَى مفاجأةِ الأَمْرِ ووقوعِه عَلَى وجهِ الفورَّية. ففيها دليل واضح عَلَى كمال قدرةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وَأنَّهُ إذا قَالَ للشيءِ: كنْ فَإِنَّهُ يَكُون.
الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ:
حِكمة الله تَعَالَى فِي آيَاتِ الرسُل، وأنها تناسب العَصْرَ، لِقَوْلِهِ:{تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} ؛ لأنّ هَذَا أشبه ما يَكُون بما تَطَوَّرَ تَطَوُّرًا بالغًا عندهم فِي ذلك الوقت وَهُوَ السحر، فلو أن أحدًا أتى بعصا أمامَكَ ووضعها فِي الْأَرْض ثُمَّ رأيتَها حيَّة فإنك تقول: هَذَا سِحر. فلذلك أُوتي موسى صلى الله عليه وسلم من الآيَات ما يَقضي عَلَى سِحرهم.
الْفَائِدَةُ الْثَّالِثَةُ:
أنَّ مِنَ البلاغةِ الإيجاز بالحذفِ، ولا يُعَدُّ هَذَا قُصُورًا ولا تقصيرًا. قال:{فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ} هنا يوجد بلَا شَكّ محَذوفٌ، {وَأَلْقِ عَصَاكَ} فألقاها {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ}؛ لِأَنَّهُ لو أُخذ الكَلامُ عَلَى ظاهرِهِ لكانَ المَعْنى: لمّا أُمِرَ بهَذَا اهتزَّتْ وهي فِي يدِه، وَلَيْسَ الأَمْرُ كذلكَ.
الْفَائِدَةُ الْرَّابِعَةُ:
أن هَذِهِ العَصَا لم تكنْ مجرَّد حيوان يَتَحَرَّك، ولَكِنَّهَا أبلغُ من ذلك {كَأَنَّهَا جَانّ} ، ومعلوم أنَّ الجانَّ بنفسِه مروِّع، فالحيَّة بنفسها مروِّعة، فإذا كانت من عَظيمِ الحيَّات صارتْ أشدَّ وأبلغَ.