الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (17)
* * *
* قَالَ اللهُ عز وجل: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)} [النمل: 17].
* * *
قوله: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ} سُلَيْمَان عليه الصلاة والسلام آتاه اللهُ تبارك وتعالى مُلْكا لا يَنبغي لأحدٍ من بعدِه، حَتَّى إنَّ الرَّسُولَ عليه الصلاة والسلام لمَّا هَمَّ أنْ يَقبِضَ عَلَى الشيطانِ قَالَ:"ذَكرْتُ قَوْلَ أَخي سُلَيْمَان: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] "
(1)
. فمِن جُملة مُلْكِهِ هَذَا التنظيمُ العظيمُ.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَحُشِرَ} جُمِعَ]، والجامِعُ: النُّقبَاء والعُرَفَاء الَّذِينَ جَعَلَهُم يَجْمَعُون هَؤُلَاءِ الجنودَ، فَهُوَ قد نَظَّمَ مُلْكَه غايةَ التنظيمِ وجعلَ لكلِّ أُناسٍ قادةً وعُرَفَاءَ يَجْمَعُونهم.
وقوله: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ} وهل يُحشَر معهم غيرهم؟
الجِنّ واضحٌ، والإنس مُكَلَّفون، والطيرُ غيرُ مُكَلَّفِينَ، وهي تطير.
(1)
رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، حديث رقم (449)؛ ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة، حديث رقم (541)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
بَقِينا فِي الحيواناتِ الأُخْرَى الماشية والزاحفةِ، هل تدخل فِي هَذَا من بابِ أَولى ونَقُول: إنَّهُ إذا حُشِرَتِ الطيورُ الَّتِي لا يمكن السيطرةُ عليها فغيرها من باب أولى، أو نَقُول: إن سُلَيْمَان عليه الصلاة والسلام ما كَانَ يَستعمِل إِلَّا الطيور فقط؛ لِأَنَّهُ يستخدمها لمصالحه؟
هو مَحَلُّ إشكالٍ عندنا، فالآن نَقُول: سكتَ عن بقيَّة الحيوانات، فهل هِيَ داخلة فِي جُنُودِهِ أو لا؟ قد تقولُ: إنَّهَا داخلة من باب الأَولى، وقد نَقُول: ليست بداخلةٍ.
ما وجه قولنا: من باب الأولى؟
وجه قولنا أن نَقُول: إذا كَانَ الطيرُ وَهُوَ لا يمكن السيطرةُ عليه لِطَيَرَانِهِ يُحْشَر ويُجْمَع فغيرُه من باب أولى، وقد تقول: إنَّهُ لَيْسَ بلازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يمكن أن سُلَيْمَان صلى الله عليه وسلم لا يستخدم من الحيوانات سِوَى الطيرِ، وإذا لم يَسْتَخْدِمْ سواها فلا حاجةَ له فِي أن يجمعَ الباقيَ.
قوله: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} يَقُول المُفَسِّر رحمه الله: [يُجْمَعُونَ ثُمَّ يُساقونَ]، وهَذَا أيضًا منَ التنظيمِ {فَهُمْ يُوزَعُونَ} يُساقون يعني منظمينَ فِي جَمْعِهِمْ وسَيْرِهِمْ، فيُجمعونَ أولًا، وبعدَ أنْ يُجْمَعُوا يُوَزَّعُون فيُساقون عَلَى وجهٍ مُنَظَّمٍ. وهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ منَ التنظيمِ الَّذِي يحفظ عَلَى النَّاس الوقتَ والعَمَلَ؛ لِأَنَّ أكثرَ ما يُضَيِّعُ وقتَ الْإِنْسَانِ وعَمَلَه هُوَ عَدَمُ التنظيمِ.
ولهَذَا أقول: إِنَّهُ يَنبغي أنْ يَكُونَ عندَنا تنظيمٌ لأعمالِنا اليوميَّة بِقَدْرِ المُستطاع، ولكِن لَيْسَ معنى ذلكَ أنْ نُصِرَّ عَلَى هَذِهِ الأَعْمالِ وإنْ وُجِد ما هُوَ أفضل فلا نفعله،